
05-03-2025, 09:04 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,683
الدولة :
|
|
رد: المجموع شرح المهذب للنووي(كتاب الصيام)يوميا فى رمضان

المجموع شرح المهذب
أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي
(المتوفى: 676هـ)
كتاب الصيام
275الى 281
(5)
له حكم البلد الثاني عيد معهم ولزمه قضاء يوم وإن لم نعمم الحكم وقلنا له حكم البلد الأول لزمه الصوم ولو رأى الهلال في بلد وأصبح معيدا معهم فسارت به سفينة إلى بلد في حد البعد فصادف أهلها صائمين قال الشيخ أبو محمد يلزمه إمساك بقية يومه إذا قلنا لكل بلد حكم نفسه واستبعد إمام الحرمين والغزالي الحكاية قال الرافعي وتتصور هذه المسألة في صورتين (إحداهما) أن يكون ذلك اليوم يوم الثلاثين من صوم البلدين لكن المنتقل إليهم لم يروه (والثانية) أن يكون التاسع والعشرين المنتقل إليهم لتأخر صومهم بيوم قال وإمساك بقية النهار في الصورتين إن لم يعمم الحكم كما ذكرنا وجواب الشيخ أبي محمد مبني على أن لكل بلد حكمه وأن للمنتقل حكم البلد المنتقل إليه وإن عممنا الحكم وأهل البلد الثاني إذا عرفوا في أثناء اليوم أنه عيد فهو شبيه بما سبق في باب صلاة العيد إذا شهدوا برؤية الهلال يوم الثلاثين ولو اتفق هذا السفر لعدلين وقد رأيا الهلال بأنفسهما وشهدا في البلد الثاني فهذه شهادة رؤية الهلال يوم الثلاثين فيجب الفطر في الصورة الأولى (وأما) الثانية فإن عممنا الحكم بجميع البلاد لم يبعد أن يكون كلامهما على التفصيل السابق في باب صلاة العيد فإن قبلنا شهادتهم قضوا يوما وإن لم نعمم الحكم لم يلتفت إلى قولهما * ولو كان عكسه بأن أصبح صائما فسارت به سفينة إلى قوم معيدين فإن عممنا الحكم أو قلنا حكم المنتقل إليه أفطر وإلا فلا وإذا افطر قضى بوما إذا لم يصم إلا ثمانية وعشرين يوما
*
*
قال المصنف رحمه الله تعالى

* وفى الشهادة التي يثبت بها رؤية هلال شهر رمضان قولان (قال) في البويطي لاتقبل إلا من عدلين لما روى الحسين ابن حريث الجدلي جديلة قيس قال "خطبنا أمير مكة الحارث ابن حاطب فقال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننسك لرؤيته فان لم نره فشهد شاهدان عدلان نسكنا يشهادتهما (وقال) في القديم والجديد يقبل من عدل واحد وهو الصحيح لما روى عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال" تراءى الناس الهلال فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم اني رأيته فصام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر الناس بالصيام "ولانه إيجاب عبادة فقبل من واحد احتياطا للفرض (فان قلنا) يقبل من واحد فهل بقبل من العبد والمرأة فيه وجهان"
(أحدهما)
يقبل لان ما قبل فيه قول الواحد قبل من العبد والمرأة كاخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم
(والثاني)
لا يقبل وهو الصحيح لان طريقها طريق الشهادة بدليل أنه لا يقبل من شاهد الفرع مع حضور شاهد الاصل فلم يقبل من العبد والمرأة كسائر الشهادات ولا يقبل في هلال الفطر إلا شاهدان لانه اسقاط فرض فاعتبر فيه العدد اجتياطا للفرض فان شهد واحد على رؤية هلال رمضان فقبل قوله وصاموا ثلاثين يوما وتغيمت السماء ففيه وجهان
