شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)
كتاب الاضحية
شرح سنن أبي داود [335]
الحلقة (367)
شرح سنن أبي داود [335]
أباح الله سبحانه وتعالى الصيد لعباده، فلهم أن يصطادوا مما أحل الله لهم، إما بسهامهم ورماحهم ونحوها، وإما بكلابهم وصقورهم المعلمة، ويشترط للصيد ذكر الله عند الإرسال، وأن يصيد الجارح لصاحبه، وغير ذلك من الأمور التي فصلتها السنة النبوية، وشرحها العلماء.
اتخاذ الكلب للصيد وغيره
شرح حديث أبي هريرة في اتخاذ الكلب للصيد
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ كتاب الصيد. باب في اتخاذ الكلب للصيد وغيره. حدثنا الحسن بن علي حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من اتخذ كلباً إلا كلب ماشية أو صيد أو زرع انتقص من أجره كل يوم قيراط) ]. لما ذكر أبو داود رحمه الله كتاب الأضاحي عقبه بكتاب الصيد، وفي ذلك تناسب؛ لأن كلاً منهما يذبح ويستفاد منه، لكن الصيد لما كان من قبيل المتوحش أفرده بكتاب يخصه فقال: [ كتاب الصيد ]. والصيد اسم لكل حيوان متوحش سواء كان من ذوات الرجلين كالطيور، أو الأربع كحمر الوحش والغزلان والأرانب وغير ذلك، فهو المتوحش غير المستأنس الذي يألف الناس ويكون معهم كالحيوانات المستأنسة. والمتوحشة هي التي تنفر من الناس وتهرب منهم، فصار لها أحكام تخصها، وهي أحكام الصيد. والصيد يطلق على الاصطياد ويطلق على الحيوان المصيد، ومن إطلاقه على الاصطياد ما جاء في الحديث: (إلا كلب صيد) يعني: كلباً يتخذ للاصطياد، وأما إطلاقه على المصيد فمنه قول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ [المائدة:95]، وقوله: لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ [المائدة:94]. وقد أورد أبو داود باباً في اتخاذ الكلب للصيد وغيره، أي لغير الصيد من الزرع والماشية، هذا المقصود بقوله [ وغيره ]، ولكنه أورده هنا من أجل أن له تعلقاً بالصيد، فنص على الصيد وأبهم غيره بقوله: [ وغيره ]، وقد أورد حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: [ (من اتخذ كلباً إلا كلب ماشية أو صيد أو زرع، انتقص من أجره كل يوم قيراط) ]. والحديث يدل على أنه لا يجوز اتخاذ الكلاب إلا لهذه الأغراض الثلاثة التي وردت في هذا الحديث، وهي كونه للزرع وللماشية وللصيد. وفيه أن اقتناءها لغير هذه الأمور يترتب عليه انتقاص الأجر، وأنه كل يوم من الأيام ينقص من أجره قيراط، ومعنى هذا أن اقتناءه واتخاذه لغير هذه الأمور يلحق به مضرة وهي انتقاص أجره، ومعلوم أن الإنسان أحوج ما يكون إلى أن يبقي على أجره، فإذا كان اقتناء هذا الحيوان لغير هذه الأغراض فيه هذه العقوبة؛ فإن اللائق بالمسلم أن يبتعد عن اتخاذه إلا لهذه الأغراض التي جاءت في هذا الحديث، وكذلك ما يشبهها أو يلحق بها من اتخاذ الكلاب لمعرفة الأشياء التي يحتاج إلى معرفتها، كالكلاب التي يتعرف بها على المخدرات وعلى الأشياء التي فيها ضرر على الناس، فإذا ترتب على ذلك مصلحة وجربت لذلك؛ فإن ذلك من الأمور التي يحتاج إليها الناس لاكتشاف تلك الأوبئة والأمور المحرمة التي تكشفها عن طريق حاسة الشم التي جعلها الله تعالى فيها. وقد جاء في الحديث أن الملائكة لا تدخل البيت الذي فيه كلب، ولما تأخر جبريل عن النبي صلى الله عليه وسلم كان سبب ذلك أنه كان في بيته جرو كلب تحت السرير، فإذاً: من أضرار اتخاذ الكلاب لغير الأغراض المذكورة في الحديث أن البيت لا تدخله الملائكة. قوله: [ (من اتخذ كلباً إلا كلب ماشية أو صيد أو زرع) ]. كلب الماشية هو الذي يكون مع الغنم لحراستها. وكلب الزرع الذي يكون في البساتين لحراستها ممن يأتي إليها ويحصل منه الاعتداء عليها. وكلب الصيد هو الذي يتخذ للصيد، وهو الكلب الذي يعلم لذلك، وستأتي أحاديث عديدة تتعلق بالكلاب وما يحل من صيدها وما لا يحل. قوله: [ (انتقص من أجره كل يوم قيراط) ]. القيراط مقدار من الأجر الله تعالى أعلم به، ولكن عندما يعرف الإنسان أن في ذلك الاتخاذ نقصاً من أجره؛ فالذي يقتضيه العقل السليم والفهم الصحيح ألا يعرض نفسه لانتقاص أي شيء من أجره ولو كان ذلك المنتقص قليلاً. وقد جاء في الحديث: (من صلى على الجنازة فله قيراط ومن تبعها حتى تدفن فله قيراطان، قيل: وما القيراط يا رسول الله؟! قال: مثل جبل أحد)، فقدر القيراط هناك بجبل أحد، ولكن لم يقدره هنا.
تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة في اتخاذ الكلب للصيد
قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ]. الحسن بن علي الحلواني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [ حدثنا عبد الرزاق ]. عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا معمر ]. معمر بن راشد الأزدي البصري اليماني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري ]. وهو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري المدني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي سلمة ]. أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وهم: أبو سلمة بن عبد الرحمن هذا الذي معنا، وسالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، و أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام . [ عن أبي هريرة ]. عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة أحاديث على الإطلاق عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عن أبي هريرة وعن الصحابة أجمعين.
شرح حديث عبد الله بن مغفل في قتل الكلاب
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا يزيد حدثنا يونس عن الحسن عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها، فاقتلوا منها الأسود البهيم) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه مرفوعاً: [ (لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها، فاقتلوا الأسود البهيم) ] والبهيم هو الخالص السواد، وقد جاء عن النبي صلى الله صلى الله عليه وسلم الأمر بقتل الكلاب، ولكنه نهى عن ذلك؛ لأنها أمة من الأمم، وقد خلقها الله تعالى لحكمة، والأمر بقتلها يؤدي إلى إفنائها، فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن المنع من قتلها أنها أمة من الأمم، والله تعالى أوجدها لحكمة، فلا يصلح أن تفنى ويقضى عليها، ولكنه أرشد إلى قتل نوع منها، وهو الأسود البهيم الخالص السواد، وقد جاء في بعض الأحاديث أنه شيطان، وجاء في بعضها أنه عقور، أي يعقر ويحصل منه إيذاء الناس.
تراجم رجال إسناد حديث عبد الله بن مغفل في قتل الكلاب
قوله: [ حدثنا مسدد ]. مسدد بن مسرهد البصري ، ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا يزيد ]. وهو ابن زريع ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا يونس ]. يونس بن عبيد ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الحسن ]. الحسن بن أبي الحسن البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن مغفل ]. عبد الله بن مغفل رضي الله عنه، وقد أخرج له أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث جابر في قتل الكلاب
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا يحيى بن خلف حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج أخبرني أبو الزبير عن جابر رضي الله عنه قال: (أمر نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم بقتل الكلاب، حتى إن كانت المرأة تقدم من البادية -يعني بالكلب- فنقتله، ثم نهانا عن قتلها، وقال: عليكم بالأسود) ]. أورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بقتل الكلاب، فكانوا يقتلونها، حتى إن المرأة تأتي من البادية ومعها كلب، فيعمدون إليه ويقتلونه امتثالاً لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إنه نهى عن ذلك، وقال: (عليكم بالأسود)، وهذا مطابق لما تقدم في الحديث السابق: (لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها، ولكن عليكم بالأسود البهيم). إذاً: الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بقتلها، ثم نسخ ذلك بكونه نهاهم عن أن يقتلوها، وأرشد إلى قتل الأسود البهيم.
