عرض مشاركة واحدة
  #326  
قديم 09-05-2025, 10:41 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,167
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الخامس
الحلقة (326)
صـ 245 إلى صـ 254





لا تقولوا إلا خيرا، إنما هم قوم زعموا إنا بغينا عليهم، وزعمنا أنهم بغوا علينا فقاتلناهم. فذكر لأبي جعفر أنه أخذ منهم السلاح. فقال: ما كان أغناه عن ذلك.
وقال محمد بن نصر: حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا أحمد بن خالد، حدثنا محمد بن راشد، عن مكحول: أن أصحاب علي سألوه عمن قتل من أصحاب معاوية ما هم؟ قال: هم مؤمنون [1] . وبه قال أحمد بن خالد، حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة، عن عبد الواحد بن أبي عون، قال: مر علي وهو متكئ [2] على الأشتر على قتلى صفين، فإذا حابس اليماني مقتول، فقال الأشتر: إنا لله وإنا إليه راجعون، هذا حابس اليماني معهم يا أمير المؤمنين، عليه علامة معاوية، أما والله لقد عهدته [3] مؤمنا. قال علي: والآن هو مؤمن.
قال: وكان حابس رجلا من أهل اليمن، من أهل العبادة والاجتهاد.
قال محمد بن يحيى: حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا مختار بن نافع، عن أبي مطر، قال: قال علي: متى ينبعث أشقاها؟ قيل: من أشقاها؟ قال: الذي يقتلني. فضربه ابن ملجم بالسيف فوقع برأس علي رضي الله عنه، وهم المسلمون بقتله. فقال: لا تقتلوا الرجل، فإن برئت فالجروح قصاص، وإن مت فاقتلوه. فقال: إنك ميت. قال: وما يدريك؟ قال: كان سيفي مسموما [4] .
(1)
مؤمنون كذا في (ن) ، وفي سائر النسخ المؤمنون.

(2)
ن، ح: وهو يبكي، وهو تحريف.

(3)
ن: علمته.

(4)
انظر خبر مقتل علي رضي الله عنه في: تاريخ الطبري 5/143 - 147






وبه قال محمد بن عبيد [1] ، حدثنا الحسن وهو ابن الحكم النخعي عن رباح [2] بن الحارث [3] ، قال: إنا لبواد، وإن ركبتي لتكاد تمس [4] ركبة عمار بن ياسر، إذ أقبل رجل فقال: كفر والله أهل الشام [5] . فقال عمار: لا تقل ذلك، فقبلتنا واحدة، ونبينا واحد، ولكنهم قوم مفتونون، فحق علينا قتالهم حتى يرجعوا إلى الحق.
وبه قال ابن يحيى، حدثنا قبيصة، حدثنا سفيان، عن الحسن بن الحكم، عن رباح [6] بن الحارث، عن عمار بن ياسر، قال: ديننا واحد، وقبلتنا واحدة، ودعوتنا واحدة، ولكنهم قوم بغوا علينا فقاتلناهم. قال ابن يحيى: حدثنا يعلى، حدثنا مسعر عن عبد الله بن رباح، عن رباح بن الحارث، قال: قال عمار بن ياسر: لا تقولوا كفر أهل الشام، قولوا: فسقوا، قولوا: ظلموا.
قال محمد بن نصر: "وهذا يدل على أن الخبر الذي روي عن عمار بن ياسر، أنه قال لعثمان بن عفان: هو كافر، خبر باطل لا يصح، لأنه إذا أنكر كفر أصحاب معاوية، وهم إنما كانوا يظهرون أنهم يقاتلون في دم عثمان، فهو لتكفير عثمان أشد إنكارا" .
قلت: والمروي في حديث عمار أنه لما قال ذلك، أنكر عليه علي
(1)
و: وبه قال حدثنا محمد بن عبيد.

(2)
ح، ب: رياح.

(3)
و: بن الحرب.

(4)
ن، م، أ: لتمس.