(أحدهما)
أنهم لا يفطرون لانه افطار بشاهد واحد (والثاني) انهم يفطرون وهو المنصوص في الام لانه بينة ثبت بها الصوم فجاز الافطار باستكمال العدد منها كالشاهدين وقوله إن هذا إفطار بشاهد لا يصح لان الذى ثبت بالشاهد هو الصوم والفطر ثبت على سبيل التبع وذلك
يجوز كما نقول إن النسب لا يثبت بقول أربع نسوة ثم لو شهد أربع نسوة بالولادة ثبتت الولادة وثبت النسب على سبيل التبع للولادة وإن شهد اثنان علي رؤية هلال رمضان فصاموا ثلاثين يوما والسماء مصحية فلم يروا الهلال ففيه وجهان (قال) أبو بكر بن الحداد لا يفطرون لان عدم الهلال مع الصحو يقين والحكم بالشاهدين ظن واليقين يقدم علي الظن (وقال) اكثر أصحابنا يفطرون لان شهادة اثنين يثبت بها الصوم والفطر فوجب أن يثبت بها الفطر وإن غم عليهم الهلال وعرف رجل الحساب ومنازل القمر وعرف بالحساب أنه من شهر رمضان ففيه وجهان (قال) أبو العباس يلزمه الصوم لأنه عرف الشهر بدليل فأشبه إذا عرف بالبينة (والثاني) أنه لا يصوم لأنا لم نتعبد إلا بالرؤية ومن رأى هلال رمضان وحده صام وإن رأى هلال شوال وحده افطر وحده لقوله صلى الله عليه وسلم "صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته ويفطر لرؤية هلال شوال سرا لانه إذا أظهر الفطر عرض نفسه للتهمة وعقوبة السلطان"

* {الشرح} حديث الحسين ابن حريث صحيح رواه أبو داود والدارقطني والبيهقي وغيره وقال الدارقطني والبيهقي هذا إسناد متصل صحيح وحديث ابن عمر صحيح رواه أبو داود والدارقطني والبيهقي بإسناد صحيح على شرط مسلم قال الدارقطني تفرد به مروان ابن محمد عن ابن وهب وهو ثقة (وقوله) حسين ابن حريث هكذا وقع في المهذب حريث بضم الحاء وهو غلط فاحش وصوابه حسين بن الحارث وهذا لا خلاف فيه وهو مشهور في رواية هذا الحديث وفي جميع كتب الحديث وكتب الأسماء حسين بن الحارث (وقوله) الجدلي جديلة قيس يعني أنه من بني جديلة قبيلة معروفة من قيس عيلان بالعين المهملة احتراز من جديلة طي وغيرها وقد أوضحت حاله وحال قبيلته في تهذيب الاسماء واللغات (وقوله) الحارث ابن حاطب هو صحابي مشهور وقد أوضحت حاله في التهذيب
* وفي سنن أبي داود وغيره أن عبد الله بن عمر وافقه على رواية هذا الحديث وصدقه فيه (وقوله) ننسك هو بضم السين وكسرها لغتان مشهورتان وهو العبادة ومن قال بالمذهب أنه يثبت الهلال بعدل واحد أجاب عن حديث الحسين بن الحارث بأن النسك ههنا عيد الفطر وكذا ترجم له البيهقي وغيره على ثبوت هلال شوال
بعدلين (وأما) الأحكام ففي الفصل مسائل (إحداها) في الشهادة التي يثبت بها هلال رمضان ثلاث طرق (أصحها) وأشهرها وبه قطع المصنف والجمهور في المسألة قولان (أصحهما) باتفاق الأصحاب يثبت بعدل وهو نصه في القديم ومعظم كتبه في الجديد للأحاديث الصحيحة في ذلك (منها) ما ذكره المصنف وغير ذلك (والثاني) وهو نصه في البويطي لا يثبت إلا بعدلين (والطريق) الثاني القطع بثبوته بعدل للأحاديث (والثالث) حكاه الماوردي والسرخسي إن ثبتت الأحاديث ثبت بعدل وإلا فقولان (أحدهما) يشترط عدلان كسائر الشهور
