البرنامج اليومي لشهر رمضان
د. صغير بن محمد الصغير
القنديل السابع
في الحرص على ترك مفطرات الصيام المعنوية
إضاءة قنديل: ".. يسأل عن الغبار هل يفطر؟! وصُحفه مليئة بالغيبة والنميمة والنظر والسماع المحرَّم والنوم، وترك الصلاة في نهار رمضان".
في الحرص على ترك مفطرات الصيام المعنوية:
الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك العزيز الوهاب، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المبعوث بأَجَلِّ العبادات وأكمل الآداب، صلى الله عليه وعلى جميع الآل والأصحاب، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم المآب، وسلم تسليمًا؛ أما بعد:
فاحذر أيها المبارك أن يَخدش صومك أيَّ شيء مما حرَّم الله ورسوله من الأقوال والأفعال، فاحذَر الكذب؛ «فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا»[1].
واجتنِب ذكرَك أخاك بما يَكره في غيبته، فإنَّ المغتاب كآكل لحم أخيه ميتًا، وتأمل معي هذا الحديث؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لَمَّا عُرِجَ بِي مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمُشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ، فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ، قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ، وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ"[2].
واعلم أنَّه «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَمَّامٌ»[3]، ومن المؤسف أن بعضنا يزداد ولعُه بآلات اللهو والطرب والغناء الفاحش في رمضان؛ صح عن ابن مسعود أنه سُئل عن قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [لقمان: 6]، فقال: والله الذي لا إله غيره هو الغناء، وصحَّ أيضًا عن ابن عباس وابن عمر، وذكره ابن كثير عن جابر وعكرمة وسعيد بن جُبَيْر ومجاهد، وقال الحسن: نزلت هذه الآية في الغناء والمزامير[4]، فلنحذَر من تلك المفطرات المعنوية، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ»[5]، قال جابر: قَالَ جَابِرٌ: «إِذَا صُمْتَ فَلْيَصُمْ سَمْعُكَ وَبَصَرُكَ وَلِسَانُكَ عَنِ الْكَذِبِ وَالْمَآثِمِ، وَدَعْ أَذَى الْخَادِمِ وَلْيَكُنْ عَلَيْكَ وَقَارٌ وَسَكِينَةٌ يَوْمَ صِيَامِكَ، وَلَا تَجْعَلْ يَوْمَ فِطْرِكَ وَيَوْمَ صِيَامِكَ سَوَاءً»[6].
اللهم احفَظ علينا ديننا، وكفَّ جوارحنا عما يُغضبك، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
[1] أخرجه البخاري (5743)، ومسلم (2607).
[2] أخرجه أبو داود (4878)، مختصرًا، من حديث أنس بن مالك، وأخرجه البخاري (7517)، ومسلم (162) مطولًا.
[3] أخرجه البخاري (6056)، بلفظ: «لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَتَّاتٌ» ومسلم (105) "واللفظ له".
[4] انظر تفسير ابن كثير (6/ 331).
[5] أخرجه البخاري (5710).
[6] ضعيف، أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (8880)، والبيهقي في الشعب (3374)، وفي سنده انقطاع.