تراجم رجال إسناد حديث عدي بن حاتم في الصيد وما يشترط فيه
قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ]. محمد بن كثير العبدي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا شعبة ]. شعبة بن الحجاج الواسطي البصري ، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن أبي السفر ] وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ عن الشعبي قال: قال عدي بن حاتم ]. وقد مر ذكرهما.
شرح حديث أبي ثعلبة في أكل صيد الكلب غير المعلم إن ذكي
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا هناد بن السري عن ابن المبارك عن حيوة بن شريح قال: سمعت ربيعة بن يزيد الدمشقي يقول: أخبرني أبو إدريس الخولاني عائذ الله قال: سمعت أبا ثعلبة الخشني رضي الله عنه يقول: (قلت: يا رسول الله! إني أصيد بكلبي المعلم وبكلبي الذي ليس بمعلم؟ قال: ما صدت بكلبك المعلم فاذكر اسم الله وكل، وما صدت بكلبك الذي ليس بمعلم فأدركت ذكاته فكل) ]. أورد أبو داود حديث أبي ثعلبة الخشني وفيه أنه يرسل كلبه المعلم وغير المعلم، فأفتاه في المعلم أن إذا أرسلته وذكرت اسم الله فكل، وأما غير المعلم فإذا أرسلته وأدركته حياً وذبحته فكل، ومعنى هذا أنه لو أمسكه وقتله الكلب فإنه لا يحل لأنه كلب غير معلم، ومن شرط إباحة الصيد من الكلب أن يكون معلماً، قال تعالى: وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ [المائدة:4] فغير المعلم إنما يفيد إذا أمسك وبقي الصيد الذي أمسكه على قيد الحياة، حتى جاء صاحبه ليذبحه ويستفيد منه ويأكله، وأما إن قتله فإنه لا يحل؛ لأنه غير معلم.
تراجم رجال إسناد حديث أبي ثعلبة في أكل صيد الكلب غير المعلم إن ذكي
قوله: [ حدثنا هناد بن السري عن ابن المبارك ]. هناد بن السري مر ذكره، وابن المبارك هو عبد الله بن المبارك المروزي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن حيوة بن شريح ]. حيوة بن شريح المصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ سمعت ربيعة بن يزيد الدمشقي ]. ربيعة بن يزيد الدمشقي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني أبو إدريس الخولاني عائذ الله قال: سمعت أبا ثعلبة الخشني ]. وقد مر ذكرهما.
شرح حديث أبي ثعلبة في أكل الصيد ذكياً وغير ذكي
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن المصفى حدثنا محمد بن حرب ، ح وحدثنا محمد بن المصفى حدثنا بقية عن الزبيدي حدثنا يونس بن سيف حدثنا أبو إدريس الخولاني حدثني أبو ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال: (قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا أبا ثعلبة ! كل ما ردت عليك قوسك وكلبك -زاد عن ابن حرب المعلم- ويدك فكل؛ ذكياً وغير ذكي) ]. أورد أبو داود حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه: [ (قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا أبا ثعلبة ! كل ما ردت عليك قوسك) ]. يعني: ما اصطدته بقوسك، ومعلوم أن صيده بقوسه هو إذا أصاب بحده. قوله: [ (وكلبك المعلم) ] يعني بالشروط التي سبق أن تقدمت؛ وهي أن يكون أرسله، وأن يكون ذكر اسم الله عليه، وأن يكون أمسك لصاحبه لا لنفسه. قوله: [ (ويدك) ]. أي: ما اصطدته بيدك. قوله: [ (فكل ذكياً وغير ذكي) ]. فسر الذكي بأنه أدركته حياً وذكيته، وفسر غير الذكي بما لم تدركه حياً، ولكنه أصابه السهم وجرحه أو أصابه الكلب وجرحه، ومات بسبب ذلك؛ فهذا غير ذكي، بمعنى أنك لم تذكه، وإنما أصيب بالسهم الذي أصابه أو الكلب الذي جرحه، ولم تذكه أنت، فالذكي هو الذي أدركه حياً وذكاه، بأن أمسكه الكلب أو أصابه المعراض أو السهم وأدركه الرجل حياً فذكاه، أو أنه لم يدركه ولم يتمكن من تذكيته، ولكنه مات بسبب جرح الكلب أو سبب خرق السهم.
