عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 04-03-2025, 10:45 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,490
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المجموع شرح المهذب للنووي(كتاب الصيام)يوميا فى رمضان



المجموع شرح المهذب
أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي
(المتوفى: 676هـ)
كتاب الصيام

268الى 274

(4)



وخلق من الأصحاب على قولين في الحامل وقطعوا بالوجوب على المرضع والله أعلم
* فإذا أوجبنا الفدية فهل تتعدد بتعدد الأولاد فيه طريقان (اصحهما) وبه قطع البغوي
(والثاني)
فيه وجهان حكاه الرافعي

* {فرع} إذا أوجبنا الفدية على المرضع إذا أفطرت للخوف على ولدها فلو استؤجرت لإرضاع ولد غيرها (فالصحيح) بل الصواب الذي قطع به القاضي حسين في فتاويه وصاحب التتمة وغيرهما أنه يجوز لها الإفطار وتفدي كما في ولدها بل قال القاضي حسين يجب عليها الإفطار إن تضرر الرضيع بالصوم واستدل صاحب التتمة بالقياس على السفر فإنه يستوي في جواز الإفطار به من سافر لغرض نفسه وغرض غيره بأجرة وغيرها وشد الغزالي في فتاويه فقال ليس لها أن تفطر ولا خيار لأهل الصبي وهذا غلط ظاهر قال القاضي حسين: وعلى من تجب فدية فطرها في هذا الحال فيه احتمالان هل هي عليها أم على المستأجر كما لو استأجر للمتمتع فهل يجب دمه على الأجير أو المستأجر فيه وجهان كذا قال القاضي ولعل الأصح وجوبها على المرضع بخلاف دم التمتع فإن الأصح وجوبه على المستأجر لأنه من تتمة الحج الواجب على المستأجر وهنا الفطر من تتمة إيصال المنافع الواجبة على المرضع قال القاضي ولو كان هناك نسوة مراضع فأرادت واحدة ان تأخذ سبيا ترضعه تقربا إلى الله تعالى جاز لها الفطر للخوف عليه وإن لم يكن متعينا عليها
* {فرع} لو كانت المرضع والحامل مسافرة أو مريضة فأفطرت بنية الترخص بالمرض أو السفر فلا فدية عليها بلا خلاف وان لم تقصد الترخص أفطرت للخوف على الولد لا على نفسها ففي وجوب الفدية وجهان كالوجهين في فطر المسافر بالجماع لا بنية الترخص كذا ذكره البغوي وغيره والأصح في جماع المسافر المذكور لا كفارة كما سنوضحه في موضعه إن شاء الله تعالى
* {فرع} في مذاهب العلماء في الحامل والمرضع إذا خافتا فأفطرتا


* قد ذكرنا أن مذهبنا أنهما إن خافتا على أنفسهما لا غير أو على أنفسهما وولدهما أفطرتا وقضتا ولا فدية عليهما بلا خلاف وإن أفطرتا للخوف على الولد أفطرتا وقضتا والصحيح وجوب الفدية قال ابن المنذر وللعلماء في ذلك أربع مذاهب (قال) ابن عمر وابن عباس وسعيد بن جبير يفطران ويطعمان ولا قضاء عليهما (وقال) عطاء بن أبي رباح والحسن والضحاك والنخعي والزهري وربيعة والأوزاعي وأبو حنيفة والثوري وأبو عبيد وأبو ثور وأصحاب الرأي يفطران ويقضيان ولا فدية كالمريض (وقال) الشافعي وأحمد يفطران ويقضيان ويفديان وروي ذلك عن مجاهد (وقال) مالك الحامل تفطر وتقضي ولا فدية والمرضع تفطر وتقضى وتفدى قال ابن المنذر وبقول عطاء أقول *
قال المصنف رحمه الله تعالى
* {ولا يجب صوم رمضان الا برؤية الهلال فان غم عليهم وجب عليهم أن يستكملوا شعبان ثم يصوموا لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما إن النبي صلى الله عليه وسلم قال "صوموا لرؤيته وأفطرو لرؤيته فان غم عليكم فاكملوا العدة ولا تستقبلوا الشهر استقبالا" }

