
09-03-2025, 11:55 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,138
الدولة :
|
|
رد: المجموع شرح المهذب للنووي(كتاب الصيام)يوميا فى رمضان

المجموع شرح المهذب
أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي
(المتوفى: 676هـ) فقه شافعى
كتاب الصيام
303الى 309
(9)
الصوم فصحح نيته في النهار
* واحتج لهم بعموم حديثي عائشة وحفصة "لا صيام لمن لم يبيت الصيام"
من الليل
* واحتج أصحابنا بحديث عائشة رضي الله عنها قالت "دخل على النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال هل عندكم شئ قلنا لا قال فانى إذا صائم" رواه مسلم وفى رواية قال "إذا أصوم" رواها البيهقي وقال هذا إسناد صحيح (والجواب) عن حديث تبييت النية أنه عام فنخصه بما ذكرناه جمعا بين الأحاديث وروى الشافعي والبيهقي بالإسناد الصحيح عن حذيفة رضي الله عنه أنه بدا له الصوم بعد ما زالت الشمس فصام والله أعلم * قال المصنف رحمه الله
* {ويدخل في الصوم بطلوع الفجر ويخرج منه بغروب الشمس لما روى عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم "قال إذا اقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا وغابت الشمس من ههنا فقد أفطر الصائم" ويجوز أن يأكل ويشرب ويباشر الي طلوع الفجر لقوله تعالى (فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الاسود من الفجر) فان جامع قبل طلوع الفجر وأصبح وهو جنب جاز صومه لانه عز وجل لما أذن في المباشرة إلي طلوع الفجر ثم أمر بالصوم دل علي انه يجوز أن يصبح صائما وهو جنب وروت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم "كان يصبح جنبا من جماع غير احتلام ثم يصوم" فان طلع الفجر وفى فيه طعام فأكله أو كان مجامعا فاستدام بطل صومه وان لفظ الطعام أو أخرج مع طلوع الفجر صح صومه وقال المزني إذا اخرج مع طلوع الفجر لم يصح صومه لان الجماع إيلاج واخراج فإذا بطل بالايلاج بطل بالاخراج والدليل علي انه يصح صومه ان الاخراج ترك للجماع وما علق علي فعل شئ لا يتعلق بتركه كما لو حلف لا يلبس هذا الثوب وهو عليه فبدأ ينزعه لم يحنث وان اكل وهو يشك في طلوع الفجر صح صومه لأن الأصل بقاء الليل وإن أكل وهو شاك في غروب الشمس لم يصح صومه لان الاصل بقاء النهار}
* {الشرح} حديث عمر رضي الله عنه رواه البخاري ومسلم وليس فيه "بعد الشمس من ههنا" وإنما قال "وغربت الشمس" ورواه البخاري ومسلم أيضا من رواية عبد الله بن أبي أوفى بمعناه فلفظ البخاري لابن أبي أوفى "إذا رأيتم الليل قد أقبل من ههنا فقد أفطر الصائم وأشار بيده قبل المشرق" ولفظ مسلم "إذا غابت الشمس من ههنا وجاء الليل من ههنا فقد أفطر الصائم" قال العلماء إنما ذكر غروب الشمس وإقبال الليل وإدبار النهار ليبين أن غروبها عن العيون لا يكفي لأنها قد تغيب في بعض الأماكن

عن العيون ولا تكون غربت حقيقة فلا بد من إقبال الليل وإدبار النهار
* (وأما) حديث عائشة رضي الله عنها فرواه البخاري ومسلم أيضا من روايتها ومن رواية أم سلمة أيضا وقولها "من جماع غير احتلام ذكرت الجماع لئلا يتوهم أحد أنه كان من احتلام وإن المحتلم معذور لكونه قد يدركه"
