عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم اليوم, 12:45 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,760
الدولة : Egypt
افتراضي الحج والعمرة فضلهما ومنافعهما

الحج والعمرة فضلهما ومنافعهما


بسم الله الرحمن الرحيم
كتب أ: أشرف شعبان أبو أحمد
الحج هو آخر ما فرض من الشعائر والعبادات، إذ كانت فرضيته في السنة التاسعة من الهجرة النبوية على أرجح الأقوال.... (1) وهو أحد أركان الإسلام الخمسة وفرض من الفرائض التي علمت من الدين بالضرورة فلو أنكر وجوبه منكر كفر وارتد عن الإسلام....(2) وقد فرضه الله على كل مستطيع قال تعالى ( {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غنى عن العالمين} ) [سورة آل عمران آية 97] .... (3) ولا يكتمل إيمان العبد القادر إلا بأدائه.... (4) وذهب أبو حنيفة ومالك وأحمد وبعض أصحاب الشافعي وأبو يوسف إلى أن الحج واجب على الفور عند الاستطاعة عليه بينما ذهب الشافعي والثوري والأوزاعي ومحمد بن الحسن إلى أن الحج واجب على التراخي فيؤدى في أي وقت من العمر ولا يأثم من وجب عليه بتأخيره متى أداه قبل الوفاة.... (5) وقد أجمع العلماء على إن أشهر الحج التي لا يصح الإحرام بالحج إلا فيها هي شوال وذو القعدة واختلفوا في ذي الحج هل هو بكماله من أشهر الحج أو عشر منه؟ فذهب ابن عمر وابن عباس وابن مسعود والأحناف والشافعي وأحمد إلى الرأي الثاني، وذهب مالك إلى الرأي الأول ورجحه ابن حزم فقال: إن قول الله تعالى في سورة البقرة آية 197 ( الحج اشهر معلومات ) لا يطلق على شهرين وبعض آخر أشهر....(6) كما أجمع العلماء على أن الحج لا يجب في العمر إلا مرة واحدة إلا أن ينذر بأدائه فيجب الوفاء بالنذر، وما زاد عن الفريضة فهو تطوع فعن ابن عباس قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ( يا أيها الناس كتب عليكم الحج ) فقام الأقرع بن حابس فقال: أفي كل عام يا رسول الله؟ فقال ( لو قلتها لوجبت ولو وجبت لم تعملوا بها ولم تستطيعوا، الحج مرة فمن زاد فهو تطوع ) رواه أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم وصححه....(7)
أما العمرة فقد ذهب الأحناف ومالك إلى أنها سنة لحديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن العمرة أواجبة هي؟ قال ( لا، وأن تعتمروا هو أفضل ) رواه أحمد والترمذي وقال حديث حسن صحيح بينما عند الشافعية وأحمد أنها فرض لقوله تعالى في سورة البقرة آية 196 {( وأتموا الحج والعمرة لله )} فقد عطفت على الحج وهو فرض فهي فرض كذلك والرأي الأول أرجح. وقد ذهب جمهور العلماء إلى أن وقت العمرة جميع أيام السنة فيجوز أداؤها في أي يوم من أيامها وذهب أبو حنيفة إلى كراهتها في خمسة أيام هي يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق الثلاثة وذهب أبو يوسف إلى كراهتها في يوم عرفة وثلاثة أيام بعده واتفقوا على جوازها في أشهر الحج. ويجوز تكرارها فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر، عمرة الحديبية وعمرة القضاء والثالثة من الجعرانة والرابعة مع حجته رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة بسند رجاله ثقات وعن نافع اعتمر عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أعواما في عهد ابن الزبير عمرتين في كل عام، وعن القاسم إن عائشة رضي الله عنها اعتمرت في سنة ثلاث مرات، ويجوز