(والثاني)
يثبت بعدل للاحتياط وهذا الطريق محتمل ولكن الأحاديث قد ثبتت فالحاصل أن المذهب ثبوته بعدل قال أصحابنا فإن شرطنا عدلين فلا مدخل للنساء والعبيد في هذه الشهادة ويشترط لفظ الشهادة ويختص بمجلس القاضي ولكنها شهادة حسبة لا ارتباط لها بالدعوى وان اكتفينا بعدل فهل هو بطريق الروابة أم بطريق الشهادة فيه وجهان مشهوران وحكاهما السرخسي قولين قال الدارمي القائل شهادة هو أبو علي بن أبي هريرة والقائل رواية هو أبو إسحاق المروزي واتفقوا على أن (أصحهما) أنه شهادة فعلى هذا لا يقبل فيه العبد والمرأة ونص عليه في الأم قال القاضي أبو الطيب في المجرد وبهذا قال جميع أصحابنا غير أبي إسحاق
(والثاني)
أنه رواية فيقبل من العبد والمرأة وفي اشتراط لفظ الشهادة طريقان (أحدهما) يشترط قطعا (وأصحهما) وبه قال الجمهور فيه وجهان مبنيان على أنه شهادة أم رواية (إن قلنا) شهادة شرط وإلا فلا (وأما) الصبي المميز الموثوق به فلا يقبل قوله إن شرطنا اثنين أو قلنا شهادة وهذا لا خلاف فيه (وإن قلنا) رواية فطريقان (المذهب) وبه قطع الجمهور لا يقبل قطعا
(والثاني)
فيه وجهان بناء على الوجهين المشهورين في قبول روايته إن قبلناها قبل هذا وإلا فلا وبهذا الطريق قطع إمام الحرمين (وأما) الكافر والفاسق والمغفل فلا يقبل قولهم فيه بلا خلاف ولا خلاف في اشتراط العدالة الظاهرة فيمن نقبله (وأما) العدالة الباطنة (فإن قلنا) يشترط عدلان اشترطت وإلا فوجهان حكاهما إمام الحرمين وآخرون قالو وهما جاريان في رواية المستور الحديث (والأصح) قبول رواية المستور وكذا الأصح قبول قوله هنا والصيام به وبهذا قطع صاحب الإبانة والعدة والمتولي قال أصحابنا: ولا فرق في كل ما ذكرناه بين كون السماء مصحية أو مغيمة

* {فرع} إذا أخبره من يثق به كزوجته وجاريته وصديقه وغيرهم ممن يثق به ويعتقد صدقه أنه رأى هلال رمضان ولم يذكر ذلك عند القضي فقد قطعت طائفة بأنه يلزمه الصوم بقوله ممن صرح بوجوب ذلك على المقول له أبو الفضل بن عبدان والغزالي في الإحياء والبغوي وغيرهم وقال إمام الحرمين وصاحب الشامل إن قلنا إنه رواية لزم الصوم بقوله (المسألة الثانية) هل يثبت هلال رمضان بالشهادة على الشهادة فيه طريقان مشهوران حكاهما البغوي وآخرون (أصحهما) وبه قطع الأكثرون وأشار إليه المصنف ثبوته كسائر الأحكام
(والثاني)
فيه قولان كالحدود لأنه من حقوق الله تعالى التي ليست مالية والمذهب الأول وقاسه البغوي وآخرون على الزكاة وإتلاف حصر المسجد ونحوها فإنه يقبل فيه الشهادة على الشهادة بلا خلاف بخلاف الحدود فإنها مبنية على الدرء والإسقاط قال البغوي وآخرون: فعلى هذا عدد الفروع مبني على الأصول فإن شرطنا العدد في الأصول فحكم الفروع هنا حكمهم في سائر الشهادات فيشترط أن يشهد على شهادة كل واحد شاهدان وهل يكفي شهادة رجلين على شهادة شاهدي الأصل جميعا فيه القولان المشهوران (أصحهما) يكفي وعلى هذا لا مدخل لشهادة النساء والعبيد وإن اكتفينا بواحد فإن قلنا سبيله سبيل الرواية فوجهان
(أحدهما)
يكفي واحد كرواية الحديث
