عرض مشاركة واحدة
  #331  
قديم 10-05-2025, 01:49 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,616
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الخامس
الحلقة (331)
صـ 295 إلى صـ 304






[وهذه أحاديث كثيرة مستفيضة متواترة عند أهل العلم بالحديث، ولا يقولون: إنا نقف في الأحكام المطلقة، بل نعلم أن الله يدخل النار من يدخله من أهل الكبائر] [1] ، وناس آخرون لا يدخلونها لأسباب. لكن تنازعوا: هل يكون الداخلون بسبب اقتضى ذلك، كعظم [2] الذنوب وكثرتها، والذين لم يدخلوها بسبب منع ذلك، كالحسنات المعارضة ونحوها؟ وأنه - سبحانه وتعالى - يفعل ما يفعله بحكمة وأسباب؟ أم قد يفرق بين المتماثلين بمحض المشيئة، فيعذب الشخص ويعفو عمن هو مثله من كل وجه بمحض المشيئة؟ هذا لهم فيه قولان والنصوص وأقوال السلف توافق الأول.
وإنما قد نقف في الشخص المعين ; فلا نشهد له بجنة ولا نار إلا عن علم، لأن حقيقة باطنه وما مات عليه لا نحيط به، لكن نرجو للمحسن ونخاف على المسيء.
ولهم في الشهادة بالجنة ثلاثة أقوال: منهم من لا يشهد بالجنة لأحد إلا للأنبياء. وهذا قول محمد ابن الحنفية والأوزاعي.
والثاني: أنه يشهد بالجنة لكل مؤمن جاء فيه نص. وهذا قول كثير من أهل الحديث.
والثالث: يشهد بالجنة لهؤلاء ولمن شهد له المؤمنون. كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم: "«أنتم شهداء الله في الأرض»" [3] . وقال: "«يوشك أن"
(1)
ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.

(2)
كعظم: كذا في (ب) فقط، وهو صواب، وفي سائر النسخ: لعظم.

(3)
سبق الحديث فيما مضى 3/498 وأوله: (وجبت)






تعلموا أهل الجنة من أهل النار "قالوا: بم يا رسول الله؟ قال:" بالثناء الحسن والثناء السيئ» "[1] فأخبر أن ذلك مما يعلم به أهل الجنة وأهل النار. وكان أبو ثور يقول:" أشهد أن أحمد بن حنبل في الجنة "ويحتج بهذا. وبسط هذه المسألة له موضع آخر."
والإيمان عندهم يتفاضل، فيكون إيمان أكمل من إيمان. كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم: "«أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا»" [2] فيقولون: قوله: {إنما يتقبل الله من المتقين} [سورة المائدة: 27] أي ممن اتقاه في ذلك العمل، ليس المراد به الخلو من الذنوب، ولا مجرد الخلو من الشرك، بل من اتقاه في عمل قبله منه وإن كانت له ذنوب أخرى، بدليل قوله: {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات} [سورة هود: 114] فلو كانت الحسنة لا تقبل من صاحب السيئة لم تمحها.
وقد ثبت بالكتاب والسنة المتواترة [3] الموازنة بين الحسنات والسيئات، فلو كانت الكبيرة تحبط الحسنات لم تبق حسنة توزن معها.
(1)
سبق الحديث فيما مضى 3/498

(2)
الحديث عن أبي هريرة وعائشة - رضي الله عنهما -، في: سنن أبي داود 4/304 كتاب السنة باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه، سنن الترمذي 2/315 كتاب الرضاع، باب ما جاء في حق المرأة على زوجها، 4/122 كتاب الإيمان، باب في استكمال الإيمان والزيادة والنقصان، وقال الترمذي عن حديث أبي هريرة: وفي الباب عن عائشة وابن عباس، حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح، والحديث أيضا في سنن الدارمي 2/323 كتاب الرقاق، باب في حسن الخلق، "المسند" (ط. المعارف) 13/133، (ط. الحلبي) 2/472، 527، 6/47، 99

(3)
المتواترة: زيادة في (ب) فقط.





