عرض مشاركة واحدة
  #142  
قديم 07-05-2025, 04:26 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,070
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الموسوعة التاريخية ___ متجدد إن شاء الله

الموسوعة التاريخية
علوي عبد القادر السقاف
المجلد الثانى
صـــ 461 الى صــ 470
(142)





إرسال عساكر المهدي العبيدي إلى مصر.
العام الهجري: 306العام الميلادي: 918تفاصيل الحدث:
جهز المهدي العبيدي صاحب إفريقية جيشا كثيفا مع ابنه أبي القاسم، وسيرهم إلى مصر، وهي المرة الثانية، فوصل إلى الإسكندرية في ربيع الآخر سنة سبع وثلاثمائة، فخرج عامل المقتدر عنها، ودخلها القائم، ورحل إلى مصر، فدخل الجيزة، وملك الأشمونين وكثيرا من الصعيد، وكتب إلى أهل مكة يدعوهم إلى الدخول في طاعته فلم يقبلوا منه، ووردت بذلك الأخبار إلى بغداد، فبعث المقتدر بالله مؤنسا الخادم في شعبان، وجد في السير فوصل إلى مصر، وكان بينه وبين القائم عدة وقعات، ووصل من إفريقية ثمانون مركبا نجدة للقائم، فأرست بالإسكندرية، وعليها سليمان الخادم، ويعقوب الكتامي، وكانا شجاعين، فأمر المقتدر بالله أن يسير مراكب طرسوس إليهم، فسار خمسة وعشرون مركبا، وفيها النفط والعدد، ومقدمها أبو اليمن، فالتقت المراكب بالمراكب، واقتتلوا على رشيد، فظفر أصحاب مراكب المقتدر، وأحرقوا كثيرا من مراكب إفريقية، وهلك أكثر أهلها، وأسر منهم كثير، وفي الأسرى سليمان الخادم، ويعقوب، فقتل من الأسرى كثير، وأطلق كثير، ومات سليمان في الحبس بمصر، وحمل يعقوب إلى بغداد، ثم هرب منها وعاد إلى أفريقية، وأما عسكر القائم فكان بينه وبين مؤنس وقعات كثيرة، وكان الظفر لمؤنس فلقب حينئذ بالمظفر، ووقع الوباء في عسكر القائم، والغلاء، فمات منهم كثير من الناس والخيل، فعاد من سلم إلى إفريقية. وسار عسكر مصر في أثرهم، حتى أبعدوا، فوصل القائم إلى المهدية في رجب من السنة.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظرا لاشتماله على أكثر من عام هجري أحيانا

وقوع فتنة بين العامة والحنابلة في بغداد.
العام الهجري: 306العام الميلادي: 918تفاصيل الحدث:
وقعت فتنة ببغداد بين العامة والحنابلة، فأخذ الخليفة جماعة منهم وسيرهم إلى البصرة فحبسوا.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظرا لاشتماله على أكثر من عام هجري أحيانا

غزوة مطونية في الأندلس.
العام الهجري: 306العام الميلادي: 918تفاصيل الحدث:
كان غزاة الحاجب بدر بن أحمد إلى دار الحرب، وهي عزاة مطونية. وكان أمير المؤمنين الناصر لما اتصل به تطاول المشركين على من كان بإزائهم من أهل الثغور بامتناع الصوائف عن غزوهم، والإيغال في بلادهم بالحرب المتقدم الذكر، أحفظه ذلك، وأذكى عزمه، وأكد بصيرته في مجاهدة أعداء الله وأعداء دينه في هذا العام؛ فأمر بالاحتفال في الحشد وجمع الرجال والتكثير من الأجناد والفرسان الأبطال. وعهد إلى حاجبه بالغزو بنفسه في الصائفة. ونفذت كتبه إلى أهل الأطراف والثغور بالخروج إلى أعداء الله، والدخول في معسكره، والجد في نكاية أهل الكفر، والإيقاع بهم في أواسط بلادهم، ومجتمع نصرانيتهم. ففصل الحاجب بالجيوش، يوم الثلاثاء لخمس بقين من المحرم؛ وانثالت إليه العساكر من كل جهة في أرب ثغور المسلمين؛ ودخل بهم دار الحرب، وقد انحشد المشركون، وتجمعوا من أقاصي بلادهم، واعتصموا بأمنع أجبلهم؛ فنازلهم الحاجب بدر بن أحمد بأولياء الله وأنصار دينه؛ فكانت له على أعداء الله وقائع اشتفت فيها صدور المسلمين، وانتصروا على أعداء الله المشركين. وقتل في هذه الغزاة من حماتهم، وأبطالهم، وصلاة الحروب منهم، جملة عظيمة لا يأخذها عد، ولا يحيط بها وصف. وكان الفتح يوم الخميس لثلاث خلون من ربيع الأول ويوم السبت لخمس خلون من ربيع الأول، في معارك جليلة، لم يكن أعظم منها صنعا، ولا أكثر من أعداء الله قتيلا وأسيرا. وورد الكتاب بذلك على أمير المؤمنين الناصر - رضي الله عنه - يوم الجمعة لإحدى عشرة ليلة خلت من ربيع الأول؛ فأكثر من شكر الله عز وجل على ما من به، وفتح فيه.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظرا لاشتماله على أكثر من عام هجري أحيانا

