عرض مشاركة واحدة
  #566  
قديم 05-05-2025, 03:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,616
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الاضحية
شرح سنن أبي داود [337]
الحلقة (369)





شرح سنن أبي داود [337]

حض الشرع الناس على الصدقة، وجعل أفضلها ما يكون في وقت الصحة في البدن والحرص على المال، وشرع الوصية لما بعد الموت، ويجب أن يكون الوصي أميناً قوياً، وأن يجتهد في عمل كل ما يحفظ مال اليتيم، وإن كان فقيراً فله أن يأكل بالمعروف، وإن كان غنياً فليستعفف.

ما جاء في كراهية الإضرار في الوصية



شرح حديث: (أن تصدق وأنت صحيح حريص ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في كراهية الإضرار في الوصية. حدثنا مسدد حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا رسول الله! أي الصدقة أفضل؟ قال: أن تصدق وأنت صحيح حريص، تأمل البقاء وتخشى الفقر، ولا تُمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان) ]. يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في كراهية الإضرار بالوصية ] أي: أنه عندما يوصي لا يحصل منه إضرار بأحد، أو قصد لإلحاق الضرر بأحد، وإنما عليه أن يكون عادلاً في وصيته، كما عليه أن يكون عادلاً في جميع تصرفاته. أورد رحمه الله حديث أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله رجل: أي الصدقة أفضل؟ وهذا يدلنا على حرص أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام على معرفة الأعمال الفاضلة، وحرصهم على معرفة الأفضل، وهذا يدلنا على عنايتهم وحرصهم على معرفة ما هو خير وما هو أفضل من غيره ليأخذوا به وليعملوا به رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم أخبره أن خير الصدقة أن يتصدق الإنسان وهو (صحيح) يعني: في حال صحته لا في حال مرضه، (حريص) في حال حرصه ورغبته، وكونه يأمل الغنى ويخشى الفقر، ويأمل في الحياة ويخشى الفقر؛ لأنه يطمع في الحياة ويرغب فيها، فهو يبقي على ما عنده، وخير الصدقة ما كان وهو في هذه الحال، يعني: كونه يتصدق في حال صحته، وفي حال رغبته في المال، وحرصه عليه؛ لأنه يأمل الحياة ويخشى الفقر، فإذا تصدق وهو في هذه الحال فهذا هو خير الصدقة. قال: (ولا تمهل) يعني: لا تؤخر حتى إذا مرضت وكادت الروح أن تخرج عند ذلك تفكر في الإنفاق؛ ففي هذه الحال سهل عليه المال ورخص؛ لأنه سينتقل إلى الورثة، فهنا قد يلحق ضرراً بالورثة بأن يعطي عطيات أو يوصي بوصايا، لكن الوصايا كما هو معلوم لا تتجاوز الثلث، وإذا أوصى بشيء زائد عن الثلث فيحتاج الأمر إلى إقرار الورثة، لكن كونه يعطي في حال مرضه وتسمح نفسه وتجود في حال المرض؛ لأنه أيس من الحياة، وكاد أن يفارق الحياة، فقد يدفعه ذلك إلى كونه يضر بالورثة بأن ينفق المال ويتصدق به في حال مرضه بقصد الإضرار، وهذا هو وجه إيراد المصنف هذا الحديث تحت هذه الترجمة، وهي: [ باب ما جاء في كراهية الإضرار بالوصية ]. قال: (ولا تمهل) يعني: لا تؤخر عن حال صحتك وحال حرصك إلى أن يأتي المرض وتشرف على الموت، وترخص عندك الدنيا، ويرخص عندك المال؛ لأنك لم تعد تطمع في البقاء فيها، فعندها تقول: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان، يعني: يعطي ويتصدق، وسمحت نفسه بالمال، وفي هذه الحال يترتب على ذلك إضرار بالورثة؛ لأنه أنفق المال وحال بينهم وبينه، وهذا يدخل في تصرفات المريض، وتصرف المريض في حال المرض المخوف له أحكام التصرف فيه والإعطاء، وله أحكام تخصه، وحتى التطليق في حال المرض المخوف إن كان طلاقاً بائناً من أجل قصد الحرمان من الإرث قال بعض أهل العلم: إنها ترثه إن كان متهماً بحرمانها، أما إذا كان طلاقاً رجعياً فإن الرجعية زوجة، وتجري عليها أحكام الزوجات، ولا فرق بينها وبينهن ما دامت في العدة، ولكن كونه يطلق طلاقاً بائناً من أجل أن يحرمها، قال بعض أهل العلم: إنه إذا كان تطليقه إياها طلاقاً بائناً من أجل حرمانها من الإرث فإنه يعامل بنقيض قصده، وترث ولا تمنع من الميراث؛ لأن هذا التصرف تصرف في حال مرض الموت، فيعامل بنقيض قصده.