تراجم رجال إسناد حديث أبي ثعلبة في أكل الصيد ذكياً وغير ذكي
قوله: [ حدثنا محمد بن المصفى ]. محمد بن المصفى صدوق له أوهام، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا محمد بن حرب ]. وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ح وحدثنا محمد بن المصفى حدثنا بقية ]. بقية هو بقية بن الوليد ، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً و مسلم و أصحاب السنن. [ عن الزبيدي ]. وهو محمد بن الوليد الزبيدي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ حدثنا يونس بن سيف ]. وهو مقبول، أخرج له أبو داود و النسائي . [ حدثنا أبو إدريس الخولاني حدثني أبو ثعلبة الخشني ]. وقد مر ذكرهما.
شرح حديث أبي ثعلبة في الصيد وآنية المجوس
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن المنهال الضرير حدثنا يزيد بن زريع حدثنا حبيب المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه أن أعرابياً يقال له: أبو ثعلبة قال: (يا رسول الله! إن لي كلاباً مكلبة فأفتني في صيدها؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن كان لك كلاب مكلبة فكل مما أمسكن عليك، قال: ذكياً أو غير ذكي؟ قال: نعم، قال: فإن أكل منه؟ قال: وإن أكل منه، فقال: يا رسول الله؛ أفتني في قوسي؟ قال: كل ما ردت عليك قوسك ذكياً أو غير ذكي، قال: وإن تغيب عني؟ قال: وإن تغيب عنك ما لم يَصِلَّ أو تجد فيه أثراً غير سهمك، قال: أفتني في آنية المجوس إن اضطررنا إليها؟ قال: اغسلها وكل فيها) ]. أورد أبو داود حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما يروي حديث أبي ثعلبة الخشني مفصلاً. قوله: [ (يا رسول الله! إن لي كلاباً مكلبة) ]. أي: معلمة. قوله: [ (فأفتني في صيدها) ]. أي: إذا صادت فهل يحل لي أكل صيدها أو لا؟ قوله صلى الله عليه وسلم: [ (إن كان لك كلاب مكلبة فكل مما أمسكن عليك) ]. أي: إذا أرسلتها وذكرت اسم الله عليها كما جاء مبيناً في الروايات الأخرى. وقوله: [ (ذكياً أو غير ذكي؟ قال: نعم.) ] يعني إذا أدركته حياً وذكيته أو أدركته ميتاً وقد جرحه الكلب فإنك تأكله، سواء أدركت فيه حياة فذكيته أو أدركته وقد مات بسبب جرح الكلب له وكان غير ذكي. قوله: [ (قال: وإن أكل منه؟ قال: وإن أكل منه!) ]. وهذا كما عرفنا يحمل على أنه لم يأكل منه ابتداء كما تقدم، وإنما أكل منه بعد انتظار صاحبه وحاجته إلى الأكل، فيكون أمسك لصاحبه، ولكنه احتاج إلى أن يأكل بسبب طول انتظار صاحبه له فأكل. قوله: [ (فقال: يا رسول الله! أفتني في قوسي؟ قال: كل ما ردت عليك قوسك ذكياً أو غير ذكي) ]. تأكله ذكياً بمعنى أنك أدركته وفيه حياة وذكيته، أو غير ذكي بأن أصابه سهمك ومات بسبب الإصابة ولم تذكه، فإنه يكون حلالاً، كما تقدم. قوله: [ (أو تجد فيه أثراً غير سهمك) ] معناه: أن السهم أو الإصابة ليست منك، وكانت إصابته بسبب غيرك أو وجدت فيه أثر عضة كلب مثلاً؛ فإذا كان الأمر كذلك فلا تأكل منه. وقوله: [ (ما لم يصل) ] أي: ما لم تحصل له رائحة، وقيل: إن النهي عما حصلت فيه الرائحة محمول على الكراهة، وإلا فإنه حلال ولو كان فيه رائحة مادام أنه لا يخشى أن يقع لآكله من ورائه ضرر، والرسول صلى الله عليه وسلم قد أكل إهالة سنخة، أي فيها شيء من التغير في الرائحة. قوله: [ (قال: أفتني في آنية المجوس إن اضطررنا إليها؟ قال: اغسلها وكل فيها) ]. معناه أن استعمال آنية الكفار المجوس أو أهل الكتاب الذين يستعملون النجاسات ويأكلون الخنازير والميتة؛ يجوز إذا غسلها الإنسان مما قد يكون علق بها من نجاسة حتى ذهبت بالغسل؛ وهذا إنما يكون في الإناء المستعمل، أما إذا كانت جديدة كالتي تأتي من المصانع، فإنها لا تحتاج إلى أن تغسل؛ لأنهم لم يستعملوها، وإنما الشك في الشيء الذي قد استعمل، وهو الذي يحتاج إلى أن يغسل.