للمعتمر أن يعتمر في أشهر الحج من غير أن يحج فقد اعتمر عمر في شوال ورجع إلى المدينة دون أن يحج كما يجوز له الاعتمار قبل أن يحج كما فعل عمر رضي الله عنه.... (8) هذا وتؤدى العمرة بمفردها كما ذكر أو مع الحج ووجوه أدائهما معا فثلاثة هي.... (9) الأول: القران ومعناه أن يحرم من عند الميقات بالحج والعمرة معا ويقول عند التلبية لبيك بحج وعمرة وهذا يقتضي بقاء المحرم على صفة الإحرام إلى أن يفرغ من أعمال العمرة والحج معا أو يحرم بالعمرة ويدخل عليها الحج قبل الطواف، الثاني: التمتع ومعناه هو الاعتمار في أشهر الحج ثم يحج من عامه الذي اعتمر فيه وهذا يقتضي أن يحرم من الميقات بالعمرة وحدها ويقول عند التلبية لبيك بعمرة والبقاء على صفة الإحرام حتى الانتهاء من أعمالها ويتحلل إلى أن يجئ يوم التروية فيحرم من مكة بالحج، الثالث: الإفراد ومعناه أن يحرم من يريد الحج من الميقات بالحج وحده ويقول في التلبية لبيك بحج ويبقى محرما حتى تنتهي أعمال الحج ثم يعتمر بعد ذلك أن شاء.... (10)
وقد اتفق الفقهاء إن للحج والعمرة شروط وجوب وشروط صحة وهي نفس الشروط فيهما ماعدا وقت الأداء فيشترط لوجوبهما، الإسلام البلوغ العقل الحرية الاستطاعة. ويشترط لصحتهما الإسلام التمييز الإحرام والمكان المخصص لأداء كل ركن من أركانهما والوقت المخصص لأداء كل ركن من أركانهما.... (11)
وللحج والعمرة أركان وواجبات وسنن ومفسدات، فيجب للعمرة ما يجب للحج وكذلك يسن لها ما يسن له وبالجملة فهي كالحج في الإحرام والفرائض والواجبات والسنن والمحرمات والمكروهات والمفسدات والإحصار ولكنها تخالفه في بعض الأمور أنها ليس لها وقت معين وليس فيها وقوف بعرفة ولا نزول بمزدلفة وليس فيها رمي جمار ولا طواف قدوم وميقاتها الحل لجميع الناس بخلاف الحج فإن ميقاته للمكي الحرم.... (12) وأركان الحج التي لا يصح الحج بدونها هي الإحرام والوقوف بعرفة والطواف والسعي بين الصفا والمروة والحلق أو التقصير وأركان العمرة كذلك إلا الوقوف بعرفة.... (13) أما واجبات الحج فهي الإحرام من الميقات والوقوف بعرفة جزء من النهار وجزء من الليل والمبيت بالمزدلفة ليلة النحر أو البقاء بها مدة من النصف الثاني من الليل ورمي الجمار على الترتيب وبالكيفية المطلوبة والمبيت بمنى ليلة التاسع من ذي الحجة وأيام التشريق وطواف الوداع.... (14) وأما محظورات الحج والعمرة فهي لبس المخيط أو المحيط كما يحرم لبس الخف والحذاء أو ما يغطي الكعبين وتغطية الرأس والوجه أو بعضهما بأي ساتر.... (15) وقد أجمع العلماء على أن هذا مختص بالرجل أما المرأة فلها أن تلبس جميع ذلك ولا يحرم عليها إلا الثوب الذي مسه الطيب والنقاب والقفازان....(16) مس الطيب أو شمه أو حمله أو استعماله في البدن أو الثياب وكذلك استعمال ما فيه طيب أو شرب أو أكل ما اختلط به طيب، قص الأظفار أو إزالة أي شعر بالحلق أو القص أو النتف أو الحك لقوله تعالى في [سورة البقرة آية 196] {( ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله )} الجماع ودواعيه ومقدماته كالقبلة والملامسة التي تنقض الطهر مع النساء، عقد النكاح لنفسه أو لغيره، التعرض لصيد البر بالقتل أو الذبح أو الدلالة عليه أو الإشارة إليه أو إيذاؤه أو إفساد بيضه كما يمنع الأكل منه إذا صاده بنفسه أو صاده محرم آخر لقوله تعالى {( أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما )} [سورة المائدة آية 96] .... (17) كما يمنع على المحرم اكتساب السيئات واقتراف المعاصي والمخاصمة مع الرفقاء والمشاتمة والكلام الفاحش والجدال والأصل في تحريم هذه الأشياء قوله تعالى {( فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ) } [سورة البقرة آية 197] ، قتل أي شئ ماعدا الفواسق الخمسة وهي الحدأة والغراب والحية والعقرب والكلب العقور، دهن الشعر أو البدن وكذلك الخضاب بالحناء في الشعر أو البدن، لبس الثياب المصبوغة بما له رائحة طيبة، التعرض لشجر الحرم أو حشيشه بقطع أو قلع أو إتلاف كما لا يجوز تنفير صيده.... (18) أما مفسدات الحج والعمرة فهي ترك ركن من أركانهما أو الجماع بأي كيفية في قبل أو دبر مع آدمي أو غيره قبل التحلل الأصغر في الحج وقبل التحلل في العمرة .... (19) وينبغي أن تكون نفقة الحج أو العمرة وكذلك سائر معاملات المسلم المالية من نفقة طيبة ففي الحديث الصحيح ( إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ) وروى عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «( إذا خرج الحاج بنفقة طيبة ووضع رجله في الغرز فنادى: لبيك اللهم لبيك ناداه مناد من السماء: لبيك وسعديك زادك حلال وراحلتك حلال وحجك مبرور غير مأزور وإذا خرج بالنفقة الخبيثة فوضع رجله في الغرز فنادى: لبيك ناداه مناد من السماء لا لبيك ولا سعديك زادك حرام ونفقتك حرام وحجك مأزور غير مأجور )» ....(20)
وتبدأ أعمال الحج بالميقات وهو المكان الذي حدده الرسول عليه الصلاة والسلام ليحرم منه أو بحذائه من يريد الحج أو العمرة، ولكل أهل جهة مكان معين ولا يجوز لحاج أو معتمر أن يتجاوزه دون أن يحرم، ويتحقق الإحرام بتقليم الأظافر وقص الشارب ونتف الإبط وحلق العانة والوضوء أو الاغتسال وهو أفضل وتسريح اللحية وشعر الرأس والتجرد من الثياب المخيطة ولبس ثوبي الإحرام وهما رداء يلف النصف الأعلى من البدن دون الرأس وإزار يلف به النصف الأسفل منه وينبغي أن يكونا أبيضين فإن الأبيض أحب الثياب إلى الله تعالى والتطيب في البدن والثياب وصلاة ركعتين ينوي بهما سنة الإحرام يقرأ في الأولى منهما بعد الفاتحة سورة الكافرون وفي الثانية سورة الإخلاص. ويبدأ المحرم بالتلبية من وقت الإحرام إلى رمي جمرة العقبة يوم النحر بأول حصاة ثم يقطعها، وقال مالك يلبي حتى تزول الشمس من يوم عرفة ثم يقطعها هذا بالنسبة للحج وأما المعتمر فيلبي حتى يستلم الحجر الأسود ولفظها: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد لك والنعمة لك والملك لا شريك لك. ويستحب الجهر بها وللمرأة أن تسمع نفسها ومن يليها ويكره لها أن ترفع صوتها أكثر من ذلك، كما تستحب التلبية عند الركوب أو النزول وكلما عل شرفا أو هبط واديا أو لقي ركبا وفي دبر كل صلاة وبالأسحار ويستحب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء بعدها. ثم يتجه الحاج إلى الكعبة قاصدا الحجر الأسود فيقبله بدون صوت فإن لم يتمكن استلمه بيده وقبله فإن عجز عن ذلك أشار إليه بيده ثم يقف بحذائه ويشرع في الطواف سبعة أشواط يستحب أن يرمل في الأشواط الثلاثة الأولى فيسرع في المشي ويقارب الخطا مقتربا من الكعبة ويمشي مشيا عاديا في الأشواط الأربعة الباقية ويستحب أن يستلم الركن اليماني ويقبل الحجر الأسود أو يستلمه في كل شوط كما يستحب له أن يكثر من الذكر والدعاء، فإذا فرغ من