تراجم رجال إسناد حديث: (أن تصدق وأنت صحيح حريص ...)


قوله: [ حدثنا مسدد ]. مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا عبد الواحد بن زياد ]. عبد الواحد بن زياد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عمارة بن القعقاع ]. عمارة بن القعقاع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير ]. أبو زرعة بن عمرو بن جرير وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.

شرح حديث: (لأن يتصدق المرء في حياته بدرهم ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن أبي فديك أخبرني ابن أبي ذئب عن شرحبيل عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لأن يتصدق المرء في حياته بدرهم خير له من أن يتصدق بمائة درهم عند موته) ]. أورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (لأن يتصدق المرء في حياته -يعني: في حال صحته وعافيته- بدرهم خير من أن يتصدق بمائة درهم عند موته) يعني: عندما ييئس من الحياة ويشرف على الموت؛ لأن الأول تصدق بدرهم في حال حرصه على الدنيا، ورغبته في الحياة، وخوفه من الفقر، فإنفاقه درهماً واحداً في حال كون المال عنده غالياً وليس برخيص يحصل فيه الأجر العظيم، وأما إذا أنفق مائة درهم في حال مرضه ويأسه من الحياة، وحال رخص الدنيا والمال عنده؛ فإن ذلك الدرهم أفضل من تلك المائة؛ لأن هذا في حال الرغبة في الحياة، والحرص على المال، وهذا في حال اليأس من الحياة ورخص المال؛ لأنه سيغادر هذه الحياة الدنيا، وإنفاقه قد يكون فيه شيء من الإضرار، وقد يكون ليس فيه إضرار، ولكنه ما فعله إلا لكونه يئس من الحياة. والحديث في إسناده رجل متكلم فيه، فالحديث ضعيف من أجله.

تراجم رجال إسناد حديث: (لأن يتصدق المرء في حياته بدرهم ...)


قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ]. أحمد بن صالح المصري ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي في الشمائل. [ حدثنا ابن أبي فديك ]. ابن أبي فديك هو محمد بن إسماعيل بن مسلم بن أبي فديك ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني ابن أبي ذئب ]. ابن أبي ذئب هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن شرحبيل ]. شرحبيل بن سعد أبو سعد وهو صدوق اختلط بآخره، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و ابن ماجة . [ عن أبي سعيد الخدري ]. أبو سعيد الخدري هو سعد بن مالك بن سنان رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث ضعفه الألباني من أجل شرحبيل بن سعد أبو سعد .

شرح حديث: (إن الرجل ليعمل والمرأة بطاعة الله ستين سنة ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبدة بن عبد الله أخبرنا عبد الصمد حدثنا نصر بن علي الحداني حدثنا الأشعث بن جابر حدثني شهر بن حوشب أن أبا هريرة رضي الله عنه حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إن الرجل ليعمل والمرأة بطاعة الله ستين سنة، ثم يحضرهما الموت فيضاران في الوصية؛ فتجب لهما النا)، قال: وقرأ عليَّ أبو هريرة من هاهنا: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ [النساء:12] حتى بلغ: َذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [النساء:13]. قال أبو داود : هذا -يعني: الأشعث بن جابر - جد نصر بن علي ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الرجل ليعمل والمرأة ستين سنة في طاعة الله، ثم يحضرها الموت، فيضاران في الوصية، فتجب لهما النار) ، ثم قرأ أبو هريرة من قوله: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ [النساء:12] حتى بلغ: ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [النساء:13]، والمقصود: أن هذا من الإضرار بالوصية. والحديث ضعفه الألباني من أجل شهر بن حوشب .

تراجم رجال إسناد حديث: (إن الرجل ليعمل والمرأة بطاعة الله ستين سنة ...)