تراجم رجال إسناد حديث أبي ثعلبة في الصيد وآنية المجوس
قوله: [ حدثنا محمد بن منهال الضرير ]. محمد بن منهال الضرير ثقة، أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ حدثنا يزيد بن زريع ]. يزيد بن زريع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حبيب المعلم ]. وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمرو بن شعيب ]. وهو صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. أبوه شعيب بن محمد ، وهو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وجزء القراءة وأصحاب السنن. [ عن جده ]. جده عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
الصيد تقطع منه قطعة
شرح حديث: (ما قطع من البهيمة وهي حية فهي ميتة)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في صيد قطع منه قطعة. حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي واقد رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما قطع من البهيمة وهي حية فهي ميتة) ]. هذا باب في صيد قطع منه قطعة، أي: فما حكم تلك القطعة التي قطعت من الصيد؟ وهنا أورد الحديث في كتاب الصيد؛ لأن الصيد من جملة ما يندرج تحت الحديث، وليس الحديث خاصاً بالصيد، بل هو عام في الصيد وغيره. فإذا قطع من الحيوان قطعة سواء كان مستأنساً أو متوحشاً، فإنها تكون حراماً؛ لأن القطعة التي تبان من الحي تعتبر ميتة، ولا تعتبر ذبيحة مباحة، بل هي قطعة انفصلت من حي فكانت ميتة، أي: حكمها حكم الميتة في أنها لا تحل سواء كان ذلك في صيد أو غيره. وأورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة في كتاب الصيد مع أن الحكم يشمل الصيد وغير الصيد، لأن الغالب أن القطعة التي تقتطع تكون برمي الصيد، فتنقطع قطعة منه ويبقى حياً، فهذه القطعة التي قطعت منه تكون حراماً ولا تحل، وتعتبر ميتة لا يجوز أكلها، هذا هو مقتضى ما تدل عليه الترجمة. وقد أورد أبو داود حديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه: [ (ما قطع من البهيمة وهي حية فهي ميتة) ] أي الذي قطع منها وهي حية فهي ميتة؛ لأنها انفصلت من حي فيكون حكمها حكم الميتة، وعلى هذا فالصيد إذا رمي ثم سقط منه قطعة وبقي هو حياً، فهرب أو بقي على قيد الحياة؛ فإن هذه القطعة التي انفصلت منه ميتة، لكن لو أنه رمى الصيد حتى مزقه وتقطع قطعاً ومات بسبب ذلك فالقطع كلها حلال، لأن إزهاق نفسه حصل بتمزيقه وتقطيعه بتلك الرمية، فليس هناك شيء انفصل من حي؛ فيكون مباحاً. فلو رمي الطير أو الأرنب أو الغزال حتى تفرق قطعاً أو أنه ضربها فقطعها قطعتين وماتت بسبب ذلك القطع، فإن الكل يكون حلالاً.
