عرض مشاركة واحدة
  #127  
قديم 11-05-2025, 04:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,445
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة

الحكمــــة ضالـــة المؤمـــــن(128)

- إن للإسلام صوى ومنارا


الإسلام دين كامل، ومنهج شامل، شرعه الله -تعالى- هداية للناس كافة، لتستقيم عقائدهم، وتصلح عباداتهم ومعاملاتهم، وتحسن أخلاقهم وآدابهم، ويرتقوا في درجات الإنسانية إلى أعلى غاية، ويسموا في المكارم إلى أرفع مكانة، وقد أمرنا الله -تعالى- بالدخول في جميع شعائر الإسلام الظاهرة والباطنة، كما قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} (البقرة:208) قال ابن كثير: «يقول تعالى آمرا عباده المؤمنين به المصدقين برسوله: أن يأخذوا بجميع عرى الإسلام وشرائعه، والعمل بجميع أوامره، وترك جميع زواجره ما استطاعوا من ذلك».
وقد دلت النصوص الشرعية على أن فروع الدين كثيرة، ومجالاته متعددة، ففيها مسائل الإيمان، وأبواب العبادات، وأنواع المعاملات المالية وغير المالية، والكثير من الآداب والأخلاق، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : «الإيمان بضعٌ وسبعون أو بضعٌ وستون شُعْبة، فأفضلُها قولُ: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شُعْبة من الإيمان» متفق عليه
فهذا الحديث يبين أن الإيمان بمعناه العام يشمل الاعتقادات الباطنة، والأعمال الظاهرة، والأخلاق الكريمة، وتلك هي حقيقة الدين الإسلامي.
وعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ لِلإِسْلامِ صُوًى وَمَنَارًا كَمَنَارِ الطَّرِيقِ، مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ، وَلا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تُقِيمَ الصَّلاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَتَسْلِيمُكَ عَلَى بَنِي آدَمَ إِذَا لَقِيتَهُمْ، فَإِنْ رَدُّوا عَلَيْكَ رَدَّتْ عَلَيْكَ وَعَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ، وَإِنْ لَمْ يَرُدُّوا عَلَيْكَ رَدَّتْ عَلَيْكَ الْمَلائِكَةُ، وَلَعَنَتْهُمْ أَوْ سَكَتَتْ عَنْهُمْ، وَتَسْلِيمُكَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ إِذَا دَخَلْتَ عَلَيْهِمْ، فَمَنِ انْتَقَصَ مِنْهُنَّ شَيْئًا فَهُوَ سَهْمٌ مِنَ الإِسْلامِ تَرَكَهُ، وَمَنْ تَرَكَهُنَّ فَقَدْ نَبَذَ الإِسْلامَ وَرَاءَ ظَهْرِهِ».أخرجه الحاكم وصححه الألباني في السلسلة (333).
يوضح ابن الأثير معنى الصوى فيقول: «الصوى: الأعلام المنصوبة من الحجارة في المفازة المجهولة يستدل بها على الطريق واحدتها صوة كقوة, أراد أن للإسلام طرائق وأعلاما يهتدى بها».
وقد ظن بعض الناس أن الإسلام هو فقط في الأركان الخمسة المذكورة في حديث ابن عمر مرفوعا: «بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان» متفق عليه.
والإسلام غير قاصر على هذه الأمور الخمسة، بل يشمل أعمالا وشعبا كثيرة كما تقدم، وإنما اقتصر النبي صلى الله عليه وسلم على ذكر هذه الأركان الخمسة؛ لأنها بمنزلة الدعائم للبنيان،
ويؤكد ابن رجب شمول الدين للأعمال الظاهرة غير الأركان الخمسة فيقول: «وفي هذا تنبيه على أن جميع الواجبات الظاهرة داخلة في مسمى الإسلام. وإنما ذكر هاهنا أصول أعمال الإسلام التي ينبني عليها.
ومما يدل على أن جميع الأعمال الظاهرة تدخل في مسمى الإسلام قول النبي صلى الله عليه وسلم : «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده».