قوله: [ حدثنا عبدة بن عبد الله ]. عبدة بن عبد الله الضبي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ أخبرنا عبد الصمد ]. عبد الصمد بن عبد الوارث صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا نصر بن علي الحداني ]. نصر بن علي الحداني ثقة، أخرج له أصحاب السنن. [ حدثنا الأشعث بن جابر ]. الأشعث بن جابر وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن. [ حدثني شهر بن حوشب ]. شهر بن حوشب صدوق كثير الإرسال والأوهام، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلموأصحاب السنن. [ أن أبا هريرة ]. أبا هريرة رضي الله عنه مر ذكره في الإسناد السابق. نصر بن علي ونصر بن علي الحداني صدوق كثير الإرسال والأوهام، أبي داود، وهذا الذي معنا الجد الحداني الجهضمي ، أما الحفيد نصر بن علي فهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، والجد صدوق، أخرج له أصحاب السنن . [ قال أبو داود : هذا -يعني: الأشعث بن جابر - جد نصر بن علي ]. معناه: أن نصر بن عليالجد يروي عن جده لأمه الأشعث بن جابر . ومن أوجه المضارة بالوصية: أن يوصي بأكثر من الثلث لشخص من غير الورثة، أو يوصي لأحد من الورثة بالثلث أو بحدود الثلث، فهذا من الإضرار بالوصية.

ما جاء في الدخول في الوصايا



شرح حديث: (... ولا تولين مال يتيم)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في الدخول في الوصايا. حدثنا الحسن بن علي حدثنا أبو عبد الرحمن المقري حدثنا سعيد بن أبي أيوب عن عبيد الله بن أبي جعفر عن سالم بن أبي سالم الجيشاني عن أبيه عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يا أبا ذر ! إني أراك ضعيفاً وإني أحب لك ما أحب لنفسي، فلا تأمرن على اثنين، ولا تولين مال يتيم). قال أبو داود : تفرد به أهل مصر ]. أورد أبو داود [ باب ما جاء في الدخول في الوصايا ] يعني: كون الإنسان يقبل الوصية، أو يطلب أن يكون قائماً بالوصية، والدخول فيها يعني قبولها وكونه يوصى إليه ويقبل، أو يعرض عليه فيقبل، فالمقصود من الدخول: كون الإنسان يصير وصياً، ويقبل أن يكون وصياً، أو يسعى إلى أن يكون وصياً، أو يرغب في أن يكون وصياً. هذا هو الدخول فيها. والدخول في الوصية إنما يكون لمن عنده قدرة وأهليه وأمانة وقوة؛ لأن الأمين يحافظ على المال، والقوي يكون عنده قدرة على المحافظة عليه؛ لأنه قد توجد الأمانة مع الضعف، وقد يوجد الضعف مع الأمانة، ولكن إذا اجتمعت القوة والأمانة فذلك الخير . ولهذا جاء عن عمر رضي الله عنه وأرضاه أنه جعل الأمر شورى في ستة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بينهم سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه، وكان سعد أميراً لعمر على الكوفة، وحصل بينه وبين جماعة من أهل الكوفة شيء من الوحشة، وتكلموا فيه وذموه وعابوه، وشكوه إلى عمر، حتى أنهم تكلموا في صلاته، وهذا يدلنا على أن السلامة من الناس حصولها صعب، فهذا رجل من أهل الجنة يمشي على الأرض، والناس يعلمون أنه من أهل الجنة، ومع ذلك يتكلمون فيه وفي صلاته، وشكوه إلى عمر في صلاته، وزعموا أن رجلاً من أهل الجنة لا يحسن أن يصلي! وهكذا الأشرار والذين عندهم سوء طوية لا يقفون عند حد، ولكنه عزله لما خشي أن يحصل شيء من هؤلاء السفهاء لا تحمد عقباه، فرأى أن المصلحة أن يعزله حتى لا يحصل شيء بسبب هذه الشحناء التي بينهم وبينه، ولكنه عندما اختار هؤلاء الستة، وكان من بينهم سعد خشي أن أحداً يقول: إنه نسي، كيف يعزله من الكوفة ويرشحه للخلافة؟! يعزله من إمارة مدينة، ثم يرشحه للخلافة! فكان من إنصاف وعدل عمر وفضله رضي الله عنه وأرضاه أنه قال: [ إن أصابت الإمارة سعداً فذاك ] يعني: فهو أهل لها، [ وإن لم تصبه فليستعن به من أمر ] يعني: من يكون أميراً يستعين به إذا لم تصله الإمارة. [ فإنني لم أعزله من عجز ولا خيانة ] يعني: عن الكوفة. أورد أبو داود حديث أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يا أبا ذر ! إني أراك رجلاً ضعيفاً، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، فلا تأمرن على اثنين، ولا تولين مال يتيم) يعني: لا تكن أميراً على اثنين أو ثلاثة وذلك لضعفه، ولا يلين مال يتيم أيضاً لضعفه، نعم هو أمين، ولكن فيه ضعف. وقوله: (أحب لك ما أحب لنفسي) المقصود: كما أني أحب الخير لنفسي أحب الخير لك، ولكن ليس معنى ذلك: أن الرسول صلى الله عليه وسلم لن يلي أمر أحد، بل هو إمام المسلمين واختاره الله لرسالته، ولكن من الخير لك ألا تلين مال يتيم، وإن كان غيره قد يكون من الخير له أن يلي مال اليتيم، وأن يكون أميراً على أكثر من اثنين حيث يكون عنده الأمانة مع القوة. إذاً: قوله: (أحب لك ما أحب لنفسي) لا إشكال فيه من ناحية أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يريده أن يكون أميراً على اثنين مع أنه إمام المسلمين صلى الله عليه وسلم وهو قدوة المسلمين عليه الصلاة والسلام، فالمقصود من ذلك أنني أحب لك الخير كما أحب الخير لنفسي، وأنت من هذه الجهة لست أهلاً لذلك، فلا تقدمن على الدخول في الوصايا، يعني: أنه لا يقبل أن يكون وصياً لما فيه من ضعف، أما الأمانة فهي موجودة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (إني أراك ضعيفاً) ثم قال له: (فلا تأمرن على اثنين)، أي: لا يكون أميراً على أحد من الناس، وكذلك أيضاً في حال السفر، فإذا سافر ثلاثة فإنهم يولون واحداً منهم، فلا يكون هو الأمير عليهم وإنما يكون الأمير غيره. إذاً: الدخول في الوصية أو قبول الوصية، أو كون الإنسان يرغب في أن يكون قائماً بالوصية فيه خطر، فلابد أن يكون عنده القوة مع الأمانة.