غزو بلاد الروم.
العام الهجري: 306العام الميلادي: 918تفاصيل الحدث:
غزا بشر الأفشيني بلاد الروم، فافتتح عدة حصون، وغنم، وسلم؛ وغزا ثمل في بحر الروم، فغنم، وسبى، وعاد؛ وكان على الموصل أبو أحمد بن حماد الموصلي، وفيها دخل جني الصفواني بلاد الروم، فنهب، وخرب، وأحرق، وفتح وعاد، فقرئت الكتب على المنابر ببغداد بذلك.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظرا لاشتماله على أكثر من عام هجري أحيانا

وفاة محمد بن خلف المعروف بوكيع.

العام الهجري: 306الشهر القمري: ربيع الأولالعام الميلادي: 918تفاصيل الحدث:
توفي القاضي محمد بن خلف بن حيان أبو بكر الضبي المعروف بوكيع، وكان عالما بأخبار الناس وغيرها، وله تصانيف حسنة. قال الدارقطني: كان نبيلا، فصيحا، فاضلا، من أهل القرآن والفقه والنحو، له تصانيف كثيرة.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظرا لاشتماله على أكثر من عام هجري أحيانا

وفاة الفقيه الشافعي "أحمد بن عمر بن سريج" .

العام الهجري: 306الشهر القمري: ربيع الأولالعام الميلادي: 918تفاصيل الحدث:

نوفي الفقيه الشافعي الكبير "أحمد بن عمر بن سريج" ، وقد عد من الفقهاء الذين أسهموا في نشر المذهب الشافعي، وله مؤلفات كثيرة لم يصل إلينا منها شيء. تصدر للاشتغال وتفقه به أئمة أعلام، وحدث عنه أبو القاسم الطبراني وأبو أحمد الغطريفي وأبو الوليد حسان بن محمد وآخرون.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظرا لاشتماله على أكثر من عام هجري أحيانا

الفتنة ببغداد بسبب غلاء الأسعار.
العام الهجري: 308العام الميلادي: 920تفاصيل الحدث:
غلت الأسعار في هذه السنة ببغداد فاضطربت العامة وقصدوا دار حامد بن العباس الذي ضمن براثى من الخليفة فغلت الأسعار بسبب ذلك، وعدوا في ذلك اليوم - وكان يوم الجمعة - على الخطيب، فمنعوه الخطبة وكسروا المنابر وقتلوا الشرطة وحرقوا جسورا كثيرة، فأمر الخليفة بقتال العامة ثم نقض الضمان الذي كان حامد بن العباس ضمنه فانحطت الأسعار، وبيع الكر بناقص خمسة دنانير، فطابت أنفس الناس بذلك وسكنوا.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظرا لاشتماله على أكثر من عام هجري أحيانا

