عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 04-05-2025, 03:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,350
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الجهاد
شرح سنن أبي داود [319]
الحلقة (351)





شرح سنن أبي داود [319]

للغنائم التي يصيبها المجاهدون أحكام كثيرة بينها أهل العلم، ومن ذلك التأني في قسمة الغنائم إذا رجي أن يرجع الكفار تائبين، فيرد عليهم الغنائم ترغيباً لهم في الإسلام، ومن ذلك حرمة التفريق بين المحارم من السبي إلا الكبار، ومن ذلك حكم من وجد في الغنيمة شيئاً كان ملكاً له، وإباحة الطعام في أرض العدو قبل القسمة.

إقامة الإمام بعرصة العدو بعد الظهور عليهم



شرح حديث: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غلب على قوم أقام بالعرصة ثلاثاً)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الإمام يقيم عند الظهور على العدو بعرصتهم. حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا معاذ بن معاذ . ح وحدثنا هارون بن عبد الله قال: حدثنا روح ، قالا: حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس عن أبي طلحة رضي الله عنهما أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا غلب على قوم أقام بالعرصة ثلاثاً) قال ابن المثنى : (إذا غلب قوماً أحب أن يقيم بعرصتهم ثلاثاً) ]. أورد أبو داود [ باب في الإمام يقيم عند الظهور على العدو بعرصتهم ]. يعني الإمام ومعه الجيش الذي انتصر على العدو، فإنه عند ظهوره عليهم يبقى وينزل في عرصتهم، والعرصة هي الأماكن الواسعة التي ليس فيها بنيان، وهي الأفنية التي حول البنيان. فكان عليه الصلاة والسلام إذا غلب على قوم أو انتصر عليهم بقي في عرصتهم ثلاثاً، وجلوسه ثلاثة أيام في العرصة من أجل أن يستريح الجيش، وأن يحصل له شيء من الراحة حين لا يكون هناك قتال، ثم بعد ذلك تكون المواصلة للسير، وإنما يبقون مدة ثلاثة أيام يستجموا وليجدوا الراحة بعد ذلك القتال الذي قد حصل. وأورد أبو داود حديث أبي طلحة -وهو زيد بن سهل رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا انتصر على قوم أو ظهر عليهم بقي في عرصتهم ثلاثاً، قال ابن المثنى أحد شيوخ أبي داود : [ (أحب أن يقيم بعرصتهم ثلاثاً) ].

تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غلب على قوم أقام بالعرصة ثلاثاً)


قوله: [ حدثنا محمد بن المثنى ]. هو محمد بن المثنى العنزي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة. [ حدثنا معاذ بن معاذ ]. هو معاذ بن معاذ العنبري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ح وحدثنا هارون بن عبد الله ]. قوله: [ح] هي للتحول من إسناد إلى إسناد، وهارون بن عبد الله هو الحمال البغدادي، لقبه الحمال ونسبته إلى بغداد، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا روح ]. هو روح بن عبادة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا سعيد ]. هو سعيد بن أبي عروبة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قتادة ]. هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس ]. هو أنس بن مالك رضي الله عنه، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ عن أبي طلحة ]. هو زيد بن سهل رضي الله تعالى عنه، وهو زوج أم أنس بن مالك أم سليم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

طعن القطان في الحديث ومدى صحته وأثره


قوله: [ قال أبو داود : كان يحيى بن سعيد يطعن في هذا الحديث؛ لأنه ليس من قديم حديث سعيد ؛ لأنه تغير سنة خمس وأربعين، ولم يخرج هذا الحديث إلا بآخرةٍ. قال أبو داود : يقال: إن وكيعاً حمل عنه في تغيره ]. ذكر أبو داود هنا كلاماً، وهو أن يحيى بن سعيد القطان كان يطعن في هذا الحديث ويقول: إن سعيد بن أبي عروبة تغير بآخره. وذكر أن وكيعاً قيل عنه: إنه حمل عنه في تغيره، ومع ذلك فالحديث صحيح وثابت، وقد أخرجه البخاري و مسلم ، ونقل ابن الصلاح أن ابن معين اعترض على وكيع في روايته عن سعيد بن أبي عروبة قائلاً: تحدث عن سعيد بن أبي عروبة ، وإنما سمعت منه في الاختلاط؟ فقال له وكيع : رأيتني حدثت عنه إلا بحديث مستوٍ؟! وعلى كل حالٍ فإن تعليل يحيى القطان فيه نظر، ولا يؤثر في هذا الحديث.
التفريق بين السبي


