عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 15-05-2025, 02:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,090
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال



وواجبات الصلاة:
1- تكبيرات الانتقال، أما تكبيرة الإحرام فهي ركن.

2- قول: (سمِع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد) للإمام والمنفرد، ويكتفي المأموم بقول: (ربنا ولك الحمد).

4- قول: (سبحان ربي العظيم) مرة في الركوع.

5- قول: (سبحان ربي الأعلى) مرة في السجود.

6- قول: (رب اغفر لي) بين السجدتين، وقال بعض الفقهاء: قولها سُنة لا واجب.

7- الجلوس للتشهد الأول.

8- التشهد الأول وهو: (التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله).

هذه شروط الصلاة وأركانها وواجباتها، والفرق بين الشرط والركن: أن الشرط يتقدم على العبادة ويستمر معها، والركن يكون أثناء العبادة وينقطع ولا يستمر، والشروط والأركان لا تصح الصلاة إلا بها، والفرق بين واجبات الصلاة وأركانها: أن من نسِيَ ركنًا لا تصح صلاته إلا بالإتيان به، أما من نسي واجبًا أجزأ عنه سجودُ السهو، وواجبات الصلاة تبطل الصلاة بتركها عمدًا، ولا حرج على من تركها سهوًا وجهلًا.

وسنن الصلاة في الإتيان بها فضيلة وزيادة أجر، ومن تركها فلا إثم عليه؛ وهي نوعان:
سنن فعلية: مثل: رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام وعند الركوع وعند الرفع منه، ووضع اليمين على الشمال حال القيام عند القراءة، والنظر إلى موضع السجود، وقبض الركبتين باليدين مع تفريج الأصابع في الركوع، وجعل الرأس حيال الظهر حال الركوع، ومجافاة العَضُدَين عن الجنبين عند السجود مع رفع الذراعين عن الأرض، واستقبال أصابع اليدين والرجلين للقبلة في السجود، وافتراش القدم اليسرى ونصب اليمنى عند الجلوس بين السجدتين، والإشارة بالسبابة اليمنى من أول التشهد إلى نهايته.

وسنن قولية: مثل: دعاء الاستفتاح، وله صيغ كثيرة يكفي أحدها؛ ومنها: (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جَدُّك، ولا إله غيرك)، والتعوذ قبل قراءة الفاتحة، وقول: آمين، وقراءة ما تيسر من القرآن بعد الفاتحة، وتكرار تسبيح الركوع والسجود ثلاثًا أو أكثر، والجمع بين التسبيح وحمد الله في الركوع والسجود، والاستعاذة بالله بعد التشهد قبل السلام من أربع فيقول: (اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال)، وأن يقول دُبُرَ كل صلاة في آخرها أو بعدها: (اللهم أعنِّي على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك)، وأن يستغفر الله بعد السلام ثلاثًا، ويقول: (اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام)، وأن يأتي بالأذكار المشروعة بعد الصلاة المفروضة، ومنها: قراءة آية الكرسي والمعوِّذات، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من سبَّح الله في دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، وحمِد الله ثلاثًا وثلاثين، وكبَّر الله ثلاثًا وثلاثين، فتلك تسعة وتسعون، وقال: تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير - غُفرت خطاياه وإن كانت مثل زبَد البحر)).

ومبطلات الصلاة:
1- انتقاض الطهارة.

2- الضحك، أما التبسم بلا قهقهة فيُكره ولا يبطل الصلاة.

3- الكلام عمدًا، دون حاجة الصلاة.

4- العمل الكثير المنافي للصلاة؛ كاللعب والمشي الكثير والأكل والشرب.

5- ترك شرط من شروط الصلاة عمدًا بدون عذر؛ كترك ستر العورة، أو ترك استقبال القبلة، أو حصول نجاسة في بدن المصلي أو ثيابه، ولم يُزِلْها في الحال مع العلم بها وتذكرها.

6- ترك ركن من أركان الصلاة عمدًا بدون عذر؛ كترك القيام في الفريضة.