عبدالرحمن الناصر يهاجم الأسبان.
العام الهجري: 308العام الميلادي: 920تفاصيل الحدث:
كان الأمير الناصر غزا إلى دار الحرب، وهي غزاة مويش؛ والحشود والعساكر تتلاحق به من سائر أقطار الأندلس، وجميع جهاتها، ونزل على مدينة طليطلة، وخرج إليه لب بن الطربيشة صاحبها، مبادرا إليه، وغازيا معه؛ وكان يظهر طاعة تحتها معصية، حتى نزل بمدينة الفرج؛ فنظر لأهلها، وخرج للجهاد أكثرهم، حتى احتل بثغر مدينة سالم، وأظهر التوجه إلى الثغر الأقصى. وقدمت المقدمة نحوه. ثم عرج بالجيوش إلى طريق آلية والقلاع، وطوى من نهاره ثلاث مراحل، حتى احتل بوادي دوبر؛ فاضطربت العساكر فيه، وباتت عليه. ثم أخرج صباح تلك الليلة سعيد بن المنذر الوزير، في جرائد الخيل وسرعان الفرسان، إلى حصن وخشمة؛ فأغد السير حتى قرب من الحصن، وسرح الخيل المغيرة يمنة ويسرة، والمشركون في سكون وغفلة، إذ كان العلج الذي يلي أمورهم قد كاتب الناصر مكايدا له في إزاحته عن بلده بمواعيد وعدها من نفسه؛ فأظهر الناصر قبول ذلك منهم، وأضمر الكيد بهم؛ فغشيتهم الخيل المغيرة على حين غفلة، وأصابوا نعمهم وسوامهم ودوابهم مسرحة مهملة؛ فاكتسحوا جميع ذلك، وانصرفوا إلى العسكر سالمين غانمين. فلما كان في صباح يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة بقيت من صفر، اندفعت الخيل إلى حصن وخشمة؛ ففر عنه الكفرة، وأخلوه، ولاذوا بالغياض الأشبة، والصخور المنقطعة. ودخل المسلمون الحصن، وغنموا جميع ما فيه وأضرموه نارا. ثم رحل عنها في اليوم الثاني إلى حصن قاشتر مورش، وهي شنت أشتبين، بيضة المفرة، وقاعدتهم، فخرجوا هاربين عنه؛ فدخله المسلمون، وغنموا جميع ما فيه؛ وخربوا حصن القبيلة المجاور له، ولم يترك لأعداء الله في تلك الجهة نعمة يأوون إليها، واضطرب العسكر بشرقي حصن قاشتر مورش. وبات المسلمون ليلة الأحد بأسر ليلة كانوا بها، والحمد لله. ثم انتقل الناصر في صبيحة اليوم الثاني من مكان المضطرب شرقي الحصن إلى غربيه، ولم يكن بين الموضعين إلا قدر ميل؛ فكسر العسكر في ذلك المكان يوم الأحد متقصيا لآثار الكفرة، ومستبيحا لنعمهم. ثم ارتحل إلى مدينة لهم أولية تعرف بقلونية، وكانت من أمهات مدنهم؛ فلم تمر الجيوش إليها إلا على قرى منتظمة وعمارة بسيطة؛ فغنمت جميع ما كان بها، وقتلت من أدركت فيها، حتى أوفت العساكر على المدينة؛ فألقيت خالية، قد شرد عنها أهلها إلى الأجبل المجاورة لهم؛ فغنم المسلمون جميع ما أصابوا فيها، وعملت الأيدي في تخريب ديارها وكنائسها. وكسر الناصر عليها ثلاثة أيام، مطاولا لنكاية المشركين، وانتساف نعمهم. ثم ارتحل من مدينة قلونية يوم السبت لخمس بقين من صفر إلى ثغر تطيلة، لغياث صريخ المسلمين به، إذ كان العلج شانجه قد ضايقهم، وتردد بكفرته عليهم؛ ثم احتل الناصر حوز تطيلة؛ ثم قدم الخيل مع محمد ابن لب عاملها إلى حصن قلهرة الذي كان اتخذه شانجه على أهلها. فلما قصدته الخيل، أخلاه من كان فيه، وضبطه المسلمون. ثم نهض الناصر