شرح حديث النهي عن التفريق بين الجارية وولدها


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في التفريق بين السبي. حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا إسحاق بن منصور حدثنا عبد السلام بن حرب عن يزيد بن عبد الرحمن عن الحكم عن ميمون بن أبي شبيب عن علي رضي الله عنه (أنه فرق بين جارية وولدها فنهاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك ورد البيع). قال أبو داود : ميمون لم يدرك علياً ؛ قتل بالجماجم، والجماجم سنة ثلاث وثمانين. قال أبو داود : والحرة سنة ثلاث وستين، وقتل ابن الزبير سنة ثلاث وسبعين ]. أورد أبو داود [باب في التفريق بين السبي ] والتفريق بين السبي هو فيما إذا كانوا ذوي قرابة، فإذا كانوا كباراً فلا بأس بالتفريق بينهم، وأما إذا كان فيهم صغير وكبير، بأن تكون امرأة وابن لها صغير، أو أخت ولها أخ صغير بحاجة إلى حضانتها ورعايتها لكونه في الصغر يحتاج إلى رعاية؛ فإنه لا يفرق بينهم في هذه الحالة، وإنما التفريق يجوز فيما إذا كانوا كباراً. وعلى هذا فالتفريق بين السبي فيه تفصيل، كما أن التفريق بالبيع -أيضاً- فيه تفصيل، فإذا كان السبي أو الذين يباعون كباراً فإنه يجوز التفريق بينهم في البيع والسبي بأن يعطى هذا لواحد وهذا لواحد، فيكون كل واحد بجهة. وأما إذا كان أحدهما كبيراً وهو يرعى الصغير، والصغير بحاجة إليه وإلى حضانته وإلى رعايته ولا يقوم بنفسه فإنه لا يفرق بينهم، بل يكون بعضهم مع بعض في السبي وفي البيع. أورد أبو داود حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه (أنه فرق بين جارية وولدها فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ورد البيع) ]. فهو باع الجارية لمشتر وباع ولدها لآخر، فنهاه الرسول صلى الله عليه وسلم ورد البيع، بمعنى أنه لابد من بقائهما جميعاً؛ لأن الصغير بحاجة إلى الكبير، والابن بحاجة إلى أمه. أما إذا كان الابن ليس بحاجة لأمه بأن يكون كبيراً وأمه كبيرة، وكل منهما قائم بنفسه، فلا مانع من التفريق بينهما. قال ابن القيم : [ وفي جامع الترمذي من حديث أبي أيوب الأنصاري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من فرق بين الجارية وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة) قال الترمذي : حسن غريب. وأخرجه الحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه. وليس كما قال؛ فإن في إسناده حسين بن عبد الله ولم يخرج له في الصحيحين، وقال أحمد : في أحاديثه مناكير. وقال البخاري : فيه نظر. ولفظ الترمذي فيه: (من فرق بين والدة وولدها) ].

تراجم رجال إسناد حديث النهي عن التفريق بين الجارية وولدها


قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فقد أخرج له في (عمل اليوم والليلة). [ حدثنا إسحاق بن منصور ]. هو إسحاق بن منصور السلولي ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد السلام بن حرب ]. عبد السلام بن حرب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يزيد بن عبد الرحمن ]. يزيد بن عبد الرحمن وهو صدوق يخطئ كثيراً، أخرج له أصحاب السنن. [ عن الحكم ]. هو الحكم بن عتيبة الكندي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ميمون بن أبي شبيب ]. ميمون بن أبي شبيب صدوق كثير الإرسال، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم في المقدمة وأصحاب السنن. [ عن علي ]. هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أمير المؤمنين ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة. والحديث فيه انقطاع بين ميمون بن أبي شبيب وعلي ، ولكن له شواهد، وهو صحيح بشواهده. قوله: [ قال أبو داود: ميمون لم يدرك علياً ، قتل بالجماجم، والجماجم سنة ثلاث وثمانين ]. ذكر أبو داود أن ميمون بن أبي شبيب قتل في الجماجم، وكانت سنة ثلاث وثمانين، وذكر أنه لم يدرك علياً ، ولعله أراد بذكر سنة وقعة الجماجم أن ميمون كان عمره قصيراً، ولذلك لم يدرك علياً . وأما ذكر سنة الحرة وسنة مقتل ابن الزبير فلا يظهر له ارتباط بالموضوع إلا من جهة الفائدة.