وعلى المصلي أن يحرص في صلاته على الخشوع بقدر استطاعته، وأن يُقبل عليها بقلبه وجوارحه بإخلاص وتدبر لما يقرؤه من القرآن، وما يقوله من الأذكار، وأن يتجنب ما يُكره في الصلاة.


ومما يُكره في الصلاة:
1- النظر في الصلاة يمينًا وشمالًا وإلى السماء، والالتفات بالرأس.

2- العبث باليدين في الصلاة، ومن ذلك: تشبيك الأصابع وفرقعتها.

3- افتراش الذراعين في السجود.

4- تغطية الفم في الصلاة.

5- مسابقة الإمام.

6- الصلاة بحضرة طعام يشتهيه أو وهو يدافع الأخْبَثَين؛ وهما البول والغائط.

7- ترك سنن الصلاة القولية أو الفعلية دائمًا، أما إن ترك بعض سنن الصلاة القولية أو الفعلية أحيانًا، فلا كراهة.

والمكروه: يُثاب تاركه امتثالًا، ولا يُعاقب فاعله، وتزول الكراهة عند فعل المكروه لحاجة.

وصلاة التطوع مستحبة، وهي من أفضل القُرُبات، يزداد المؤمن بها إيمانًا وأجرًا، وله بكل سجدة درجة في الجنة، وصلاة التطوع نوعان:
النوع الأول: النوافل المقيَّدة بأوقات معينة؛ كالسنن الرواتب، وصلاة الوِتر، وصلاة الضحى، وصلاة الكسوف.
النوع الثاني: النوافل المُطلقة غير المؤقَّتة بأوقات معينة، وتُشرع ليلًا ونهارًا، فيصلي ركعتين ركعتين بلا تحديد عدد معين.

والأوقات الثلاثة المنهيُّ عن صلاة النافلة فيها:
الأول: من بعد صلاة الصبح حتى ترتفع الشمس قدرَ رمح في رأي العين، وهو بعد شروقها بربع ساعة تقريبًا.

الثاني: عند استواء الشمس حتى تزول إلى جهة الغرب، وهو تقريبًا عشر دقائق قبيل دخول وقت الظهر.

الثالث: من بعد صلاة العصر حتى غروب الشمس.

فلا تُصلَّى النوافل في هذه الأوقات إلا إذا كانت صلاة ذات سبب؛ كصلاة ركعتين عند دخول المسجد، وقضاء سُنة الفجر بعد صلاة الفجر، وركعتي الطواف، وصلاة الجنازة، وصلاة الكسوف.

وأفضل النوافل: الرواتب، وهي التابعة للفرائض، وهي سُنة مؤكدة، يُذَمُّ تاركها، ويُستحب قضاؤها إن فاتت، وعدد الرواتب اثنتا عشرة ركعة: ركعتان قبل الفجر، وأربع ركعات قبل الظهر، وركعتان بعد الظهر، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وأفضل التطوع: صلاة الوتر، والركعتان قبل الفجر، ووقت صلاة الوتر: ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، ويجوز صلاتها بعد طلوع الفجر بين الأذان والإقامة قضاء، وصلاة الوتر آخر الليل أفضلُ منه في أوله، ويُستحب لمن ظن أنه لا يقوم آخر الليل أن يصلي الوتر قبل أن ينام، والوتر أقله ركعة واحدة، ويجوز الوتر بثلاث ركعات متصلة من غير تشهد أول أو منفصلة ركعتين ثم ركعة، كل هذا ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من خلاف التنوع المشروع، ويُستحب قنوت الوتر أحيانًا، ويدعو بما شاء من الأدعية المأثورة وغيرها، ومن الدعاء المأثور في القنوت: ((اللهم اهدِني فيمن هديت، وعافِني فيمن عافيت، وتولَّني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقِني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يُقضى عليك، وإنه لا يذِل من واليت، ولا يعِز من عاديت، تباركتَ ربَّنا وتعاليت)).