تراجم رجال إسناد حديث جابر في قتل الكلاب
قوله: [ حدثنا يحيى بن خلف ]. صدوق، أخرج له مسلم و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ حدثنا أبو عاصم ]. هو الضحاك بن مخلد النبيل ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن جريج ]. هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني أبو الزبير ]. محمد بن مسلم بن تدرس المكي ، صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر ]. جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما، وهو صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ما جاء في الصيد
شرح حديث عدي بن حاتم في شروط الصيد بالكلب والمعراض
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الصيد. حدثنا محمد بن عيسى حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن همام عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: (سألت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قلت: إني أرسل الكلاب المعلمة فتمسك علي أفآكل؟ قال: إذا أرسلت الكلاب المعلمة وذكرت اسم الله؛ فكل مما أمسكن عليك قلت: وإن قتلن؟ قال: وإن قتلن ما لم يشركها كلب ليس منها، قلت: أرمي بالمعراض فأصيب، أفآكل؟ قال: إذا رميت بالمعراض وذكرت اسم الله فأصاب فخرق فكل، وإن أصابه بعرضه فلا تأكل) ]. أورد أبو داود باباً في الصيد، أي: الاصطياد، وسواء كان ذلك بالآلة التي تكون بيد الإنسان كالسهام، أو بواسطة الكلاب المعلمة، أو بواسطة الطيور المعلمة كالباز ونحوه من الصقور والفهود التي تتخذ للاصطياد؛ فكل هذه من الوسائل التي يتم بها الاصطياد. ولكن الحيوانات إنما يحل صيدها إذا كانت معلمة، وبشروط وقيود جاءت في السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد أورد أبو داود حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: [ (سألت النبي صلى الله عليه وسلم قلت: إني أرسل الكلاب المعلمة فتمسك علي أفآكل؟ قال: إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل مما أمسكن عليك) ] يعني: يشترط أن يكون معلماً، وأن يرسله، وأن يذكر اسم الله عليه، وأن يمسك لصاحبه لا لنفسه؛ فهذه قيود وأمور مطلوبة في الحيوان الذي يصيد كالكلب. والمعلم هو الذي درب على أنه إذا أرسل انطلق، وإذا زجر ومنع امتنع، وإذا صاد لم يأكل وإنما يترك الصيد لمن أرسله. قوله: [ (فكل مما أمسكن عليك) ] يعني أنه إذا كان إمساكها إنما هو من أجلك، ولم تمسك لنفسها، فلك أن تأكل، وأما إذا أمسكته وأكلت؛ فهذا يدل على أنها أمسكت لنفسها ولم تمسك لك، فينتفي حينئذ هذا القيد الذي ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي جاء في القرآن: وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ [المائدة:4] وإذا انتفى لم يحل ما أمسكته. وأيضاً مع إمساكها لابد أن تكون قد جرحته إن كان قد مات، وإن أمسكته وبقي على قيد الحياة فجاء صاحبها وذبحه الذبح المشروع في الرقبة أو في الحلق أو اللبة فذاك، وأما إن أمسكه ولم يجرحه ولكنه ضربه أو برك عليه ومات بثقله، فإنه لا يحل ويكون ميتة، مثل المتردية والنطيحة، وكذلك إذا لم يجرحه وأدركه صاحبه وبه حياة ولكنه لم يذبحه فإنه يكون ميتة ويكون وقيذاً، أي مثل الذي رمي بحجر أو معراض ومات بسبب الثقل، كما سيأتي أنه إذا أرسل الرمح فأصابه بحده فخزق حل، وإن كان بعرضه -أي بثقله- فإنه لا يحل. فالكلب إذا أمسك إما أن يجرح وإما أن يمسكه وهو حي ويأتي صاحبه ويذبحه فهذان حلال، وإن أمسكه فضربه أو برك عليه ومات بسبب بروكه عليه أو بسبب ضربه، فإنه يكون ميتة ولا يحل أكله. قوله: [ (قلت: وإن قتلن؟ قال: وإن قلتن، ما لم يشركها كلب ليس منها) ]. والمراد بالقتل هنا كونه أدرك وهو ميت مقتول، أما إذا كان أدركه وفيه حياة وذبحه فإنه يحل، وإنما استشكل ما إذا أدركه وهو ميت وفيه جرح قد خرج منه الدم، فإذا كان كذلك فإنه يحل إلا إذا كان معها كلاب أخرى؛ لأنه قد يكون الذي قتله غير كلبه الذي أرسله وسمى عليه؛ فلهذا حرم؛ لأنه لم يكن متحققاً أنه من كلبه، أما لو أدركه وفيه حياة وذبحه فإنه يكون حلاً لذبحه إياه. فمعنى: [ (وإن قتلن) ] أي: إذا قتلنه وخرجت روحه وكان ذلك بجرحه، أما إذا كان بدون الجرح وإنما مات بالبروك عليه فإنه لا يحل. قوله: [ (قلت: أرمي بالمعراض فأصيب أفآكل؟ قال: إذا رميت بالمعراض وذكرت اسم الله فأصاب فخرق فكل، وإن أصابه بعرضه فلا تأكل) ]. المعراض هو خشبة في رأسها حديدة لها حد أو خشبة في رأسها محدد وإن لم يكن من الحديد، فإذا رمى به ثم دخل هذا الحد في الحيوان وأصابه فإنه يحل بذلك، وإن أصاب بعرضه ومات بسبب الثقل فإنه يكون وقيذاً ولا يحل.
تراجم رجال إسناد حديث عدي بن حاتم في شروط الصيد بالكلب والمعراض
قوله: [ حدثنا محمد بن عيسى ]. هو محمد بن عيسى الطباع ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً و أبو داود و الترمذي في الشمائل و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا جرير ]. جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن منصور ]. منصور بن معتمر الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن إبراهيم ]. إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن همام ]. وهو همام بن الحارث وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عدي بن حاتم ]. عدي بن حاتم رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث عدي بن حاتم في الصيد بالكلب ما لم يأكل من الفريسة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا هناد بن السري حدثنا ابن فضيل عن بيان عن عامر عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أنه قال: (سألت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قلت: إنا نصيد بهذه الكلاب، فقال لي: إذا أرسلت كلابك المعلمة وذكرت اسم الله عليها، فكل مما أمسكن عليك وإن قتل، إلا أن يأكل الكلب فإن أكل الكلب فلا تأكل، فإني أخاف أن يكون إنما أمسكه على نفسه) ]. أورد أبو داود حديث عدي بن حاتم ، وفيه ما في الذي قبله إلا أنه قال: [ (فإن أكل الكلب فلا تأكل، فإني أخاف أن يكون إنما أمسكه على نفسه) أي: ولم يكن أمسك لك، والقيد الذي حصل به الحل هو أن يكون مما أمسك لك، كما قال الله عليه: فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ [المائدة:4]. فإذا أكل الكلب من الصيد فإنه لا يحل؛ لأنه يكون معنى هذا أنه أمسك لنفسه ولم يمسك لصاحبه، ومن شرط حله أن يكون إمساكه لصاحبه لا لنفسه.