وفي الصحيحين عن عبد الله بن عمرو أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم : أي الإسلام خير؟ قال: «أن تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف».
وصح عن حذيفة قال: «الإسلام ثمانية أسهم: الإسلام سهم، والصلاة سهم، والزكاة سهم، وحج البيت سهم، والجهاد سهم، وصوم رمضان سهم، والأمر بالمعروف سهم، والنهي عن المنكر سهم، وخاب من لا سهم له».
وقوله: «الإسلام سهم» يعني الشهادتين، لأنهما علم الإسلام، وبهما يصير الإنسان مسلما. وكذلك ترك المحرمات داخل في مسمى الإسلام أيضا».
قال أبو عبيد القاسم بن سلام موضحا شمول الدين للكثير من الخصال والأعمال كما وردت في النصوص: «فظن الجاهلون بوجوه هذه الأحاديث أنها متناقضة لاختلاف العدد منها، وهي - بحمد الله ورحمته- بعيدة عن التناقض، وإنما وجوهها ما أعلمتك من نزول الفرائض بالإيمان متفرقة، فكلما نزلت واحدة ألحق رسول الله صلى الله عليه وسلم عددها بالإيمان، ثم كلما جدد الله له منها أخرى زادها في العدد حتى جاوز ذلك السبعين كلمة، كذلك في الحديث المثبت عنه أنه قال: «الإيمان بضعة وسبعون جزءا، أفضلها شهادة أن لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق».
ويوضح ابن القيم -رحمه الله- كيف أن زوال بعض أعمال الإسلام يؤثر في نقص الدين حتى يزول بالكلية إذا زال أساسه فيقول: «الكفر والإيمان متقابلان، إذا زال أحدهما خلفه الآخر, ولما كان الإيمان أصلاً له شعب متعددة، وكل شعبة منها تسمى إيماناً: فالصلاة من الإيمان، وكذلك الزكاة والحج والصيام، والأعمال الباطنة كالحياء، والتوكل، والخشية من الله، والإنابة إليه، حتى تنتهي هذه الشعب إلى إماطة الأذى عن الطريق فإنه شعبة من شعب الإيمان.
وهذه الشعب منها ما يزول الإيمان بزوالها كشعبة الشهادتين, ومنها ما لا يزول بزوالها كترك إماطة الأذى عن الطريق, وبينهما شعب متفاوتة تفاوتاً عظيماً, منها ما يلحق بشعبة الشهادة ويكون إليها أقرب، ومنها ما يلحق بشعبة إماطة الأذى ويكون إليها أقرب».
والخلاصة أن الإسلام اعتقادات قلبية، وأعمال بدنية، وأخلاق كريمة، الأخذ بها استقامة ونجاة، والإعراض عنها سبيل للهلاك، فهي منارات تهدي المسلم إلى سواء السبيل، وعلامات ترشده إلى الصراط المستقيم، أوصانا بالتمسك بها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في وصيته الجامعة، فعن العرباض بن سارية قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقلنا يا رسول الله إن هذه لموعظة مودع فماذا تعهد إلينا؟ قال: «قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك، من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ، وعليكم بالطاعة وإن عبدا حبشيا، فإنما المؤمن كالجمل الأنف حيثما قيد انقاد». رواه ابن ماجه قال الشيخ الألباني: صحيح.
وأخرج الحاكم بسنده عن ابن وهب قال: سمعت مالك بن أنس يقول: الزم ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: «أمران تركتهما فيكم لن تضلوا ما تمسكم بهما كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ».
وأخرج البيهقي أيضا بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إني قد خلفت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما أبدا؛ كتاب الله وسنتي، ولن يفترقا حتى يردا على الحوض» وأخرجه الحاكم في المستدرك.



اعداد: د.وليد خالد الربيع





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.77 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.15 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.18%)]