الموضوع: أهمية الأمانة
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 12-05-2025, 12:56 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,685
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أهمية الأمانة

الخطبة الثانية
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه:
عباد الله، إن من خصائص يوم الجمعة، الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فقد جاء في الحديث الصحيح أنه قال: «إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ، فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ» قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرِمْتَ - يَقُولُونَ: بَلِيتَ -؟ فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ»[12]، فهذا اليوم، يوم الجمعة يوم مبارك، فيه ساعة يستجاب فيها الدعاء، وهي آخر ساعة من يوم الجمعة، كما أفصحت بذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهكذا الاغتسال، والامتشاط، والإدهان، والتطيب، والمجيء إلى صلاة الجمعة، أمرٌ مستحب وواجب نبَّه عليه صلى الله عليه وسلم، وهكذا فيما يتعلق بأن تلبس أحسن لباس، لمجيئك الجمعة وهي من السنن الشرعية المهمة.

عباد الله، من الأمور العظيمة تساهُلُ الكثير من المسلمين فيما يتعلق بالبيع المشتريات بعد أذان الجمعة.

فإن الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الجمعة: 9].

ومعنى ذروا البيع؛ أي: اتركوه؛ لأنه حرام للمسلم أو المسلمة أن يبتاع أو يشتري بعد الجمعة، فإذا كان المسلم صحيحًا مقيمًا بالغًا مسلمًا عاقلًا، فالجمعة واجبة في حقه، وإنما المعذورون من الجمعة صاحب العذر الشرعي العبد، المرأة المسافر، المريض، هكذا ذكر فقهاؤنا في كتب الفقه، إنما تسقط الصلاة عن هؤلاء الأربعة المعذورين المرأة، والعبد، والمسافر، والمريض، أما بقية المسلمين فالجمعة واجبة إقامتها، وواجب عليهم أن يحضروا لصلاة الجمعة، بل يستحب لهم أن يبكروا في أدائها؛ لقوله سبحانه: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133].

يا معاشر المسلمين، لو تأملنا إلى أحوال المسلمين مع هذه الآية المباركة، فاسعوا إلى ذكر الله، وذروا البيع، لرأيت في مثل هذه الساعة الذين يعملون في المطاعم، والمقاهي، والبوفيات، والبقالات، وأسواق القات، وبسطات الخضار، والمعارض، وهكذا في كثير وكأن الأمر أمر عادي.

يا أيها المسلمون، الله تعالى ينوه إلى هذا فاسمعوا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الجمعة: 9] إلى آخر السورة، وقد ذكر بعض المفسرين عن بعض الصحابة الأجِلاء أن من طبق الآية فابتاع واشترى بعد خروجه من الجمعة ممتثلًا أمر الله، ربح سبعين مرة يربح في بيعه وتجارته، فإن الله يقول: ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الجمعة: 10].

وعجبًا لبعض المسلمين يكون محله مفتوحًا، يجعل ابنه أو عامله وهو يأتي إلى الصلاة، هذا خان الأمانة، وما نصح المسلمين، وما أدى ما أوجبه الله عليه، فإن الله أمرنا كوننا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أن نأمر بالمعروف، وننهى عن المنكر، فذكر سبحانه حال بني إسرائيل، وما حلَّ بهم من اللعن، حينما تركوا هذا الأمر؛ قال سبحانه: ﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [المائدة: 78، 79].

فانصح لابنك، وانصح لعاملك، وانصح لجارك، وانصح لأهلك، انصح لمجتمعك، لأمتك فكلنا مسؤولون عن هذا الدين، فإنما فلاحنا وعزنا بهذا الدين وما سواه هو الضلال.
الدين رأسُ الأمر فاستمسِك به
فضياعُه من أعظم الخسران




ولا تستطيع أن تقول يوم القيامة: أنا ما لي دخل، وحالي حال نفسي، كما يقال هذا لا يخارجك قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ»[13].