تراجم رجال إسناد حديث عدي بن حاتم في الصيد بالكلب ما لم يأكل من الفريسة
قوله: [حدثنا هناد بن السري ]. هناد بن السري أبو السري ، ثقة، أخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد و مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا ابن فضيل ]. هو محمد بن فضيل بن غزوان ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وكان مما تكلم فيه أن فيه تشيعاً، وقد ذكر الحافظ ابن حجر في ترجمته في مقدمة فتح الباري أنه كان يقول: رحم الله عثمان ولا رحم الله من لا يترحم على عثمان ، ومعلوم أن هذا ليس شأن الشيعي الرافضي، وإنما هذا شأن السني؛ لأن الرافضة يسبون عثمان ويشتمونه، فهذه علامة على أنه سليم من هذه الوصمة التي وصم بها. [ عن بيان ]. بيان بن بشر الأحمسي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عامر ]. عامر بن شراحيل الشعبي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عدي بن حاتم ]. عدي بن حاتم رضي الله عنه، وقد مر ذكره.
شرح حديث عدي في أكل الصيد يوجد ميتاً من الغد
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن عاصم الأحول عن الشعبي عن عدي بن حاتم رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إذا رميت بسهمك وذكرت اسم الله فوجدته من الغد، ولم تجده في ماء ولا فيه أثر غير سهمك فكل، وإذا اختلط بكلابك كلب من غيرها فلا تأكل، لا تدري لعله قتله الذي ليس منها) ]. أورد أبو داود حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه ومعناه أنك إذا رميت بسهمك فأصاب صيداً، ولكنه غاب عنك ثم وجدته بعد يوم ولم يكن غارقاً في ماء وليس فيه أثر غير سهمك فكل، وذلك لأنك أرسلت سهمك وذكرت اسم الله عليه فيكون هو الذي قتله، وهذا فيما إذا كان هو نفس الصيد الذي صاده، وأما إذا كان مشتبهاً به وقد يكون غيره فلا يحل له ذلك. قوله: [ (ولم تجده في ماء) ]؛ لأنه لو وجده في ماء لكان يمكن أنه مات بسبب الغرق، فيكون قد أصابه السهم ولكنه بقي فيه حياة، فلما غرق خرجت روحه بسبب الغرق. قوله: [ ولا فيه أثر غير سهمك ]. أي: لم يكن فيه أثر غير سهمك، لأنك يمكن أن تكون قد أرسلت السهم ثم وجدت فيه أثر كلب مثلاً، وهذا يعني أنه ليس منك، أو وجدت فيه سهماً غير سهمك الذي تعرفه أو تعرف مكان نفوذه فيه؛ لأنك رأيته لما نفذ فيه فوجدته نفس سهمك. قوله: [ (وإذا اختلط بكلابك كلب من غيرها فلا تأكل، لا تدري لعله قتله الذي ليس منها) ]. وهذا مثل الذي قبله في الحديث السابق، فإذا وجدت مع كلبك كلاباً أخرى ومعها صيد قد مات فلا تأكل؛ والسبب أنه ربما يكون الذي قتله غير كلبك من الكلاب الأخرى التي لم تسم عليها.
تراجم رجال إسناد حديث عدي في أكل الصيد يوجد ميتاً من الغد
قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد ]. هو ابن سلمة بن دينار ، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عاصم الأحول ]. عاصم بن سليمان الأحول ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الشعبي عن عدي بن حاتم ]. قد مر ذكرهما. وهنا ذكر الشعبي بنسبته، وفيما مضى ذكره باسمه الذي هو عامر ، وهذا من الأمور التي يحتاج إليها في علم المصطلح وفي علم الحديث؛ لأن الإنسان الذي لا يعرف أن الشعبي هو عامر عندما يجد في إسناد ذكر عامر ويجد في إسناد آخر الشعبي يقول: هذا شخص وهذا شخص آخر، فيظن الشخص الواحد شخصين، والذي يعرف أن هذا الذي نسب فقيل له الشعبي هو هذا الذي ذكر باسمه عامر لا يلتبس عليه الأمر.