(5)
ب فقط: الشأم.

(6)
ب فقط: رياح.






رضي الله عنه. وقال: أتكفر برب آمن به عثمان؟ وحدثه بما يبين بطلان ذلك القول. فيكون عمار: إن كان قال ذلك متأولا فقد رجع عنه حين بين له علي رضي الله عنه أنه [1] قول باطل.
ومما يدل على أن الصحابة لم يكفروا الخوارج أنهم كانوا يصلون خلفهم، وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنه وغيره من الصحابة [2] يصلون [3] خلف نجدة الحروري، وكانوا أيضا يحدثونهم ويفتونهم ويخاطبونهم، كما يخاطب المسلم المسلم، كما كان عبد الله بن عباس يجيب نجدة الحروري لما أرسل إليه يسأله عن مسائل، وحديثه في البخاري [4] . وكما أجاب نافع بن الأزرق عن مسائل مشهورة [5] ، وكان نافع يناظره في أشياء بالقرآن، كما يتناظر المسلمان.
وما زالت سيرة المسلمين على هذا، ما جعلوهم مرتدين كالذين
(1)
ر، ح، ب، ن، م: حين تبين له أنه.

(2)
من الصحابة ساقطة من (ن) ، (م) ، (أ) .

(3)
ح، ب: كانوا يصلون.

(4)
ذكر مسلم في صحيحه 3/1444 - 1445 كتاب الجهاد والسير، باب النساء الغازيات يرضخ لهن، عن يزيد بن هرمز، أن نجدة كتب إلى ابن عباس يسأله عن خمس خلال، فقال ابن عباس لولا أن أكتم علما ما كتبت إليه، الحديث، وذكره الإمام أحمد في مسنده ط. المعارف الأرقام: 1967، 2235، 685، 2812، 2943 وذكر أحمد شاكر رحمه الله أن الحديث في سنن أبي داود والنسائي والبيهقي والترمذي والشوكاني، ولم أعرف مكان الحديث في البخاري.

(5)
ذكر سزكين في موضعين م [0 - 9] ، جـ [0 - 9] ص [0 - 9] 30 م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ص [0 - 9] : أن نجدة بن عامر الحروري المتوفى سنة 69 كتب إلى عبد الله بن عباس وسأله عن مسائل فقهية متنوعة أشار سزكين إلى أن هذه الواقعة ذكرت في الأنساب للبلاذري 1/715 ولسان الميزان لابن حجر 6/148 وإنه قد وصل إلينا قسم من هذه المراسلات في المدونة 3/6، كما كتب نافع بن الأزرق إليه يسأله عن أمور انظر العلل لابن أبي حاتم الرازي 1/307.






قاتلهم الصديق رضي الله عنه. هذا مع أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتالهم [1] في الأحاديث الصحيحة، وما روي من أنهم "«شر قتلى تحت أديم السماء، خير قتيل [2] من قتلوه»" في الحديث الذي رواه أبو أمامة، رواه الترمذي وغيره [3] . أي أنهم شر على المسلمين من غيرهم، فإنهم لم يكن أحد شرا على المسلمين منهم: لا اليهود ولا النصارى ; فإنهم كانوا مجتهدين في قتل كل مسلم لم يوافقهم، مستحلين لدماء المسلمين وأموالهم وقتل أولادهم، مكفرين لهم، وكانوا متدينين بذلك لعظم جهلهم وبدعتهم المضلة.
ومع هذا فالصحابة رضي الله عنهم والتابعون لهم بإحسان لم يكفروهم، ولا جعلوهم مرتدين، ولا اعتدوا عليهم بقول ولا فعل، بل اتقوا الله فيهم، وساروا فيهم السيرة العادلة. وهكذا سائر فرق أهل البدع والأهواء من الشيعة والمعتزلة ; وغيرهم فمن كفر الثنتين والسبعين فرقة
(1)
مع أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتالهم: كذا في (ح) ، (ب) ، وفي سائر النسخ: مع أمر الله ورسوله بقتالهم.