تراجم رجال إسناد حديث: (ما قطع من البهيمة وهي حية فهي ميتة)
قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي ، وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة. [ حدثنا هاشم بن قاسم ]. هاشم بن قاسم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ]. وهو صدوق يخطئ، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن زيد بن أسلم ]. وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عطاء بن يسار ]. وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي واقد ]. أبو واقد الليثي رضي الله عنه، وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
اتباع الصيد
شرح حديث ابن عباس في اتباع الصيد
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في اتباع الصيد. حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن سفيان حدثني أبو موسى عن وهب بن منبه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقال مرة سفيان : ولا أعلمه إلا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقال: (من سكن البادية جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى السلطان افتتن) ]. معنى اتباع الصيد أن يهوى الإنسان الصيد وينشغل به حتى يتعلق قلبه بالصيد، فالمقصود باتباع الصيد من يشغل نفسه بمتابعة الصيد والسعي وراءه وتحصيله، فيضيع عليه الوقت وهو يتبع الصيد. وقد أورد أبو داود حديث عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (من سكن البادية جفا) ]، أي صار من الأعراب الذين هم جفاة، وعندهم غلظ في الطباع، فليس عندهم سهولة وليونة، وإنما عندهم شدة وقسوة وغلظ في الطباع، والمعنى أنه صار عنده جفوة. قوله: [ (ومن اتبع الصيد غفل) ] أي: صار عنده غفلة؛ لأنه يضيع وقته في اللهو بالصيد ومتابعته وقطع المسافات وقتل الأوقات في سبيل متابعته، ثم قد يحصل شيئاً، وقد لا يحصل شيئاً فيكون في ذلك غفلة، والمعنى أنه يكون عنده شيء من الغفلة بسبب اتباعه للصيد وافتتانه وتعلقه به، فتجده يقتل الأوقات ويمضي الساعات في متابعة الصيد، وهذا شيء مذموم. قوله: [ (ومن أتى السلطان افتُتن) ] أو افتَتن، أي حصلت له فتنة في دينه، وهذا فيما إذا أتى السلطان من أجل تحصيل دنيا، أو من أجل متابعته على ظلم إذا كان ظالماً. فإتيان السلطان يكون مذموماً إذا كان من أجل تحصيل الدنيا، ومن أجل متابعته وأن يكون معه، وإذا كان ظالماً تجده يحبب له الظلم ويؤيده على الظلم ويساعده عليه، فإن تلك فتنة للإنسان. وأما إذا أتى السلطان لحاجته أو لأمر يتعلق بمصلحته، أو كان له حق فاحتاج إلى أن يذهب إلى السلطان، وكذلك من ذهب إلى السلطان لنصحه وما إلى ذلك؛ فإن هذا أمر محمود وليس فيه افتتان، بل هذا فيه نصح لولاة الأمور، وهو أمر مطلوب، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (الدين النصيحة، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم). وعلى هذا فالدخول على السلطان والإتيان إليه قد يكون محموداً وقد يكون مذموماً، فيكون مذموماً إذا كان المقصود هو الدنيا، أو الرغبة في متابعته، وكان يترتب على ذلك تأييده في أمر لا يسوغ من الظلم أو غير ذلك، ويكون محموداً إذا كان لغير ذلك؛ بأن ذهب إليه من أجل حاجة أو كانت له مظلمة واحتاج إلى أن يذهب إلى السلطان لتخليص مظلمته، أو لنصحه؛ فهذا أمر محمود.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس في اتباع الصيد
قوله: [ حدثنا مسدد ]. مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا يحيى ]. يحيى بن سعيد القطان ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سفيان ]. هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي ، ثقة فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ حدثني أبو موسى ]. أبو موسى يروي عن وهب بن منبه وهو مجهول، أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن وهب بن منبه ]. وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة فقد أخرج له في التفسير. [ عن ابن عباس ]. عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. والحديث في إسناده رجل مجهول، ولكن له شاهد من حديث أبي هريرة عند الإمام أحمد وغيره، فيكون ثابتاً لذلك، ويشهد له ما يأتي أيضاً. [ وقال مرة سفيان : ولا أعلمه إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم ]. يعني أن سفيان أتى به مرة على أنه مرفوع جزماً، ومرة على أن عنده فيه شكَّاً.
