عرض مشاركة واحدة
  #531  
قديم 04-05-2025, 01:44 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,266
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح حديث إجازته صلى الله عليه وسلم تبييت المشركين مع ذراريهم ونسائهم

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح حدثنا سفيان عن الزهري عن عبيد الله -يعني ابن عبد الله - عن ابن عباس عن الصعب بن جثامة رضي الله عنهم أجمعين أنه سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الدار من المشركين يبيتون فيصاب من ذراريهم ونسائهم، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (هم منهم) وكان عمرو -يعني ابن دينار - يقول: (هم من آبائهم). قال الزهري : ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد ذلك عن قتل النساء والولدان ]. أورد أبو داود حديث الصعب بن جثامة الليثي رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الدار -والدار المقصود بها القبيلة والجماعة من الكفار- يبيتون فيصاب النساء والصبيان، فقال عليه الصلاة والسلام: [ (هم منهم) ]. والمقصود من ذلك أنهم إذا كانوا غير مقصودين بالقتل ولكن كانوا مجتمعين وفيهم نساء وصبيان فأرسلت السهام فإنها تصيب من تصيب، وليس الصبيان والنساء مقصودين، وإنما يقصد المقاتلة. فقوله: [ (هم منهم) ] يعني أنهم تبع للرجال، وما مر من الأحاديث في النهي عن قتل النساء والصبيان المقصود به كونهم يقصدون بالقتل، كون المرأة يراد قتلها والصبي يراد قتله، فهذا هو الذي لا يجوز. وأما إذا كانوا مختلطين، أو كان الكفار متترسين بالنساء والصبيان أو بينهم نساء وصبيان وهم يرسلون السهام على الناس والمسلمون يرسلون السهام عليهم فتصيب نساءً أو صبياناً فهذا ليس فيه بأس، ولا مانع من ذلك. وذكر أن عمرو بن دينار كان يقول: [ (هم من آبائهم) ]. ومعناه أن الصبيان حكمهم حكم الآباء فهم تابعون لهم، وإذا حصل قتلهم فليسوا مقصودين. قوله: [ قال الزهري : ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد ذلك عن قتل النساء والولدان ]. معناه أنه نهى الرسول صلى الله عليه وسلم بعد ذلك عن قتل النساء والصبيان على سبيل الاستقلال، وأما أن ترسل السهام فتصيب من تصيب من الرجال أو النساء والصبيان فهذا لا بأس به.

تراجم رجال إسناد حديث إجازته صلى الله عليه وسلم تبييت المشركين مع ذراريهم ونسائهم

قوله: [ حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح ]. أحمد بن عمرو بن السرح المصري ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا سفيان ]. سفيان هو ابن عيينة المكي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري ]. الزهري هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبيد الله -يعني ابن عبد الله - ]. هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ عن الصعب بن جثامة ]. الصعب بن جثامة رضي الله تعالى عنه صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة. قوله: [ وكان عمرو - يعني ابن دينار - يقول ]. عمرو بن دينار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
حكم حرق ذي الروح بالنار


شرح حديث أمره صلى الله عليه وسلم سرية بإحراق رجل ثم نهيه عن ذلك

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في كراهية حرق العدو بالنار. حدثنا سعيد بن منصور حدثنا مغيرة بن عبد الرحمن الحزامي عن أبي الزناد حدثني محمد بن حمزة الأسلمي عن أبيه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمره على سرية، قال: فخرجت فيها وقال: (إن وجدتم فلاناً فأحرقوه بالنار. فوليت فناداني، فرجعت إليه فقال: إن وجدتم فلاناً فاقتلوه ولا تحرقوه؛ فإنه لا يعذب بالنار إلا رب النار) ]. أورد الإمام أبو داود باباً في كراهية حرق العدو بالنار. أي أنه لا يعذب أو يقتل أحد بإحراقه بالنار بأن تؤجج نار فيقذف فيها، أي أن ذلك لا يجوز، وإنما يقتل بالسيف أو بأي وسيلة من الوسائل التي يكون بها إزهاق روحه بدون هذه الطريقة التي هي التحريق بالنار. وقد أورد أبو داود رحمة الله تعالى عليه حديث حمزة الأسلمي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسله في سرية وأمره عليها وأنه قال: [ (إن وجدتم فلاناً فأحرقوه بالنار)] فلما ولى ناداه وقال له: [ (إن وجدتم فلاناً فاقتلوه ولا تحرقوه بالنار؛ فإنه لا يعذب بالنار إلا رب النار) ] فدل هذا على أن التحريق بالنار لا يجوز، اللهم إلا إذا كان على سبيل القصاص، بأن يكون حرق غيره فيحرق هو. وقد سبق أن مر في المثلة أنه لا يمثل الإنسان، ولكنه إذا قتل بالتمثيل فإنه يجازى بمثل ما فعل ويعامل بمثل ما عامل غيره به. إذاً: التحريق بالنار لا يجوز، وإنما يجوز في حق من قتل بالتحريق فإنه يقتل بالتحريق جزاءً وفاقاً. وقوله: [ باب في كراهية حرق العدو ] الكراهة يراد بها هنا التحريم، وقد يحصل أنه في الحرب تقذف القنابل والصواريخ التي تشتعل ناراً، وهنا يقال: إذا لم يجد المجاهدون وسيلة إلا قذف مثل ذلك فإن اشتعالها ناراً بالعدو قد يحصل وقد لا يحصل، وليس هو مثل تأجيج النار ثم بعد ذلك قذفهم فيها.