(والثانى)
يشترط اثنان قال البغوي وهو الأصح لأنه ليس بخبر من كل وجه بدليل أنه لا يجوز أن يقول أخبرني فلان عن فلان أنه رأى الهلال فعلى هذا هل يشترط إخبار حرين ذكرين أم يكفي امرأتان أو عبدان فيه وجهان (أصحهما) الأول وقال الشيخ أبو علي السنجي وإمام الحرمين الأصح الاكتفاء بواحد عن واحد إذا قلنا إنه رواية وبهذا قطع الدارمي ونقل الشيخ أبو علي الإجماع على أنه لا يقبل قول الفرع حدثني فلان أن فلانا رأى الهلال قال إمام الحرمين: والقياس يقتضي قبوله إذا اكتفينا بواحد في الأصل والفرع قال ولا نسلم دعواه الإجماع من نزاع واحتمال ظاهر (أما) إذا قلنا طريقه طريق الشهادة فهل يكفي شهادة واحد على شهادة واحد أم يشترط اثنان فيه وجهان وقطع البغوي باشتراط اثنين وهو الأصح (وأما) شهادة الفرع بحضرة الأصل على شهادته
فقطع المصنف وغيره بأنها لا تقبل ولا يبعد تخريح خلاف فيه على قولنا رواية كما في رواية الحديث والله أعلم
(المسألة الثالثة) إذا قبلنا في هلال رمضان عدلا وصمنا على قوله ثلاثين يوما فلم نر الهلال بعد الثلاثين فهل نفطر فيه وجهان مشهوران (أصحهما) عند المصنف وجماهير الأصحاب وهو نصه في الأم نفطر (والثاني) لا نفطر لأنه إفطار مبنى على قول عدل واحد والمذول لأنها حجة شرعية ثبت بها هلال رمضان فثبت الافطار يعد استكمال العدد منها كالشاهدين وأبطل الأصحاب قول الآخر قالوا لأن الذي ثبت بالشاهد إنما هو الصوم وحده (وأما) الفطر فثبت تبعا كما أن شهادة النساء لا تقبل على النسب استقلالا ولو شهد أربع نسوة بالولادة ثبتت وثبت النسب تبعا لها بلا خلاف فكذا هنا ثم القولان جاريان سواء كانت لسماء مصحية أو مغيمة هذا هو المذهب وبه صرح المتولي وآخرون وهو مقتضى كلام الأكثرين ونقله الرافعي عن مفهوم كلام الجمهور وقال أبو المكارم في العدة الوجهان إذا كانت مصحية فإن كانت مغيمة أفطرنا بلا خلاف لاحتمال وجوده واستتاره بالغيم وقال المصنف والقاضي أبو الطيب في المجرد وآخرون:
إذا صمنا بشهادة عدل ثلاثين وكانت السماء مغيمة ففي الفطر الوجهان ففرضوا المسألة فيما إذا غيمت وقال البغوي قيل الوجهان إذا كانت مصحية فان تغيمت وجب الفطر قطعا قال وقيل هما في الغيم والصحو والمذهب طردهما في الحالين (أما) إذا صمنا بقول عدلين ثلاثين يوما ولم نر الهلال فإن كانت السماء مغيمة أفطرنا بلا خلاف وإن كانت مصحية فطريقان (أحدهما) نفطر قولا واحدا وهو نص الشافعي في الأم وحرملة وبه قطع كثيرون (وأشهرهما) وبه قطع المصنف وكثيرون فيه وجهان (الصحيح) وقول الجمهور أصحابنا المتقدمين نفطر لأن أول الشهر ثبت وقد أمرنا بإكمال العدة إذا لم نر الهلال وقد اكملناها فوجب الفطر (والثاني) لا نفطر لأن عدم الرؤية مع الصحو يقين فلا نتركه بقول شاهدين وهو ظن وهذا قول أبي بكر بن الحداد حكاه عنه المصنف والأصحاب قال إمام الحرمين هذا مزيف غير معدود من المذهب وإنما يجري على مذهب أبي حنيفة قال الرافعي ونقل قول ابن الحداد عن ابن سريج أيضا قال وفرع بعضهم عليه أنه لو شهد اثنان على هلال شوال فأفطرنا ثم