شرح حديث أبي هريرة في اتباع الصيد
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عيسى حدثنا محمد بن عبيد حدثنا الحسن بن الحكم النخعي عن عدي بن ثابت عن شيخ من الأنصار عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمعنى مسدد قال: (ومن لزم السلطان افتتن)، زاد: (وما ازداد عبد من السلطان دنواً إلا ازداد من الله بعداً) ]. هذا الحديث عن أبي هريرة في إسناده رجل مجهول، ولكن نحوه في مسند الإمام أحمد بإسناد متصل وليس فيه من هو مجهول، فيكون شاهداً للحديث الأول، وهذا أيضاً يكون شاهداً له، أعني الجملة السابقة التي بمعنى حديث مسدد ، التي هي: (من سكن البادية جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى السلطان افتتن). قوله: [ (ومن لزم السلطان افتتن، وما ازداد عبد من السلطان دنواً إلا ازداد من الله بعداً) ]. هنا قال: [ (من لزم السلطان افتتن) ] ففيه ملازمة السلطان، وما تقدم ذكر الإتيان، ومن المعلوم أن الملازمة غير الإتيان، فالملازمة أن يكون موجوداً معه بصفة دائمة، وأما الذي يأتيه فقد يأتيه للحاجة. وقد كان بعض العلماء يتكلمون في بعض الرواة يقولون: إنه كان يدخل على السلطان، وكان هذا قدحاً ولكنه غير مؤثر؛ لأن الدخول على السلطان قد يكون لحاجته هو أو لأمر يخصه، أو لمظلمة تتعلق به، أو لنصحه، أما إذا كان على الوجه الذي ذكرت في الحديث السابق، وهو طلب الدنيا والإعانة على الظلم؛ فهذا يكون مذموماً. فتجد في بعض التراجم عندما يذكرون الرجل يقولون: إلا أنه كان يدخل على السلطان أو يأتي السلطان، وهذا لا يؤثر كما ذكرت، وهناك من رجال الكتب الستة من كان كذلك، مثل حميد بن أبي حميد الطويل قال في التقريب: عابوا عليه الدخول على السلطان، وهو من رجال الكتب الستة، ومن الثقات الأثبات. قوله: [ (وما ازداد عبد من السلطان دنوًّا إلا ازداد من الله بعداً) ]. معناه فيما إذا كان من أجل مناصرته على الظلم إذا كان ظالماً، أو من أجل تحصيل أمور دنيوية والتكاثر فيها، ولكن الحديث في إسناده رجل مجهول، فهو غير ثابت بهذه الزيادة.
تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة في اتباع الصيد
قوله: [ حدثنا محمد بن عيسى ]. محمد بن عيسى الطباع ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً و أبو داود و الترمذي في الشمائل و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا محمد بن عبيد ]. محمد بن عبيد الطنافسي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا الحسن بن الحكم النخعي ]. وهو صدوق يخطئ، أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي في مسند علي و ابن ماجة . [ عن عدي بن ثابت ]. وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن شيخ من الأنصار ]. هذا يقال له: مبهم؛ لأنه ما ذكر اسمه، فالذي لم يذكر اسمه يقال له: مبهم، فالمبهم أن يقال: رجل أو شيخ أو امرأة أو ما إلى ذلك، أما إذا ذكر اسمه ولم يذكر اسم أبيه وهو يلتبس بغيره، فهذا يقال له: المهمل. [ عن أبي هريرة ]. عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق؛ رضي الله عنه وأرضاه. [ بمعنى مسدد ]. يعني بمعنى حديث مسدد الذي مر قبل هذا.
ذكر المراد بالسلطان في حديث ذم اتباع الصيد
السلطان هو الوالي الأعظم، وكذلك الأمراء، ونائب السلطان يعتبر سلطاناً؛ لأن من لازم الدخول على الوالي، سواء كان الوالي الأعظم أو نائب الوالي الأعظم، للأغراض التي أشرنا إليها فيما مضى، وهي أن يحصل منه دنيا، أو يناصره أو يؤيده على ظلم أو ما إلى ذلك؛ فهذا هو الذي يذم؛ سواء كان هو الإمام الأعظم أو من نواب الإمام الأعظم.
شرح حديث أبي ثعلبة في أكل الصيد إذا غاب ما لم ينتن
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا يحيى بن معين حدثنا حماد بن خالد الخياط عن معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إذا رميت الصيد فأدركته بعد ثلاث ليال وسهمك فيه، فكله ما لم ينتن) ]. أورد أبو داود حديث أبي ثعلبة الخشني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: [ (إذا رميت الصيد فأدركته بعد ثلاث ليال وسهمك فيه، فكله ما لم ينتن) ]. وهذا يدل على أن الصيد إذا أدرك ولو بعد مدة وأثر سهمه فيه فإنه يكون حلالاً ما لم ينتن، أما إذا أنتن فلا ينبغي للإنسان أن يستعمله. وقد اختلف العلماء: فمنهم من حرمه ومنهم من قال: إن هذا المنع إنما هو للتنزيه. والتقييد بكونه لم ينتن يدل على أنه لو زاد على ثلاث ليال ولم ينتن فإنه يكون مباحاً، ولو قل عن ثلاث ليال وأنتن لم يكن مباحاً؛ لأنه علق الحكم بكونه ينتن.