تراجم رجال إسناد حديث أمره صلى الله عليه وسلم سرية بإحراق رجل ثم نهيه عن ذلك


قوله: [ حدثنا سعيد بن منصور ]. سعيد بن منصور ثقة، أخرج له أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا مغيرة بن عبد الرحمن الحزامي ]. مغيرة بن عبد الرحمن الحزامي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي الزناد ]. هو عبد الله بن ذكوان المدني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني محمد بن حمزة الأسلمي ]. محمد بن حمزة الأسلمي مقبول، أخرج له البخاري تعليقاً وأبو داود و النسائي . [ عن أبيه ]. هو حمزة الأسلمي رضي الله تعالى عنه، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً ومسلم و أبو داود و النسائي .

شرح حديث أمره صلى الله عليه وسلم سرية بإحراق رجل ثم نهيه عن ذلك من طريق أخرى وتراجم رجال إسنادها


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا يزيد بن خالد و قتيبة أن الليث بن سعد حدثهم عن بكير عن سليمان بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بعث فقال: (إن وجدتم فلاناً وفلاناً) فذكر معناه ]. أورد المصنف حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثهم في بعث فقال: [ (إن وجدتم فلاناً وفلان) فذكر معناه ]. أي أنه يحرق بالنار، ثم بعد ذلك قال: (اقتلوه؛ فإنه لا يعذب بالنار إلا رب النار). وهذا يشهد للحديث السابق الذي فيه من هو مقبول، وهو محمد بن حمزة الأسلمي . قوله: [ حدثنا يزيد بن خالد ]. هو يزيد بن خالد الدمشقي ، وهو ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ و قتيبة ]. هو قتيبة بن سعيد ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أن الليث بن سعد حدثهم ] هو الليث بن سعد المصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن بكير ]. هو بكير بن عبد الله بن الأشج المصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سليمان بن يسار ]. سليمان بن يسار ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.

شرح حديث إنكاره صلى الله عليه وسلم إحراق قرية نمل وفجع حمرة بولدها


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى أخبرنا أبو إسحاق الفزاري عن أبي إسحاق الشيباني عن ابن سعد - قالغير أبي صالح : عن الحسن بن سعد - عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في سفر، فانطلق لحاجته، فرأينا حمرة معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمرة فجعلت تفرش، فجاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها. ورأى قرية نمل قد حرقناها فقال: من حرق هذه؟ قلنا: نحن. قال: إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، وأن النبي عليه الصلاة والسلام رأى حمرة -هي طائر- تفرش جناحها وترفرف في الأرض؛ لأنها قد فجعت بأخذ فرخيها، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها)] ثم رأى قرية نمل قد أحرقت فقال: [ (من أحرق هذه؟ قلنا: نحن. قال: إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار) ]. وهذا محل الشاهد، فلا يعذب الإنسان ولا الحيوان بالنار، لا يعذب بالنار إلا رب النار. فمحل الشاهد من الترجمة الجملة الأخيرة، وأما الجملة الأولى المتعلقة بالحمرة فهي لا تتعلق بالترجمة، ولكنها تدل على أن الطائر والحيوان لا يفجع بولده، لاسيما إذا كان صغيراً، فيترك، وإن أخذ فإنه يرجع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإرجاع ولديها إليها، أي: ولدي الحمرة.

