
19-03-2025, 10:41 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,313
الدولة :
|
|
رد: المجموع شرح المهذب للنووي(كتاب الصيام)يوميا فى رمضان

المجموع شرح المهذب
أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي
(المتوفى: 676هـ) فقه شافعى
كتاب الصيام
373الى 381
(19)
يصام عنه صوم النذر ويطعم عن صوم رمضان وقال ابن عباس وابن عمر وعائشة ومالك وأبو حنيفة والثوري يطعم عنه ولا يجوز الصيام عنه لكن حكى ابن المنذر عن ابن عباس والثوري أنه يطعم عن كل يوم مدان
*
{فرع} في مسائل تتعلق بكتاب الصيام
(إحداها) يستحب أن يدعو عند رؤية الهلال بما رواه طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان "إذا رأى الهلال قال اللهم أهله علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام ربي وربك الله" رواه الترمذي وقال حديث حسن وعن ابن عمر
قال "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال قال الله أكبر اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام والتوفيق لما تجب وترضى ربنا وربك الله" رواه الدارمي في مسنده وروى أبو داود في كتاب الأدب من سننه عن قتادة قال "بلغني أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى الهلال قال هلال خير ورشد هلال خير ورشد هلال خير ورشد آمنت بالذي خلقك ثلاث مرات ثم يقول الحمد لله الذي ذهب بشهر كذا وجاء بشهر كذا" هكذا رواه عن قتادة مرسلا وفي المسألة أذكار أخر ذكرتها في كتاب الأذكار (الثانية) يستحب للصائم أن يدعو في حال صومه بمهمات الآخرة والدنيا له ولمن يحب وللمسلمين لحديث أبي هريرة قال "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة لا ترد دعوتهم الصائم حتى يفطر والإمام العادل والمظلوم"
رواه الترمذي وابن ماجه قال الترمذي حديث حسن وهكذا الرواية حتى بالتاء المثناة فوق فيقتضي استحباب دعاء الصائم من أول اليوم إلى آخره لأنه يسمى صائما في كل ذلك (الثالثة) عن أبي بكرة رضي الله عنه قال "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" لا يقول أحدكم إني صمت رمضان كله وقمته فلا أدري أكره التزكية أو قال لا بد من نومة أو رقدة "رواه أبو داود والنسائي بأسانيد حسنة أو صحيحة وممن ذكره من أصحابنا صاحب البيان (الرابعة) قال المصنف في التنبيه وغيره من أصحابنا يكره صمت"
يوم إلى الليل للصائم ولغيره من غير حاجة لحديث علي رضي الله عنه قال "حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينم بعد احتلام ولا صمات يوم إلى الليل" رواه أبو داود بإسناد حسن وعن قيس بن أبي حازم قال "دخل أبو بكر الصديق رضي الله عنه على امرأة من أحمس يقال لها زينب فرآها لا تتكلم فقال مالها لا تتكلم فقالوا حجت مصمتة فقال لها تكلمي فإن هذا لا يحل هذا من عمل الجاهلية فتكلمت" رواه البخاري في صححيه (قوله) امرأة من أحمس هو بالحاء والسين المهملتين وهي
قبيلة معروفة والنسبة إليهم أحمسي قال الخطابي في معالم السنن في تفسير الحديث الأول كان أهل الجاهلية من نسكهم الصمات وكان أحدهم يعتكف اليوم والليلة فيصمت لا ينطق فنهوا يعني في الإسلام عن ذلك وأمروا بالذكر والحديث بالخير هذا كلام الخطابي وهذا الذي ذكرناه هو المعروف لأصحابنا ولغيرهم أن الصمت إلى الليل مكروه وقال صاحب التتمة في هذا الباب جرت عادة بعض الناس بترك الكلام في رمضان جملة وليس له أصل في الشرع لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يلازم أحد منهم الصمت في رمضان لكن له أصل في شرع من قبلنا وهو قصة زكريا عليه السلام

(إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم انسيا) أراد بالصوم الصمت فمن قال من أصحابنا شرع من قبلنا يلزمنا عند عدم النهي جعل ذلك قربة ومن قال شرع من قبلنا لا يلزمنا قال لا يستحب ذلك هذا كلام صاحب التتمة وهو كلام بناه علي أن شرعنا لم يرد فيه نهي وقد ورد النهي كما قدمناه فهو الصواب (الخامسة) قال الشافعي والاصحاب رحمهم الله تعالي الجود والأفضال يستحب في كل وقت وهو في رمضان آكد ويسن زيادة الاجتهاد في العبادة في العشر الأواخر من رمضان ودليل المسألتين الأحاديث الصحيحة (منها) حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان جبريل عليه السلام يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فلرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة" رواه البخاري وسلم قال العلماء (قوله) كالريح المرسلة أي في الإسراع والعموم وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "كان إذا دخل العشر الاواخر أحيى الليل وأيقظ أهله وشد المئزر" رواه البخاري ومسلم وفي رواية لمسلم "كان يجتهد في العشر الاواخر مالا يجتهد"
في غيره "وعن علي رضي الله عنه قال" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوقظ أهله في العشر الأواخر ويرفع المئزر "رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح وعن أنس قال" قيل يارسول الله أي الصدقة أفضل قال صدقة رمضان "رواه البيهقي"
* قال أصحابنا والجود والأفضال مستحب في شهر رمضان وفي العشر الأواخر أفضل اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالسلف ولأنه
شهر شريف فالحسنة فيه أفضل من غيره ولأن الناس يشتغلون فيه بصيامهم وزيادة طاعاتهم عن المكاسب فيحتاجون إلى المواساة وإعانتهم
* {فرع} قال الماوردي ويستحب للرجل أن يوسع على عياله في شهر رمضان وأن يحسن إلى أرحامه وجيرانه لاسيما في العشر الأواخر منه (السادسة) قال أصحابنا السنة كثرة تلاوة القرآن في رمضان ومدارسته وهو أن يقرأ على غيره ويقرأ غيره عليه للحديث السابق قريبا عن ابن عباس ويسن الاعتكاف فيه وآكده العشر الأواخر منه لحديث ابن عمر وعائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان" رواهما البخاري ومسلم وفي الصحيح عن جماعة من الصحابة وغيرهم معناه وثبت في الصحيح "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأولى والعشر الوسط من رمضان" من رواية أبي سعيد الخدري (السابعة) يستحب صون نفسه في رمضان عن الشهوات فهو سر الصوم ومقصوده الأعظم وسبق أنه يحترز عن الغيبة والكلام القبيح والمشاتمة والمسافهة وكل مالا خير فيه من الكلام (الثامنة) يستحب تقديم غسل الجنابة من جماع أو احتلام على طلوع الفجر والأحاديث الصحيحة في تأخيره محمولة على بيان الجواز والا فالكثير من من رسول الله صلى الله عليه وسلم تقديمه على الفجر (التاسعة) قال الشافعي والأصحاب يكره للصائم السواك بعد الزوال هذا هو المشهور ولا فرق بين صوم النفل والفرض وقال القاضي حسين لا يكره في النفل ليكون أبعد من الرياء وهذا غريب ضعيف وللشافعي قول غريب أن السواك لا يكره في كل صوم لا قبل الزوال ولا بعده وقد سبقت المسألة في باب السواك مبسوطة قال أصحابنا وإذا استاك فلا فرق بين السواك الرطب واليابس بشرط أن يحترز عن ابتلاع شئ منه أو من رطوبته فإن ابتلعه أفطر والاستياك قبل الزوال بالرطب واليابس جائز بلا كراهة وبه قال ابن عمر وعروة ومجاهد وأيوب وأبو حنيفة وسفيان الثوري والأوزاعي وأبو ثور وداود كرهه بالرطب جماعة حكاه ابن المنذر