تراجم رجال إسناد حديث أبي ثعلبة في أكل الصيد إذا غاب ما لم ينتن
قوله: [ حدثنا يحيى بن معين ]. يحيى بن معين ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد بن خالد الخياط ]. حماد بن خالد الخياط ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن معاوية بن صالح ]. معاوية بن صالح بن حدير ، وهو صدوق له أوهام، أخرج له البخاري في جزء القراءة و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير ]. وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. وهو كذلك ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي ثعلبة الخشني ]. أبو ثعلبة الخشني جرثوم بن ناشر رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
الأسئلة
حكم قتل الكلب الأسود المختص بالغير
السؤال: هل يجوز لي قتل الكلب الأسود وإن لم يكن ملكاً لي؟
الجواب: إذا كان الإنسان اتخذه لحراسة أو لماشية فليس له أن يقتله، والكلب لا يكون ملكاً له ولا لغيره، فقد قلنا: إنه لا يملك، ولكنه يختص بمن يضع يده عليه.
حكم قتل الكلب الأسود
السؤال: هل نقول بسنية قتل الكلب الأسود لأمر النبي صلى الله عليه وسلم؟
الجواب: نعم، فإن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر بقتله وقال: (عليكم بالكلب الأسود).
حكم أكل الصيد المقتول بحجر
السؤال: إذا قتلت الطير بحجر، هل يجوز أن آكله؟
الجواب: هذا هو الوقيذ، فالوقيذ هو الذي يرمى بحجر.
حكم اتخاذ الكلاب في البيوت
السؤال: ما حكم اتخاذ كلب الحراسة، وذلك إذا كان البيت كبيراً وفيه حوش، أو كان للبيت مزرعة ملحقة به فجاء بالكلب للمزرعة، وهو كذلك يحرس البيت؟
الجواب: إذا كانت المزرعة تابعة للبيت فهذه لا يقال لها: مزرعة، إنما المزرعة ما كانت واسعة، وكانت نائية عن البيوت، أما أن يأتي بالكلب بحجة أنه يوجد زرع أو شيء من النبات بجوار البيت، فغير صحيح.
حكم الحج عن المريض بغير إذنه
السؤال: هل يجوز الحج عن المريض الذي لا يرجى برؤه من غير إذنه؟ أي: هل يشترط الإذن في الحج عن الغير؟
الجواب: إذا كان المرء حياً فلابد أن يكون على علم.
حكم الإحرام للمتمتع عند الرجوع إلى مكة
السؤال: جئت للحج من بلدي فذهبت إلى مكة واعتمرت، ثم أتيت لزيارة المسجد النبوي؛ فهل يجب علي الإحرام إذا رجعت إلى مكة مع أني لا أريد عمرة ثانية؟
الجواب: يجب عليك الإحرام، فإن أحرمت بعمرة ثانية فهو أولى لك، وإن لم تحرم بالعمرة فإنك تحرم بالحج، فلابد أن تحرم عند مرورك بالميقات، فإن أحرمت بعمرة فهو أولى لك؛ لأنك تحصل عمرتين وحجاً، وإن لم ترد العمرة فأحرم بالحج وأنت متمتع.
حكم صيد المحرم للبرمائيات
السؤال: المحرم ممنوع من صيد البر، فما الحكم في الحيوان البرمائي؟
الجواب: ما كان مشتبهاً فقد قال الرسول: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)، وقال: (فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه)، فالشيء الذي فيه اشتباه الأولى للإنسان تركه.
