خواطر الكلمة الطيبة – سمات الداعية الصادق
- الداعية صورة «متجسدة» لأعمال الإسلام وشرائعه في نفسه ونموذج صادق، وتطبيق واقعي، للأفكار والمبادئ السامية
لو سألك سائل كم عدد الناس الذين دعوتهم إلى الإسلام؟ كثير منا يجيب عن هذا السؤال ويقول: ما دعوت أحدا؛ لأنه ينصرف ذهنه لقضية واحدة وهي الخطابة والدروس، وكم عدد الأشخاص الذين أثرت فيهم فتحولوا من الكفر إلى الإسلام، أو تحولوا من المعصية إلى الطاعة، أو من الفسوق إلى الاستقامة والالتزام؟
وإذا كان هذا هو الظن فكثير من الأنبياء والمرسلين لن نجعلهم في صف الدعاة إلى الله -تعالى-؛ لأن هذا مفهوم خطأ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ، فَرَأَيْتُ النبيَّ ومعهُ الرُّهَيْطُ، والنبيَّ ومعهُ الرَّجُلُ والرَّجُلانِ، والنبيَّ ليسَ معهُ أحَدٌ»، والمدة الزمنية التي عاشها هذا النبي في أمته متفاوتة، قد تكون مئة سنة أو مئتين أو ثلاثمئة ولم يسلم معه إلا واحد، فهل هذا النبي الذي ليسه معه أحد لم يكن يحسن الدعوة إلى الله أو قصر في تلك الدعوة؟ والجواب حاشاه ذلك. المعنى الحقيقي للدعوة
إذا فالدعوة إلى الله -عز وجل- ليست بالمفهوم الضيق الذي يفهمه كثير من الناس، لكن المعنى الحقيقي للدعوة هو أن يكون الداعي إلى الله صورة متجسدة لأعمال الإسلام وشرائعه في نفسه؛ حيث يكون الداعية صورة حية، ونموذجا صادقا، وتطبيقا واقعيا، للأفكار والمبادئ السامية، فإنه مهما عمل الداعية على توضيح منهج الإسلام المتكامل، أو رسم صورة مثالية للمسلم، فإن ذلك لن يحقق النتائج ذاتها ، ولن يغني عن وجود واقع حقيقي يمثله إنسان صادق، يحقق بعمله وسلوكه هذه الصورة. وعلى هذا يكون الإنسان داعية إلى الله بمجرد استقامته والتزامه بشرع الله -عزوجل-، فلو رأوه ملتحيا أو مقصرا إزاره فذلك تطبيق لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكم من الناس أثروا في غيرهم دون الدخول معهم في نقاش. والسؤال: هل لك أجر في ذلك؟ والجواب: نعم؛ لأن التزامك وتدينك الصادق يعد انعكاسًا لهذا الدين، فلابد أن تضع نصب عينيك أنك تمثل دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك إذا قصرت إزارك فوق الكعب بهذا تكون داعية إلى الله -عزوجل- بهذا السلوك وموجه من خلاله للآخرين، فالقدوة المؤثرة أن يكون الداعية صورة صحيحة وصادقة لكل ما يدعو إليه، ويريد غرسه في المدعو، وأن يكون فعله وسلوكه صادقاً قبل كلامه، ولا ريب أن الدعوة بالفعل والعمل، أقوى وأوقع في النفس، وأعون على الحفظ والفهم، وأدعى إلى الاقتداء والتأسي، من الدعوة بالقول والبيان، فالدعوة بأسلوب القدوة هو الأسلوب الملائم للفطرة، وقد كان ذلك من أعظم أساليب النبي - صلى الله عليه وسلم -.
اعداد: د. خالد سلطان السلطان