
02-03-2025, 09:12 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,877
الدولة :
|
|
رد: المجموع شرح المهذب للنووي(كتاب الصيام)يوميا فى رمضان

المجموع شرح المهذب
أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي
(المتوفى: 676هـ)
كتاب الصيام
254الى 260
(2)
مبسوطة في أول كتاب الصلاة (وقوله) في المرتد لم يخاطب به في الردة معناه لا نطالبه بفعل الصوم في حال ردته في مدة الاستتابة وليس مراده أنه ليس واجبا عليه فإنه واجب عليه بلا خلاف في حال الردة ويأثم بتركه في حال الردة بلا خلاف ولو قال المصنف كما قال غيره لم نطالبه به في ردته ولا يصح منه لكان أصوب والله تعالى أعلم
* قال أصحابنا لا يطالب الكافر الأصلي بفعل الصوم في حال كفره بلا خلاف وإذا أسلم لا يجب عليه قضاؤه بلا خلاف ولو صام في كفره لم يصح بلا خلاف سواء أسلم بعد ذلك أم لا بخلاف ما إذا تصدق في كفره ثم أسلم فإن الصحيح أنه يثاب عليه وقد سبقت المسألة في أول كتاب الصلاة (وأما) المرتد فهو مكلف به في حال ردته وإذا أسلم لزمه قضاؤه بلا خلاف كما ذكره ولا نطالبه بفعله في حال ردته
* وقال أبو حنيفة لا يلزمه قضاء مدة الردة إذا أسلم كما قال في الصلاة وسبقت المسألة مبسوطة في أول كتاب الصلاة وقاس المصنف ذلك على حقوق الآدميين لأن أبا حنيفة يوافق عليها *
قال المصنف رحمه الله
* {وأما الصبى فلا يجب عليه لقوله صلى الله عليه وسلم "رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ وعن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق" ويؤمر بفعله لسبع سنين إذا اطاق الصوم ويضرب علي تركه لعشر قياسا على الصلاة فان بلغ لم يجب عليه قضاء ما تركه في حال الصغر لانه لو وجب ذلك لوجب عليه اداؤه في حال الصغر لانه يقدر على فعله ولان أيام الصغر تطول فلو اوجبنا عليه قضاء ما يفوت شق} {الشرح} هذا الحديث صحيح رواه ابودواد والنسائي في كتاب الحدود من سنهما من رواية علي بن أبي طالب رضي الله عنه باسناد صحيح رواه أبو داود أيضا في الحدود والنسائي وابن ماجه في كتاب الطلاق من رواية عائشة رضي الله عنها بإسناد حسن ومعنى رفع القلم امتناع التكليف لا أنه رفع بعد وضعه (وقوله) لو وجب عليه أداؤه ينتقض بالمسافر فإنه يقدر على الأداء ولا يلزمه ويلزمه القضاء والدليل الصحيح أن يقال: زمن الصبى ليس زمن تكليف للحديث والقضاء إنما يجب حيث يجب بأمر جديد ولم يجئ فيه امر جديد (اما) أحكام الفصل فلا يجب صوم رمضان على الصبي ولا يجب عليه قضاء ما فات قبل البلوغ بلا خلاف لما ذكره المصنف وذكرته قال المصنف والأصحاب: وإذا أطاق الصوم وجب على الولي أن يأمره به لسبع سنين بشرط أن يكون مميزا ويضربه على تركه لعشر لما ذكره المصنف والصبية كالصبي في هذا كله بلا خلاف

