البرنامج اليومي لشهر رمضان
د. صغير بن محمد الصغير
القنديل السابع عشر
إضاءة قنديل: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ»[1]
في بعض الأحكام الفقهية للصائمين (4) (ما يَخص النساء)
الحمد لله وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، المتفرِّد بالخلق والتدبير،وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أفضل الأنبياء الأطهار، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه، خصوصًا المهاجرين والأنصار، وسلَّم تسليمًا.
إخواني، ثمة أحكامٌ تَخص بعض النساء في رمضان:
فالحائض يَحرُم عليها الصيام ولا يصح منها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في النساء: مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ»، قُلْنَ: وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «أَلَيْسَ شَهَادَةُ المَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ»، قُلْنَ: بَلَى، قَالَ: «فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا، أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ»، قُلْنَ: بَلَى، قَالَ: «فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا»[2].
وإذا طهُرت من الحيض في أثناء نهار رمضان لم يَصح صومها بقية اليوم لوجود ما ينافي الصيام في حقها في أول النهار، ويلزَمها الإمساك بقية اليوم على مذهب الإمام أحمد، وجمعٍ مِن أهل العلم.
والنُّفساء كالحائض، ويجب عليهما القضاء بعدد الأيام التي فاتتهما؛ لقوله تعالى: ﴿ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 185]، وسُئلت عائشة رضي الله عنها: مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ، وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ، فَقَالَتْ: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟ قُلْتُ: لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ، وَلَكِنِّي أَسْأَلُ، قَالَتْ: «كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ، فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ»[3].
والمرأة إذا كانت مُرضعًا أو حاملًا، وخافت على نفسها أو على الولد من الصوم، فإنها تفطر لحديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلَاةِ، وَعَنِ الْمُسَافِرِ وَالْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ الصَّوْمَ، أَوِ الصِّيَامَ»[4]، ويلزمها القضاء بعدد الأيام التي أفطرت حين يتيسَّر لها ذلك، ويزول عنها الخوف كالمريض إذا برَأَ.
والْأَوْلَى المبادرة بالقضاء من حين زوال العذر؛ لأنه أسبق إلى الخير وأسرع في إبراء الذمة.
ولا يجوز تأخير القضاء إلى رمضان الثاني بدون عذرٍ؛ لقول عائشة رضي الله عنها: «كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلَّا فِي شَعْبَانَ»[5]،[6].
اللهم اغفِر لنا ذنوبًا حالت بيننا وبين ذِكرك، واعفُ عن تقصيرنا في طاعتك وشُكرك، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
[1] أخرجه البخاري (1925)، ومسلم (1147)، من حديث عائشة.
[2] أخرجه البخاري (298)، ومسلم (80).
[3] أخرجه مسلم (335).
[4] صحيح؛ أخرجه أبو داود (2408)، والترمذي (715)، والنسائي (2275)، وابن ماجه (1667)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (2083).
[5] أخرجه البخاري (1950)، ومسلم (1146).
[6] مختصر من مجالس شهر رمضان لابن عثيمين رحمه الله.