إلى حصن قلهرة. وكان شانجه قد اتخذه معقلا، وتبوأه مسكنا. فلما فجأته العساكر، أخلاه العلج، وزال عنه؛ فغنمه المسلمون بأسره؛ ثم رحل بالجيوش يوم الأحد لأربع خلون من ربيع الأول إلى دي شره، وأجاز إليها وادي إبره؛ فخرج شائجه من حصن أرنيط في جموعه وكفرته، متعرضا لمن كان في مقدمة العسكر؛ فتبادر إليه شجعان الرجال، تبادر رشق النبال؛ فانهزم الكفرة، وركبتهم الخيل، تقتل وتجرح، حتى تواروا في الجبال، ولاذوا بالشعاب وأيقنوا بالدمار والهلاك. وحيز كثير من رؤوس المشركين؛ فتلقوا بها الناصر، ولا علم عنده بالمعركة التي دارت بينهم وبين أعداء الله. واضطرب العسكر بهذا الموضع، وبات المسلمون ظاهرين على عدوهم، ومنبسطين في قراهم ومزارعهم، وورد الخبر على الناصر باجتماع العلجين أرذون وشانجه، واستمداد بعضهما ببعض، طامعين في اعتراض المقدمة، أو انتهاز فرصة في الساقة. فأمر الناصر بتعبئة العساكر، وضبط أطرافها؛ ثم نهض بها موغلا في بلاد الكفرة؛ فتطللوا على كدي مشرفة وأجبل منيعة؛ ثم تعرضوا من كان في أطراف الجيش، وجعلوا يتصابحون، ويولولون ليضعنوا من قلوب المسلمين؛ فعهد الناصر بالنزول والاضطراب وإقامة الأبنية. ثم تبادر الناس إلى محاربة الكفرة، وقد أسهلوا من تلك الأجبل؛ فواضعوهم القتال، واقتحم عليهم حتى انهزم المشركون، والمسلمون على آثارهم، يقتلون من أدركوا منهم، حتى حجز الظلام بينهم، ولجأ عند الهزيمة أزيد من ألف علج إلى حصن مويش، ورجوا التمتع فيه. فأمر الناصر بتقديم المظل وأبنية العسكر إلى الحصن؛ فأحيط به من جميع جهاته، وحوربوا داخله حتى تغلب عليه، واستخرج جميع العلوج منه، وقدموا إلى الناصر؛ فضربت رقاب جميعهم بين يديه، وأصيب في الحصن والمحلة التي كانت للكفرة بقربه من الأمتعة والأبنية والحلية المتقنة والآنية ما لا يحصى كثرة؛ وأصيب لهم نحو ألف وثلاثمائة فرس، ثم انتقل الناصر يوم الأحد لإحدى عشرة ليلة خلت من ربيع الأول إلى حصن كان اتخذه شانجه على أهل بقيرة؛ فألقاه خاليا، قد فر عنه أهله؛ فعهد بهدمه، ولم يبرح الناصر من محلته هذه حتى انتقل إلى حصن بقيرة من أطعمة الكفرة ألف مدي تقوية لأهله. ثم انتقل إلى حصون المسلمين يسكنها وينظر في مصالح أهلها؛ فكلما ألفى بقربها معقلا للمشركين، هدمه وأحرق بسيطه، حتى لقد اتصل الحريق في بلاد المشركين عشرة أميال في مثلها. واجتمع عند الناس من الأطعمة والخيرات ما عجزوا عن حمله، ولم يجدوا لها ثمنا تباع به؛ وقفل الناصر يوم الثلاثاء. لثلاث بقين من ربيع الأول، حتى انتهى إلى مدينة أنتيشة؛ وبعث إلى قرطبة من رؤوس الكفرة التي أصيبت في المعارك المذكورة أعدادا عظيمة، حتى لقد عجزت الدواب عن استيفاء حملها. ودخل الناصر القصر بقرطبة يوم الخميس الثالث عشر من ربيع الآخر، وقد استكمل في غزاته هذه تسعين يوما.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظرا لاشتماله على أكثر من عام هجري أحيانا إعدام الحسين بن منصور الحلاج أشهر غلاة الصوفية.