ويُشرع القنوت في صلاة الفجر عند النوازل التي تنزل بالمسلمين، واختلف الفقهاء في مشروعية المداومة على القنوت في صلاة الفجر على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه مستحب، والقول الثاني: أنه لا يُستحب، والقول الثالث: أن الأمر واسع، فمن شاء قنت، ومن شاء لم يقنُت، وكل هذه الأقوال معتبرة عند العلماء المحققين، ولا حرج على من أخذ بقول منها، ولا يجوز الإنكار عليه، سواء كان عالمًا أو مقلِّدًا.


وأسباب سجود السهو: الزيادة، أو النقص، أو الشك.

فيُشرع سجود السهو لمن زاد في صلاته سجودًا أو قعودًا، أو سلَّم قبل إتمام صلاته، أو ترك التشهد الأول، أو شكَّ أثناء الصلاة في عدد الركعات فلم يدرِ كم صلى، فيأخذ بالأقل حال الشك ويبني عليه، ويسجد سجدتين للسهو قبل السلام أو بعده، والأحاديث وردت بكلا الأمرين، وسجدتا السهو كسجود الصلاة في التسبيح والتكبير للسجود والرفع منه، ثم يسلم بلا تشهد.

ويُستحب سجود التلاوة في الصلاة أو خارجها عند تلاوة الآيات التي وردت فيها السجدات، أو عند استماعها؛ وهي خمس عشرة آية معروفة، وإذا لم يسجد القارئ لا يسجد المستمع، وهي سجدة واحدة، يكبِّر إذا سجد في الصلاة وإذا رفع، ويقول في سجوده ما يقول في سجود الصلاة: (سبحان ربي الأعلى وبحمده)، أو يقول: (سجد وجهي للذي خلقه، وشقَّ سمعه وبصره، بحوله وقوته)، وإذا سجد خارج الصلاة يُكبر للسجود في الخفض والرفع ولا يُسلِّم، ويجوز سجود التلاوة بلا وضوء، ويجوز للمرأة سجود التلاوة بلا ستر شعرها.

وصلاة الجماعة واجبة على الرجال، وقيل: سُنة مؤكدة يُذَم المتخلف عنها بلا عذر؛ قال الله تعالى: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ [البقرة: 43]، وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: ((أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ أعمى فقال: يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخِّص له فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولى دعاه فقال: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجِبْ))، وروى مسلم عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: ((من سره أن يلقى الله غدًا مسلمًا، فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادَى بهن، فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سُنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لَتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضلَلتم، وما من رجل يتطهر فيُحسن الطهور، ثم يعمِد إلى مسجد من هذه المساجد، إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنةً، ويرفعه بها درجةً، ويحط عنه بها سيئةً، ولقد رأيتُنا وما يتخلف عنها إلا منافقٌ معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يُؤتى به يُهادى بين الرجلين حتى يُقام في الصف))، ويُعذر المسلم بترك صلاة الجماعة في المسجد إذا كان مريضًا، أو خائفًا على نفسه أو ماله أو أهله، أو كان يدافعه الأخبثان؛ البول أو الغائط، أو كان هناك مطر أو وحل، أو ثلج أو كان البرد شديدًا ويخشى على نفسه الضرر، والأولى لمن لم يمكنه الصلاة جماعة في المسجد أن يصليها جماعة في غير المسجد حيثما تيسر؛ حتى لا يُحرَم أجر الجماعة، ومن أدرك الركوع مع الإمام فقد أدرك الركعة، ومن أدرك جزءًا من التشهد الأخير مع الإمام فقد أدرك الجماعة، وإذا أُقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة، لكن إذا شرع المؤذن في الإقامة بعد شروع المتنفل في صلاته، فإنه يُتمها خفيفةً؛ لإدراك فضيلة تكبيرة الإحرام، وقيل: إن كان في الركعة الأولى يقطعها، وإن كان في الركعة الثانية يُتمها خفيفة، ويلحق بالجماعة.