* {الشرح} هذا الحديث رواه هكذا النسائي بإسناد صحيح ورواه مسلم من رواية ابن عباس ولفظه "إن الله قد أمده لرؤيته فإن أغمي عليكم فأكملوا العدة" ورواه الترمذي ولفظه "لا تصوموا قبل رمضان صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فان حالت دونه غياية فأكملوا ثلاثين يوما" قال الترمذي حديث حسن صحيح (الغيابة) السحابة وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فاقدروا له" رواه البخاري ومسلم وفي رواية لمسلم "فاقدروا ثلاثين" وفي رواية له "فإذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن أغمي عليكم فاقدروا له" وفي رواية "فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين يوما" وفي رواية "فإن غبى عليكم فاكملوا العدد" وفي رواية فإن "أغمي عليكم الشهر فعدوا ثلاثين" هذه الروايات كلها في صحيح مسلم وفي رواية البخاري "فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين" وعن عائشة رضي الله عنها قالت "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحفظ من شعبان مالا يتحفظ من غيره ثم يصوم لرؤية رمضان فإذا غم عليه عد ثلاثين يوما ثم صام" رواه أبو داود والدارقطني وقال إسناده صحيح وعن حذيفة رضي الله عنه قال "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقوموا الشهر حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة ثم صوموا حتى"تروا الهلال أو تكملوا العدة "رواه أبو داود والنسائي والدارقطني وغيرهم بإسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم وفي الباب أحاديث كثيرة بمعنى ما ذكرته واختلف العلماء في معنى قوله صلى الله عليه وسلم" فإن غم عليكم فأقدروا له "فقال أحمد ابن حنبل وطائفة قليلة معناه ضيقوا له وقدروه تحت السحاب وأوجب هؤلاء صيام ليلة الغيم وقال مطرف بن عبد الله وأبو العباس ابن سريج وابن قتيبة وآخرون معناه قدروه بحساب المنازل وقال مالك وأبو حنيفة والشافعي وجمهور السلف والخلف: معناه قدروا له تمام العدد ثلاثين يوما قال أهل اللغة: يقال قدرت الشئ بتخفيف الدال أقدره وأقدره بضمها وكسرها وقدرته بتشديدها وأقدرته بمعنى واحد وهو من التقدير قال الخطابي وغيره: ومنه قوله تعالى (فقدرنا فنعم القادرون) واحتج الجمهور بالروايات التي ذكرناها وكلها صحيحة صريحة فاكملوا العدة ثلاثين وهي مفسرة لرواية فاقدروا له المطلقة قال الجمهور: ومن قال بتقدير تحت السحاب فهو منابذ لصريح باقي الروايات وقوله مردود ومن قال بحساب المنازل فقوله مردود بقوله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين" إنا أمة أمية لا نحسب ولا نكتب الشهر هكذا وهكذ "الحديث قالوا ولأن الناس لو كلفوا بذلك ضاق عليهم لأنه لا يعرف الحساب إلا أفراد من الناس في البلدان الكبار فالصواب ماقاله الجمهور وما سواه فاسد مردود بصرائح الأحاديث السابقة وقوله صلى الله عليه وسلم" فإن غم عليكم "معناه حال بينكم وبينه غيم يقال غم وغمي وغمي بتشديد الميم وتخفيفها والغين مضمومة فيهما ويقال غبي بفتح الغين وكسر الباء وقد غامت السماء وغيمت وأغامت وتغيمت وأغمت وقوله صلى الله عليه وسلم" صوموا للرؤيته "المراد رؤية بعضكم وهل هو عدل أم عدلان فيه الخلاف المشهور والله أعلم قال أصحابنا وغيرهم ولا يجب صوم رمضان إلا بدخوله ويعلم دخوله برؤية الهلال فإن غم وجب استكمال شعبان ثلاثين ثم يصومون سواء كانت السماء مصحية أو مغيمة غيما قليلا أو كثيرا ودليله ما سبق والله أعلم"

* {فرع} ثبت في صحيح البخاري ومسلم عن أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال "شهرا عيد لا ينقصان رمضان وذو الحجة" معناه لا ينقص أجرهما والثواب المرتب وإن نقص عددهما وقيل معناه لا ينقصان معا غالبا من سنة واحدة وقيل لا ينقص ثواب ذي الحجة عن ثواب رمضان لأن فيه المناسك والعشر حكاه الخطابي وهو ضعيف باطل والصواب الأول ولم يذكر صاحب التتمة غيره ومعناه أن قوله صلى الله عليه وسلم "من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" "ومن صام رمضان وأتبعه بست من شوال كان كصيام الدهر" ونظائر ذلك فكل هذه الفضائل تحصل سواء تم عدد رمضان أم نقص قال صاحب التتمة وإنما خص هذين الشهرين لتعلق العبادة بهما وهي الصوم والحج

