الموضوع: تحت العشرين
عرض مشاركة واحدة
  #106  
قديم 23-04-2025, 03:58 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,604
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تحت العشرين

تحت العشرين -1259


الفرقان



الشباب وخُلُق التواضع
التواضع من الأخلاق المهمة التي يجب على الشباب أن يتخلقوا بها، وهو يعني خفض الجناح للآخرين والتعامل معهم دون تعالٍ أو تكبر، وينبع التواضع من إدراك الإنسان لحقيقة وجوده في هذه الحياة، وأنه عبدّ لله كغيره من العباد، وأن كل ما يملكه من مال أو جاه أو علم هو من عند الله.
ومن ثم لا يحق له أن يتكبر أو يستعلي على الناس، قال -تعالى-: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} (لقمان: 18)، وقال -سبحانه-: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا}( الإسراء: 37)، وهذه الآيات تأمر الإنسان بشكل واضح وصريح بالتواضع وعدم التفاخر بما لديه، وتذكر حقيقته كعبد لله لا يملك من أمره شيء. قال -سبحانه-: {قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا (21) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (22) إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} (الجن: 21 - 23)، ويعكس التواضع في القرآن مدى احترام الإنسان لحقوق الآخرين وتقديرهم، بصرف النظر عن مكانتهم أو قدراتهم؛ فالتواضع يعزز من سمو الأخلاق ويؤكد مكانة الإنسان بوصفه خليفة في الأرض، فهو الخليفة الذي يعمل على تحقيق العدل والمساواة بين البشر، وهذه المهمة لا تتحقق دون التخلي عن الكبر والغرور والتحلي بخلق التواضع لله ولعباده المؤمنين.
خطورة الاندفاع والثقة المفرطة
يعاني الشباب في أغلب الأحيان من ميل إلى الاندفاع والثقة المفرطة، ولا سيما عندما يحققون إنجازا ما؛ لذلك تأتي قيمة التواضع قيمة جوهرية تساهم في الحفاظ على العلاقات المهنية وتطويرها، ووفقا لإحدى الدراسات فإن الشباب الذين يظهرون التواضع وقبول النقد البنّاء، ويكونون أكثر استعدادا للتعلم من الآخرين، يجعلهم ذلك أكثر قدرة على تحسين أدائهم والتقدم في حياتهم الشخصية والمهنية، ويشير الباحثون إلى أن التأني يتيح للشباب فرصة للتفكير العميق في الخطوات التي يتخذونها، مما يقلل من احتمالات الفشل ويزيد من فرص النجاح.
التواضع من القيم الأخلاقية العليا
التواضع من القيم الأخلاقية العليا التي حضّ عليها القرآن الكريم، ويُمثل قاعدة مهمة للرفعة الحقيقية؛ حيث يجمع بين تقوى النفس وعظمة الأخلاق، وهو ما يؤدي إلى تحقيق السمو والرفعة في الدنيا والآخرة، ويعد أحد السلوكيات المحمودة التي يدعو إليها الإسلام.
التعلم من إخفاقات الآخرين
وكما ينبغي لنا أن نتعلّم من نجاحات الآخرين، فعلينا أيضًا أن نتعلّم من إخفاقاتهم، فنحن بإمكاننا أن نتعلّم من أخطاء الآخرين، بدلًا من أن نتورّط في إخفاق ما، تكون نتائجه كارثية، فإذا لم نتعلّم من أخطاء غيرنا، فلابدّ وأن نخطئ ونتعلّم من أخطائنا، ووقتها ندفع ثمن التعلّم غاليًا، فالعديد من النجاحات العظيمة التي حدثت عبر التاريخ، كانت نتيجة للدراسات العميقة للإخفاقات التي وقع بها الآخرون، في المواقف الشبيهة والتعلّم منها، وتخطيها بأقل وقت وجهد ممكن.
التواضع .. صفة عباد الرحمن