تراجم رجال إسناد حديث: (... ولا تولين مال يتيم)


قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ]. الحسن بن علي الحلواني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [ حدثنا أبو عبد الرحمن المقري ]. أبو عبد الرحمن المقري هو عبد الله بن يزيد المقري المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا سعيد بن أبي أيوب ]. سعيد بن أبي أيوب المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبيد الله بن أبي جعفر ]. عبيد الله بن أبي جعفر المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سالم بن أبي سالم الجيشاني ]. سالم بن أبي سالم الجيشاني المصري مقبول، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي . [ عن أبيه ]. أبوه أبو سالم وهو تابعي مخضرم، ويقال: له صحبة؛ أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي . [ عن أبي ذر ]. أبو ذر جندب بن جنادة رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ قال أبو داود : تفرد به أهل مصر ]. يعني: أن رواته أكثرهم من أهل مصر؛ لأن الأول والثاني والثالث ليسوا من مصر، الذين هم: الحسن بن علي الحلواني و أبو عبد الرحمن المقري المكي و أبو ذر ، وأما الباقون فهم من أهل مصر. والحديث أخرجه مسلم في صحيحه، وأما الراوي الذي طعن فيه الحافظ في التقريب فمردود؛ لأن الحديث أخرجه مسلم ، والرجل من رجال مسلم .
ما جاء في نسخ الوصية للوالدين والأقربين