{فرع} قال أصحابنا: شروط صحة الصوم أربعة النقاء عن الحيض والنفاس والإسلام والتمييز والوقت القابل للصوم وسيأتي تفصيلها في مواضعها إن شاء الله تعالى والله أعلم *
قال المصنف رحمه الله تعالى
* ومن زال عقله بجنون لا يجب عليه لقوله صلي الله عليه وسلم "وعن المجنون حتى يفيق" فان أفاق لم يجب عليه قضاء ما فاته في الجنون لانه صوم فات في حال سقط فيه التكليف لنقص فلم يجب كما لو فات في حال الصغر وان زال عقله بالاغماء لم يجب عليه في الحال لانه لا يصح منه فان
افاق وجب عليه القضاء لقوله تعالى (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من ايام أخر) والاغماء مرض ويخالف الجنون فانه نقص ولهذا لا يجوز الجنون علي الانبياء صلوات الله وسلامه عليهم ويجوز عليهم الاغماء
* {الشرح} هذا الحديث سبق بيانه قريبا (وقوله) سقط فيه التكليف لنقص احتراز من الإغماء والحيض (أما) الأحكام ففيه مسألتان (إحداهما) المجنون لا يلزمه الصوم في الحال بالإجماع للحديث وللإجماع وإذا أفاق لا يلزمه قضاء ما فاته في الجنون سواء قل أو كثر وسواء أفاق بعد رمضان أو في أثنائه هذا هو المذهب والمنصوص وبه قطع المصنف والجمهور وفيه وجه شاذ أنه يلزمه مطلقا حكاه الماوردي وابن الصباغ وآخرون عن ابن سريج قال الماوردي هذا مذهب لابن سريج وليس بصحيح قال ومذهب الشافعي وأبي حنيفة وسائر الفقهاء أنه لا يلزمه القضاء وحكاه صاحب البيان عن ابن سريج ثم قال وقيل لا يصح عنه وفيه وجه ثالث وهو مذهب أبي حنيفة والثوري أنه إن أفاق في أثناء الشهر لزمه قضاء ما فاته وإن أفاق بعده فلا قضاء قال صاحب البيان قال ابن سريج وقد حكى المزني في المنثور هذا عن الشافعي قال ولا يصح عنه قال صاحب البيان وهذا يدل على بطلان الحكاية عن ابن سريج فيمن أفاق بعد الشهر أنه يلزمه القضاء فحصل ثلاثة أوجه (المذهب) أنه لا قضاء عليه (والثاني) يجب إن أفاق في الشهر لا بعده ودليل المذهب في الكتاب وحكاها الرافعي ثلاثة أقوال قال وهذا في الجنون المنفرد فلو ارتد ثم جن أو سكر ثم جن ففي وجوب القضاء وجهين قال ولعل الأصح الفرق بين اتصاله بالردة واتصاله بالسكر كما سبق في الصلاة وهذا الذي أشار إلى تصحيحه هو الأصح فيجب في المرتد قضاء الجميع ولا يجب في السكران إلا قضاء أيام السكر لأن حكم الردة مستمر بخلاف السكر (المسألة الثانية) المغمى عليه لا يلزمه الصوم في حال الإغماء بلا خلاف ولنا قول مخرج وهو مذهب المزني أنه يصح صوم المغمى عليه وعلى هذا القول لا يلزمه
الصوم أيضا بلا خلاف لأنه غير مكلف ويجب القضاء على المغمى عليه سواء استغرق جميع رمضان أو بعضه لما ذكره المصنف وحكى الأصحاب وجها عن ابن سريج أن الإغماء المستغرق لجميع رمضان

لا قضاء فيه كالجنون وكما لا يجب عليه قضاء الصلاة هكذا نقل الجمهور عن ابن سريج ونقل البغوي عنه أنه إذا استغرق الإغماء رمضان أو يوما منه لا قضاء عليه واختار صاحب الحاوي قول ابن سريج هذا في أنه لا قضاء على المغمى عليه والمذهب وجوب القضاء عليه وفرق الأصحاب بين الجنون والإغماء بما فرق المصنف وبين الصوم والصلاة أن الصلاة تتكرر فيشق قضاؤها بخلاف الصوم وهذا هو الفرق بين قضاء الحائض الصوم دون الصلاة قال أصحابنا ومن زال عقله بمرض أو بشرب دواء شربه لحاجة أو بعذر آخر لزمه قضاء الصوم دون الصلاة كالمغمى عليه ولا يأثم بترك الصوم في زمن زوال عقله (وأما) من زال عقله بمحرم كخمر أو غيره مما سبق بيانه في أول كتاب الصلاة فيلزمه القضاء ويكون آثما بالترك والله أعلم * قال المصنف رحمه الله
* فان أسلم الكافر أو افاق المجنون في أثناء يوم من رمضان استحب له امساك بقية النهار لحرمة الوقت ولا يلزمه ذلك لان المجنون افطر بعذر والكافر وان افطر بغير عذر الا أنه لما أسلم جعل كالمعذور فيما فعل في حال الكفر ولهذا لا يؤاخذ بقضاء ما تركه ولا بضمان ما أتلفه ولهذا قال الله تعالى (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) ولا يأكل عند من لا يعرف عذره لانه إذا تظاهر بالاكل عرض نفسه للتهمة وعقوبة السلطان وهل يجب عليه قضاء ذلك فيه وجهان
(أحدهما)