الرخصة في التفريق بين الكبار من السبي


شرح حديث سلمة بن الأكوع في افتداء النبي صلى الله عليه وسلم أسرى في مكة بجارية دون أمها


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الرخصة في المدركين يفرق بينهم. حدثنا هارون بن عبد الله قال: حدثنا هاشم بن القاسم قال: حدثنا عكرمة قال: حدثني إياس بن سلمة قال: حدثني أبي رضي الله عنه قال: (خرجنا مع أبي بكر رضي الله عنه -وأمره علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم- فغزونا فزارة فشننا الغارة، ثم نظرت إلى عنق من الناس فيهم الذرية والنساء، فرميت بسهم فوقع بينهم وبين الجبل فقاموا، فجئت بهم إلى أبي بكر فيهم امرأة من فزارة وعليها قشع من أدم معها بنت لها من أحسن العرب، فنفلني أبو بكر ابنتها، فقدمت المدينة فلقيني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال لي: يا سلمة ! هب لي المرأة. فقلت: والله لقد أعجبتني وما كشفت لها ثوباً. فسكت حتى إذا كان من الغد لقيني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في السوق فقال لي: يا سلمة ! هب لي المرأة لله أبوك. فقلت: يا رسول الله! والله ما كشفت لها ثوباً، وهي لك. فبعث بها إلى أهل مكة وفي أيديهم أسرى ففداهم بتلك المرأة) ]. أورد أبو داود [باب المدركين يفرق بينهم ]. يعني البالغين، فيجوز في البالغين أن يفرق بين القريب وقريبه. وقد أورد أبو داود حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أنه قال: خرجنا في غزاة مع أبي بكر ، وكان أبو بكر أميرهم، فذكر أنهم غزوا فزارة، وأنه جاء إلى عنق من الناس -وهم جماعة من الناس- فرمى بسهمه فوقع بينهم وبين الجبل فقاموا، فأتى بهم، وكانت فيهم امرأة ولها ابنة من أحسن العرب ومن أجملهم، فنفله أبو بكر إياها، والنفل هو إعطاء الشيء قبل قسمة الغنيمة من أجل جهد قام به ومن أجل عمل تميز به، فنفله إياها فصارت من نصيبه، فلما جاء إلى المدينة قال له النبي صلى الله عليه وسلم: [ (هب لي المرأة) ] فقال: إنها أعجبتني، وإنني ما كشفت لها ثوباً. يعني أنه ما جامعها ولا حصل منه استمتاع بها، ثم بعد ذلك لقيه فقال: [ (هب لي المرأة لله أبوك) ] وذلك يدل على رغبة شديدة فيها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يفادي بها الأسرى الذين كانوا عند الكفار، فأعطاه إياها وقال: إنني ما كشفت لها ثوباً، وهي لك يا رسول الله. فأرسلها في مقابل أسرى عند المشركين فخلصوا من الأسر في مقابل هذه الجارية. ومحل الشاهد من الترجمة هو أنه فرق بين المرأة وبين ابنتها لأنهما مدركتان كبيرتان، ومعنى هذا أن التفريق يجوز في البالغين وفي الكبار، وأما بين الكبير والصغير فإنه لا يفرق بينهما كما مر في الترجمة السابقة. قوله: [ (فشننا الغارة) ]. يعني أنهم شنوا عليهم الغارة وأحاطوا بهم من جميع الجهات. قوله: [ (ثم نظرت إلى عنق من الناس فيهم الذرية والنساء فرميت بسهم فوقع بينهم وبين الجبل فقاموا) ]. العنق من الناس هم الجماعة، وكانوا جماعة فيهم النساء والذرية، فقاموا فأتى بهم يسوقهم. وكأنه أراد بالرمي أن يفزعوا فيستسلموا، وما قصد قتل أحدٍ منهم. قوله: [ فيهم امرأة من فزارة وعليها قشع من أدم ]. الأدم هو الجلد، والقشع: الجلد، وفيه لغتان، يقال: قَشع وقِشع ومنه قولك: قشعت الشيء. أي: دخلت قشره، والقشاعة: ما أخذته من جلدة وجه الأرض. وقوله: [ (لله أبوك) ]. هو عبارة ترغيب، تستعمل في التحريض على الشيء، كقولهم: لله درُه.