الصبح وهو نائم محتلم بخلاف المجامع فبينت أن تلك الجنابة من جماع ثم أكدته لشدة الاعتناء ببيانه فقالت غير احتلام وقد ذكرنا في باب الغسل اختلاف العلماء هل كان الاحتلام متصورا في حق النبي صلى الله عليه وسلم وقد يحتج من صوره بمفهوم هذا الحديث ويجيب الآخر بأنها ذكرته للتوكيد لا للاحتراز والله أعلم (وقول) المصنف لأنه لما أذن في المباشرة يقال بفتح همزة أذن وضمها والفتح أجود (وقوله) لفظ الطعام هو بفتح الفاء وإنما ذكرته لأني رأيت من يصحفه (أما) أحكام الفصل ففيه مسائل (إحداها) ينقضي الصوم ويتم بغروب الشمس بإجماع المسلمين لهذين الحديثين وسبق بيان حقيقة غروبها في باب مواقيت الصلاة قال أصحابنا ويجب إمساك جزء من الليل بعد الغروب ليتحقق به استكمال النهار وقد ذكر المصنف هذا في كتاب الطهارة في مسألة القلتين (الثانية) يدخل في الصوم بطلوع الفجر الثاني وهو الفجر الصادق وسبق بيانه وتحقيق صفته في باب مواقيت الصلاة ويصير منلبسا بالصوم بأول طلوع الفجر والمراد الطلوع الذي يظهر لنا لا الذي في نفس الأمر قال أصحابنا وقد يطلع الفجر في بعض البلاد ويتبين قبل أن يطلع في بلد آخر فيعتبر في كل بلد طلوع فجره قال الماوردي وكذا غروب شمسه وقد سبق بيان هذا
في كلام الماوردي في هذا الباب في مسألة رؤية الهلال في بلد دون بلد وقد سبق في باب مواقيت الصلاة أن الأحكام المتعلقة بالفجر تتعلق كلها بالفجر الثاني ولا يتعلق بالفجر الاول الكاذب شئ من الأحكام بإجماع المسلمين وسبق هناك بيان دلائله والأحاديث الصحيحة فيه
* {فرع} هذا الذي ذكرناه من الدخول في الصوم بطلوع الفجر وتحريم الطعام والشراب والجماع به هو مذهبنا ومذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد وجماهير العلماء من الصحابة والتابعين فمن

بعدهم قال ابن المنذر وبه قال عمر بن الخطاب وابن عباس وعلماء الأمصار قال وبه نقول قال روينا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال حين صلى الفجر الآن حين تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود قال وروي عن حذيفة أنه لما طلع الفجر تسحر ثم صلى قال وروي معناه عن ابن مسعود وقال مسروق لم يكونوا يعدون الفجر فجركم إنما كانوا يعدون الفجر الذي يملأ البيوت والطرق قال وكان إسحاق يميل إلى القول الأول من غير أن يطعن على الآخرين قال إسحاق ولا قضاء على من أكل في الوقت الذي قاله هؤلاء هذا كلام ابن المنذر
* وحكى أصحابنا عن الاعمش واسحق بن راهويه أنهما جوزا الأكل وغيره إلى طلوع الشمس ولا أظنه يصح عنهما
* واحتج أصحابنا والجمهور على هؤلاء بالأحاديث الصحيحة المشهورة المتظاهرة (منها) حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه قال "لما نزلت حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر قلت يارسول الله إني أجعل تحت وسادتي عقالين عقالا أبيض وعقالا أسود أعرف الليل من النهار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن وسادك لعريض إنما هو سواد الليل وبياض النهار" رواه البخاري ومسلم
* وعن سهل بن سعد رضي الله عنهما قال "أنزلت وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الاسود ولم ينزل من الفجر فكان رجال إذا أرادو الصوم ربط أحدهم في رجله الخيط الأبيض والخيط الأسود ولا يزال يأكل حتى يتبين له رؤيتهما فأنزل الله تعالى من الفجر فعلموا أنه يعني به الليل من النهار" رواه البخاري ومسلم وفى رواية مسلم رئتهما بالراء مهموز وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغرنكم أذان بلال ولا هذا العارض لعمود الصبح حتى يستطير" رواه مسلم وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا يمنعن أحدكم أو أحدا منكم أذان بلال من سحوره فإنه يؤذن أو ينادي بليل ليرجع قائمكم ولينبه نائمكم وليس أن يقول الفجر أو الصبح وقال بأصابعه ورفعها إلى فوق وطأطأ إلى أسفل حتى يقول"
هكذا وقال بسبابتيه إحداهما فوق الأخرى ثم مدهما عن يمينه وشماله "رواه البخاري ومسلم"
* وسبق باب مواقيت الصلاة غير هذه من الأحاديث والله أعلم