(2)
ن، م، و، أ: قتلى.

(3)
الحديث عن أبي أمامة رضي الله عنه في: سنن الترمذي 4/294 كتاب التفسير من سورة آل عمران، ونصه: عن أبي غالب، قال: رأى أبو أمامة رءوسا منصوبة على درج دمشق فقال أبو أمامة: كلاب النار، شر قتلى تحت أديم السماء، خير قتلى من قتلوه، ثم قرأ (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه) إلى آخر الآية. قلت لأبي أمامة: أنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لو لم أسمعه إلا مرة أو مرتين أو ثلاثا أو أربعا حتى عد سبعا ما حدثتكموه، قال الترمذي: هذا حديث حسن، وجاء الحديث مختصرا في: سنن ابن ماجه 1/62 المقدمة، باب في ذكر الخوارج المسند ط. الحلبي 5/253، 256 مطولا.






كلهم فقد خالف الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والتابعين لهم بإحسان، مع أن حديث الثنتين والسبعين فرقة ليس في الصحيحين، وقد ضعفه ابن حزم وغيره لكن حسنه غيره أو صححه، كما صححه الحاكم وغيره، وقد رواه أهل السنن، وروي من طرق [1] .
وليس قوله: "«ثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة»" بأعظم من قوله تعالى: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا} [سورة النساء: 10] وقوله: {ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا} [سورة النساء: 30] ، وأمثال ذلك من النصوص الصريحة بدخول من فعل ذلك النار.
(1)
تكلمت على هذا الحديث في مقدمة الجزء الأول ص [0 - 9] 2 من الطبعة الأولى، وجاء الحديث بلفظ: افترقت اليهود على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة، وتفرقت النصارى على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، وتكلم عليه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة المجلد الأول حديث رقم 203 كلاما مفصلا، والحديث بهذا اللفظ في سنن أبي داود 4/276 كتاب السنة، باب شرح السنة، سنن الترمذي 4/134 - 135 كتاب الإيمان، باب افتراق هذه الأمة، وقال الترمذي: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح، سنن ابن ماجه 2/1321 كتاب الفتن، باب افتراق الأمم، المسند ط. المعارف 16/169 وصححه أحمد شاكر وأشار إلى تصحيح السيوطي له، المستدرك للحاكم 1/128 وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وجاء الحديث بألفاظ أخرى عن معاوية بن أبي سفيان وأنس بن مالك وعوف بن مالك وعبد الله بن عمرو رضي الله عنهم، وانظر ما ذكره الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة المجلد الأول الحديث رقم 204 وانظر: سنن أبي داود 4/276 - 277 سنن الترمذي 4/135، سنن ابن ماجه 2/1322 سنن الدارمي 2/241، كتاب السير، باب في افتراق هذه الأمة، المستدرك، للحاكم 1/128 المسند ط. الحلبي 3/145، وانظر إلى ما ذكره ابن حزم عن الحديث في الفصل 3/292