تراجم رجال إسناد إنكاره صلى الله عليه وسلم إحراق قرية نمل وفجع حمرة بولدها

قوله: [ حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى ]. أبو صالح محبوب بن موسى صدوق، أخرج له أبو داود و النسائي. [ أخبرنا أبو إسحاق الفزاري ]. هو إبراهيم بن محمد بن الحارث ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي إسحاق الشيباني ]. هو سليمان بن أبي سليمان ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن سعد ]. هو الحسن بن سعد ، ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ قال غير أبي صالح : عن الحسن بن سعد ]. يعني أن غير أبي صالح -وهم شيوخ لم يذكرهم -نسبوه فقالوا: الحسن بن سعد . وأما رواية أبي صالح التي أوردها فإنه ليس فيها إلا ابن سعد فأراد أبو داود أن يبين من هو ابن سعد هذا فقال: إن غير أبي صالح -أي: الذين يحدثون بهذا الحديث ولم يذكرهم- نسبوه، فالذين حصلت منهم التسمية هم غير أبي صالح الذي جاء في الإسناد. [ عن عبد الرحمن بن عبد الله ]. هو عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وبه كان يُكنَّى أبوه عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه. [ عن أبيه ]. هو عبد الله بن مسعود الهذلي رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
كراء الدابة على النصف أو السهم