شرح حديث عدي في النهي عن أكل الصيد إذا غرق
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة أخبرني عاصم الأحول عن الشعبي عن عدي بن حاتم رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (إذا وقعت رميَّتُك في ماء فغرق فمات فلا تأكل) ]. أورد أبو داود حديث عدي بن حاتم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (إذا وقعت رميتك..) ] الرمية هنا بمعنى المرمية، وهو الصيد الذي رميته، ووقع في الماء ثم مات وهو في الماء. قوله: [ (فلا تأكل) ] لأن موته يمكن أن يكون بسبب الغرق وليس بسبب رميك.
تراجم رجال إسناد حديث عدي في النهي عن أكل الصيد إذا غرق
قوله: [ حدثنا محمد بن يحيى بن فارس ]. هو محمد بن يحيى بن فارس الذهلي ، ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا أحمد بن حنبل ]. أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني ، ثقة فقيه، وهو أحد الأئمة الأربعة المشهورين من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، و أبو داود يروي عنه مباشرة، ولكنه يروي عنه أحياناً بواسطة كما هنا. [ حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ]. يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني عاصم الأحول عن الشعبي عن عدي بن حاتم ]. وقد مر ذكر الثلاثة.
شرح حديث عدي في الصيد بالباز
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن نمير حدثنا مجالد عن الشعبي عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ما علمت من كلب أو باز ثم أرسلته وذكرت اسم الله فكل مما أمسك عليك، قلت: وإن قتل؟ قال: إذا قتله ولم يأكل منه شيئاً فإنما أمسكه عليك). قال أبو داود : الباز إذا أكل فلا بأس به، والكلب إذا أكل كره، وإن شرب الدم فلا بأس به ]. قوله: [ (ما علمت من كلب أو باز) ] ، الباز من الطيور التي تتخذ للصيد، والباز والفهد يقال لها: صقر، أي أنها تصيد وتعلم. قوله: [ (ثم أرسلته وذكرت اسم الله فكل مما أمسك عليك) ] يعني: إذا كان كل منهما أمسك الصيد لك ولم يمسك لنفسه. قوله: [ (قلت: وإن قتل؟ قال: إذا قتله ولم يأكل منه شيئاً فإنما أمسكه عليك) ]. يعني: إذا وجده مقتولاً، أما إذا وجده حياً فإنه يتعين ذبحه، ولا يحل إلا بالذبح في الحلق أو اللبة، وإن وجده مقتولاً والقتل بالجرح فإنه يحل ما لم يأكل، أما إذا أكل منه فإنه لا يحل؛ لأنه يكون أمسكه لنفسه. والقتل إنما يكون بجرحه كما قدمنا، أما لو كان قتله بثقله فإنه يكون وقيذاً ولا يحل أكله إذا فارق الحياة، وإن أدرك وبه حياة وذبح حل بذبحه. وهذا الإسناد فيه مجالد بن سعيد وهو ليس بالقوي، والشيخ الألباني قال: إن ذكر الباز فيه منكر، ولكن قد جاء في القرآن قوله تعالى: وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ [المائدة:4]، والجوارح تشمل الكلاب والصقور، وقد جاء عن ابن عباس في تفسيرها أن المقصود بها الطيور والكلاب، وأنها كلها تعلم، وأن ما صيد بواسطتها فإنه يكون حلالاً، فالحديث وإن كان فيه من هو متكلم فيه، إلا أن القرآن دل على ما يشمل الكلاب ويشمل غير الكلاب من الجوارح التي تجرح وتصيد. قول أبي داود : [ الباز إذا أكل فلا بأس به، والكلب إذا أكل كره، وإن شرب الدم فلا بأس به ]. الحديث كما هو معلوم جاء فيه: [ (مما أمسك عليك) ] فإذا أكل الجارح من الصيد سواء كان الكلب أو الباز فإنه يكون قد أمسكه لنفسه، لكن لعل أبا داود إنما قال: الباز إذا أكل فلا بأس به، يعني أنه لا يتعلم إلا بالأكل، وليس مثل الكلب يتعلم بدون أكل. قوله: [ والكلب إذا أكل كره ]. يعني أنه إذا أكل فإنما قتل لنفسه. وقوله: [ وإن شرب الدم فلا بأس ] يعني أن الدم الذي يسيل إذا شربه الكلب فليس فيه محذور؛ لأن الدم المسفوح لا يحل، فإذا شرب الكلب دماً مسفوحاً يسيل من هذا الصيد فلا يقال: إنه أكل؛ لأنه شرب شيئاً محرماً على الإنسان، وليس للإنسان أن يشرب ذلك الشيء الذي شربه الكلب وهو الدم المسفوح. ولكن فيما ذكر من التفريق بين الكلب والطير أن هذا لا بأس به وأن هذا يكره غير واضح، لأن القرآن جاء مطلقاً في قوله: فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ [المائدة:4] والضمير يعود على الجوارح مطلقاً، سواء كانت كلاباً أو غير كلاب. وقوله: [ كره ] يحتمل أن يكون كراهية تحريم أو تنزيه.