ويقف المؤتمُّون خلف الإمام إذا كانوا اثنين فأكثر، ويقف الرجل الواحد عن يمين الإمام محاذيًا له من غير أن يتأخر عنه، ولا يجوز للمأموم مسابقة إمامه، وعليه أن يَشرع في أفعال الصلاة بعد إمامه، فإنما جُعل الإمام ليُؤتم به، ويُستحب قرب الرجال البالغين والقارئين من الإمام، ويُستحب للمأمومين أن يتقدموا إلى الصف الأول ويحرصوا عليه، ويُكره التأخر عن الصف الأول وعن أول الصلاة، ويُستحب للإمام قبل الدخول في الصلاة أن يأمر بتسوية الصفوف، وسدِّ الفُرَج، وإتمام الصف الأول فالأول.

ولا تسقط الصلاة عن المريض ما دام بعقله، ويصلي المكتوبة قائمًا على أي صفة يستطيع معها القيام، ولو مستندًا إلى جدار أو عمود أو على عصًا، ولا يجوز لمن يستطيع القيام في الصلاة أن يصلي الفريضة قاعدًا على كرسي مع قدرته على القيام، فإن لم يستطع الصلاة قائمًا، صلى قاعدًا على الأرض ليتمكن من السجود، فإن كان لا يستطيع السجود ولا القيام، فلا بأس بالصلاة على الكرسي، وإن لم يستطع الصلاة قاعدًا صلى على جنبه، فإن عجز عن ذلك كله صلى على حسب حاله ولو بالإيماء؛ قال الله تعالى: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ [التغابن: 16].

وصفة صلاة الجنازة على الميت: يكبِّر المصلي تكبيرة الإحرام ثم يقرأ سورة الفاتحة، ثم يكبِّر ويصلي على النبي عليه الصلاة والسلام الصلاة الإبراهيمية: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، ثم يكبِّر الثالثة ويدعو للميت بالرحمة والمغفرة، ويجوز أن يدعو للميت بأي دعاء ويكرره إن شاء، كأن يقول: اللهم اغفر له وارحمه، وأعِذْهُ من عذاب القبر والنار، ثم يكبِّر الرابعة ويُسلِّم، وله أن يكبِّر تكبيرة خامسة، والأمر واسع في رفع اليدين مع كل تكبيرة أو عدم الرفع.

الصيام:
قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].

الصيام هو: الإمساك عن الأكل والشرب وسائر المُفطرات، مع نية الصيام، من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس.

ويجب صيام شهر رمضان على كل مسلم بالغ، ويُؤمر الأولاد الصغار إذا بلغوا سبع سنين بصيام ما تيسر لهم من أيام رمضان؛ ليعتادوا على الصيام.

ويثبُت دخول شهر رمضان برؤية الهلال، فإن لم يُرَ الهلال وجب إكمال عدة شعبان ثلاثين يومًا؛ ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غُمِيَ عليكم الشهر، فعُدُّوا ثلاثين))، وفي رواية: ((فأكملوا عِدةَ شعبان ثلاثين))، والأصل أنه إذا ثبتت رؤية الهلال في بلدٍ، فعلى جميع المسلمين أن يصوموا بتلك الرؤية، وإن ثبتت رؤية الهلال في بلد ولم يُثبته الحاكم أو القاضي الشرعي في بلد آخر، فعلى أهل كل بلد الصوم والإفطار مع أهل بلدهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تُفطرون، والأضحى يوم تُضحُّون))؛ [رواه الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه].

ولا يصح الصيام إلا بالنية، ولا يُشرع التلفظ بها، فمن تسحَّر ليصوم فقد نوى، ومن خطر بقلبه ليلًا أنه سيصوم في الغد، فقد نوى.

ولا يجب الصوم على المسافر، ولا على المريض الذي لا يطيق الصيام، فيُفطران ثم يقضيان ما أفطراه من الأيام بعد انتهاء السفر أو الشفاء من المرض؛ قال الله تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 184]، والمسافر في رمضان مُخيَّر بين الفطر أو الصوم، وأكثر العلماء على أن الأفضل للمسافر أن يصوم رمضان في سفره إن لم يشُقَّ عليه الصيام، فإن شقَّ عليه الصيام فيُستحب له الفطر.