* (المسألة الثالثة) يجوز له الأكل والشرب والجماع إلى طلوع

الفجر بلا خلاف لما ذكره المصنف ولو شك في طلوع الفجر جاز له الأكل والشرب والجماع وغيرها بلا خلاف حتى يتحقق الفجر للآية الكريمة (حتى يتبين لكم الخيط الابيض) ولما صح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال "كل ما شككت حتى يتبين لك" رواه البيهقي بإسناد صحيح وفي رواية عن حبيب ابن أبي ثابت قال "أرسل ابن عباس رجلين ينظران الفجر فقال أحدهما أصبحت وقال الآخر لا قال اختلفتما أرني شرابي" قال البيهقي وروي هذا عن أبي بكر الصديق وعمر وابن عمر رضي الله عنهم وقول ابن عباس أرني شرابي جار على القاعدة أنه يحل الشرب والأكل حتى يتبين الفجر ولو كان قد تبين لما اختلف الرجلان فيه لأن خبريهما تعارضا والأصل بقاء الليل ولأن قوله أصبحت ليس صريحا في طلوع الفجر فقد تطلق هذه اللفظة لمقاربة الفجر والله أعلم
* وقد اتفق أصحابنا على جواز الأكل للشاك في طلوع الفجر وصرحوا بذلك فممن صرح به الماوردي والدارمي والبندنيجي وخلائق لا يحصون (وأما) قول الغزالي في الوسيط لا يجوز الأكل هجوما في أول النهار وقول المتولي في مسألة السحور لا يجوز للشاك في طلوع الفجر أن يتسحر فلعلهما أرادا بقولهما لا يجوز أنه ليس مباحا مستوي الطرفين بل الأولى تركه فإن أراد به تحريم الأكل على الشاك في طلوع الفجر فهو غلط مخالف للقرآن ولابن عباس ولجميع الأصحاب بل لجماهير العلماء ولا نعرف أحد من العلماء قال بتحريمه إلا مالك فإنه حرمه وأوجب القضاء على من أكل شاكا في الفجر وذكر ابن المنذر في الأشراف بابا في إباحة الأكل للشاك في الفجر فحكاه عن أبي بكر الصديق وابن عمر وابن عباس وعطاء والأوزاعي وأصحاب الرأي وأحمد وأبي ثور واختاره ولم ينقل المنع إلا عن مالك والله أعلم
* قال الماوردي وغيره والأفضل للشاك أن لا يأكل ولا يفعل غيره من ممنوعات الصوم احتياطا (الرابعة) لو أكل شاكا في طلوع الفجر ودام الشك ولم يبن الحال بعد ذلك صح صومه بلا خلاف عندنا ولا قضاء عليه
* وقال مالك عليه القضاء وقد سبقت أدلة المسألة في المسألة قبلها قال أصحابنا وينبغي للصائم أن لا يأكل حتى يتيقن غروب الشمس فلو غلب علي ظنه غروبها باجتهاد بورد أو غيره جاز له الأكل على الصحيح الذي قطع به الأكثرون وحكى إمام الحرمين وغيره وجها للاستاذ أبي اسحق الاسفراينى أنه لا يجوز لقدرته على اليقين بصبر يسير ولو أكل ظانا غروب الشمس فبانت طالعة أو ظانا أن الفجر لم يطلع فبان طالعا صار

مفطرا هذا هو الصحيح الذي نص عليه الشافعي وقطع به المصنف والجمهور وفيه وجه شاذ أنه لا يفطر
فيهما لانه معذر وهو مخرج من الخلاف فيمن غلط في القبلة ومن الأسير إذا اجتهد في الصوم وصادف ما قبل رمضان ونظائره وهذا الوجه هو قول المزني وابن خزيمة من أصحابنا وفيه وجه ثالث أنه يفطر في الصورة الأولى دون الثانية لتقصيره في الأولى ولأنه لا يجوز الأكل للشاك في الصورة الأولى ويجوز في الثانية وممن حكى هذا الوجه الرافعي ولو هجم على الأكل في طرفي النهار بلا ظن وتبين الخطأ فحكمه ما ذكرنا وإن بان التيقن أنه لم يأكل في النهار استمرت صحة صومه وإن دام الإبهام ولم يظهر الخطأ ولا الصواب فإن كان في أول النهار فلا قضاء لأن الأصل بقاء الليل وإن كان في آخره لزمه القضاء لأن الأصل بقاء النهار ولو أكل في آخر النهار بالاجتهاد وقلنا بالمذهب أنه يجوز فاستمر الإبهام فلا قضاء وإن قلنا بقول الاستاذ أبى اسحق إنه لا يجوز لزمه القضاء كما لو أكل بغير اجتهاد لأن الاجتهاد عنده لا أثر له قال المتولي وغيره والفرق بين من أكل بغير اجتهاد في آخر النهار وصادف اكله الليل حيث قلنا لاقضاء عليه وبين من اشتبهت عليه القبلة أو وقت الصلاة فصلى بغير اجتهاد وصادف الصواب فإن عليه الإعادة لأن هناك شرع في العبادة شاكا من غير مستند شرعي فلم يصح وهنا لم يحصل الشك في ابتداء العبادة بل مضت على الصحة وشك بعد فراغها هل وجد مفسد لها بعد تحقق الدخول فيها وقد بان أن لا مفسد وإنما نظيره من الصلاة أن يسلم منها ثم يشك هل ترك ركنا منها أم لا ثم بان أنه لم يترك شيئا فإن صلاته صحيحة بلا خلاف والله أعلم
