البرنامج اليومي لشهر رمضان
د. صغير بن محمد الصغير
القنديل الحادي عشر
أهل الزكاة
إضاءة قنديل: "عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا تَزَالُ الْمَسْأَلَةُ بِأَحَدِكُمْ حَتَّى يَلْقَى اللهَ، وَلَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ»[1]".
في أهل الزكاة:
الحمد لله، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أحكم ما شرَع وأبدَع ما صنَع، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى جميع آله وأصحابه ما سجد مُصَلٍّ وركع، وسلم تسليمًا.
أيها المبارك؛ قال الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 60].
في هذه الآية الكريمة بَيَّن الله تعالى مصارف الزكاة وأهلها المستحِقِّين لها، بمقتضى علمه وحكمته وعدله ورحمته..
فالصنف الأول والثاني: الفقراء والمساكين، وهم الذين لا يجدون كفايتهم، وكفاية عائلتهم؛ قال العلماء: فيُعْطَوْن من الزكاة ما يَكفيهم وعائلتهم مدة سنة كاملة، حتى يأتي حول الزكاة مرة ثانية، ويُعطى الفقير لزواجٍ يحتاج إليه ما يكفي زواجَه، وطالب العلم الفقير لشراء كُتبٍ يحتاجها، ويُعطى مَن له راتبٌ لا يكفيه وعائلته من الزكاة ما يُكَمِّل كفايتهم؛ لأنه ذو حاجة..
الصنف الثالث من أهل الزكاة: العاملون عليها، وهم الذين يُنَصِّبهم ولاة الأمور لجباية الزكاة من أهلها وحِفظها وتصريفها، فيُعْطَوْن منها بقدر عملهم وإن كانوا أغنياءَ، وأما الوُكلاء لفرد من الناس في توزيع زكاته، فليسوا من العاملين عليها، فلا يستحقون منها شيئًا من أجل وكالتهم فيها، لكن إن تبرَّعوا في تفريقها على أهلها بأمانة واجتهادٍ كانوا شركاءَ في أجرها..
الصنف الرابع: المؤَلَّفة قلوبهم، وهم ضعفاء الإيمان، أو مَن يُخْشَى شرُّهم، فيُعطون من الزكاة ما يكون به تقوية إيمانهم أو دفْع شرِّهم إذا لم يَندفع إلا بإعطائهم.
الصنف الخامس: وفي الرقاب وهم الْأَرِقَّاء المكاتَبون الذين اشتروا أنفسهم من أسيادهم، فيُعطون من الزكاة ما يوفون به أسيادهم؛ ليحرِّروا بذلك أنفسهم، ويجوز أن يُشْتَرَى عبدٌ فيُعْتَق، وأن يُفَكَّ بها مسلمٌ من الأسْر؛ لأن هذا داخلٌ في عموم الرقاب.
الصنف السادس: الغارمون الذين يتحمَّلون غرامة وهم نوعان:
أحدهما: مَن تحمَّل حَمالة لإصلاح ذات البين وإطفاء الفتنة، فيُعطى من الزكاة بقدر حمالته تشجيعًا له على هذا العمل النبيل الذي به تأليف المسلمين، وإصلاح ذات بينهم، وإطفاء الفتنة، وإزالة الأحقاد والتنافر، عن قبيصة الهلالي قال: «تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «أَقِمْ يَا قَبِيصَةُ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ، فَنَأْمُرَ لَكَ بِهَا»، ثُمَّ قَالَ: "يَا قَبِيصَةُ، إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ: رَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ، فَسَأَلَ حَتَّى يُصِيبَهَا، ثُمَّ يُمْسِكُ..»[2]، وذكر تمام الحديث.
الثاني: من تحمَّل حمالة في ذمَّته لنفسه، وليس عنده وفاء، فيُعْطَى من الزكاة ما يُوَفِّي به دَينَه وإن كثُر، أو يوفي طالبه وإن لَم يُسلَّم للمطلوب؛ لأن تسليمه للطالب يحصُل به المقصود من تبرئة ذمة المطلوب.
الصنف السابع: في سبيل الله، وهو الجهاد في سبيل الله الذي يُقْصَد به أن تكون كلمة الله هي العليا لا لحمية ولا لعصبية..
الصنف الثامن: ابن السبيل وهو المسافر الذي انقطَع به السفر، ونَفِدَ ما في يده، فيُعْطَى من الزكاة ما يوصله إلى بلده، وإن كان غنيًّا فيها، ووجَد مَن يُقرضه..[3].
ربَّنا تقبَّل منا، وتُبْ علينا، وارْحَمنا ووالدينا والمسلمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
[1] أخرجه البخاري (1405)، ومسلم(1040).
[2] أخرجه مسلم (1640).
[3] ملخص من مجالس شهر رمضان للشيخ ابن عثيمين رحمه الله.