ولا يُفطر المريض حتى تصيبه مشقة غير محتملة، أو يخاف زيادة المرض بصيامه، وأما المرض اليسير فلا يجوز الفطر بسببه، والمرض نوعان: مرض يُرجى بُرؤه، يُفطر صاحبه ويقضي ما أفطره، ومرض لا يُرجى برؤه، يُفطر، ولا يجب عليه القضاء، وإنما تلزمه الفدية، ومثله الكبير العاجز عن الصيام عجزًا مستمرًّا، والفدية هي أن يُطعم عن كل يوم مسكينًا، لكل مسكين قدر مُدٍّ من الطعام من البُرِّ أو الأرز أو غيرهما من الأقوات، ويكفي نصف كيلو من الأرز عن كل يوم، فإن أفطر ثلاثين يومًا، يُخرِج خمسة عشر كيلو من الأرز، ولو لمسكين واحد.

ومن أكل أو شرب ناسيًا في صيام رمضان أو غيره، فصيامه صحيح، وعليه أن يُتم صومه بلا قضاء، وكذلك كل من فعل شيئًا من المُفطرات ناسيًا أو جاهلًا، والأصح أن الإبر المغذية تُبطل الصوم، وأما الإبر غير المغذية فلا تبطل الصوم.

وإذا غلبه القيء بغير اختياره فلا يفطر إذا لم يتعمد إرجاع شيء منه إلى جوفه، والقلس - وهو القيء الحامض الذي يكون مِلْءَ الفم أو دونه - إذا خرج من معدة الصائم إلى فمه يجب عليه بصقه، فإن تعمَّد ابتلاعه بطل صومه، وإن رجع إلى جوفه بغير اختياره فلا شيء عليه، وكذلك النُّخامة إن وصلت إلى الفم وابتلعها الصائم، أفطر عند كثير من أهل العلم، وإن لم تصل إلى فمه ونزلت إلى الحلق فلا يُفطر.

ولا يُفطر الصائم قلعُ الضرس، وعليه التحرز من بلع الدم، ولا يُفطر الصائم خروجُ الدم بالرُّعاف أو من جرح، والأولى ترك الحِجامة للصائم خروجًا من الخلاف القوي في الفطر بها، ولأنها قد تُضعف الصائم عن إتمام صومه، وفي معنى الحجامة: التبرع بالدم، ففيه إخراج دم كثير يُضعف الصائم، أما إخراج دم قليل لإجراء تحاليل طبية، فليس في معنى الحجامة.

والأصح أنه لا يفطر الصائم بتقطير شيء في أذنه أو عينه، ولا بالكحل وإن وجد طعمه في حلقه، والأولى ترك ذلك إن كان يجد أثره في حلقه، ويجوز للصائم شم البخور من غير مبالغة في استنشاقه، فإن بالغ في استنشاق البخور، أفطر عند كثير من أهل العلم؛ لأن البخور له جِرم يصل إلى الجوف، ويعلَق أثره بالرئتين، فيكون مُفطرًا كشرب الدخان (التبغ)، وجميع أنواع التبغ يحرُم تناولها بأي طريقة؛ لثبوت ضررها الخطير على جسم الإنسان، ومن ذلك ما يسمى البردقان والشمة، وهما مفسدان للصوم؛ فإذا وُضعا في الفم أو الأنف يتحللان ويدخل منهما أجزاء إلى الجوف، والصحيح أن بخَّاخ الربو والأكسجين الصناعي لا يفطران الصائم.

ومن أفطر يومًا من رمضان بلا عذر، فقد وقع في كبيرة من كبائر الذنوب، فيجب عليه أن يتوب إلى الله توبة نصوحًا، ويجب عليه إمساك بقية النهار عن المفطرات لحرمة رمضان، والمبادرة إلى القضاء بعد رمضان بلا تأخير، ومن جحد فرضية الصيام فقد كفر، ووجب على القاضي الشرعي استتابته، والحكم بقتله لردَّتِه.

ومن أفطر في رمضان بعذرٍ، فيجب عليه القضاء على التراخي إلى قبل دخول شهر رمضان الثاني، ويُستحب التعجيل بالقضاء، فإن أخَّر القضاء حتى دخل رمضان الثاني بغير عذرٍ، أثِم لتأخير القضاء بلا عذر، وعليه القضاء مع التوبة والاستغفار، وقال أكثر العلماء: يجب عليه مع القضاء الكفارة، وهي إطعام مسكين مدًّا من الطعام عن كل يوم.

