الموسوعة التاريخية
علوي عبد القادر السقاف
المجلد الثالث
صـــ 21 الى صــ 30
(148)
خلع الخليفة العباسي القاهر بالله وخلافة الراضي بالله بن المقتدر بالله.
العام الهجري: 322الشهر القمري: جمادى الأولىالعام الميلادي: 934تفاصيل الحدث:
كان سبب ذلك أن الوزير علي بن مقلة كان قد هرب حين قبض على مؤنس ومن معه لإرادتهم قتل القاهر بالله وكان قد قبض عليهم وقتلهم إلا ابن مقلة فإنه هرب، فاختفى في داره، وكان يراسل الجند ويكاتبهم ويغريهم بالقاهر، ويخوفهم سطوته وإقدامه، وسرعة بطشه، ويخبرهم بأن القاهر بالله قد أعد لأكابر الأمراء أماكن في دار الخلافة يسجنهم فيها، ومهال، يلقيهم فيها، كما فعل بفلان وفلان فهيجهم ذلك على القبض على القاهر بالله، فاجتمعوا وأجمعوا رأيهم على مناجزته في هذه الساعة، فركبوا مع الأمير المعروف بسيما، وقصدوا دار الخلافة فأحاطوا بها، ثم هجموا عليه من سائر أبوابها وهو مخمور، فاختفى في سطح حمام فظهروا عليه فقبضوا عليه وحبسوه في مكان طريف اليشكري، وذلك يوم السبت لثلاث خلون من جمادى الأولى فيها، ثم أمروا بإحضاره، فلما حضر سملوا عينيه حتى سالتا على خديه، وارتكب منه أمر عظيم لم يسمع مثله في الإسلام، ثم أرسلوه، وكان تارة يحبس وتارة يخلى سبيله، وقد تأخر موته إلى سنة ثلاث وثلاثين وثلثمائة، وتمت خلافة الراضي بالله أبي العباس محمد بن المقتدر بالله لما خلعت الجند القاهر أحضروا أبا العباس محمد بن المقتدر بالله فبايعوه بالخلافة ولقبوه الراضي بالله، وقد أشار أبو بكر الصولي بأن يلقب بالمرضي بالله فلم يقبلوا، وذلك يوم الأربعاء لست خلون من جمادى الأولى منها، وجاؤوا بالقاهر وهو أعمى قد سملت عيناه فأوقف بين يديه فسلم عليه بالخلافة وسلمها إليه، فقام الراضي بأعبائها، وأمر بإحضار أبي علي بن مقلة فولاه الوزارة، وجعل علي بن عيسى ناظرا معه، وأطلق كل من كان في حبس القاهر بالله
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظرا لاشتماله على أكثر من عام هجري أحيانا
اغتيال مرداويج بن زياد أمير بلاد فارس.
العام الهجري: 323العام الميلادي: 934تفاصيل الحدث:
كان قبحه الله سيء السيرة والسريرة، يزعم أن روح سليمان بن داود حلت فيه، وله سرير من ذهب يجلس عليه والأتراك بين يديه، ويزعم أنهم الجن الذين سخروا لسليمان بن داود، وكان يسئ المعاملة لجنده ويحتقرهم غاية الاحتقار، فما زال ذلك دأبه حتى أمكنهم الله منه فقتلوه شر قتلة في حمام، وكان الذي مالأ على قتله غلامه بجكم التركي، وكان ركن الدولة بن بويه رهينة عنده فأطلق لما قتل، فذهب إلى أخيه عماد الدولة، وذهبت طائفة من الأتراك معه إلى أخيه، والتفت طائفة منهم على بجكم فسار بهم إلى بغداد بإذن الخليفة له في ذلك، ثم صرفوا إلى البصرة فكانوا بها، وأما الديلم فإنهم بعثوا إلى أخي مرداويج وهو وشمكير، فلما قدم عليهم تلقوه إلى أثناء الطريق حفاة مشاة فملكوه عليهم لئلا يذهب ملكهم، فانتدب إلى محاربته الملك السعيد نصر بن أحمد الساماني نائب خراسان وما وراء النهر، وما والاها من تلك البلاد والأقاليم، فانتزع منه بلدانا هائلة.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظرا لاشتماله على أكثر من عام هجري أحيانا
قيام الدولة الإخشيدية في مصر ويتولى السلطة فيها محمد بن طغج التركي الملقب بالإخشيد.