ومع هذا فلا نشهد لمعين بالنار لإمكان أنه تاب، أو كانت له حسنات محت سيئاته، أو كفر الله عنه بمصائب أو غير ذلك كما تقدم، بل المؤمن بالله ورسوله باطنا وظاهرا، الذي قصد اتباع الحق وما جاء به الرسول، إذا أخطأ ولم يعرف الحق كان أولى أن يعذره الله في الآخرة من المتعمد العالم بالذنب ; فإن هذا عاص مستحق للعذاب بلا ريب، وأما ذلك فليس متعمدا للذنب بل هو مخطئ، والله قد تجاوز لهذه الأمة عن الخطأ والنسيان.
والعقوبة في الدنيا تكون لدفع ضرره عن المسلمين، وإن كان في الآخرة خيرا ممن لم يعاقب، كما يعاقب المسلم المتعدي للحدود، ولا يعاقب أهل الذمة من اليهود والنصارى. والمسلم في الآخرة خير منهم.
وأيضا فصاحب البدعة يبقى صاحب هوى يعمل لهواه لا ديانة، ويصدر عن الحق الذي يخالفه هواه، فهذا يعاقبه الله على هواه، ومثل هذا يستحق العقوبة في الدنيا والآخرة. ومن فسق من السلف الخوارج ونحوهم كما روي عن سعد بن أبي وقاص أنه قال فيهم قوله تعالى: {وما يضل به إلا الفاسقين - الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون} [سورة البقرة: 26 - 27] فقد يكون هذا قصده، لا سيما إذا تفرق الناس، فكان ممن يطلب [1] الرياسة له ولأصحابه.
وإذا كان المسلم الذي يقاتل الكفار قد يقاتلهم شجاعة وحمية ورياء، وذلك ليس في سبيل الله، فكيف بأهل البدع الذين يخاصمون ويقاتلون
(1)
أ، ب: فكان منهم من يطلب.






عليها؟ فإنهم يفعلون ذلك شجاعة وحمية، وربما يعاقبون لما اتبعوا أهواءهم بغير هدى من الله، لا لمجرد [1] الخطأ الذي اجتهدوا فيه.
ولهذا قال الشافعي: "لأن أتكلم في علم يقال لي فيه: أخطأت، أحب إلي من أن أتكلم في علم يقال لي فيه: كفرت" . فمن عيوب أهل البدع تكفير بعضهم بعضا، ومن ممادح أهل العلم أنهم يخطئون ولا يكفرون. وسبب ذلك أن أحدهم قد يظن ما ليس بكفر كفرا، [وقد يكون كفرا] [2] لأنه تبين له أنه تكذيب للرسول وسب للخالق، والآخر لم يتبين له ذلك، فلا يلزم إذا كان هذا العالم بحاله يكفر إذا قاله، أن يكفر من لم يعلم بحاله.
والناس لهم فيما يجعلونه [3] كفرا طرق متعددة [4] ; فمنهم من يقول: الكفر تكذيب ما علم بالاضطرار من دين الرسول، ثم الناس متفاوتون في العلم الضروري بذلك.
ومنهم من يقول: الكفر هو الجهل بالله تعالى، ثم قد يجعل الجهل بالصفة كالجهل بالموصوف وقد لا يجعلها، وهم مختلفون في الصفات نفيا وإثباتا.
ومنهم من لا يحده بحد، بل كل ما تبين أنه تكذيب لما جاء به الرسول من أمر الإيمان بالله واليوم الآخر جعله كفرا، إلى طرق أخر.
ولا ريب أن الكفر متعلق بالرسالة، فتكذيب الرسول كفر، وبغضه
(1)
لمجرد: كذا في (أ) ، (و) ، (ب) ، وفي سائر النسخ بمجرد.

(2)
ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .

(3)
ح، ر: يجعلون.

(4)
متعددة: ساقطة من (ن) ، (م) .






وسبه وعداوته مع العلم بصدقه في الباطن كفر عند الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة العلم وسائر الطوائف، إلا الجهم ومن وافقه كالصالحي والأشعري وغيرهم ; فإنهم قالوا: هذا كفر في الظاهر، وأما في الباطن فلا يكون كفرا إلا إذا استلزم الجهل، بحيث [1] لا يبقى في القلب شيء من التصديق بالرب، وهذا بناء على أن الإيمان في القلب لا يتفاضل، ولا يكون في القلب بعض من الإيمان. وهو خلاف النصوص الصريحة، وخلاف الواقع، ولبسط هذا موضع آخر.
والمقصود هنا أن كل من تاب من أهل البدع تاب الله عليه، وإذا كان الذنب متعلقا بالله ورسوله فهو حق محض لله، فيجب أن يكون الإنسان في هذا الباب [2] قاصدا لوجه الله، متبعا لرسوله، ليكون عمله خالصا صوابا.
قال تعالى: {وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين - بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} [سورة البقرة: 111 - 112] .
وقال تعالى: {ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا} [سورة النساء: 125] قال المفسرون وأهل اللغة: معنى الآية: أخلص دينه وعمله [3] لله وهو محسن في عمله.
(1)
ن: حتى.