تراجم رجال إسناد حديث عدي في الصيد بالباز
قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي ، وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة. [ حدثنا عبد الله بن نمير ]. وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا مجالد ]. مجالد بن سعيد ، وهو ليس بالقوي، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن الشعبي عن عدي بن حاتم ]. وقد مر ذكرهما.
شرح حديث أبي ثعلبة الخشني في أكل صيد الكلب وإن أكل منه
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عيسى حدثنا هشيم حدثنا داود بن عمرو عن بسر بن عبيد الله عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في صيد الكلب: (إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم الله فكل وإن أكل منه، وكل ما ردَّت عليك يداك) ]. أورد أبو داود حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه. قوله: [ (إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم الله فكل وإن أكل منه) ]، يخالف ما جاء في حديث عدي بن حاتم أنه (إذا أكل منه فلا تأكل، فإنما أخشى أن يكون أمسك لنفسه ولم يمسك لك) وهنا يقول: [ فكل وإن أكل منه) ] ، ومعنى هذا أنه حلال سواء أكل أو لم يأكل، ولكن قوله: (( فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ ))، وقوله: (إذا أمسك لك) يدلان على أن إباحة الأكل فيما إذا أمسك لصاحبه لا لنفسه، ولهذا قال الشيخ الألباني : إن هذه الزيادة منكرة. وبعض أهل العلم جمع بين ما جاء في حديث أبي ثعلبة هنا وما جاء في حديث عدي بن حاتم أن حديث عدي بن حاتم محمول على ما إذا أكل منه ابتداء، بمعنى أنه من حين أمسك جعل يأكل، قالوا: ويحمل حديث أبي ثعلبة على ما إذا أمسكه وطال انتظاره لصاحبه وجاع فاحتاج إلى أن يأكل. والألباني يقول: هذه الزيادة منكرة، والصحيح أنه لا يحل إلا ما أمسك لصاحبه، وأنه إذا أكل لم يحل. قوله: [ (وكل ما ردت عليك يداك) ]. أي: ما اصطدته بالرمح وبالسهم، وهو ما أصبته بيديك؛ لأن الصيد يكون باليد ويكون بالكلاب والطيور.