يجب لانه ادرك جزءا من وقت الفرض ولا يمكن فعل ذلك الجزء من الصوم الا بيوم فوجب أن يقضيه بيوم كما نقول في المحرم إذا وجب عليه في كفارة نصف مد فانه يجب عليه بقسطه صوم نصف يوم ولكن لما لم يمكن فعل ذلك الا بيوم وجب عليه صوم يوم
(والثانى)
لا يجب وهو المنصوص في البويطى لانه لم يدرك من الوقت ما يمكن الصوم فيه لان الليل يدركه قبل التمام فلم يلزمه كمن أدرك من أول وقت الصلاة قدر ركعة ثم جن وان بلغ الصبى اثناء يوم من رمضان نظرت فان كان مفطرا فهو كالكافر إذا اسلم والمجنون إذا افاق في جميع ما ذكرناه وإن كان صائما ففيه وجهان (احدهما) يستحب اتمامه لانه صوم فاستحب اتمامه ويجب قضاؤه لانه لم ينو الفرض من أوله فوجب قضاؤه (والثاني) يلزمه اتمامه ويستحب قضاؤه لانه صار من اهل الوجوب في اثناء العبادة فلزمه اتمامه كما لو دخل في صوم تطوع ثم نذر إتمامه *
{الشرح} قوله ولهذا لا يؤاخذ بقضاء ما تركه ولا بضمان ما أتلفه إنما لا يطالب المتلف الحربي وأما الذمي فيطالب بالإجماع ومع هذا تحصل الدلالة لأنه إذا ثبت في الحربي استنبط منه دليل للذمي (أما) أحكام الفصل (ففى) المسألة طريقان (احدهما) طريقة المصنف وسائر العراقيين أن المجنون إذا أفاق في أثناء نهار رمضان والكافر إذا أسلم فيه والصبي إذا بلغ فيه مفطرا استحب لهم إمساك بقيته ولا يجب ذلك وفي وجوب قضائه وجهان (الصحيح) المنصوص في البويطي وحرملة لا يجب (وقال) ابن سريج يجب وذكر المصنف دليل الجميع وإن بلغ الصبي صائما في أثنائه لزمه إتمامه على المنصوص وهو الأصح باتفاق الأصحاب وعلى هذا لا يلزمه قضاؤه وفيه وجه أنه يستحب إتمامه ويجب قضاؤه وذكر المصنف دليلهما (والثانية) طريقة الخراسانيين أن في إمساك المجنون والكافر والصبي إذا بلغ فيه مفطرا فيه أربعة أوجه (أصحها) يستحب (والثاني) يجب (والثالث) يلزم الكافر دونهما لتقصيره (والرابع) يلزم الكافر والصبي لتقصيرهما فإنه يصح من الصبي دون المجنون قالوا وأما القضاء فلا يلزم الكافر والمجنون والصبي المفطر على الأصح من الوجهين وقيل من القولين
(والثاني)

يلزمهم قيل يلزم الكافر دونهما وصححه البغوي وهو ضعيف غريب وإن كان الصبي صائما فالمذهب لزوم إتمامه بلا قضاء وقيل يندب إتمامه ويجب القضاء وبنى جماعات منهم الخلاف في القضاء على الخلاف في الإمساك وفي كيفية البناء ثلاثة أوجه (أحدها) وهو قول الصيدلاني من أوجب الإمساك لم يوجب القضاء ومن أوجب القضاء لم يوجب الإمساك (والثاني) إن وجب القضاء وجب الإمساك وإلا فلا (والثالث) إن وجب الإمساك وجب القضاء والا فلا والله أعلم
* قال أصحابنا: إذا بلغ الصبي في أثناء النهار صائما وقلنا بالمذهب إنه يلزمه إتمامه فجامع فيه لزمه الكفارة كباقي الأيام
وحيث لا يلزم هؤلاء المذكورين الإمساك يستحب لهم أن لا يأكلوا بحضور من لا يعرف حالهم لما ذكره المصنف والله أعلم * قال المصنف رحمه الله تعالى
* وأما الحائض والنفساء فلا يجب عليهم الصوم لانه لا يصح منهما فإذا طهرتا وجب عليهما القضاء لما روت عائشة رضي الله عنها قالت "في الحيض كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء"
الصلاة "فوجب القضاء علي الحائض بالخبر وقيس عليها النفساء لانها في معناها فان طهرت في أثناء النهار استحب لها أن تمسك بقية النهار ولا يجب لما ذكرناه في الصبى إذا بلغ والمجنون إذا أفاق"*

