أحداث رمضان (3)
فتح مكة ودروس الفتح
د. حسام العيسوي سنيد
فتح مكة[1] من المناسبات الطيبة التي حدثت في شهر رمضان، فقد أنعَم الله على النبي (صلى الله عليه وسلم) وأُمَّته بهذا الفتح، بعد جهاد طويل، وتكلفة باهظة، دفعها جنودُ الحق، وأصحاب الدين، من أنفسهم وأموالهم وأوطانِهم.
دخل النبي (صلى الله عليه وسلم) مكة فاتحًا بعدما لاقاه من أهلها مِن عَنتٍ ومَشقة، وتعذيبٍ، وطردٍ، وصنوف المعاناة المادية والمعنوية، فماذا فعل النبي (صلى الله عليه وسلم) بعد دخوله إليها فاتحًا؟ إن النبي (صلى الله عليه وسلم) يعلِّمنا بعضًا من دروس الفتح المبين، وأهمها:
1- التواضع: فما من خيرٍ وفتحٍ فهو لله، ليس بمجهودك، ولا بأسبابك المادية، هذا النصر يستحق الشكر، ويدفَع صاحبَه إلى التواضع لله، وعدم التكبر، فقد دخل النبي (صلى الله عليه وسلم) مكةَ وعليه عمامةٌ سوداءُ بغير إحرامٍ، وهو واضعٌ رأسَه تواضعًا لله، حين رأى ما أكرَمه الله من الفتح، حتى إن ذقنَه ليَكاد يَمَسُّ واسطةَ الرَّحْل[2].
2- العفو عند المقدرة: رغم الأذى الذي ألْحَقوه بالنبي (صلى الله عليه وسلم)، ورغم قدرة الجيش على إبادتهم، يأتي العفو: ﴿ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ﴾ [يوسف: 92]، وهذا تعليمٌ سامٍ لأصحاب القلوب السليمة، فالعفو مِن شِيَم المؤمنين، وهو أهمُّ خصائص المتقين.
[1] كان فتح مكة في العشرين من رمضان، سنة 8هـ.
[2] انظر: السيرة النبوية، (2/ 923).