ويصح قضاء الصوم متتابعًا أو متفرقًا، والتتابع أفضل، ولا يجوز لمن يصوم القضاء أن يُفطر بلا عذر، ويجوز للصائم المتطوع أن يُفطر إن شاء، والأولى للمتطوع ألَّا يفطر إلا لحاجة.

ومن تغيَّر عقله وأصابه الخرَف بسبب الكِبَر أو مرض أو حادث، فلم يعُد يضبط الصوم ولا الصلاة، فلا تجب عليه الصلاة ولا الصيام، ويكون كالمجنون مرفوعًا عنه القلم.

ومن صام رمضان ولم يحافظ على الصلوات الخمس، فويلٌ له من عذاب الله؛ كما قال الله تعالى: ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾ [الماعون: 4، 5]، وهو فاسق يُخشى عليه النفاق، وقال بعض الفقهاء بكفره، وعدم قبول صومه؛ للحديث الصحيح: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر))، والواجب على المسلم أن يحافظ على الصلوات كما يحافظ على الصيام، فكلاهما من أركان الإسلام، وتارك الصلاة والصيام أعظم شرًّا ممن صام وترك الصلاة.

ويُستحب للصائم السحور، وتأخيره مستحب ما لم يخشَ طلوع الفجر، والأفضل للشاكِّ في طلوع الفجر ألَّا يأكل احتياطًا للصيام، ويجب عليه ألَّا يصلي الفجر حتى يستيقن أو يغلب على ظنه دخولُ وقت صلاة الفجر احتياطًا للصلاة.

ويُستحب للصائم تعجيل الفطور متى تحقق غروب الشمس وإقبال الليل؛ قال الله سبحانه: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ﴾ [البقرة: 187]، ولا يجوز للصائم تأخير الفطر بعد دخول الليل حتى يرى نجمًا؛ تنطعًا وخلافًا للسنة النبوية؛ ففي الصحيحين عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يزال الناس بخير ما عجَّلوا الفِطر))، ويُستحب أن يُفطر على تمر إن تيسر، فإن لم يتيسر فعلى ماء، وله أن يُفطر بما شاء.

ويُكره للصائم المبالغة في الاستنشاق، والأولَى ترك استعمال معجون الأسنان للصائم، ويُكره للصائم ذوق الطعام إلا لحاجة؛ كطبَّاخ يحتاج إلى تذوق ملح الطعام وما أشبهه، مع الحذر من وصول شيء من أثر الطعام إلى حلقه.

والأيام التي يُستحب صيامها:
1- صيام ستة أيام من شوال لمن صام رمضان كاملًا، ويُشرع صومها متتابعة أو متفرقة.

2- صيام تسع ذي الحجة، وأفضلها يوم عرفة.

3- صيام يوم تاسوعاء وعاشوراء، وهما اليوم التاسع والعاشر من شهر محرم، ولا بأس بصيام اليوم العاشر وحده، والأفضل صوم يوم قبله أو بعده.

4- صيام ثلاثة أيام من كل شهر، سواء من أوله أو أوسطه أو آخره، متتابعة أو متفرقة، والأفضل أن تكون أيام البيض: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر.

ويحرم صوم يومَيِ العيدين، ويحرم صوم يوم الشك؛ وهو يوم الثلاثين من شعبان إذا صامه لاحتمال أن يكون أول رمضان، فصوم يوم الشك من التكلُّف والتنطُّع، وليس من الاحتياط المشروع؛ ففيه مخالفة لجماعة المسلمين، والسُّنة للمسلم أن يصوم مع الناس الذين في بلده، ويجوز صوم يوم الشك لمن يصوم القضاء أو وافق عادة له؛ كمن يصوم يومًا ويفطر يومًا، أو يصوم الاثنين والخميس، أو يصوم شهر شعبان.

ويُكره إفراد يوم الجمعة بالصيام، إلا أن يصوم يومًا قبله أو يومًا بعده.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 33.59 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 32.97 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.87%)]