(2)
ح، ب: فيجب على الإنسان أن يكون في هذا الباب.

(3)
وعمله: ساقطة من ن، فقط.






وقال الفراء في قوله: {فقل أسلمت وجهي لله} [سورة آل عمران: 20] أخلصت عملي. وقال الزجاج: قصدت بعبادتي إلى الله. وهو كما قالوا، كما قد ذكر توجيهه في موضع آخر.
وهذا المعنى يدور عليه القرآن ; فإن الله تعالى أمر أن لا يعبد إلا إياه، وعبادته فعل ما أمر، وترك ما حظر. والأول هو إخلاص الدين والعمل لله. والثاني هو الإحسان، وهو العمل الصالح. ولهذا كان عمر يقول في دعائه: "اللهم اجعل عملي كله صالحا، واجعله لوجهك خالصا، ولا تجعل لأحد فيه شيئا" .
وهذا هو الخالص الصواب، كما قال الفضيل بن عياض في قوله: ليبلوكم أيكم أحسن عملا [سورة هود: 7] . قال أخلصه وأصوبه. قالوا: يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه؟ قال: إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل: حتى يكون خالصا صوابا. والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنة.
والأمر بالسنة والنهي عن البدعة هو [1] أمر بمعروف ونهي عن منكر، وهو من أفضل الأعمال الصالحة، فيجب أن يبتغي به وجه الله، وأن يكون مطابقا للأمر.
وفي الحديث: "«من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر فينبغي أن يكون عليما [2] بما يأمر به ; عليما [3] بما ينهى عنه، رفيقا فيما يأمر به، [رفيقا فيما"
(1)
ح، ب: هما.

(2)
ح، ب: عالما.

(3)
ح، ب: عالما.






ينهى عنه] [1] ، حليما فيما يأمر به، حليما فيما ينهى عنه» "[2] . فالعلم قبل الأمر، والرفق مع الأمر، والحلم بعد [3] الأمر ; فإن لم يكن عالما لم يكن له أن يقفو ما [4] ليس له به علم، وإن كان عالما ولم يكن رفيقا، كان كالطبيب الذي لا رفق فيه، فيغلظ على المريض فلا يقبل منه، وكالمؤدب الغليظ الذي لا يقبل منه الولد."
وقد قال تعالى لموسى وهارون: {فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى} [سورة طه: 44] .
ثم إذا أمر ونهى [5] فلا بد أن يؤذى في العادة، فعليه أن يصبر ويحلم. كما قال تعالى: {وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور} [سورة: لقمان 17] .
وقد أمر الله نبيه بالصبر على أذى المشركين في غير موضع، وهو إمام الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر. فإن الإنسان عليه أولا أن يكون أمره لله، وقصده طاعة الله فيما أمره به [6] . وهو يحب صلاح المأمور، أو إقامة الحجة عليه فإن فعل ذلك لطلب الرياسة لنفسه ولطائفته، وتنقيص غيره كان ذلك حمية [7] لا يقبله الله، وكذلك إذا فعل ذلك لطلب السمعة والرياء كان عمله حابطا. ثم إذا رد عليه ذلك وأوذي [8] أو
(1)
ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.

(2)
لم أجد هذا الحديث.

(3)
أ، ب: مع.

(4)
ح، ر: فيما.

(5)
ح، ر، ب: أو نهى.

(6)
به: ساقطة من (ن) ، (م) ، وفي (ح) ، (ب) ، (ر) : فيما أمر به.

(7)
ح، ب، ر: خطيئة.

(8)
ح، ب: أو أوذي.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 42.10 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 41.47 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.49%)]