وقد ثبت في الصحيحين «أن بغيا سقت كلبا فغفر الله» [1] لها بسقيه [2] .
قالوا: وابنا آدم لم يكن أحدهما مشركا، ولكن لم يقصد التقرب إلى الله بالطيب من ماله، كما جاء في الأثر. فلهذا لم يتقبل الله قربانه.
وقد قال - تعالى - في حق المنافقين: {وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون} [سورة التوبة: 54] فجعل هذه موانع قبول النفقة دون مطلق الذنوب.
قال أهل الحديث والسنة [3] : ومن نفى عنه الإيمان فلأنه ترك بعض واجباته. والعبادة ينفى اسمها بنفي بعض واجباتها، لأنها لم تبق كاملة، ولا يلزم من ذلك أن لا يبقى منه شيء، بل قد دلت النصوص على أنه يبقى بعضه، ويخرج من النار من بقي معه بعضه.
ومعلوم أن العبادات فيها واجب كالحج، فيه واجب إذا تركه كان حجه ناقصا، يأثم بما ترك، ولا إعادة عليه، بل يجبره بدم، كرمي الجمار، وإن لم يجبره بقي في ذمته. فكذلك الإيمان ينقص بالذنوب، فإن تاب عاد، وإلا بقي ناقصا نقصا يأثم به. وقد يحرم في الحج أفعال إذا فعلها
(1)
الله: في (ن) ، (م) فقط.

(2)
الحديث مع اختلاف في اللفظ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - في: البخاري 4/173 (كتاب الأنبياء، باب حدثنا أبو اليمان. . . .) ، ونصه فيه: (بينما كلب يطيف بركية كاد يقتله العطش إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها فسقته فغفر لها به) والموق: الخف. والحديث في مسلم 4/1761 كتاب السلام، باب فضل ساقي المحترمة وإطعامها، وأوله فيه: (إن امرأة بغيا. . . إلخ) "المسند" (ط. الحلبي) 2/507

(3)
والسنة: ساقطة من (ح) ، (ب) .





نقص حجه ولم يبطل، كالتطيب ولبس الثياب، بل يجبر ذلك ولا يفسده من المحرمات إلا الجماع.
فكذلك لا يزيل الإيمان كله إلا الكفر المحض، الذي لا يبقى مع صاحبه شيء من الإيمان. قالوا: وهذا هو الذي يحبط جميع الأعمال. وأما ما دون ذلك فقد يحبط بعض العمل، كما في آية المن والأذى ; فإن ذلك يبطل تلك الصدقة، لا يبطل سائر أعماله [1] .
والذين كرهوا ما أنزل الله كفار، وأعمال القلوب، مثل حب الله ورسوله، وخشية الله، ونحو ذلك، كلها من الإيمان. وكراهة ما أنزل الله كفر. وأوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله.
وقد قال - تعالى: {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله} [سورة المجادلة: 22] .
وقوله في السابق والمقتصد والظالم لنفسه: {جنات عدن يدخلونها} [سورة الرعد: 23] لا يمنع أن يكون الظالم لنفسه قد عذب قبل هذا ثم يدخلها.
وقوله: {لا يصلاها إلا الأشقى} [سورة الليل: 15] لا يخلو إما أن يكون المراد بالصلي نوعا من التعذيب ; كما قيل: إن الذي تصليه النار هو الذي تحيط به، وأهل القبلة لا تحرق النار منهم مواضع السجود، أو تكون نارا مخصوصة.
وقوله: {يخوف الله به عباده} [سورة الزمر: 16] كقول النبي - صلى الله
(1)
الإشارة هنا إلى آية 264 من سورة البقرة، (يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى) الآية.





عليه وسلم - في الشمس والقمر: "«إنهما آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده»" [1] .
وقد قال تعالى: {وما نرسل بالآيات إلا تخويفا} [سورة الإسراء: 59] والآيات التي خوف الله بها عباده [2] تكون سببا في شر ينزل بالناس، فمن اتقى الله بفعل ما أمر به وقي ذلك الشر. ولو كان مما لا حقيقة له أصلا لم يخف أحد إذا علم أنه لا شر في الباطن، وإنما يبقى التخويف للجاهل الفدم [3] كما يفزع الصبيان بالخيال.
وقد قال - تعالى: {ذلك يخوف الله به عباده ياعباد فاتقون} [سورة الزمر: 16] فخوف العباد مطلقا، وأمرهم بتقواه، لئلا ينزل المخوف، وأرسل الرسل مبشرين ومنذرين، والإنذار هو الإعلام بما يخاف منه، وقد وجدت المخوفات في الدنيا، وعاقب الله على الذنوب أمما كثيرة، كما قصه في كتابه، وكما شوهد من الآيات، وأخبر عن دخول أهل النار النار في غير موضع من القرآن.
وقال - تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماء} [سورة فاطر: 28] ولو كان الأمر كما يتوهمه الجاهل لكان إنما يخشاه من عباده الجهال الذين
(1)
الحديث بلفظ مقارب عن أبي بكرة، وأبي مسعود الأنصاري - رضي الله عنهما - في: البخاري 2/36 كتاب الكسوف باب يخوف الله عباده بالكسوف، مسلم 2/628 كتاب الكسوف، باب ذكر النداء بصلاة الكسوف، وجاء الحديث بمعناه عن عدد من الصحابة وبألفاظ مختلفة في الكسوف في كل من البخاري ومسلم، وفي مواضع أخرى في البخاري، وفي سنن أبي داود والنسائي وابن ماجه والدارمي والمسند والموطأ.