{الشرح} حديث عائشة هذا رواه مسلم بلف ظه ورواه البخاري مقتصرا على نفي الأمر بقضاء الصلاة (وقولها) "كنا نؤمر" (معناه) كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا بذلك وهو صاحب الامر عند الاطلاق (وقوله) طهرتا بفتح الهاء وضمها والفتح أفصح وأشهر وسبق في كتاب الحيض الفرق بين قضائها للصوم دون الصلاة وأنهما مجمع عليهما وأن حكمته تكرر الصلاة فيشق قضاؤها بخلاف الصوم وأن أبا الزناد وإمام الحرمين خالفا في الحكمة (أما) أحكام الفصل ففيه مسائل (إحداها) لا يصح صوم الحائض والنفساء ولا يجب عليهما ويحرم عليهما ويجب قضاؤه وهذا كله مجمع عليه ولو أمسكت لا بنية الصوم لم تأثم وانما تأثم إذا نوته وإن كان لا ينعقد وقد ذكر المصنف هنا وفي باب الحيض دلائل هذا كله مع ما ضممته هناك إليه (الثانية) إذا طهرت في أثناء النهار يستحب لها إمساك بقيته ولا يلزمها لما ذكره المصنف هذا هو المذهب وبه قطع الجمهور ونقل إمام الحرمين وغيره اتفاق الأصحاب عليه وحكى صاحب العدة في وجوب الإمساك عليها خلافا كالمجنون والصبي وهذا شاذ مردود وحكى أصحابنا عن أبي حنيفة والأوزاعي والثوري وجوب الإمساك (الثالثة) وجوب قضاء الصوم على الحائض والنفساء انما هو بأمر مجدد وليس واجبا عليها في حال الحيض والنفاس هذا هو المذهب وبه قطع الجمهور وحكى القاضي حسين وإمام الحرمين والمتولي في باب الحيض وجها أنه لا يجب عليها الصوم بحال ويتأخر الفعل إلى الإمكان قال الإمام وأنكره المحققون لأن شرط الوجوب اقتران الإمكان به والصواب الاول والله أعلم *
قال المصنف رحمه الله تعالى
* ومن لا يقدر علي الصوم بحال وهو الشيخ الكبير الذى يجهده الصوم والمريض الذى
لا يرجبي برؤه فانه لا يجب عليهما الصوم لقوله عز وجل (وما جعل عليكم في الدين من حرج)
* وفى الفدية قولان
(أحدهما)
لا تجب لانه سقط عنه فرض الصوم فلم تجب عليه الفدية كالصبى والمجنون
(والثانى)

يجب عليه عن كل يوم مد من طعام وهو الصحيح لما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال "من أدركه الكبر فلم يستطع صيام رمضان فعليه لكل يوم مد من قمح" وقال ابن عمر رضى الله عنهما "إذا ضعف عن الصوم أطعم عن كل يوم مدا" وروى أن أنسا رضي الله عنه "ضعف عن الصوم عاما قبل وفاته فافطر وأطعم" وان لم يقدر علي الصوم لمرض يخاف زيادته ويرجي البرء لم يجب عليه الصوم للآية فإذا برئ وجب عليه القضاء لقوله عز وجل (فمن كان منكم مريضا أو
علي سفر فعدة من أيام أخر) وان أصبح صائما وهو صحيح ثم مرض أفطر لانه أبيح له الفطر للضرورة والضرورة موجودة فجاز له الفطر
* {الشرح} الأثر المذكور عن ابن عباس رواه البخاري عنه في صحيحه في كتاب التفسير والأثر عن أبي هريرة رواه البيهقي والأثر عن أنس رواه الدارقطني والبيهقي (وقوله) يجهده هو بفتح الياء والهاء ويقال بضم الياء وكسر الهاء قال ابن فارس والجوهري وغيرهما يقال جهد وأجهد إذا حمله فوق طاقته وجهده أفصح (وقوله) برأ هذا هو الفصيح ويقال برئ وبرؤ وقد سبق مبسوطا في باب التيمم (أما) الأحكام ففيه مسائل (إحداها) قال الشافعي واصحاب: الشيخ الكبير الذي يجهده الصوم أي يلحقه به مشقة شديدة والمريض الذي لا يرجى برؤه لا صوم عليهما بلا خلاف وسيأتي نقل ابن المنذر الإجماع فيه ويلزمهما الفدية على أصح القولين
(والثاني)
لا يلزمهما والفدية مد من طعام لكل يوم وهذا الذي ذكرناه من صحيح وجوب الفدية متفق عليه عند أصحابنا وبه قال جمهور العلماء وهو نص الشافعي في المختصر وعامة كتبه