* وقال المصنف رحمه الله فان اصبحوا يوم الثلاثين وهم يظنون أنه من شعبان فقامت البينة أنه من رمضان لزمه قضاء صومه لانه بان أنه من رمضان وهل يلزمهم امساك بقية النهار فيه قولان
(أحدهما)
لا يلزمهم لانهم أفطروا بعذر فلم يلزمهم إمساك بقية النهار كالحائض إذا طهرت والمسافر إذا أقام
(والثانى)
يلزمهم لانه أبيح لهم الفطر بشرط أنه من شعبان وقد بان انه من رمضان فلزمهم الامساك وإن رأوا الهلال بالنهار فهو لليلة المستقبلة لما روى شقيق بن سلمه قال "أتانا كتاب عمر رضى الله عنه ونحن بخانقين أن الاهلة بعضها اكبر من بعض فإذا رأيتم إلهلال نهارا فلا تفطروا حتى يشهد رجلان مسلمان انهما رأياه بالامس" وان رأوا الهلال في بلد ولم يروه في آخر فان كانا بلدين متقاربين وجب على اهل البلدين الصوم وإن كانا متباعدين وجب على من راى ولم يجب على من لم ير لما روى كريب قال "قدمت الشام فرأيت الهلال ليله الجمعة ثم قدمت المدينة ففال عبد الله بن عباس متى رأيتم الهلال فقلت ليلة الجمعة فقال انت رأيت قلت نعم ورآه الناس وصاموا وصام معاوية فقال لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال تصوم حتى نكمل العدة أو نراه قلت أولا تكتفى برؤية معاوية قال هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم"
* {الشرح} حديث كريب رواه مسلم وحديث شقيق عن عمر رضي الله عنه رواه الدارقطني والبيهقي بإسناد صحيح ذكره البيهقي في موضعين من كتاب الصيام ثانيهما أواخر الكتاب في شهادة
الاثنين على هلال شوال وقال في هذا الموضع: هذا أثر صحيح عن عمر رضي الله عنه (وقوله) بخانقين هو بخاء معجمه ونون ثم قاف مكسورتين وهى بلد بالعراق قريبة من بغداد وكريب هذا هو بضم الكاف وهو مولى ابن عباس (أما) الأحكام ففيه مسائل (إحداها) إذا ثبت كون يوم الثلاثين من شعبان فأصبحوا مفطرين فثبت في أثناء النهار كونه من رمضان وجب قضاؤه بلا خلاف وفي إمساك بقية النهار طريقان
(أحدهما)
فيه قولان (أصحهما) وجوبه (والثاني) لا يجب وذكر المصنف دليلهما وبهذا الطريق قطع المصنف وقليلون من العراقيين والخراسانيين

(والثاني)
يجب الإمساك قولا واحدا وهذا نصه في المختصر وبه قطع كثيرون أو الأكثرون من العراقيين والخراسانيين منهم الشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب في المجرد وصاحب الحاوي والدارمي والمحاملي وآخرون من العراقيين والبغوي والسرخسي وآخرون من الخراسانيين قل المتولي والخلاف في وجوب الإمساك إذا لم يكن أكل قبل ثبوت كونه من رمضان فان كن أكل وقلنا لا يجب الإمساك قبل الأكل فهنا أولى وإلا فوجهان (أصحهما) يجب لحرمة اليوم وإذا أوجبنا الإمساك فأمسك فهل هو صوم شرعي أم لا فيه وجهان حكاهما صاحب الحاوي والمحاملي وصاحب الشامل وآخرون واتفقوا على أن الصحيح أنه ليس بصوم شرعي قال صاحب الحاوي قال أبو اسحق المروزي يسمى صوما شرعيا قال وقال أكثر أصحابنا ليس هو بصوم شرعي وإنما هو إمساك شرعي لانه لا يحزئه عن صوم رمضان ولا عن غيره بلا خلاف هكذا ذكر هؤلاء الوجهين في أنه صوم شرعي أم لا ونسبوا القول بأنه صوم الي أبي اسحق وقال القاضي أبو الطيب في المجرد: فيه وجهان
(أحدهما) أنه إمساك شرعي يثاب عليه
(والثاني) لا يثاب عليه هكذا ذكرهما القاضي وقال صاحب الشامل يجب أن يقال في إمساكه ثواب وإن لم يكن ثواب صوم قال وحكى الشيخ أبو حامد عن أبي إسحاق أنه إذا لم يكن أكل ثم أمسك يكون صائما من حين أمسك قال صاحب الشامل: وهذا لا يجئ على أصل الشافعي لأنه واجب فلا يصح بنية من النهار ولأنه لا يصح عن رمضان ولا نفل قال وينبغي أن يكون ما قاله أبو إسحق أنه إمساك شرعي يثاب عليه هذا كلامه فحصل في المسألة ثلاثة أوجه
(الصحيح) أنه يثاب على إمساكه ولا يكون صوما (والثاني) يكون صوما (والثالث) لا يثاب عليه وهو الذي حكاه القاضي وهذان الوجهان فاسدان والله أعلم (المسألة الثانية) إذا رأوا الهلال بالنهار فولليلة المستقبلة سواء رأوه قبل الزوال أو بعده
* هذا مذهبنا لا خلاف فيه وبه قال أبو حنيفة ومالك ومحمد وقال الثوري وابن أبي ليلى وأبو يوسف وعبد الملك بن حبيب المالكي: إن رأوه قبل الزوال فلليلة الماضية أو بعده فللمستقبلة سواء أول الشهر وأخره وقال إن كان في أول الشهر ورأوه فللماضية وبعده للمستقبلة وإن رأوه في أخر رمضان بعد الزوال فللمستقبلة وقبله فيه روايتان عنه
(أحدهما) للماضية