* {فرع} لو ظن غروب الشمس فجامع فبان خلافه لزمه قضاء الصوم على المذهب كما سبق قال البغوي والمتولي وآخرون من الأصحاب ولا كفارة عليه لأنه معذور ولأنها إنما تجب علي من أفسد الصوم يجماع أثم به كما سيأتي إيضاحه إن شاء الله تعالى قال الرافعي وهذا ينبغي أن يكون تفريعا على المذهب وهو جواز الإفطار بالظن وإلا فتجب الكفارة وفاء بالضابط المذكور لوجوبها (المسألة الخامسة) إذا جامع في الليل وأصبح وهو جنب صح صومه بلا خلاف عندنا وكذا لو انقطع دم الحائض والنفساء في الليل فنوتا صوم الغد ولم يغتسلا صح صومهما بلا خلاف عندنا وبه قال جمهور
العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم وممن قال به علي بن أبي طالب وابن مسعود وأبي ذر وزيد ابن ثابت وأبو الدرداء وابن عباس وابن عمر وعائشة رضي الله عنهم وجماهير التابعين والثوري ومالك وأبو حنيفة وأحمد وأبو ثور قال العبدري وهو قول سائر الفقهاء قال ابن المنذر وقال سالم بن عبد الله لا يصح صومه قال وهو الأشهر عن أبي هريرة والحسن البصري وعن طاوس وعروة
ابن الزبير رواية عن أبي هريرة أنه إن علم جنابته قبل الفجر ثم نام حتى أصبح لم يصح وإلا فيصح وقال النخعي يصح النفل دون الفرض وعن الأوزاعي أنه لا يصح صوم منقطعة الحيض حتى تغتسل احتجوا بحديث "من أصبح جنبا فلا صوم له" رواه أبو هريرة في صحيحي البخاري ومسلم

* دليلنا نص القرآن قال الله تعالى (فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلي الليل) ويلزم بالضرورة أن يصبح جنبا إذا باشر إلى طلوع الفجر والأحاديث الصحيحة المشهورة (منها) حديث عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما قالتا "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جنبا من غير حلم ثم يصوم" رواه البخاري ومسلم وفي روايات لهما في الصحيح "من جماع غير احتلام" وعن عائشة رضي الله عنها قالت "كان النبي صلى الله عليه وسلم يدركه الفجر في رمضان وهو جنب من غير حلم فيغتسل ويصوم" رواه البخاري ومسلم وعنها "أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستفتيه وهي تسمع من وراء الباب فقال يارسول الله تدركني الصلاة وأنا جنب أفأصوم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا تدركني الصلاة وأنا جنب فأصوم فقال لست مثلنا يارسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقال والله إني لارجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقي" رواه مسلم والأحاديث بمعنى هذا كثيرة مشهورة (وأما) حديث أبي هريرة رضي الله عنه فأجاب أصحابنا عنه بجوابين
(أحدهما)
أنه منسوخ قال البيهقي: روينا عن أبي بكر بن المنذر قال أحسن ما سمعت فيه أنه منسوخ لأن الجماع كان في أول الإسلام محرما على الصائم في الليل بعد النوم كالطعام والشراب فلما أباح الله تعالى الجماع إلى طلوع الفجر جاز للجنب إذا أصبح قبل الاغتسال أن يصوم فكان أبو هريرة يفتى بما سمعه من الفضل
ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم على الأمر الأول ولم يعلم النسخ فلما سمع خبر عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما رجع إليه هذا كلام البيهقي عن ابن المنذر وكذا قال إمام الحرمين في النهاية قال قال العلماء الوجه حمل حديث أبي هريرة رضي الله عنه على أنه منسوخ (والجواب الثاني) أنه محمول على من طلع الفجر وهو مجامع فاستدام مع علمه بالفجر والله تعالى أعلم
* قال الماوردي وغيره وأجمعت الأمة على أنه إن احتلم في الليل وأمكنه الاغتسال قبل الفجر فلم يغتسل وأصبح جنبا بالاحتلام أو احتلم في النهار فصومه صحيح وإنما الخلاف في صوم الجنب بالجماع والله تعالى أعلم (السادسة) إذا طلع الفجر وفي فيه طعام فليلفظه فإن لفظه صح صومه فإن ابتلعه أفطر فلو لفظه في الحال فسبق منه شئ إلى جوفه بغير اختياره فوجهان مخرجان من سبق الماء في المضمضة لكن الأصح هنا أنه لا يفطر والأصح في
المضمضة أنه إن بالغ أفطر وإلا فلا ولو طلع الفجر وهو مجامع فنزع في الحال صح صومه نص عليه في المختصر قال أصحابنا: للنزع عند الفجر ثلاث صور (إحداها) أن يحس بالفجر وهو مجامع فينزع بحيث يقع آخر النزع مع أول الطلوع (والثانية) يطلع الفجر وهو مجامع فيعلم الطلوع في أوله فينزع في الحال (الثالثة) أن يمضي بعد الطلوع لحظة وهو مجامع لا يعلم الفجر ثم يعلمه فينزع (أما) الثالثة فليست مرادة بنص الشافعي رضي الله عنه بل الحكم فيها بطلان الصوم على المذهب وفيها الوجه السابق فيمن أكل ظانا أن الفجر لم يطلع وكان قد طلع فعلى المذهب لو مكث بعد علمه أثم ولا كفارة عليه لأنه إنما مكث بعد بطلان الصوم على الوجه الضعيف تلزمه الكفارة بالاستدامة كما سنوضحه إن شاء الله تعالى (وأما) الصورتان الأولتان فهما مرادتان بالنص فلا يبطل الصوم فيهما وفي الثانية وجه ضعيف شاذ أنه يبطل وهو مذهب المزني أيضا كما حكاه المصنف وفد ذكر المصنف دليل الجميع (أما) إذا طلع الفجر وهو مجامع فعلم طلوعه ثم مكث مستديما للجماع فيبطل صومه بلا خلاف نص عليه وتابعه الأصحاب ولا يعلم فيه خلاف للعلماء وتلزمه الكفارة على المذهب وقيل فيه قولان وستأتي المسألة مبسوطة حيث ذكرها المصنف إن شاء الله تعالى ولو جامع ناسيا ثم تذكر فاستدام فهو كالاستدامة بعد العلم بالفجر والله تعالى أعلم (فإن قيل) كيف يعلم الفجر بمجرد طلوعه وطلوعه الحقيقي يتقدم على علمنا به (فأجاب) الشيخ

أبو محمد الجويني وولده إمام الحرمين بجوابين
(أحدهما)
أنها مسألة علمية ولا يلزم وقوعها كما يقال في الفرائض مائة جدة
(والثاني)
وهو الصواب الذي لا يجوز غيره أن هذا متصور لأنا إنما تعبدنا بما نطلع عليه لا بما في نفس الأمر فلا معنى للصبح إلا ظهور الضوء للناظر وما قبله لا حكم له ولا يتعلق به تكليف فإذا كان الإنسان عارفا بالأوقات ومنازل القمر فيرصد بحيث لا حائل فهو أول الصبح المعتبر فهذا هو الصواب وبه قطع المتولي والجمهور والله تعالى أعلم
* {فرع} في مذاهب العلماء في مسائل تقدمت (منها) إذا أكل أو شرب أو جامع ظانا غروب الشمس أو عدم طلوع الفجر فبان خلافه فقد ذكرنا أن عليه القضاء وبه قال ابن عباس ومعاوية بن أبي سفيان وعطاء وسعيد بن جبير ومجاهد والزهري والثوري كذا حكاه ابن المنذر عنهم وبه قال أبو حنيفة ومالك واحمد وابو ثور والجمهور وقال اسحق بن راهويه وداود صومه صحيح ولا قضاء وحكى ذلك عن عطاء وعروة بن الزبير والحسن البصري ومجاهد
* واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم "إن الله تعالى تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" رواه البيهقي وغيره في غير هذا الباب بأسانيد صحيحة من رواية ابن عباس
* واحتج أصحابنا بقوله تبارك وتعالى (حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|