لم نر الهلال بعد ثلاثين والسماء مصحية قضينا صوم أول يوم أفطرناه لانه بان أنه من آخر رمضان لكن لا كفارة على من جامع فيه لأن الكفارة على من أثم بالجماع وهذا لم يأثم لعذره (وأما) على المذهب وقول الجمهور فلا قضاء (المسألة الرابعة) قال المصنف إذا غم الهلال وعرف رجل الحساب ومنازل القمر وعرف بالحساب أنه من رمضان فوجهان (قال) ابن سريج يلزمه الصوم لأنه عرف الشهر بدليل فأشبه من عرفه بالبينة (وقال) غيره لا يصوم لأنا لم نتعبد إلا بالرؤية هذا كلام المصنف ووافقه على هذه العبارة جماعة وقال الدارمي لا يصوم بقول منجم وقال قوم يلزم قال فإن صام بقوله فهل يجزئه عن فرضه فيه وجهان وقال صاحب البيان إذا عرف بحساب المنازل أن غدا من رمضان أو اخبره عارف بذلك فصدقه فنوى وصام بقوله فوجهان (أحدهما) يجزئه قاله ابن سريج واختاره القاضي أبو الطيب لأنه سبب حصل له به غلبة ظن فأشبه مالو أخبره ثقة عن مشاهدة
(والثاني)
لا يجزئه لأن النجوم والحساب لا مدخل لهما في العبادات قال وهل يلزمه الصوم بذلك قال ابن الصباغ أما بالحساب فلا يلزمه بلا خلاف بين أصحابنا وذكر صاحب المهذب أن الوجهين في الوجوب هذا كلام صاحب البيان وقطع صاحب العدة بأن الحاسب والمنجم لا يعمل غيرهما بقولهما وقال المتولي لا يعمل غير الحاسب بقوله وهل يلزمه هو الصوم بمعرفة نفسه الحساب فيه وجهان (أصحهما) لا يلزمه وقال الرافعي لا يجب بما يقتضيه حساب المنجم عليه ولا على غيره الصوم قال الروياني وكذا من عرف منازل القمر لا يلزمه الصوم به على أصح الوجهين (وأما) الجواز فقال البغوي لا يجوز تقليد المنجم في حسابه لافى الصوم ولا في الفطر وهل يجوز له أن يعمل بحساب نفسه فيه وجهان وجعل الروياني الوجهين فيما إذا عرف منازل القمر وعلم به وجود الهلال وذكر أن الجواز اختيار ابن سريج والقفال والقاضي أبي الطيب قال فلو عرفه بالنجوم لم يجز الصوم به قطعا قال الرافعي ورأيت في بعض المسودات تعدية الخلاف في جواز العمل به إلى غير المنجم هذا آخر كلام الرافعي فحصل في المسألة خمسة أوجه
(أصحها) لا يلزم الحاسب ولا المنجم ولا غيرهما بذلك لكن يجوز لهما دون غيرهما ولا يجزئهما عن فرضهما
(والثاني) يجوز لهما ويجزئهما
(والثالث) يجوز للحاسب ولا يجوز للمنجم
(والرابع) يجوز لهما ويجوز لغيرهما تقليدهما
(والخامس) يجوز لهما ولغيرهما تقليد الحاسب دون المنجم والله أعلم
* (المسألة الخامسة) من رأى هلال رمضان وحده لزمه الصوم ومن رأى هلال شوال وحده لزمه الفطر وهذا لا خلاف فيه عندنا لقوله صلى الله عليه وسلم "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته" رواه البخاري ومسلم وسبق بيانه قال أصحابنا: ويفطر لرؤية هلال شوال سرا لئلا يتعرض للتهمة في دينه وعقوبة السلطان قال اصحابنا: ولو رؤى رجل يوم الثلاثين من رمضان يأكل بلا عذر عزر فلو شهد بعد الأكل أنه رأى الهلال البارحة لم تقبل شهادته لأنه متهم في إسقاط التعزير عن نفسه بخلاف مالو شهد أولا فردت شهادته ثم أكل لا يعزر لعدم التهمة حال الشهادة قال أصحابنا: وإذا رأى هلال رمضان وحده ولم يقبل القاضي شهادته فالصوم واجب عليه كما ذكرنا فلو صام وجامع في ذلك اليوم لزمته الكفارة بلا خلاف لأنه من رمضان في حقه هذا تفصيل مذهبنا في المسألتين وهذا الذي ذكرناه من لزوم الصوم برؤيته هلال رمضان وحده ووجوب الكفارة لو جامع فيه مذهب عامة العلماء وقال عطاء والحسن وابن سيرين وابو ثور واسحق بن راهويه لا يلزمه