عن عمرو بن شرحبيل والشعبي والحكم وقتادة ومالك واحمد واسحق وعن أحمد رواية أخرى أنه لا يكره وقال ابن المنذر وممن قال بالسواك للصائم قبل الزوال وبعده عمر بن الخطاب وابن عباس
وعائشة وعروة بن الزبير وابن سيرين والنخعي وأبو حنيفة ومالك وكرهه بعد الزوال عطاء ومجاهد واحمد واسحق وأبو ثور (العاشرة) قد سبق أن الحيض والنفاس والجنون والردة كل واحد منها يبطل الصوم سواء طال أم كان لحظة من النهار وصوم الصبي المميز صحيح والذي لا يميز لا يصح وكذا لا يصح صوم السكران قال أصحابنا شرط الصوم الإسلام والتمييز إلا المغمى عليه والنائم كما سبق فيهما والنقاء عن الحيض والنفاس والوقت القابل للصوم احترازا عن العيد والتشريق (الحادية عشرة) عن أم عمارة الأنصارية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم "دخل عليها فقدمت له طعاما فقال كلي فقالت إني صائمة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الصائم تصلي عليه الملائكة إذا أكل عنده حتى يفرغوا" رواه الإمام أحمد والترمذي وقال حديث حسن

* [باب صوم التطوع] (والايام التي نهى عن الصوم فيها) * قال المصنف رحمه الله
* {يستحب لمن صام رمضان أن يتبعه بست من شوال لما روى أبو أيوب رضي الله عنه قال "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام رمضان واتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر" }
* {الشرح} حديث أبي أيوب رواه مسلم ولفظه "من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر" ورواه أبو داود بإسناد صحيح بلفظه في المهذب واسم أبي أيوب خالد بن زيد الأنصاري النجاري بالنون والجيم شهد بدرا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله صلى الله عليه وسلم "بست من شوال أو ستا من شوال" من غير هاء التأنيث في آخره هذه لغة العرب الفصيحة المعروفة يقولون صمنا خمسا وصمنا ستا وصمنا عشرا وثلاثا وشبه ذلك بحذف الهاء وإن كان المراد مذكرا وهو الأيام فما لم يصرحوا بذكر الأيام يحذفون الهاء فإن ذكروا المذكر أثبتوا الهاء فقالوا صمنا ستة أيام وعشرة أيام وشبه ذلك وهذا مما لا خلاف بينهم في جوازه وممن نقله عن العرب من أهل اللغة المشهورين وفضلائهم المتقنين ومعتمديهم المحققين الفراء ثم ابن السكيت
وغيرهما من المتقدمين والمتأخرين قال أبو إسحق الزجاج وفى تفسير قول الله تعالى (أربعة أشهر وعشرا) إجماع أهل اللغة سرنا خمسا بين يوم وليلة وأنشد الجعدى
* فطفت ثلاثا بين يوم وليلة
* ومما جاء مثله في القرآن العظيم قوله تعالى (والمطلقات يتربصن بانفسهن اربعة اشهر وعشرا) مذهبنا ومذهب الجمهور أن المراد عشرة أيام بلياليها ولا تنقضي العدة حتى تغرب الشمس من اليوم العاشر وتدخل الليلة الحادية عشر ومئله قوله سبحانه وتعالى (يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشرا) أي عشرة أيام بدليل قوله تعالى (إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما) قال أهل اللغة في تعليل هذا الباب وإنما كان كذلك لتغليب الليالي على الأيام وذلك لأن أول الشهر الليل فلما كانت الليالي هي الأوائل غلبت لأن الأوائل أقوى ومن هذا قول العرب خرجنا ليالي الفتنة وخفنا ليالي إمارة الحجاج والمراد الأيام بلياليها والله أعلم
* (أما) حكم المسألة فقال أصحابنا يستحب صوم ستة أيام من شوال لهذا الحديث قالوا ويستحب ان يصومها متتايعة في أول شوال فإن فرقها أو أخرها عن أول شوال جاز وكان فاعلا لأصل هذه السنة لعموم الحديث وإطلاقه وهذا لا خلاف فيه عندنا وبه قال أحمد وداود