(2)
عباده: زيادة في (ح) ، (ب) .

(3)
في اللسان: الفدم من الناس: العيي عن الحجة والكلام مع ثقل ورخاوة وقلة فهم.





يتخيلون ما لا حقيقة له. وهذا كله [1] مبسوط في موضعه، وإنما الغرض هنا التمثيل بأقوال المختلفين [2] التي كلها باطلة.
ومثال ذلك: إذا تنازع في القدر القدرية من المعتزلة وغيرهم، والقدرية المجبرة [3] من الجهمية وغيرهم، فقالوا جميعا: إرادة الله هي محبته وهي رضاه [4] . ثم قالت المعتزلة: وهو سبحانه يحب الإيمان والعمل الصالح، ويكره الكفر والفسوق والعصيان، فلا يكون مريدا له.
قالوا: والدليل على ذلك قوله: {ولا يرضى لعباده الكفر} [سورة الزمر: 7] وقوله: {إذ يبيتون ما لا يرضى من القول} [سورة النساء: 10] ، وقوله: {والله لا يحب الفساد} [سورة البقرة: 205] .
والفقهاء متفقون على أن أفعال البر تنقسم إلى واجب ومستحب، والمستحب هو ما أحبه الله ورسوله، وأن المنهي عنه [5] كله مكروه، كرهه الله ورسوله. والكراهة نوعان: كراهة تحريم، وكراهة تنزيه.
وقد قال - تعالى - لما ذكر المحرمات: {كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها} [سورة الإسراء: 38] . وفي الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "«إن الله يكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة"
(1)
كله: ساقطة من (ن) ، (م) .

(2)
ن، م: التمثيل بين أقوال المختلفين، ي: التمثيل وأقوال المختلفين.

(3)
ن: والجهمية المجبرة.

(4)
ب: هي محبته ورضاه، و: هي تحببه وهي رضاه.

(5)
عنه: زيادة في (ب) فقط.





المال» "[1] وفي الصحيح أيضا عنه أنه قال:" «إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب» "[2] قالوا: فهذا دليل على أنه يكون في العالم ما هو مكروه لله، [فلا يكون مرادا لله] [3] فيكون في العالم ما لا يريده الله، وهو ما لم يأمر الله به أو ينه عنه [4] ."
قالوا: والأمر لا يعقل أمرا إلا بإرادة الآمر لما أمر به من المأمور، ومن قدر أن الآمر يطلب المأمور به طلبا لا يكون إرادة ولا مستلزما للإرادة، فهذا قد ادعى ما يعلم فساده بالضرورة، وما يحتج به من التمثيل بأمر الممتحن، فذاك لم يكن طالبا [5] للمأمور به، ولا مريدا له في الباطن، بل أظهر أنه مريد طالب.
[وقالوا] [6] : قد قال الله - تعالى: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} [سورة البقرة: 185] .
(1)
سبق الحديث فيما مضى 3/159 ولفظه إن الله كره

(2)
هذا جزء من حديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - في: البخاري 8/49 كتاب الأدب، باب ما يستحب من العطاس وما يكره من التثاؤب ولفظه فيه: "إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب، فإذا عطس فحمد الله، فحق على كل مسلم سمعه أن يشمته، وأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان، فليرده ما استطاع، فإذا قال: ها، ضحك منه الشيطان" . وجاء الحديث مرة أخرى في البخاري 8/50 كتاب الأدب، باب إذا تثاءب فليضع يده على فيه، وهو في سنن الترمذي 4/180 - 181 كتاب الأدب باب ما جاء في خفض الصوت وتخمير الوجه عند العطاس، المسند (ط. المعارف) 14/31 - 33 وانظر تعليق المحقق، 18/151 (ط. الحلبي) 2/571.

(3)
ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)

(4)
ن، م: أو نهى عنه

(5)
م: طلبا.