حكم تكرار العمرة بعد الحج
السؤال: يقول ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد: ""فالعمرة التي فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرعها، عمرة الداخل إلى مكة لا عمرة من كان بها فخرج إلى الحل ليعتمر، ولم يفعل ذلك أحد قط في عهده إلا عائشة رضي الله عنها وحدها من بين سائر من كان معه"". يقول: أرجو إيضاح هذه العبارة، وهل يفهم من هذا أن الذي أصله من خارج مكة ومكث في مكة للدراسة، لا يسن له أن يخرج إلى الحل ليعتمر، وماذا يفعل أهل مكة إذا أرادوا الحج أو العمرة؟
الجواب: أهل مكة إذا أرادوا العمرة يخرجون إلى الحل، وإذا أرادوا الحج يحرمون من منازلهم، والذي يكون ساكناً في مكة وإن لم يكن من أهل مكة حكمه حكم أهل مكة، ولكن الشأن في الذي يأتي حاجاً ثم يأتي بعمرة، ثم يتردد بين التنعيم والكعبة يعتمر مرات كثيرة، هذا هو الذي لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولم يفعله إلا عائشة ، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأذن لعائشة إلا بعد إلحاح، وقال: (يكفيك طوافك وسعيك عن حجك وعمرتك) ولأنها قارنة، ولكنها رضي الله عنها أرادت أن يحصل لها مثلما حصل لأمهات المؤمنين اللاتي أحرمن وطفن وسعين للعمرة، ثم طفن وسعين للحج، وهي منعها الحيض من أن تطوف وتسعى للعمرة، فأدخلت الحج على العمرة وصارت قارنة.
حكم اتخاذ الكلاب لحراسة البيوت
السؤال: ما حكم اتخاذ الكلب للحراسة في البيوت؟
الجواب: لا يجوز ذلك، وهذا يدخل في حديث: (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب)؛ لأن الاستثناء جاء في هذه الثلاثة، والبيوت كانت موجودة، وما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إلا كلب حراسة للبيت، بل جاء ما يدل على أن البيت الذي فيه كلب لا تدخله الملائكة. ولا يقاس ذلك على حراسة الماشية وحراسة الزرع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة) ولم يستثن الرسول صلى الله عليه وسلم غير هذه الثلاثة.
حكم بيع الكلب
السؤال: الكلاب التي يجوز اتخاذها، هل يجوز شراؤها وبيعها؟
الجواب: لا يجوز شراؤها ولا بيعها، وإنما يجوز اتخاذها، ومن استغنى عنها تركها لغيره، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثمن الكلب خبيث) فلا تباع الكلاب ولا يكون لها ثمن، ولكن من احتاج إليها أخذها ومن استغنى عنها تركها. قد يحتج البعض بأنه يأخذ تكاليف التدريب، خاصة في الكلب المتخذ للصيد، وهذا لا يصح، وفائدة التدريب كونه علمه وحصل صيداً بسببه، وكونه علمه لا يقتضي أن يباح ثمنه؛ لأن الكلب أبيح لحاجة، وهو ممنوع من اتخاذه في غيرها، فمن أخذه فهو يعتبر أولى به لاختصاصه به، وأما كونه يجعله من جملة المال المتمول الذي يباع ويشترى فليس كذلك لأن الكلاب ليست من المال الذي يملك، ولكنها تتخذ في الأمور التي وردت بها خاصة.
استواء الكلب المعلم وغير المعلم في النجاسة
السؤال: هل الكلب المعلم يختلف عن الكلب غير المعلم من حيث الطهارة والنجاسة؟
الجواب: لا يختلفان، فهما من حيث الحكم بالطهارة والنجاسة سيان؛ ولكن هذا استثني فأبيح اتخاذه من أجل الصيد أو الماشية أو الزرع، وغير ذلك لا يجوز اتخاذه. وإذا قلنا بالنجاسة فمعلوم أن الكلب إذا ولغ في الإناء يغسل سبع مرات، وسواء في ذلك المعلم وغيره، وإذا عض الصيد فإنه يغسل؛ لكن لا كما يغسل الإناء، فلا يشترط العدد ولا التراب.
حكم ما يقطع من البهيمة من الشعر والصوف وهي حية
السؤال: ذكرتم أن ما قطع من حي فهي ميتة، فهل يعم ذلك الشعر ونحوه؟
الجواب: هذا الذي ذكرناه كائن فيما إذا كان المقطوع من اللحم، أما إذا كان شيئاً مما ينبت ويستخلف مرة أخرى مثل الشعر والصوف والوبر، فإن هذا لا يقال: إنه ميتة، ولا يوصف بأنه ميت، بل هذا مباح، وإنما الكلام في العضو يقطع كالرجل واليد والألية والأذن، أو غيرها مما فيه لحم.
حكم المقطوع من السمك وهو حي
السؤال: ما حكم المقطوع من السمك وهو حي؟
الجواب: السمك ميتته حلال كما هو معلوم، أي أنه لو وجد ميتاً فهو حلال، فالذي قطع منه يكون حلالاً."