* وقال مالك وأبو حنيفة يكره صومها قال مالك في الموطإ وصوم ستة أيام من شوال لم أر أحدا من أهل العلم والفقه يصومها ولم يبلغه ذلك عن أحد من السلف وأن أهل العلم كانوا يكرهون ذلك ويخافون بدعته وأن يلحق برمضان أهل الجفاء والجهالة ما ليس منه لو رأوا في ذلك رخصة عند أهل العلم ورأوهم يعملون ذلك هذا كلام مالك في الموطإ

* ودليلنا الحديث الصحيح السابق ولا معارض له (وأما) قول مالك لم أر أحدا يصومها فليس بحجة في الكراهة لأن السنة ثبتت في ذلك بلا معارض فكونه لم ير لا يضر وقولهم لأنه قد يخفى ذلك فيعتقد وجوبه ضعيف لأنه لا يخفى ذلك على أحد ويلزم على قوله إنه يكره صوم عرفة وعاشوراء وسائر الصوم المندوب إليه وهذا لا يقوله أحد * قال المصنف رحمه الله
* {ويستحب لغير الحاج ان يصوم يوم عرفة لما روى أبو قتادة قال "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صوم عاشوراء كفارة سنة وصوم يوم عرفة كفارة سنتين سنة قبلها ماضية وسنة بعدها مستقبلة" ولا يستحب ذلك للحاج لما روت ام الفضل بنت الحارث "ان اناسا اختلفوا عندها في يوم عرفة في رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم هو صائم وقال بعضهم ليس بصائم فارسلت إليه بقدح من لبن وهو واقف علي بعيره بعرفة فشرب" ولان الدعاء في هذا اليوم يعظم ثوابه والصوم يضعفه فكان الفطر افضل}
*
{الشرح} حديث أبي قتادة رواه مسلم بمعناه قال "عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال يكفر السنة الماضية والسنة الباقية" وحديث أم الفضل رواه البخاري ومسلم من رواية أم الفضل ورويا أيضا مثله من رواية أختها ميمونة أم المؤمنين واسم أم
الفضل لبابة الكبرى وهي أم ابن عباس وإخوته وكانوا ستة نجباء ولها أخت يقال لها لبابة الصغرى وهي أم خالد بن الواليد وكن عشر أخوات وميمونة بنت الحرث أم المؤمنين إحداهن وذكر ابن سعد وغيره أن أم الفضل أول امرأة أسلمت بعد خديجة رضي الله عنهما (أما) حكم المسألة فقال الشافعي والأصحاب يستحب صوم يوم عرفة لغير من هو بعرفة (وأما) الحاج الحاضر في عرفة فقال الشافعي في المختصر والأصحاب يستحب له فطره لحديث أم الفضل وقال جماعة من أصحابنا يكره له صومه وممن صرح بكراهته الدارمي والبندنيجي والمحاملي في المجموع والمصنف في التنبيه وآخرون ونقل الرافعي كراهته عن كثيرين من الأصحاب ولم يذكر الجمهور الكراهة بل قالوا يستحب فطره كما قاله الشافعي (وأما) قول المصنف وامام الحرمين لا يستحب ذلك للحاج فعبارة ناقصة لأنها لا تفيد استحباب فطره كما قاله الشافعي والأصحاب
* واحتج لمن قال بالكراهة بحديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة" رواه أبو داود والنسائي بإسناد فيه مجهول وعن أبي نجيح قال "سئل ابن عمر عن صوم يوم عرفة قال حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يصمه ومع أبي بكر فلم يصمه ومع عمر فلم يصمه ومع عثمان فلم يصمه فأنا لا أصومه ولا آمر به ولا أنهى عنه" وراه الترمذي وقال حديث حسن وهذان الحديثان لا دلالة فيهما لمن قال بالكراهة لأن الأول ضعيف والثاني ليس فيه نهي وإنما هو خلاف الأفضل كما قاله الشافعي والجمهور
* {فرع} ذكرنا أن المستحب للحاج بعرفة الفطر يوم عرفة هكذا أطلقه الشافعي والجمهور وقال المتولي إن كان الشخص ممن لا يضعف بالصوم عن الدعاء وأعمال الحج فالصوم أولى له وإلا فالفطر وقال الروياني في الحلية إن كان قويا وفي الشتاء ولا يضعف بالصوم عن الدعاء فالصوم أفضل له قال وبه قالت عائشة وعطاء وأبو حنيفة وجماعة من أصحابنا هذا كلام الروياني وقال البيهقي في معرفة السنن