العام الهجري: 323العام الميلادي: 934تفاصيل الحدث:
الإخشيد محمد بن طغج بن جف الفرغاني ولي مصر ثانيا من قبل الخليفة الراضي بالله محمد على الصلاة والخراج بعد عزل الأمير أحمد بن كيغلغ عنها بعد أمور وقعت ودخل الإخشيذ هذا إلى مصر أميرا عليها بعد أن سلم الأمير أحمد بن كيغلغ في يوم الخميس لست بقين من شهررمضان وقال صاحب البغية لخمس بقين من شهر رمضان سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة وأقر على شرطته سعيد بن عثمان ثم ورد عليه بالديارالمصرية أبو الفتح الفضل بن جعفربن محمد بالخلع من الخليفة الراضي بالله بولايته على مصر فلبسها وقبل الأرض ورسم الخليفة الراضي بالله بأن يزاد في ألقاب الأمير محمد هذا الإخشيذ في شهر رمضان سنة سبع وعشرين وثلاثمائة لقب بالإخشيذ والإخشيذ بلسان الفرغانة ملك الملوك وطغج عبد الرحمن والإخشيذ لقب ملوك فرغانة كما أن أصبهبذ لقب ملوك طبرستان وصول لقب ملوك جرجان وخاقان لقب ملوك الترك والأفشين لقب ملوك أشروسنة وسامان لقب ملوك سمرقند وقيصر لقب ملوك الروم وكسرى لقب ملوك العجم والنجاشي والحطي لقب ملوك الحبشة وفرعون قديما لقب ملوك مصر وحديثا السلطان.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظرا لاشتماله على أكثر من عام هجري أحيانا
وفاة نفطويه النحوي.
العام الهجري: 323الشهر القمري: صفرالعام الميلادي: 935تفاصيل الحدث:
هو إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي، إمام النحو، كان فقيها حافظا، جالس الملوك والوزراء، أتقن حفظ السير، سمي نفطويه لأنه كان دميم الخلقة شديد السمرة، ولأنه كان يؤيد مذهب سيبويه فلقبوه نفطويه، له مصنفات منها غريب القرآن وأمثال القرآن والرد على من قال بخلق القرآن وغيرها، توفي عن 79 عاما في بغداد وصلى عليه البربهاري إمام الحنابلة في وقته.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظرا لاشتماله على أكثر من عام هجري أحيانا
فتنة الحنابلة في بغداد.
العام الهجري: 323الشهر القمري: جمادى الآخرةالعام الميلادي: 935تفاصيل الحدث:
عظم أمر الحنابلة ببغداد، وقويت شوكتهم، وصاروا يكسبون من دور القواد والعامة، وإن وجدوا نبيذا أراقوه، وإن وجدوا مغنية ضربوها وكسروا آلة الغناء، واعترضوا في البيع والشراء، فركب بدر الخرشني، وهو صاحب الشرطة، عاشر جمادى الآخرة، ونادى في جانبي بغداد، في أصحاب أبي محمد البربهاري الحنابلة، ألا يجتمع منهم اثنان ولا يتناظروا في مذهبهم ولا يصلي منهم إمام إلا إذا جهر ببسم الله الرحمن الرحيم في صلاة الصبح والعشاءين، فلم يفد فيهم، فخرج توقيع الراضي بما يقرأ على الحنابلة ينكر عليهم فعلهم، ويوبخهم وأن أمير المؤمنين يقسم بالله قسما جهدا إليه يلزمه الوفاء به لئن لم تنتهوا عن مذموم مذهبكم ومعوج طريقتكم ليوسعنكم ضربا وتشريدا، وقتلا وتبديدا، وليستعملن السيف في رقابكم، والنار في منازلكم ومحالكم.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظرا لاشتماله على أكثر من عام هجري أحيانا
ضعف الخلافة ببغداد واستحواذ ابن رائق بالأمور.
