ج- الإيذاء عن طريق الاقتران : قد تلجأ الأرواح الخبيثة المقترنة ببعض الحالات المرضية لأسلوب إيذاء البيت وساكنيه بأفعالها الدنيئة ، نتيجة العدوانية والظلم والسفه والشطط ، ولجبلة تلك النفوس على حب الشر ومقارعته والتلذذ به ، ولذلك تلجأ تلك الأرواح للعبث في المنازل والبيوت بأساليب ووسائل متنوعة كالتسبب في الحرق والسرقة والإتلاف والضرب ونحوه 0
ثانيا : استيضاح الأحوال والظروف المتعلقة بالمنزل : قبل البدء بالمراحل المتلاحقة في علاج البيوت المسكونة بالجن والشياطين وتعرضها للإيذاء من قبل الأرواح الخبيثة ، لا بد للمعالِج من جلسة مع صاحب البيت ليستجمع ويستوضح من خلالها كافة المعلومات المتعلقة بالبيت وأحواله والظروف المحيطة به ، والتي قد تفيده وتساعده للوقوف على الأسباب الحقيقية والرئيسية وراء ذلك الإيذاء 0
ثالثا : التنبيه على أية أمور مخالفة لأحكام الشريعة : في حال رؤية المعالِج لأية مظاهر مخالفة للشريعة الإسلامية ، كالتصاوير والتلفاز والغناء ونحوه ، لا بد من إيضاح خطورة ذلك ، واعتبار أن وجود كافة تلك المظاهر تعتبر عاملا وأسبابا رئيسة تجعل لتلك الأرواح سبيلا ومنفذا لنفث سمومها وأفعالها ، وكذلك لا بد من إيضاح خطورة تلك المظاهر على البيت والأسرة والمجتمع المسلم 0
رابعا : توخي بعض الأمور الهامة : لا بد للمعالِج قبل البدء بالرقية من توخي الأمور التالية :
أ- إن تلك النوعية من الأرواح الخبيثة - والتي تقوم بتلك الأفعال من حرق وعبث وسرقة ونحوه وتكون بمثابة مصدر للإزعاج والقلق والخوف والرعب لساكني هذه البيوت - هو نوع متمرد قوي يحتاج للفطنة والذكاء والفراسة في أسلوب التعامل والأخذ والرد والذي يتأتى نتيجة الخبرة والممارسة العملية الطويلة ، وهذا الكلام لا يعني مطلقا أن نوعية تلك الأرواح مهما بلغت من القوة والجبروت والبطش لا تتأثر بالرقية الشرعية وقراءة كتاب الله عز وجل ؛ بل على العكس من ذلك تماما ، فقد أكدت النصوص الشرعية على قوة تأثير الرقية بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على كافة الأنواع والأصناف دون استثناء ، ولا بد للمعالِج من السعي لإقامة الحجة بالدليل والبرهان على تلك الأرواح قبل اتخاذ كافة الأسباب والسبل والوسائل الأخرى التي ترفع الظلم عن ساكني تلك البيوت 0
ب- يستطيع المعالِج أن يحدد أماكن تواجد تلك الأرواح في البيوت ، من خلال الإحساس والشعور بقشعريرة شديدة في الجسم خلال تواجده في تلك الأماكن ، ويفيد ذلك في اتباع الخطوة التالية التي تعتمد أساسا على دعوة هؤلاء العمار وإقامة الحجة عليهم ، قبل اللجوء إلى الأساليب والطرق الأخرى في العلاج 0
فائدة هامة : يجب على المسلم أن يحرص دائما على الذكر والدعاء ، خاصة المحافظة على أذكار الصباح والمساء ونزول المكان ودخول المنزل والخروج منه وأذكار الطعام ونحو ذلك من أذكار مأثورة أخرى ، وليحرص كذلك عند دخوله بعض الأماكن وشعوره بتلك الأعراض ( القشعريرة ) من التسمية والذكر ، فإن في ذلك حفظ ووقاية من كل مكروه وسوء بإذن الله سبحانه تعالى 0
ج- حرص المعالِج أولا ، وقبل البدء بالرقية الشرعية على إقامة الحجة بالدليل والبرهان من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وذلك باتباع أسلوب دعوي يعتمد أساسا في منهجه على الحكمة والموعظة الحسنة والرفق واللين ، ولا بد من اللجوء لهذا الأسلوب لأسباب كثيرة أهمها جهل تلك الأرواح أو ظلمها أو سفهها وشططها ونحو ذلك من أمور أخرى 0
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : ( والمقصود أن الجن إذا اعتدوا على الإنس أخبروا بحكم الله ورسوله ، وأقيمت عليهم الحجة ، وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر كما يفعل بالإنس ، لأن الله يقول : ( وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ) ( سورة الإسراء – الآية 15 ) ، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل حيات البيوت حتى تؤذن ثلاثا كما في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن نفرا من الجن أسلموا بالمدينة ، فإذا رأيتم أحدا منهم فحذروه ، ثلاث مرات ، ثم إن بدا لكم بعد أن تقتلوه فاقتلوه بعد الثلاث " " صحيح الجامع - 2241 " ) ( مجموع الفتاوى - 19 / 43 ) 0
قال ابن مفلح – رحمه الله - : ( كان شيخنا – يعني شيخ الإسلام ابن تيمية – إذا أتي بالمصروع وعظ من صرعه وأمره ونهاه ، فإذا انتهى وفارق المصروع أخذ عليه العهد أن لا يعود ، وإن لم يأتمر ولم ينته ولم يفارق ؛ ضربه حتى يفارقه ) ( الفروع – 1 / 607 ) 0
قال النووي : ( قال العلماء : معناه وإذا لم يذهب بالإنذار علمتم أنه ليس من عوامر البيوت ، ولا ممن أسلم من الجن ، بل هو شيطان - في رواية مسلم - فلا حرمة عليكم فاقتلوه ، ولن يجعل الله له سبيلا للانتصار عليكم بثأره ، بخلاف العوامر ومن أسلم والله أعلم ) ( صحيح مسلم بشرح النووي – 13 ، 14 ، 15 / 397 ) 0
قال القرطبي : ( قال علماؤنا - رحمة الله عليهم - : لا يفهم من هذا الحديث أن هذا الجان الذي قتله هذا الفتى كان مسلما وأن الجن قتلته به قصاصا ؛ لأنه لو سلم أن القصاص مشروع بيننا وبين الجن لكان إنما يكون في العمد المحض ؛ وهذا الفتى لم يقصد ولم يتعمد قتل نفس مسلمة ، إذ لم يكن عنده علم من ذلك ، وإنما قصد إلى قتل ما سوغ قتل نوعه شرعا ؛ فهذا قتل خطأ ولا قصاص فيه 0 فالأولى أن يقال : أن كفار الجن أو فسقتهم قتلوا الفتى بصاحبهم عدوا وانتقاما 000
وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن بالمدينة جنا قد أسلموا ) 0 ليبين طريقا
يحصل به التحرز من قتل المسلم منهم ويتسلط به على قتل الكافر منهم ) ( الجامع لأحكام القرآن – 1 / 316 ، 317 ) 0
خامسا : خطبة الحاجة : البدء بـ ( خطبة الحاجة ) المشار إليها في مقدمة هذا الكتاب 0
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : ( وتستحب هذه الخطبة في افتتاح مجالس التعليم والوعظ والمجادلة وليست خاصة بالنكاح ) ( مجموع الفتاوى – 18 / 287 ) 0
يتبع =============