والآثار قال الشافعي في القديم لو علم الرجل أن الصوم بعرفة لا يضعفه فصامه كان حسنا واختار الخطابي هذا والمذهب استحباب الفطر مطلقا وبه قال جمهور أصحابنا وصرجوا بأنه لا فرق
* {فرع} في مذاهب العلماء في صوم عرفة بعرفة
* ذكرنا أن مذهبنا استحباب فطره ورواه ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ونقله الترمذي والماوردي وغيرهما عن أكثر العلماء ونقله العبدري عن عامة الفقهاء غير ابن الزبير وعائشة ونقله ابن المنذر عن مالك والثوري وحكى ابن المنذر عن ابن الزبير وعثمان بن أبي العاص الصحابي وعائشة واسحق بن راهويه استحباب الصوم واستحبه عطاء في الشتاء والفطر في الصيف وقال قتادة لا باس
بالصوم إذا لم يضعف عن الدعاء وحكى صاحب البيان عن يحيى بن سعيد الأنصاري أنه قال يجب الفطر بعرفة ودليلنا ما سبق
* {فرع} قد ذكرنا أن المستحب للحاج فطر عرفة ليقوى على الدعاء هكذا علله الشافعي والاصحاب قال الشافعي في المختصر ولأن الحاج ضاح مسافر والمراد بالضاحي البارز للشمس لأنه يناله من ذلك مشقة ينبغي أن لا يصوم معها وقد سبق في باب صلاة الاستسقاء أنه يستحب صوم يوم الاستسقاء وإن كان يوم دعاء وسبق هناك الفرق بينهما ومختصره أن الوقوف يكون آخر النهار ووقت تأثير الصوم مع أنه مسافر والاستسقاء يكون في أول النهار قبل ظهور أثر الصيام مع أنه مقيم
* {فرع} قال الشافعي والأصحاب أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة كما جاء في الحديث هكذا ذكروه هنا وسنوضحه في الوقوف بعرفات

* {فرع} قال البغوي وغيره يوم عرفة أفضل أيام السنة وقال السرخسي في هذا الباب اختلف في يوم عرفة ويوم الجمعة أيهما أفضل فقل بعضهم يوم عرفة لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل صيامه كفارة سنتين ولم يرد مثله في يوم الجمعة وقال بعضهم يوم الجمعة أفضل لقوله صلى الله عليه وسلم "خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة" هذا كلام السرخسي والمشهور تفضيل يوم عرفة وسنعيد المسألة في فصل
الوقوف بعرفات وفي كتاب الطلاق في تعليق الطلاق في تعليق على أفضل الأيام ومما يدل لترجيح يوم عرفة أنه كفارة سنتين كما سبق ولأن الدعاء فيه أفضل أيام السنة ولأنه جاء في صحيح مسلم إن النبي صلى الله عليه وسلم قال "مامن يوم يعتق الله فيه من النار أكثر من يوم عرفة"
* {فرع} قوله صلى الله عليه وسلم في يوم عرفة "يكفر السنة الماضية والمستقبلة" قال الماوردي في الحاوي فيه تأويلان
(أحدهما)
أن الله تعالى يغفر له ذنوب سنتين
(والثاني)
أن الله تعالى يعصمه في هاتين السنتين فلا يعص فيهما وقال السرخسي أما السنة الأولى فتكفر ما جرى فيها قال واختلف العلماء في معنى تكفير السنة الباقية المستقبلة وقال بعضهم معناه إذا ارتكب فيها معصية جعل الله تعالى صوم يوم عرفة الماضي كفارة لها كما جعله مكفرا لما في السنة الماضية وقال بعضهم معناه أن الله تعالى يعصمه في السنة المستقبلة عن ارتكاب ما يحتاج فيه إلى كفارة وقال صاحب العدة في تكفير السنة الأخرى يحتمل معنيين
(أحدهما)
المراد السنة التي قبل هذه فيكون معناه أنه يكفر سنتين ماضيتين (والثاني) أنه أراد سنة ماضية وسنة مستقبلة قال وهذا لا يوجد مثله في شئ من العبادات أنه يكفر الزمان المستقبل وإنما ذلك خاص لرسول الله صلى الله عليه وسلم غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر بنص القرآن العزيز وذكر إمام الحرمين هذين

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|