فإذا رأيت من يترك الصلاة، أو يسبُّ الله أو رسول الله، أو يتساهل في الواجبات، أو يأخذ الرشوة، أو يسب المسلمين، أو يطلع على عورات المسلمين، أو يفعل من السوء ما تعلمه واجب عليك، أن تنصحه وإلا كنت يوم القيامة خصيمًا لرسول الله، حينما رأيت منكرًا فلم تغيره، يا أيها المسلمون، هذه الدنيا إنما هي دار عبور، وغدًا نحن بين يدي الله سبحانه وتعالى سائلنا عن ديننا؛ قال جل وعلا: ﴿ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴾ [الزخرف: 44]؛ أي: عن هذا الدين وتسألون عن رسول الله في قبوركم كما قيل، كما قال صلى الله عليه وسلم: «إنكم مسؤولون عني»[14]، فماذا نحن قائلون لربنا غدًا، يوم يسألنا عن القرآن، وعن رسول الإسلام، ويوم يسألنا عن التعاليم الشرعية، يوم يسألنا عن جيراننا، وعن أولادنا، وبناتنا، وزوجاتنا، وأموالنا، وعقولنا، وأماناتنا، وفروجنا، وألسنتنا، وأسماعنا، وأبصارنا، يوم أن يسألنا من أين جمعنا المال، وفيمَ نُنفقه، فإننا يا عباد الله يجب أن نحضر أجوبة صحيحة، فإن الناقد والمناقش هو الله تبارك وتعالى: ﴿ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [المجادلة: 6]، وقال سبحانه: ﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾ [الأنبياء: 47]، ولو تأمل العاقل فيما يأكل ويشرب من حلال أو من حرام، ماذا أكل بالأمس؟ وبكم خزن من القات؟ وماذا أكل أو خزَّن قبل أسبوع؟ أين ذهب تلك المتعة؟ أين ذلك الطعام؟ وأين ذلك القات؟ أين المتعة التي تمتَّع بها؟، لقد ذهبت كلها.
إن أهنأَ عيشة قضيتها
ذهبت لذَّاتها والموت حلَّ




فالموت لابد هو الذي يطاردنا، وهو الذي يُزعزع أنفسنا، ويقعقع أبواب بيوتنا، ولا يستطيع أحد أن يصدَّه عن نفسه؛ قال سبحانه: ﴿ قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الجمعة: 8].

أسأل الله بمنِّه وكرمه، وبأسمائه الحسنى، وصفاته العلى - أن يجعلنا من عباده الصالحين.... إلخ.

ربَّنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقِنا عذاب النار.

[1] انظر: الإصابة في تمييز الصحابة رقم (5 /116).

[2] قد سبق تخريجه.

[3] قد سبق تخريجه.

[4] رواه ابن حبان رقم (5199)، قال: شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح.

[5] صحيح: رواه مسلم رقم (102).

[6] حسن: رواه البخاري في الأدب المفرد رقم (300)، والترمذي رقم (2346)، وابن ماجه رقم (4141)، وحسنه الشيخ الألباني في صحيح الجامع رقم (6043) من حديث عبد الله بن محصن ﭬ.

[7] البخاري رقم (2169)، وأحمد رقم (8571).

[8] رواه البخاري رقم (3285)، ومسلم رقم (1721) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

[9] صحيح: رواه أبو داود رقم (3463)، والبيهقي رقم (10484)، ومسند الشاميين رقم (2407)، قال الألباني: صحيح لغيره، انظر: صحيح الترهيب الترغيب (2/70).

[10] صحيح: رواه أحمد رقم (15462)، والترمذي رقم (1264)، وأبو داود رقم (3534)، قال الألباني: صحيح الجامع رقم (240).

[11] صحيح: رواه البخاري رقم (33)، ومسلم رقم (59).

[12] صحيح: رواه أحمد رقم (16207)، وأبو داود رقم (1047)، والنسائي رقم (1374)، وابن ماجه رقم (1085)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب رقم (1674).

[13] صحيح: رواه مسلم في الإيمان باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان وأن الإيمان يزيد وينقص وأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان رقم (49).

[14] صحيح: رواه مسلم رقم (1218).






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.13 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 22.50 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.72%)]