(6)
وقالوا: ساقطة من (ن) ، (م)





وقال تعالى: {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون} [سورة المائدة: 6] .
وقال - تعالى: {يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم - والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما - يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا} [سورة النساء: 26 - 28] .
وقال الله - تعالى: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} [سورة الأحزاب: 33] .
فهذه المرادات كلها قد أمر بها عباده، فمنهم من أطاع، ومنهم من عصى، فعلم أنه قد يريد من العباد ما لا يفعلونه، كما يأمرهم [1] بما لا يفعلونه.
قالت القدرية الجبرية من الجهمية، ومن اتبعهم: بل إرادته - تعالى - تتناول ما وجد دون ما لم يوجد، فإن المسلمين متفقون على قولهم: ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ولأن إرادة ما علم أنه لا يكون تمن. وقد قال سبحانه: {ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء} [سورة إبراهيم: 27] ، فكل ما يشاؤه فقد فعله.
وقال تعالى: {ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها} [سورة السجدة: 13] فعلم أنه لم يشأ ذلك، فلم يرد هدى كل أحد، وإن كان قد أمر به.
(1)
ح، ر، ي: كما أمرهم





وقال تعالى: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء} [سورة الأنعام: 125] ، فعلم أنه يريد الإضلال، كما يريد شرح الصدر للإسلام.
وقال نوح: {ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم} [سورة هود: 34] ، فدل على أنه يريد إغواء من غوى.
وقد قال - تعالى: {الله خالق كل شيء} [سورة الرعد: 16] ، فكل ما وجد من أفعال [العباد] [1] . وغيرها فإن الله خالقه.
[قالوا] [2] : وما أراده فقد أحبه ورضيه، وقوله: {لا يحب الفساد} [سورة البقرة: 205] أي: ممن لم يفسد، أو لا يحبه دينا [3] .
وكذلك قوله: {ولا يرضى لعباده الكفر} [سورة الزمر: 7] أي: ممن لم يكفر، أو لا يرضاه [4] دينا، كما أنه لا يحب الإيمان ممن لم يؤمن، أو لا يحبه غير دين.
قال المنازعون لهم من المعتزلة وغيرهم: فقد قال: {إذ يبيتون ما لا يرضى من القول} [سورة النساء: 108] . وأولئك منافقون، وذاك القول محرم عليهم، وهو واقع منهم، وقد أخبر أنه لا يرضاه، فعلم أنه [5] . ما وقع من المعاصي لا يرضاه.
وكذلك قوله: {إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر}
(1)
العباد: ساقطة من (ن)

(2)
قالوا: ساقطة من (ن)

(3)
ن: ولا يحبه.

(4)
ن: ولا يرضاه.

(5)
ب فقط: أن





[سورة الزمر: 7] : أخبر أنه لا يرضاه بتقدير وقوعه، ولا يقال: إنه يرضى كل موجود.
وقولكم: لا يرضاه دينا، فالرضا في كتاب الله متعلق بنفس الفعل، [لا بشيء] [1] محذوف، وكونه لا يرضاه دينا عندكم، معناه: لا يريد أن يثيب صاحبه عليه، ومعلوم أن إبليس والشياطين لا يرضونه دينا بهذا الاعتبار، مع أن إبليس يرضى الكفر ويختاره، فإنه قد يحب ما يبغضه الله ويبغض ما يحبه [الله] [2] ليغوي الناس بذلك.
قال الله تعالى عنه: {أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا} [سورة الكهف: 50] وقال تعالى: {ألم أعهد إليكم يابني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين - وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم} [سورة يس: 60 - 61] . قالوا: والأمة متفقة على أن الله - سبحانه - يحب الإيمان والعمل الصالح، ويحب المتقين والمحسنين، ويحب التوابين، ويحب المتطهرين، ويحب المقسطين، ولا يحب المعاصي ولا يرضاها.
واحتجاجنا بهذا الإجماع أقوى من احتجاجكم بقولهم [3] : "ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن" فإنهم كلهم يقولون: إن الصلاة والصدقة والأعمال الصالحة يرضاها الله ورسوله، ويحبها الله ورسوله، ويقولون عن الفواحش والظلم: هذا لا يرضاه الله ورسوله، ولا يحبه الله ورسوله.
(1)
لا بشيء: ساقطة من (ن)

(2)
لفظ الجلالة ليس في (ن)

(3)
ح، ب: بقول، و: بقوله





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 45.88 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 45.25 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.37%)]