تراجم رجال إسناد حديث سلمة بن الأكوع في افتداء النبي صلى الله عليه وسلم أسرى في مكة بجارية دون أمها


قوله: [ حدثنا هارون بن عبد الله قال: حدثنا هاشم بن القاسم ]. هارون بن عبد الله مر ذكره، وهاشم بن القاسم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عكرمة ]. هو عكرمة بن عمار ، صدوق يغلط، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ حدثني إياس بن سلمة ]. هو إياس بن سلمة بن الأكوع ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثني أبي ]. هو سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

المال يصيبه العدو من المسلمين ثم يدركه صاحبه في الغنيمة



شرح حديث رد النبي صلى الله عليه وسلم على ابن عمر غلامه الآبق بعد ظهوره على العدو


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في المال يصيبه العدو من المسلمين ثم يدركه صاحبه في الغنيمة. حدثنا صالح بن سهيل حدثنا يحيى -يعني ابن أبي زائدة - عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما (أن غلاماً لابن عمر أبق إلى العدو، فظهر عليه المسلمون، فرده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى ابن عمر ولم يقسم). قال أبو داود : وقال غيره: ردَّه عليه خالد بن الوليد ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي [ باب في المال يصيبه العدو من المسلمين ثم يدركه صاحبه في الغنيمة ]. ومعنى هذا أن الكفار إذا أخذوا شيئاً لأحد المسلمين ثم بعد ذلك ظفر بهم المسلمون وأخذوا ما معهم من أموال وكان من بينها ذلك الذي أخذوه من ذلك المسلم؛ فإن ذلك لا يقسم ولا يكون من الغنيمة، وإنما يرجع على صاحبه الذي يملكه؛ لأن هذا ملك لأحد من المسلمين، وقد أخذه العدو ثم ظُفِرَ بالعدو وحيزت أموالهم ومن جملتها هذا الذي بأيديهم لأحد المسلمين، فإنه لا يكون من الغنيمة، وإنما يعطى لصاحبه الذي أخذ منه. وقد أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه كان له عبد فأبق إلى المشركين، وأنهم لما ظفروا بهم أعيد إليه ذلك العبد، ولم يقسم، أي: ما جعل في الغنيمة، ولم يقسم كما تقسم الغنيمة، وإنما أرجع إلى صاحبه، فدل هذا على أن المال الذي يأخذه العدو من أحد المسلمين ثم يظفر بهم المسلمون يرجع إلى صاحبه ولا يكون من جملة الغنيمة. [ قال: أبو داود : وقال غيره: رده عليه خالد بن الوليد ]. يعني: قال غير يحيى بن أبي زائدة -وهو ابن نمير الذي سيأتي في الأحاديث التي بعد هذا-: رده عليه خالد بن الوليد . أي أن الذي رد العبد الآبق عليه هو خالد بن الوليد ، وكان أميراً على الجيش.

تراجم رجال إسناد حديث رد النبي صلى الله عليه وسلم على ابن عمر غلامه الآبق بعد ظهوره على العدو


قوله: [حدثنا صالح بن سهيل ]. صالح بن سهيل مقبول، أخرج له أبو داود . [حدثنا يحيى -يعني ابن أبي زائدة -]. يحيى بن أبي زائدة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبيد الله ]. هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع ]. هو نافع مولى ابن عمر ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عمر ]. هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، صحابي جليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث رد فرس وعبد ابن عمر إليه بعد الظهور على العدو الذي حازهما


قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن سليمان الأنباري و الحسن بن علي المعنى، قالا: حدثنا ابن نمير عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ذهب فرس له فأخذها العدو، فظهر عليهم المسلمون، فرد عليه في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأبق عبد له فلحق بأرض الروم، فظهر عليهم المسلمون، فرده عليه خالد بن الوليد رضي الله عنه بعد النبي صلى الله عليه وسلم]. أورد أبو داود حديث ابن عمر من طريق أخرى، وفيه أن فرساً له أخذه العدو وأنه أعاده إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيكون الذي أعيد إلى ابن عمر في زمنه صلى الله عليه وسلم فرس، وفي الحديث السابق أنه غلام أبق، وهذا الحديث الذي فيه أنه رد إليه فرس فيه أن عبداً له أبق ولحق بالروم، وأن المسلمين ظفروا به، وأن العبد الآبق رده إليه خالد بن الوليد . فالذي رده الرسول صلى الله عليه وسلم -أي: في هذا الطريق الثانية- هو الفرس، وفي الطريق الأولى الغلام الذي أبق، وفي الطريق الثانية أن الغلام الذي أبق إنما رده إليه خالد بن الوليد . وعلى كلٍ فمحل الشاهد للترجمة هو أن المال الذي يأخذه العدو لأحد المسلمين -سواءٌ أكان فرساً أم عبداً أم غير ذلك- ثم يظفر المسلمون بهم فإن ذلك الذي يختص بأحد المسلمين لا يكون من الغنيمة، وإنما يرجع إلى صاحبه.