العام الهجري: 324العام الميلادي: 935تفاصيل الحدث:
ضعف أمر الخلافة جدا، وبعث الراضي إلى محمد بن رائق - وكان بواسط - يدعوه إليه ليوليه إمرة الأمراء بغداد، وأمر الخراج والمغل في جميع البلاد والدواوين، وأمر أن يخطب له على جميع المنابر، وأنفذ إليه بالخلع، فقدم ابن رائق بغداد على ذلك كله، ومعه الأمير بجكم التركي غلام مرداويج، وهو الذي ساعد على قتل مرداويج، واستحوذ ابن رائق على أموال العراق بكماله، ونقل أموال بيت المال إلى داره، ولم يبق للوزير تصرف في شئ بالكلية، ووهى أمر الخلافة جدا، واستقل نواب الأطراف بالتصرف فيها، ولم يبق للخليفة حكم في غير بغداد ومعاملاتها، ومع هذا ليس له مع ابن رائق نفوذ في شيء ولا تفرد بشيء ولا كلمة تطاع، وإنما يحمل إليه ابن رائق ما يحتاج إليه من الأموال والنفقات وغيرها، وهكذا صار أمر من جاء بعده من أمراء الأكابر، كانوا لا يرفعون رأسا بالخليفة، وأما بقية الأطراف فالبصرة مع ابن رائق هذا، يولي فيها من شاء، وخوزستان إلى أبي عبد الله البريدي، وقد غلب ابن ياقوت على ما كان بيده في هذه السنة من مملكة تستر وغيرها واستحوذ على حواصلها وأموالها، وأمر فارس إلى عماد الدولة بن بويه ينازعه في ذلك وشمكير أخو مرداويج وكرمان بيد أبي علي محمد بن إلياس بن اليسع، وبلاد الموصل والجزيرة وديار بكر ومضر وربيعة مع بني حمدان، ومصر والشام في يدي محمد بن ظغج الإخشيدي، وبلاد إفريقية والمغرب في يد القائم بأمر الله ابن المهدي الفاطمي، وقد تلقب بأمير المؤمنين، والأندلس في يد عبد الرحمن بن محمد، والملقب بالناصر الأموي وقد لقب نفسه كذلك بأمير المؤمنين، وخراسان وما وراء النهر في يد السعيد نصر بن أحمد الساماني، وطبرستان وجرجان في يد الديلم، والبحرين واليمامة وهجر في يد أبي طاهر سليمان بن أبي سعيد الجنابي القرمطي.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظرا لاشتماله على أكثر من عام هجري أحيانا
وفاة أبي الحسن الأشعري.
العام الهجري: 324العام الميلادي: 935تفاصيل الحدث:
هو علي بن إسماعيل بن إسحاق، أبو الحسن الأشعري المتكلم المشهور، ولد بالبصرة، كان أول أمره مع المعتزلة وتعلم معهم وعنهم أخذ حتى برع وصار إماما فيهم، حتى كان يتولى الجدل عن شيخه الجبائي، ثم مال إلى الفقهاء والمحدثين فأعلن رجوعه عن الاعتزال وعما كان يعتقده من معتقداتهم، ولكنه لم يكن كذلك على مثل ما كان عليه المحدثون من الاعتقاد فأصبح يشكل لنفسه مذهبا مستقلا عرف إلى اليوم بالأشعرية، ثم بعد أن ظل فترة على هذا المنوال مال بالكلية إلى مذهب المحدثين كالإمام أحمد والبربهاري وغيرهم في الاعتقاد ورجع عما كان عليه وألف لذلك كتابه الشهير الإبانة عن أصول الديانة، فكانت مراحله ثلاثة: الاعتزال ثم الأشعرية ثم رجع إلى أهل الحديث والأثر، ومن مؤلفاته أيضا مقالات الإسلاميين والرد على المجسمة وغيرها.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظرا لاشتماله على أكثر من عام هجري أحيانا
ذكر استيلاء ماكان على جرجان.