(والثانية) للمستقبلة
* واحتج لمن فرق بين ما قبل الزوال وبعده بما رواه البيهقي بإسناده عن إبراهيم النخعي قال "كتب عمر رضي الله عنه إلى عتبة بن فرقد إذا رأيتم الهلال نهارا قبل أن تزول الشمس لتمام ثلاثين فأفطروا وإذا رأيتموه بعد ما تزول الشمس فلا تفطروا حتى تصوموا" واحتج أصحابنا بماذ كره المصنف عن شقيق بن سلمة عن عمر رضي الله عنه وبما رواه البيهقي بإسناده الصحيح عن سالم بن عبد الله ابن عمر "أن ناسا رأوا هلال الفطر نهارا فأتم عبد الله بن عمر رضي الله عنهما صيامه إلى الليل وقال لا حتى يرى من حيث يروه بالليل" وفي رواية قال ابن عمر "لا يصلح أن يفطروا حتى يروه ليلا من حيث يرى" وروينا في ذلك عن عثمان ابن عفان وعبد الله ابن مسعود رضي الله عنهما (وأما) ما احتجوا به من رواية إبراهيم النخعي فلا حجة فيه فإنه منقطع لأن إبراهيم لم يدرك عمر ولا قارب زمانه والله أعلم (المسألة الثالثة) إذا رأوا الهلال في رمضان في بلد ولم يروه في غيره فإن تقارب البلدان فحكمهما حكم بلد واحد ويلزم أهل البلد الآخر الصوم بلا خلاف وإن تباعدا فوجهان مشهوران في الطريقتين (أصحهما) لا يجب الصوم على أهل البلد الاخرى وبهذا قطع المصنف والشيخ أبو حامد والبندنيجي وآخرون وصححه العبدري والرافعي والأكثرون
(والثاني) يجب وبه قال الصيمري وصححه القاضي أبو الطيب والدارمي وأبو علي السنجي وغيرهم وأجاب هؤلاء عن حديث كريب عن ابن عباس أنه لم يثبت عنده رؤية الهلال في بلد آخر بشهادة عدلين والصحيح الأول وفيما يعتبر به البعد والقرب ثلاثة أوجه
(أصحها) وبه قطع جمهور العراقيين والصيدلاني وغيرهم أن التباعذ يختلف باختلاف المطالع كالحجاز والعراق وخراسان والتقارب ان لا يختلف كبغداد والكوفة والري وقزوين لأن مطلع هؤلاء مطلع هؤلاء فإذ رآه هؤلاء فعدم رؤيته للآخرين لتقصيرهم في التأمل أو لعارض بخلاف مختلفي المطلع
(والثاني) الاعتبار باتحاد الإقليم واختلافه فإن اتحد فمتقاربان والا فمتباعدان وبهذا قال الصيمري وآخرون