* وقال أبو حنيفة يلزمه الصوم ولكن إن جامع فيه فلا كفارة وما ذكرناه من لزوم الفطر لمن رأى هلال شوال قال به أكثر العلماء وقال مالك والليث وأحمد لا يجوز له الأكل فيه
* دليلنا في المسألتين الحديث ولأن يقين نفسه أبلغ من الظن الحاصل بالبينة والله أعلم
* (المسألة السادسة) لا يثبت هلال شوال ولا سائر الشهور غير هلال رمضان إلا بشهادة رجلين حرين عدلين لحديث الحارث بن حاطب السابق قريبا وقياسا على باقي الشهادات التي ليست مالا ولا المقصود منها المال ويطلع عليها الرجال غالبا مع أنه ليس فيه احتياط للعبادة بخلاف هلال رمضان
* هذا مذهبنا وبه قال العلماء كافة إلا أبا ثور فحكى أصحابنا عنه أنه يقبل في هلال شوال عدل واحد كهلال رمضان وحكاه ابن المنذر عن أبي ثور وطائفة من أهل الحديث قال إمام الحرمين قال صاحب التقريب لو قلت بما قاله أبو ثور لم أكن مبعدا وقال الدارمي هلال ذي الحجة هل يثبت بما يثبت به هلال رمضان أم لا يثبت إلا بعدلين فيه وجهان وهذا شاذ ضعيف والله أعلم
*

{فرع} إذا قلنا يثبت هلال رمضان بقول واحد فإنما ذلك في الصوم خاصة (فأما) الطلاق والعتق وغيرهما مما علق على رمضان فلا يقع به بلا خلاف وكذا لا يحل الدين المؤجل إليه ولا تنقضي العدة ولا يتم حول الزكاة والجزية والدية المؤجلة وغير ذلك من الآجال بلا خلاف بل لابد في كل ما سوى الصوم من شهادة رجلين عدلين كاملي العدالة ظاهرا وباطنا وممن صرح بهذا المتولي والبغوي والرافعي وآخرون
* {فرع} قال المتولي لو شهد عدل بإسلام ذمي مات لم تقبل شهادته وحده في إثبات إرث قريبه المسلم منه وحرمان قريبه الكافر بلا خلاف وهل تقبل في الصلاة عليه فيه وجهان بناء على القولين في صوم رمضان بقول عدل واحد وجزم القاضي حسين في فتاويه بأنه لا يقبل ذكره في آخر كتاب الصيال والردة
* {فرع} قال صاحب الشامل والبيان وغيرهما وهذا لفظ صاحب البيان: قال الشافعي وإن عقد رجل عنده أن غدا من رمضان في يوم الشك فصام ثم بان أنه من رمضان أجزأه قال قال أصحابنا: أراد الشافعي بذلك إذا أخبره برؤية الهلال من يثق بخبره من رجل أو امرأة أو عبد فصدقه وإن لم يقبل الحاكم شهادته ونوى الصوم وصام ثم بان أنه من رمضان أجزأه لأنه نوى الصوم بظن وصادفه فأشبه البينة قال البندنيجي وكذا لو أخبره صبي عاقل (فأما) إذا صام اتفاقا من غير مستند فوافق فإنه لا يجزئه بلا خلاف
* {فرع} لو كانت ليلة الثلاثين من شعبان ولم ير الناس الهلال فرأى إنسان النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال له الليلة أول رمضان لم يصح الصوم بهذا المنام لا لصاحب المنام ولا لغيره ذكره القاضي حسين في الفتاوى وآخرون من أصحابنا ونقل القاضي عياض الإجماع عليه وقد قررته بدلائله

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|