العام الهجري: 324الشهر القمري: رمضانالعام الميلادي: 936تفاصيل الحدث:
في هذه السنة استولى ماكان بن كالي على جرجان، وسبب ذلك أولا لما عاد ماكان من جرجان أقام بنيسابور، وأقام بانجين بجرجان، فلما كان بعد ذلك خرج بانجين يلعب بالكرة، فسقط عن دابته فوقع ميتا، وبلغ خبره ما كان بن كالي، وهو بنيسابور، وكان قد استوحش من عارض جيش خراسان، فاحتج على محمد بن المظفر صاحب الجيش بخراسان بأن بعض أصحابه قد هرب منه، وأنه قد يخرج في طلبه، فأذن له في ذلك، وسار عن نيسابور إلى أسفرايين، فأنفذ جماعة من عسكره إلى جرجان واستولوا عليها، فأظهر العصيان على محمد بن المظفر، وسار من أسفرايين إلى نيسابور، مغافصة، وبها محمد بن المظفر، فخذل محمدا أصحابه ولم يعاونوه، وكان في قلة من العسكر غير مستعد له، فسار نحو سرخس، وعاد ما كان من نيسابور خوفا من اجتماع العساكر عليه، وكان ذلك في شهر رمضان سنة أربع وعشرين وثلاثمائة.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظرا لاشتماله على أكثر من عام هجري أحيانا
قتال أبي عبد الله البريدي وحكم بجكم على المشرق.
العام الهجري: 325العام الميلادي: 936تفاصيل الحدث:
خرج الخليفة الراضي وأمير الأمراء محمد بن رائق من بغداد قاصدين واسط لقتال أبي عبد الله البريدي نائب الأهواز، الذي قد تجبر بها ومنع الخراج، فلما سار ابن رائق إلى واسط خرج الحجرية فقاتلوه فسلط عليهم بجكم فطحنهم، ورجع فلهم إلى بغداد فتلقاهم لؤلؤ أمير الشرطة فاحتاط على أكثرهم ونهبت دورهم، ولم يبق لهم رأس يرتفع، وقطعت أرزاقهم من بيت المال بالكلية، وبعث الخليفة وابن رائق إلى أبي عبد الله البريدي يتهددانه فأجاب إلى حمل كل سنة ثلثمائة ألف وستين ألف دينار يقوم بها، تحمل كل سنة على حدته، وأنه يجهز جيشا إلى قتال عضد الدولة بن بويه، فلما رجع الخليفة إلى بغداد لم يحمل شيئا ولم يبعث أحدا، ثم بعث ابن رائق بجكم وبدرا الحسيني لقتال البريدي، فجرت بينهم حروب وخطوب، ثم لجأ البريدي إلى عماد الدولة واستجار به، واستحوذ بجكم على بلاد الأهواز، وجعل إليه ابن رائق خراجها، وكان بجكم هذا شجاعا فاتكا، وفي ربيع الأول خلع الخليفة على بجكم وعقد له الإمارة ببغداد، وولاه نيابة المشرق إلى خراسان.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظرا لاشتماله على أكثر من عام هجري أحيانا
بناء مدينة الزهراء بالأندلس.
العام الهجري: 325العام الميلادي: 936تفاصيل الحدث:
أمر الناصر ببناء مدينة الزهراء في قرطبة؛ وكان يصرف فيها من الصخر المنجور ستة آلاف صخرة في اليوم، سوى التبليط في الأساس وجلب إليها الرخام من قرطاجنة إفريقية ومن تونس؛ وكان الأمناء الذين جلبوه عبد الله بن يونس، وحسن القرطبي، وعلي بن جعفر الإسكندراني؛ وكان الناصر يصلهم على كل رخامة بثلاثة دنانير، وعلى كل سارية بثمانية دنانير سجلماسية. وكان فيها من السواري أربعة آلاف سارية وثلاثمائة سارية وثلاث عشرة سارية، المجلوبة منها من إفريقية ألف سارية وثلاث عشرة سارية. وأهدى إليه ملك الروم مائة وأربعين سارية؛ وسائر ذلك من رخام الأندلس. وأما الحوض الغريب المنقوش المذهب بالتماثيل، فلا قيمة له، جلبه ربيع الأسقف من القسطنطينية من مكان إلى مكان حتى وصل في البحر؛ ووضعه الناصر في بيت المنام في المجلس الشرقي المعروف بالمؤنس؛ وكان عليه اثنا عشر تمثالا من الذهب الأحمر مرصع بالدر النفيس العالي مما صنعه بدار الصنعة بقصر قرطبة. وكان المتولي لهذا البنيان المذكور ابنه الحكم، لم يتكل الناصر فيه على أمين غيره. وكان يخبز في أيامه كل يوم يرسم حيتان البحيرات ثماني مائة خبزة، وهذا من أعظم الأشياء إلى ما فوق ذلك.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظرا لاشتماله على أكثر من عام هجري أحيانا