شرح أثر ابن عباس في قوله تعالى: (إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في نسخ الوصية للوالدين والأقربين. حدثنا أحمد بن محمد المروزي حدثني علي بن حسين بن واقد عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما: إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ [البقرة:180]، فكانت الوصية كذلك حتى نسختها آية الميراث ]. أورد أبو داود باب نسخ الوصية للوالدين والأقربين، أي: نسخها بآيات وأحاديث المواريث. أورد أبو داود الأثر عن ابن عباس في أن قوله: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ [البقرة:180] الآية، أن الوصية كانت واجبة للوالدين والأقربين، بمعنى: أن الوالدين لهم نصيبهم من الميراث، والأقربين الذين يرثون لهم نصيبهم من الميراث؛ فنسخت تلك آية المواريث، والذين لا يرثون إذا أوصي لهم في حدود الثلث فإن ذلك سائغ، أما إذا كانوا من الورثة فقد أخذوا نصيبهم من الميراث بالفرض الذي فرضه الله عز وجل والذي شرعه الله، سواء كانوا من أهل الفرض أو من أهل التعصيب؛ فنسخت آية المواريث الوصية للوالدين والأقربين، فلا يجوز أن يوصى لوارث، وقد جاء في الحديث: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه؛ فلا وصية لوارث) . أما الوصية لغير الوارث من الأقربين غير الوارثين، فهو سائغ في حدود الثلث، والذي يبدو أنه على الجواز لا استحباباً؛ لأنه لو لم يوص فليس عليه شيء في هذا.

تراجم رجال إسناد أثر ابن عباس في قوله تعالى: (إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين)


قوله: [ حدثنا أحمد بن محمد المروزي ]. أحمد بن محمد المروزي هو أحمد بن محمد بن ثابت بن شبويه وهو ثقة، أخرج له أبو داود . [ حدثني علي بن حسين بن واقد ]. علي بن حسين بن واقد صدوق له أوهام، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم في المقدمة وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. وهو ثقة له أوهام أخرج حديثه البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن يزيد النحوي ]. يزيد بن أبي سعيد النحوي وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن. [ عن عكرمة ]. عكرمة مولى ابن عباس وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ وابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ما جاء في الوصية للوارث


شرح حديث: (... فلا وصية لوارث)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في الوصية للوارث. حدثنا عبد الوهاب بن نجدة حدثنا ابن عياش عن شرحبيل بن مسلم سمعت أبا أمامة رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه؛ فلا وصية لوارث) ]. أورد أبو داود حديث أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي رضي الله عنه تحت باب ما جاء في الوصية لوارث، أي: أنها لا تجوز؛ لأن الميراث قد شرعه الله عز وجل وكل يأخذ نصيبه من الميراث؛ فلا يوصى لوارث لا من الثلث ولا من غير الثلث؛ لأن الله تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه. وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن ذلك لا يجوز بحال لقوله: (لا وصية لوارث)، حتى ولو أجاز الورثة؛ لأن ذلك دخول في شيء منع منه، ولأن هذا فيه إيثار وتقديم لبعض الورثة، ومنهم من أجاز ذلك إذا أجازت الورثة؛ فتصح الوصية بإجازة الورثة. أورد أبو داود حديث أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه؛ فلا وصية لوارث) أي: أعطى كل ذي حق حقه من المواريث التي بينها في كتابه العزيز، وكذلك بينها رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم في سنته المطهرة. ثم قال: (فلا وصية لوارث) يعني: أنه بعد أن أعطى كل ذي حق حقه من الميراث فلا يوصى للورثة. وهذا الحديث مما يستدل به بعض الأصوليين على نسخ القرآن بالسنة، وذلك أن قوله: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ [البقرة:180]، حكم ثبت بالكتاب، وقوله: (لا وصية لوارث)، حكم ثبت في السنة، فقالوا: إن هذه الآية نسخت بقوله صلى الله عليه وسلم: (لا وصية لوارث). والذي يبدو أن القول الأول هو الأولى، وأنه لا يجوز أن يوصى للوارث ولو أجاز ذلك الورثة. وما جاء نفيه من أنه لا وصية له، يعني: الوصية في حدود الثلث، لكن إذا أوصى بغيره، فإذا أجازه الورثة فلا بأس بذلك، وكما هو معلوم حتى في الحياة فإن التمييز بينهم في العطية لا يجوز، بل يجب التسوية بينهم في العطية، وهنا يوجد تمييز لهم، فالأجنبي له أن يعطيه في حياته، ولكن ليس له أن يعطي أحد أولاده ويحرم الباقين، لكن إذا أعطى واحداً من أولاده يعطي الباقين مثله، ولا عبرة برضاهم أو عدم رضاهم في الحياة وبعد الممات؛ لأنهم حتى لو رضوا فإن النفوس قد لا يوجد فيها ارتياح واطمئنان .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 43.70 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 43.07 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.44%)]