العام الهجري: 309العام الميلادي: 921تفاصيل الحدث:

هو الحسين بن منصور بن محمى الحلاج أبو مغيث، ويقال أبو عبد الله، كان جده مجوسيا اسمه محمى من أهل فارس ونشأ بواسط، ويقال بتستر، ودخل بغداد وتردد إلى مكة وجاور بها في وسط المسجد في البرد والحر، مكث على ذلك سنوات متفرقة، وكان يصابر نفسه ويجاهدها، وقد صحب جماعة من سادات المشايخ الصوفية، كالجنيد بن محمد، وعمرو بن عثمان المكي، وأبي الحسين النوري، قال الخطيب البغدادي: والصوفية مختلفون فيه، فأكثرهم نفى أن يكون الحلاج منهم، وأبى أن يعده فيهم، وقبله من متقدميهم أبو العباس بن عطاء البغدادي، ومحمد بن خفيف الشيرازي، وإبراهيم بن محمد النصراباذي النيسابوري، وصححوا له حاله، ودونوا كلامه، حتى قال ابن خفيف: الحسين بن منصور عالم رباني، وقال الخطيب: والذين نفوه من الصوفية نسبوه إلى الشعبذة في فعله، وإلى الزندقة في عقيدته، فأما الفقهاء فحكي عن غير واحد من العلماء والأئمة إجماعهم على قتله، وأنه قتل كافرا، وكان كافرا ممخرقا مموها مشعبذا، وبهذا قال أكثر الصوفية فيه، وقال سفيان بن عيينة: من فسد من علمائنا كان فيه شبه من اليهود، ومن فسد من عبادنا كان فيه شبه من النصارى، ولهذا دخل على الحلاج الحلول والاتحاد فصار من أهل الانحلال والانحراف، وقد روي من وجه أنه تقلبت به الأحوال وتردد إلى البلدان، وهو في ذلك كله يظهر للناس أنه من الدعاة إلى الله عز وجل، وصح أنه دخل إلى الهند وتعلم بها السحر وقال: أدعو به إلى الله، وكان أهل الهند يكاتبونه بالمغيث - أي أنه من رجال المغيث - ويكاتبه أهل سركسان بالمقيت، ويكاتبه أهل خراسان بالمميز، وأهل فارس بأبي عبد الله الزاهد، وأهل خوزستان بأبي عبد الله الزاهد حلاج الأسرار، ومما يدل على أنه كان ذا حلول في بدء أمره أشياء كثيرة، منها شعره في ذلك فمن ذلك قوله: جبلت روحك في روحي كما * يجبل العنبر بالمسك الفنق فإذا مسك شيء مسني * وإذا أنت أنا لا نفترق وقوله: مزجت روحك في روحي كما * تمزج الخمرة بالماء الزلال فإذا مسك شيء مسني * فإذا أنت أنا في كل حال، وقد كان الحلاج يتلون في ملابسه، فتارة يلبس لباس الصوفية وتارة يتجرد في ملابس زرية وقد اتفق علماء بغداد على كفر الحلاج وزندقته، وأجمعوا على قتله وصلبه، وكان علماء بغداد إذ ذاك هم الدنيا، قال أبو بكر محمد بن داود الظاهري حين أحضر الحلاج في المرة الأولى قبل وفاة أبي بكر هذا وسئل عنه فقال: إن كان ما أنزل الله عليه نبيه صلى الله عليه وسلم حقا فما يقوله الحلاج باطل، وكان شديدا عليه، وقال أبو بكر الصولي: قد رأيت الحلاج وخاطبته فرأيته جاهلا يتعاقل، وغبيا يتبالغ، وخبيثا مدعيا، وراغبا يتزهد، وفاجرا يتعبد، قال الخطيب البغدادي وغيره في صفة مقتل الحلاج: كان الحلاج قد قدم آخر قدمة إلى بغداد فصحب الصوفية وانتسب إليهم، وكان الوزير إذ ذاك حامد بن العباس، فبلغه أن الحلاج قد أضل خلقا من الحشم والحجاب في دار السلطان، ومن غلمان نصر القشوري الحاجب، وجعل لهم في جملة ما ادعاه أنه يحيي الموتى، وأن الجن يخدمونه ويحضرون له ما شاء ويختار ويشتهيه. قال: إنه أحيا عدة من الطير، وذكر لعلي بن عيسى أن رجلا يقال له محمد بن علي القنائي الكاتب يعبد الحلاج ويدعوا الناس إلى طاعته فطلبه فكبس منزله فأخذه فأقر أنه من أصحاب الحلاج، ووجد في منزله أشياء بخط الحلاج مكتوبة بماء الذهب في ورق الحرير مجلدة بأفخر الجلود، ووجد عنده سفطا فيه من رجيع الحلاج وعذرته، وبوله وأشياء من آثاره، وبقية خبز من زاده، فطلب الوزير من المقتدر أن يتكلم في أمر الحلاج ففوض أمره إليه، فاستدعى بجماعة من أصحاب الحلاج فتهددهم فاعترفوا له أنه قد صح عندهم أنه إله مع الله، وأنه يحيي الموتى، وأنهم كاشفوا الحلاج بذلك ورموه به في وجهه، فجحد ذلك وكذبهم وقال: أعوذ بالله أن أدعي الربوبية أو النبوة، وإنما أنا رجل أعبد الله وأكثر له الصوم والصلاة وفعل الخير، لا أعرف غير ذلك، وجعل