تراجم رجال إسناد حديث أبي ثعلبة الخشني في أكل صيد الكلب وإن أكل منه
قوله: [ حدثنا محمد بن عيسى عن هشيم ]. محمد بن عيسى الطباع مر ذكره، و هشيم هو هشيم بن بشير الواسطي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا داود بن عمرو ]. وهو صدوق يخطئ، أخرج له أبو داود . [ عن بسر بن عبيد الله ]. ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي إدريس الخولاني ]. واسمه عائذ الله ، وقد ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من ثقات التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي ثعلبة الخشني ]. أبو ثعلبة الخشني قيل اسمه: جرثوم بن ناشر، وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث عدي في أكل الصيد يجده بعد يومين أو ثلاثة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسين بن معاذ بن خليف حدثنا عبد الأعلى حدثنا داود عن عامر عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أنه قال: (يا رسول الله! أحدنا يرمي الصيد فيقتفي أثره اليومين والثلاثة، ثم يجده ميتاً وفيه سهمه، أيأكل؟ قال: نعم إن شاء، أو قال: يأكل إن شاء) ]. أورد أبو داود حديث عدي بن حاتم أنه قال: [ (أحدنا يرمي الصيد فيقتفي أثره اليومين والثلاثة ثم يجده ميتاً وفيه سهمه) ]. يعني يصيب أحدنا الصيد فيقتفي أثره اليومين والثلاثة فيجده ميتاً وفيه سهمه. قوله: (أيأكل؟ قال: نعم إن شاء، أو قال: يأكل إن شاء) ] معناه أنه أباحه له صلى الله عليه وسلم وقال: إن شئت فكل وإن شئت فلا تأكل؛ وشرط ذلك كما سيأتي في بعض الروايات ألا ينتن أو يَصِلَّ، ومعلوم أنه إذا مضى عليه الوقت المذكور يتغير أو تخرج منه بعض الرائحة أو النتن، والرسول أباحه ولكنه قال: [ (نعم إن شاء) ]، ومعنى هذا أنه إن عافته نفسك فالأمر واسع.
تراجم رجال إسناد حديث عدي في أكل الصيد يجده بعد يومين أو ثلاثة
قوله: [ حدثنا الحسين بن معاذ بن خليف ]. الحسين بن معاذ بن خليف ثقة، أخرج له أبو داود . [ حدثنا عبد الأعلى ]. عبد الأعلى بن عبد الأعلى ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن داود ]. داود بن أبي هند ، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عامر عن عدي بن حاتم ]. عامر الشعبي عن عدي بن حاتم قد مر ذكرهما.
شرح حديث عدي بن حاتم في الصيد وما يشترط فيه
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن كثير حدثنا شعبة عن عبد الله بن أبي السفر عن الشعبي قال: قال عدي بن حاتم رضي الله عنه: (سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن المعراض فقال: إذا أصاب بحده فكل، وإذا أصاب بعرضه فلا تأكل فإنه وقيذ، قلت: أرسل كلبي؟ قال: إذا سميت فكل وإلا فلا تأكل، وإن أكل منه فلا تأكل فإنما أمسك لنفسه، فقال: أرسل كلبي فأجد عليه كلباً آخر؟ فقال: لا تأكل؛ لأنك إنما سميت على كلبك) ]. أورد أبو داود حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: [ (سألت النبي عن المعراض، فقال: إن أصاب بحده فكل، وإذا أصاب بعرضه فلا تأكل فإنه وقيذ) ] ، ومعناه أنه يكون ميتة؛ لأنه مات بسبب الثقل وبسبب الضربة فيكون مثل الذي رمي بحجر أو نحوه فمات به، فيكون بذلك وقيذاً لا يحل، وإنما الذي يحل هو الذي أصيب بحده وخرج منه الدم. قوله: [ (قلت: أرسل كلبي؟ قال: إذا سميت فكل وإلا فلا تأكل) ]. معناه أنك إذا أرسلت كلبك وسميت فكل وإلا فلا تأكل، وهذا يدل على أنه لابد من التسمية، ولابد من كونه أرسله، وأن يكون معلماً، وأن يمسك لك لا لنفسه. وقال بعض أهل العلم: إنه إذا لم يسم نسياناً فإنه يحل ولا بأس بذلك. قوله: [ (قال: إذا سميت فكل وإلا فلا تأكل، وإن أكل منه فلا تأكل فإنما أمسك لنفسه، فقال: أرسل كلبي فأجد عليه كلباً آخر؟ فقال: لا تأكل لأنك إنما سميت على كلبك) ]. هذا مثل الذي سبق أن تقدم.