* ونصه في القديم وحرملة من الجديد أن لا فدية عليه وقال في البويطي هي مستحبة واتفقوا على أنه لو تكلف الصوم فصام فلا فدية والعجوز كالشيخ في جميع هذا وهو إجماع والله أعلم (الثانية) المريض العاجز عن الصوم لمرض يرجى زواله لا يلزمه الصوم في الحال ويلزمه القضاء لما ذكره المصنف هذا إذا لحقه مشقة ظاهرة بالصوم ولا يشترط أن ينتهي إلى حالة لا يمكنه فيها الصوم بل قال أصحابنا: شرط إباحة الفطر أن يلحقه بالصوم مشقة يشق احتمالها قالوا وهو على التفصيل السابق في باب التيمم قال أصحابنا: وأما المرض اليسير الذي لا يلحق به مشقة ظاهرة لم يجز له الفطر بلا خلاف عندنا خلافا لأهل الظاهر قال أصحابنا: ثم المرض المجوز للفطر إن كان مطبقا فله ترك النية بالليل وإن كان يحم وينقطع ووقت الحمى لا يقدر على الصوم وإذا لم تكن حمى يقدر عليه فإن كان محموما وقت الشروع في الصوم فله ترك النية وإلا فعليه أن ينوي من الليل ثم إن عاد المرض واحتاج إلى الفطر أفطر والله أعلم (الثالثة) إذا أصبح الصحيح صائما ثم مرض جاز له الفطر بلا خلاف لما ذكره المصنف
* {فرع} قال أصحابنا وغيرهم من غلبه الجوع والعطش فخاف الهلاك لزمه الفطر وإن كان صحيحا مقيما لقوله تعالي (ولا تقتلوا أنفسكم إنه كان بكم رحيما) وقوله تعالى (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) ويلزمه القضاء كالمريض والله أعلم *
{فرع} قال أصحابنا: لو نذر الشيخ الكبير العاجز أو المريض الذي لا يرجى برؤه ففي انعقاده وجهان (أصحهما) لا ينعقد لأنه عاجز وبنى المتولي وآخرون هذين الوجهين على وجهين ونقلوهما في أنه يتوجه على الشيخ العاجز الخطاب بالصوم ثم ينتقل إلى الفدية للعجز أم يخاطب ابتداء بالفدية والأصح أنه يخاطب بالفدية ابتداء فلا ينعقد نذره
* {فرع} إذا أوجبنا الفدية علي الشيخ والمريض المأيوس من برئه وكان معسرا هل يلزمه إذا أيسر أم يسقط عنه فيه قولان كالكفارة (والاصح) في الكفارة بقاؤهها في ذمته إلى اليسار لأنها في مقابلة جنايته فهي كجزاء الصيد وينبغي أن يكون الأصح هنا أنها تسقط ولا يلزمه إذا أيسر كالفطرة لأنه عاجز حال التكليف بالفدية وليست في مقابلة جناية ونحوها وقطع القاضي في المجرد أنه إذا أيسر بعد الإفطار لزمه الفدية فإن لم يفد حتى مات لزم اخراجها من تركته قال لان الاطعام في حقه كالقضاء في حق المريض والمسافر قال وقد ثبت أن المريض والمسافر لو ماتا قبل تمكنهما من القضاء لم يجب شئ وإن زال عذرهما وقدرا على القضاء لزمهما فإن ماتا قبله وجب أن يطعم عنهما مكان كل يوم مد طعام فكذا هنا هذا كلام القاضي