لا يزيد على الشهادتين والتوحيد، ويكثر أن يقول: سبحانك لا إله إلا أنت عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، وكانت عليه مدرعة سوداء وفي رجليه ثلاثة عشر قيدا، والمدرعة واصلة إلى ركبتيه، والقيود واصلة إلى ركبتيه أيضا، وكان قبل احتياط الوزير حامد بن العباس عليه في حجرة من دار نصر القشوري الحاجب، مأذونا لمن يدخل إليه، وكان يسمى نفسه تارة بالحسين بن منصور، وتارة محمد بن أحمد الفارسي، وجمع له الفقهاء فأجمعوا على كفره وزندقته، وأنه ساحر ممخرق، ورجع عنه رجلان صالحان ممن كان اتبعه أحدهما أبو علي هارون بن عبد العزيز الأوارجي، والآخر يقال له الدباس، فذكرا من فضائحه وما كان يدعو الناس إليه من الكذب والفجور والمخرقة والسحر شيئا كثيرا، وكذلك أحضرت زوجة ابنه سليمان فذكرت عنه فضائح كثيرة، من ذلك أنه أراد أن يغشاها وهي نائمة فانتبهت فقال: قومي إلى الصلاة؟ وإنما كان يريد أن يطأها، وأمر ابنتها بالسجود له فقالت: أو يسجد البشر لبشر؟ فقال: نعم إله في السماء وإله في الأرض، ثم أمرها أن تأخذ من تحت بارية هنالك ما أرادت، فوجدت تحتها دنانير كثيرة مبدورة، ولما كان آخر مجلس من مجالسه أحضر القاضي أبو عمر محمد بن يوسف وجيء بالحلاج وقد أحضر له كتاب من دور بعض أصحابه وفيه: من أراد الحج ولم يتيسر له فليبن في داره بيتا لا يناله شيء من النجاسة ولا يمكن أحدا من دخوله، فإذا كان في أيام الحج فليصم ثلاثة أيام وليطف به كما يطاف فلما أخرجوه للصلب مشى إليه وهو يتبختر في مشيته وفي رجليه ثلاثة عشر قيدا وجعل ينشد ويتمايل ثم قال: (يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق) [الشورى: 18] ثم لم ينطق بعد ذلك حتى فعل به ما فعل، قالوا: ثم قدم فضرب ألف سوط ثم قطعت يداه ورجلاه وهو في ذلك كله ساكت ما نطق بكلمة، ولم يتغير لونه، ويقال إنه جعل يقول مع كل سوط أحد أحد، ومنهم من قال: بل جزع عند القتل جزعا شديدا وبكى بكاء كثيرا، فالله أعلم، وقال الخطيب لما أخرج الحسين بن منصور الحلاج ليقتل مضيت في جملة الناس، ولم أزل أزاحم حتى رأيته فدنوت منه فقال لأصحابه: لا يهولنكم هذا الأمر، فإني عائد اليكم بعد ثلاثين يوما، ثم قتل فما عاد، وذكر الخطيب أنه قال وهو يضرب لمحمد بن عبد الصمد والي الشرطة: أدع بي إليك فإن عندي نصيحة تعدل فتح القسطنطينية، فقال له: قد قيل لي إنك ستقول مثل هذا وليس إلى رفع الضرب عنك سبيل، ثم قطعت يداه ورجلاه وحز رأسه وأحرقت جثته وألقي رمادها في دجلة، ونصب الرأس يومين ببغداد على الجسر، ثم حمل إلى خراسان وطيف به في تلك النواحي، وجعل أصحابه يعدون أنفسهم برجوعه إليهم بعد ثلاثين يوما، وزعم بعضهم أنه رأى الحلاج من آخر ذلك اليوم وهو راكب على حمار في طريق النهروان فقال: لعلك من هؤلاء النفر الذين ظنوا أني أنا هو المضروب المقتول، إني لست به، وإنما القي شبهي على رجل ففعل به ما رأيتهم، وكانوا بجهلهم يقولون: إنما قتل عدو من أعداء الحلاج، فذكر هذا لبعض علماء ذلك الزمان فقال: إن كان هذا الرائي صادقا فقد تبدى له شيطان على صورة الحلاج ليضل الناس به، كما ضلت فرقة النصارى بالمصلوب. ونودي ببغداد أن لا تشترى كتب الحلاج ولا تباع، وكان قتله يوم الثلاثاء لست بقين من ذي القعدة من سنة تسع وثلثمائة ببغداد، ثم نقل ابن خلكان عن إمام الحرمين أنه كان يذمه ويقول إنه اتفق هو والجنابي وابن المقفع على إفساد عقائد الناس، وتفرقوا في البلاد فكان الجنابي في هجر والبحرين، وابن المقفع ببلاد الترك، ودخل الحلاج العراق، فحكم صاحباه عليه بالهلكة لعدم انخداع أهل العراق بالباطل.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظرا لاشتماله على أكثر من عام هجري أحيانا




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 37.23 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 36.60 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.69%)]