شرح حديث طلب واثلة بن الأسقع حمله في غزوة تبوك مقابل سهمه فيها


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الرجل يكري دابته على النصف أو السهم. حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدمشقي أبو النضر حدثنا محمد بن شعيب أخبرني أبو زرعة يحيى بن أبي عمرو الشيباني عن عمرو بن عبد الله أنه حدثه عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أنه قال: (نادى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة تبوك، فخرجت إلى أهلي، فأقبلت وقد خرج أول صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فطفقت في المدينة أنادي: ألا من يحمل رجلاً له سهمه. فنادى شيخ من الأنصار فقال: لنا سهمه على أن نحمله عقبة وطعامه معنا؟ قلت: نعم. قال: فسر على بركة الله تعالى. قال: فخرجت مع خير صاحب حتى أفاء الله علينا، فأصابني قلائص، فسقتهن حتى أتيته، فخرج فقعد على حقيبة من حقائب إبله، ثم قال: سقهن مدبرات. ثم قال: سقهن مقبلات. فقال: ما أرى قلائصك إلا كراماً. قال: إنما هي غنيمتك التي شرطت لك. قال: خذ قلائصك -يا ابن أخي- فغير سهمك أردنا) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة: [ باب في الرجل يكري دابته على النصف أو السهم]أي: كراء الدابة على النصف مما يحصل باستعمالها، وذلك بأن يكريها على أن يحتطب عليها وله نصف الحطب، أو أن يستعملها للكراء ونقل الناس عليها وتأجيرها وله النصف مما يحصل من كرائها، ولا بأس بذلك ما دام أنها نسبة معينة ومعلومة؛ لأنه إن حصلت فائدة فهما مشتركان فيها، وهي مثل المضاربة التي أجمع المسلمون على جوازها بأن يدفع الإنسان مالاً لعامل والعامل يعمل، وإن حصل ربح فهو بينهما على النسبة التي يتفقان عليها، إما نصف ونصف، أو ثلث وثلثان، أو ربع وثلاثة أرباع، على حسب النسبة. وكذلك المزارعة والمساقاة -أيضاً- هي من هذا القبيل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر على النصف مما يخرج منها من ثمر أو زرع، فهذا مثله، وهو شبيه به ولا بأس به؛ لأنها مشاركة، فهذا منه المركوب وهذا منه العمل، وإذا حصل ربح وفائدة فإنها تقسم بينهما على النسبة التي يتفقان عليها، فيكون للعامل مقابل عمله، ويكون لصاحب الدابة مقابل استخدام دابته، وإذا حصلت خسارة فعلى العامل تعبه وعلى صاحب الدابة تعب دابته. وكذلك لو أن إنساناً أعطى سيارته لإنسان يشتغل عليها بالأجرة فما حصل من نقود في مقابل التأجير لهذه السيارة فإنه يكون لهذا النصف ولهذا النصف، أو لهذا الثلث ولهذا الثلثان، كل ذلك لا بأس به؛ لأن هذا من جنس المضاربة، ومن جنس المساقاة والمزارعة، فلا بأس بذلك، ولكن الذي لا يجوز هو أن يقول: إن لي من الناتج -مثلاً- ألف ريال أو مائة ريال. ويحدد بمقدار معين. فهذا لا يجوز اشتراطه؛ لأنه قد لا يحصل من العمل إلا هذا المقدار فيظفر به أحدهما، ويكون الآخر حينئذٍ ما حصل فائدة وما حصل شيئاً. ولكن إذا كان العمل على النسبة مما يحصل فإن هذا لا بأس به، فإن حصل شيء قليل قسم بينهما على النسبة، وإن حصل شيء كثير قسم بينهما على النسبة، ولا بأس بمثل هذه المعاملة، وفيها خلاف بين أهل العلم، ولكن القول الصحيح الجواز؛ لأنها شبيهة بالمضاربة وشبيهة بالمساقاة والمزارعة. وأورد أبو داود هنا حديث واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نادى في غزوة تبوك للخروج إلى الجهاد في سبيل الله، وكان النبي عليه الصلاة والسلام استنفر الناس، ولم يبق إلا من هو معذور أو منافق، أو من كان غير معذور ولكن مرت عليه الأيام دون أن يخرج، والسبب الأخير هو الذي حصل لكعب بن مالك وصاحبيه رضي الله تعالى عنهم، وهم الذين تخلفوا عن غزوة تبوك وليس لهم أعذار وليسوا بالمنافقين، وقد تاب الله عليهم وأنزل فيهم آية تتلى في كتاب الله: وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا [التوبة:118] أي: وقد تاب على الثلاثة الذين خلفوا. فلما نادى رسول الله بغزوة تبوك لم يكن مع واثلة رضي الله تعالى عنه مركوب، فكان يتردد على قومه ويقول: [ من يحمل رجلاً له سهمه؟ ]. يعني: ويكون له سهمه. فمثل هذه المعاملة لا بأس بها إذا كان السهم معلوم النسبة، كأن يكون الذي يحصله ثلاثة أسهم فسهم لشخص وسهمان لشخص، أو يقسم على النصف، فلا بأس بمثل هذه المعاملة. قوله: [ فنادى شيخ من الأنصار فقال: لنا سهمه على أن نحمله عقبة؟ ]. المراد بحمله عقبة أنه لا يركب دائماً، وإنما يركب بالتعاقب، فيركب مسافة ثم يأتي آخر ويركب مكانه، أي: يتعاقبون على البعير. قوله: [ وطعامه معنا ]. يعني: يأكل معنا. فلما حصل له قلائص -وهي سهمه الذي حصله- جاء ليعطيهن ذلك الأنصاري، فقال: [ سقهن مدبرات، ثم قال: سقهن مقبلات ] يريد أن يعرف جودتهن وحسنهن من ضدهما، فقال: [ ما أراهن إلا كريمات ] فقال واثلة : هن السهم الذي جرى بيني وبينك الاتفاق عليه، فقال: [ خذ قلائصك ] والقلائص: جمع قلوص، وهي الناقة الشابة، قال: [ خذ قلائصك - يا ابن أخي- فغير سهمك أردنا ] يعني: ما أردنا سهمك الذي تحصله، ولكن أردنا أن نشاركك في الأجر في كوننا حملناك وساعدناك، ولم يأخذ السهم الذي حصله من القلائص. والحديث ضعيف، ولكن ما ترجم به المصنف هو صحيح، وهو شبيه بالمضاربة والمزارعة والمساقاة، ولكن إذا اشترط أحدهما شيئاً يخصه من الثمرة والريع دون الآخر، بحيث يقول: لي كذا والباقي يكون بيننا. أو: الباقي لك فإن هذا ليس بصحيح؛ لأنه قد لا يحصل إلا هذا المقدار الذي اشترطه أحدهما، فيكون أحدهما لم يحصل شيئاً والآخر أخذ ما حصل. وقوله: [ فخرج فقعد على حقيبة من حقائب إبله ]. الحقيبة قيل: هي ما يكون وراء القتب والرحل، ومعناه أنها شيء متصل بالرحل، إما شيء محشو، أو بشيء يكون تحت الرحل، فالمهم أنه شيء مرتفع جعله على الأرض وجلس عليه.

تراجم رجال إسناد حديث طلب واثلة بن الأسقع حمله في غزوة مقابل سهمه فيها


قوله: [ حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدمشقي أبو النضر ]. إسحاق بن إبراهيم الدمشقي أبو النضر صدوق أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي. [ حدثنا محمد بن شعيب ]. هو محمد بن شعيب بن شابور ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب السنن. [ أخبرني أبو زرعة يحيى بن أبي عمرو الشيباني ]. أبو زرعة يحيى بن أبي عمرو الشيباني ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و الترمذي و النسائي و ابن ماجة . [ عن عمرو بن عبد الله ]. عمرو بن عبد الله مقبول، أخرج له أبو داود . [ عن واثلة بن الأسقع ]. واثلة بن الأسقع رضي الله عنه صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة."



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 27.93 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 27.30 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.25%)]