* {فرع} إذا أفطر الشيخ العاجز والمريض الذي لا يرجى برؤه ثم قدر على الصوم فهل يلزمه قضاء الصوم فيه وجهان حكاهما الدارمي وقال البغوي ونقله القاضي حسين أنه لا يلزمه لأنه لم يكن مخاطبا بالصوم بل بالفدية بخلاف المعضوب إذا أحج عن نفسه ثم قدر فإنه يلزمه الحج على أصح القولين لأنه كان مخاطبا به ثم اختار البغوي لنفسه أنه إذا قدر قبل أن يفدي لزمه الصوم وإن قدر بعد الفدية فيحتمل أن يكون كالحج لأنه كان مخاطبا بالفدية على توهم دوام عذره وقد بان خلافه والله أعلم
* {فرع} في مذاهب العلماء في الشيخ العاجز عن الصوم
* ذكرنا أن مذهبنا أنه لا صوم عليه ويلزمه الفدية على الأصح وهي مد من طعام عن كل يوم سواء في الطعام البر والتمر والشعير وغيرهما من أقوات البلد هذا إذا كان يناله بالصوم مشقة لا تحتمل ولا يشترط خوف الهلاك وممن قال بوجوب الفدية وأنها مد طاووس وسعيد بن جبير والثوري والاوزاعي
* قال أبو حنيفة يجب لكل يوم صاع تمر أو نصف صاع حنطة وقال أحمد مد حنطة أو مدان من تمر أو شعير وقال مكحول وربيعة ومالك وأبو ثور لا فدية واختاره ابن المنذر قال ابن المنذر: وأجمعوا على أن للشيخ والعجوز العاجزين الفطر *
{فرع} اتفق أصحابنا على أنه لا يجوز للشيخ العاجز والمريض الذي لا يرجى برؤه تعجيل الفدية قبل دخول رمضان ويجوز بعد طلوع فجر كل يوم وهل يجوز قبل الفجر في رمضان قطع الدارمي بالجواز وهو الصواب وقال صاحب البحر فيه احتمالان لوالده وليس بشئ ودليله القياس علي تعجيل الزكاة *

* قال المصنف رحمه الله
* فاما المسافر فانه ان كان سفره دون أربعة برد لم يجز له أن يفطر لانه اسقاط فرض للسفر فلا يجوز فيما دون أربعة برد كالقصر وان كان سفره في معصية لم يجز له أن يفطر لان ذلك اعانة علي المعصية وان كان سفره أربعة برد في غير معصية فله أن يصوم وله ان يفطر لما روت عائشة رضي الله عنها أن حمزة ابن عمرو الاسلمي قال يارسول الله اصوم في السفر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ان"
شئت فصم وان شئت فافطر "فان كان ممن لا يجهده الصوم في السفر فالافضل ان يصوم لما روى عن انس رضي الله عنه انه قال للصائم في السفر" ان افطرت فرخصة وان صمت فهو افضل "وعن عثمان ابن أبى العاص أنه قال الصوم أحب الي ولانه إذا أفطر عرض الصوم للنسيان وحوادث الزمان فكان الصوم أفضل وان كان يجهده الصوم فالافضل أن يفطر لما روى جابر رضي الله عنه قال" مر رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر برجل تحت شجرة يرش عليه الماء فقال ما بال هذا قالوا صائم يارسول الله فقال ليس من البر الصيام في السفر "فان صام المسافر ثم اراد أن يفطر فله أن يفطر لان العذر قائم فجاز له أن يفطر كما لو صام المريض ثم أراد أن يفطر ويحتمل عندي أنه لا يجوز له أن يفطر في ذلك اليوم لانه دخل في فرض المقيم فلا يجوز له أن يترخص برخصة المسافر كما لو دخل في الصلاة بنية الاتمام ثم أراد أن يقصر ومن أصبح في الحضر صائما ثم سافر لم يجز له ان يفطر في ذلك اليوم وقال المزني له أن يفطر كما لو أصبح الصحيح صائما ثم مرض فله أن يفطر والمذهب الاول والدليل عليه انه عبادة تختلف بالسفر والحضر فإذا بدأ بها في الحضر ثم سافر لم يثبت له رخصة السفر كما لو دخل في الصلاة في الحضر ثم سافر في اثنائها ويخالف المريض فان ذلك مضطر الي الافطار والمسافر مختار"
* {الشرح} حديث عائشة رضي الله عنها رواه البخاري ومسلم وحديث جابر رضي الله عنه رواه البخاري ومسلم أيضا والأثران عن أنس وعثمان بن أبي العاص رواهما البيهقي وعثمان هذا صحابي ثقفي رضي الله عنه (وقوله) أربعة برد بضم الباء والراء وهي ثمانية وأربعون ميلا بالهاشمي

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|