(والثالث) أن التباعد مسافة القصر والتقارب دونها وبهذا قال الفوراني وإمام الحرمين والغزالي والبغوي وآخرون من الخراسانيين وادعى إمام الحرمين الاتفاق عليه لأن اعتبار المطالع يحوج إلى حساب وتحكيم المنجمين وقواعد الشرع تأبى ذلك فوجب اعتبار مسافة القصر التي علق الشرع بها كثيرا من الأحكام وهذا ضعيف لأن أمر الهلال لا تعلق له بمسافة القصر فالصحيح اعتبار المطالع كما سبق فعلى هذا لو شك في اتفاق المطالع لم يلزم الذين لم يروا الصوم لأن الأصل عدم الوجوب ولأن الصوم إنما يجب بالرؤية للحديث ولم تثبت الرؤية في حق هؤلاء لعدم ثبوت قربهم من بلد الرؤية هذا الذي ذكرته هو المشهور للأصحاب في الطريقين وانفرد الماوردي والسرخسي بطريقين آخرين فقال الماوردي إذا رأوه في بلد دون بلد فثلاثة أوجه (احدها) يلزم الذين لم يروا الان فرض رمضان لا يختلف باختلاف البلاد وقد ثبت رمضان (والثاني) لا يلزمهم لأن الطوالع والغوارب قد تختلف لاختلاف البلدان وإنما خوطب كل قوم بمطلعهم ومغربهم ألا ترى الفجر قد يتقدم طلوعه في بلد ويتأخر في بلد آخر وكذلك الشمس قد يتعجل غروبها في بلد ويتأخر في آخر ثم كل بلد يعتبر طلوع فجره وغروب شمسه في حق أهله فكذلك الهلال (الثالث) إن كانا من إقليم لزمهم وإلا فلا هذا كلام الماوردي وقال السرخسي إذا رآه أهل ناحية دون ناحية فإن قربت المسافة لزمهم كلهم وضابط القرب أن يكون الغالب أنه إذا أبصره هؤلاء لا يخفى عليهم إلا لعارض سواء في ذلك مسافة القصر أو غيرها قال فإن بعدت المسافة فثلاثة أوجه (أحدها) يلزم الجميع واختاره أبو علي السنجي (والثاني) لا يلزمهم (والثالث) إن كانت المسافة بينهما بحيث لا يتصور أن يرى ولا يخفى على أولئك بلا عارض لزمهم وإن كانت بحيث يتصور أن يخفى عليهم فلا
* فحصل في المسألة ست وجوه

(أحدها) يلزم جميع أهل الأرض برؤيته في موضع منها
(والثاني) يلزم أهل إقليم بلد الرؤية دون غيرهم
(والثالث) يلزم كل بلد يوافق بلد الرؤيا في المطلع دون غيره وهذا أصحها
(والرابع) يلزم كل بلد لا يتصور خفاؤه عنهم بلا عارض دون غيرهم وهو فيما حكاه السرخسي
(والخامس) يلزم من دون مسافة القصر دون غيرهم
(والسادس) لا يلزم غير بلد الرؤية وهو فيما حكاه الماوردي والله أعلم

* {فرع} في مذاهب العلماء فيما إذا رأى الهلال أهل بلد دون غيرهم
* قد ذكرنا تفصيل مذهبنا ونقل ابن المنذر عن عكرمة والقاسم وسالم وإسحاق بن راهويه أنه لا يلزم غير أهل بلد الرؤية وعن الليث والشافعي وأحمد يلزم الجميع قال ولا أعلمه إلا قول المدني والكوفي يعني مالكا وأبا حنيفة
* {فرع} لو شرع في الصوم في بلد ثم سافر إلى بلد بعيد لم يروا فيه الهلال حين رآه أهل البلد الأول فاستكمل ثلاثين من حين صام (فإن قلنا) لكل بلد حكم نفسه فوجهان (أصحهما) يلزمه الصوم معهم لأنه صار منهم
(والثاني) يفطر لأنه التزم حكم الأول (وإن قلنا) تعم الروية كل البلاد لزم أهل البلد الثاني موافقته في الفطر إن ثبت عندهم رؤية البلد الأول بقوله أو بغيره وعليهم قضاء اليوم الأول وإن لم يثبت عندهم لزمه هو الفطر كما لو رأى هلال شوال وحده ويفطر سرا ولو سافر من بلد لم يروا فيه إلي بلد رؤى فيه فعيدوا اليوم التاسع والعشرين من صومه فإن عممنا الحكم أو قلنا



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 29.30 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 28.68 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.14%)]