التواضع صفة لصيقة بعباد الرحمن، كما وصفهم القرآن الكريم في قوله -تعالى-: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} (الفرقان: 63)، ولأهمية هذا الخلق في بناء شخصية المسلم وتهذيب أخلاقه فقد أمر -سبحانه وتعالى- المؤمنين بالتحلي بصفة التواضع، وعدم التكبر والتعالي، وخصوصًا أمام إخوانهم في الدين والعقيدة، قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} (المائدة: 54)، بل إن الله -تعالى- وجه هذا الأمر إلى سيد الخلق وخاتم الأنبياء - صلى الله عليه وسلم -، وهو من شهد الله -تعالى- له بحسن الخلق في قوله -سبحانه-: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم: 4)، ورغم ذلك فقد شدد الله -تعالى- على التحلي بخلق التواضع في خطابه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في موضعين من القرآن الكريم، وذلك في رسالة لعموم المسلمين بأهمية هذا الخلق وضرورة الالتزام به، قال -سبحانه-: {لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} (الحجر: 88)، وقال -عزوجل-: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (الشعراء: 215).
التواضع وخفض الجناح للمؤمنين
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: التواضع ضد التعالي يعني ألا يترفع الإنسان على غيره، بعلم ولا نسب ولا مال ولا جاه ولا إمارة ولا وزارة ولا غير ذلك، بل الواجب على المرء أن يخفض جناحه للمؤمنين، ويتواضع لهم، كما كان أشرف الخلق وأعلاهم منزلة عند الله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتواضع للمؤمنين، حتى إن الصبية لتمسك بيده لتأخذه إلى أي مكان تريد فيقضي حاجتها.
الإيمان باليوم الآخر من أصول الإيمان الثابتة
قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: إنَّ من أصول الدين الراسخة وأسس الإيمان الثابتة، الإيمان بكل ما أخبر الله -عزوجل- به، وما أخبر به رسوله - صلى الله عليه وسلم - مما يكون بعد الموت، بل إن الإيمان بذلك يُعدُّ ركناً من أركان الإيمان العظيمة التي لا إيمان إلا بالإيمان بها، قال الله -تعالى-: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} (البقرة:177)، وقال -تعالى- {وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} (البقرة:4)، وقال -تعالى- {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (15) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ} (المؤمنون:15-16).
أهمية التعلم من خلال خبرات الآخرين
هناك اعتقاد عام لدى كثير من الشباب بأن التجربة هي أفضل معلم، على الرغم من أن هذا قد يبدو صحيحًا، إلا أن التعلم من خلال خبرات الآخرين قد يوفر كثيرا من الإخفاقات، ويقلل المشكلات والتبعات، ويختصر الخطوات والمشقات، وحتى تتعلم من الآخرين، لابد أن تتوفر فيك عدد من الصفات، أهمها، وجود شغف وحب مستمرين نحو التعلم، الشغف في التعلم وحب العلوم، والشغف صفة لازمت علماء الأجيال الماضية، وحين تطالع تاريخ العرب والمسلمين أو تقرأ سيرة أي عالم منهم، تجد أنه لم يقصر شغفه بالعلم والتعلم على جانب واحد فقط، بل تعداه الى طرق المزيد من الأبواب والاكتشافات في شتى صنوف العلم.
التواضع مفتاح بناء علاقات إنسانية
يعد التواضع مفتاحًا لبناء علاقات إنسانية متينة ومتوازنة، كما أنه يقوي أواصر المحبة ويذيب أسباب الكراهية بين الناس، فمن يتصف بالتواضع ينجح في كسب قلوب من حوله؛ لأنهم يرون فيه شخصًا ينظر إليهم بعين الاحترام والتقدير، دون أن يُشعرهم بأنهم أقل قيمة، فيسمعون منه وينتصحون بقوله، وذلك نهج الأنبياء في دعوتهم للناس إلى الحق والتوحيد.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.10 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.48 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.98%)]