تراجم رجال إسناد حديث رد فرس وعبد ابن عمر إليه بعد الظهور على العدو الذي حازهما


قوله: [حدثنا محمد بن سليمان الأنباري ]. محمد بن سليمان الأنباري صدوق، أخرج له أبو داود . [ و الحسن بن علي ]. هو الحسن بن علي الحلواني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [قالا: حدثنا ابن نمير ]. هو عبد الله بن نمير ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر ]. قد مر ذكرهم جميعاً.

عبيد المشركين يلحقون بالمسلمين فيسلمون



شرح حديث: (خرج عِبْدانٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الصلح)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في عبيد المشركين يلحقون بالمسلمين فيسلمون. حدثنا عبد العزيز بن يحيى الحراني حدثني محمد -يعني ابن سلمة - عن محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح عن منصور بن المعتمر عن ربعي بن حراش عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: (خرج عِبْدانٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم -يعني يوم الحديبية- قبل الصلح، فكتب إليه مواليهم فقالوا: يا محمد! والله ما خرجوا إليك رغبة في دينك وإنما خرجوا هرباً من الرق. فقال ناس: صدقوا يا رسول الله، ردهم إليهم. فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقال: ما أراكم تنتهون -يا معشر قريش- حتى يبعث الله عليكم من يضرب رقابكم على هذا. وأبى أن يردهم، وقال: هم عتقاء الله عز وجل) ]. أورد أبو داود [باب في عبيد المشركين يلحقون بالمسلمين فيسلمون]. ومعناه أنهم ينفلتون وينطلقون من الكفار ويأتون إلى مسلمين ويسلمون، فإنهم يكونون بذلك مسلمين ولا يُسَلَّمون للكفار. وقد أورد أبو داود حديث علي رضي الله تعالى عنه قال: [ (خرج عِبْدانٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) ]. والعبدان جمع عبد. فذكر أنهم خرجوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية قبل الصلح، فقال مواليهم: إنهم لم يلحقوا بك رغبة في دينك وإنما تخلصاً من الرق. فقال بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدقوا. قالوا ذلك على حسب الظاهر، أي: ما دام أنهم أرقاء وأنهم هربوا من مواليهم فمعنى ذلك أنهم يريدون الخلاص من الرق. فغضب الرسول صلى الله عليه وسلم لكونهم قالوا هذه المقالة وصدقوا أولئك مع أن هؤلاء ظهر منهم الإسلام. ثم قال: [ (ما أراكم تنتهون -يا معشر قريش- حتى يبعث الله عليكم من يضرب رقابكم على هذا) ]. فأنكر عليهم قولهم الذي قالوه وأبى أن يردهم، فبقوا مع المسلمين وكانوا من جملة المسلمين. وعلى هذا فإن الذي يأتي من الكفار إلى المسلمين -سواءٌ أكان حراً أم عبداً- يقبل، ويكون من جملة المسلمين ولا يرد على الكفار، وهذا كان قبل الصلح، وأما بعد الصلح فكان مما اشترطه الكفار في الصلح مع الرسول صلى الله عليه وسلم أن من جاء من المسلمين إلى الكفار لا يرد عليهم، ومن ذهب من الكفار إلى المسلمين فإنه يرد عليهم، وكان لذلك أثر كبير على بعض الصحابة، وقالوا: كيف نعطي الدنية في ديننا؟! ثم بعد ذلك تبين لهم أن الخير فيما رغب فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيما وافق عليه الرسول صلى الله عليه وسلم. قوله: [ (هم عتقاء الله عز وجل) ]. معناه أن الله عز وجل أعتقهم من رق أولئك، أعتقهم ومن عليهم بالسلامة من الرق الذي كانوا فيه عند الكفار.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 43.40 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 42.77 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.45%)]