الأشواط السبعة صلى ركعتين عند مقام إبراهيم أو في أي مكان بالمسجد وبهذا ينتهي الطواف وإن كان الطائف قارنا أو متمتعا كان هذا الطواف طواف العمرة ويجزى عن طواف التحية والقدوم وعليه أن يمضي في استكمال عمرته فيسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط ويبدأ بالصفا ويختم بالمروة على أن يكون السعي في الطريق الممتد بينهما ولا يشترط الموالاة في السعي، كما ذهب أكثر أهل العلم إلى أنه لا تشترط الطهارة فيه وإن كان المستحب أن يكون المرء على طهارة في جميع مناسكه ويجوز السعي راكبا وماشيا والمشي أفضل، ويندب المشي بين الصفا والمروة فيما عدا بين الميلين فإنه يندب الرمل بينهما، ويستحب الرقي على الصفا والمروة واستقبال البيت والدعاء بما شاء من أمر الدين والدنيا كما يستحب أثناء السعي بينهما الدعاء وذكر الله تعالى وقراءة القرآن. وبالطواف والسعي تنتهي أعمال العمرة ويحل المحرم من إحرامه بالحلق أو التقصير إن كان متمتعا ويبقى على إحرامه إن كان قارنا ولا يحل إلا يوم النحر ويكفيه هذا السعي عن السعي بعد طواف الفرض إن كان قارنا ويسعى مرة أخرى بعد طواف الإفاضة إن كان متمتعا ويبقى بمكة حتى يوم التروية ومن السنة التوجه إلى منى يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة ويستحب الإكثار من الدعاء والتلبية عند التوجه إلى منى وصلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء والمبيت بها وأن لا يخرج الحاج منها حتى تطلع شمس يوم التاسع اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم فإن ترك ذلك أو شيئا منه فقد ترك السنة ولا شئ عليه و يسن التوجه إلى عرفات بعد طلوع شمس يوم التاسع عن طريق ضب مع التكبير والتهليل والتلبية ويستحب النزول بنمرة والاغتسال عندها للوقوف بعرفة ويستحب أن لا يدخل عرفة إلا بعد الزوال والمقصود بالوقوف بعرفة هو الحضور والوجود في أي جزء من عرفة ولو كان نائما أو يقظان أو راكبا أو قاعدا أو مضجعا أو ماشيا وسواء أكان طاهرا أم غير طاهر كالحائض والنفساء والجنب، ويجزئ الوقوف في أي مكان من عرفة لأن عرفة كلها موقف إلا بطن عرفة فإن الوقوف به لا يجزئ بالإجماع ويستحب أن يكون الوقوف عند الصخرات أو قريبا منها حسب الإمكان ويندب الاغتسال للوقوف بعرفة كما ينبغي المحافظة على الطهارة الكاملة واستقبال القبلة والإكثار من الاستغفار والذكر والدعاء بما فيه خير الدين والدنيا مع الخشية وحضور القلب ورفع اليدين وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر بعرفة ويسن الإفاضة من عرفة بعد غروب الشمس بالسكينة ويستحب التلبية والذكر فإذا أتى المزدلفة صلى المغرب والعشاء ركعتين بأذان وإقامتين من غير تطوع بينهما، وتأخذ الحصى من المزدلفة وعددها سبعون حصاة أو تسع وأربعون، سبع يرمى بها يوم النحر عند جمرة العقبة وإحدى وعشرون في اليوم الحادي عشر موزعة على الجمرات الثلاث ترمى كل جمرة منها بسبع، وإحدى وعشرون يرمى بها في اليوم الثاني عشر وكذلك في اليوم الثالث عشر فيكون عدد الحصى سبعين حصاة فإن لم يرم في اليوم الثالث عشر جاز ويكون الحصى الذي يرميه الحاج تسعا وأربعين. فإذا كان قبل طلوع الشمس أفاض من مزدلفة إلى منى فإذا أتى محسرا أسرع قدر رمية بحجر، وتبدأ أعمال يوم النحر بالرمي ثم الذبح ثم الحلق ثم الطواف بالبيت وبرمي الجمرة يوم النحر وحلق الشعر أو تقصيره يحل لمحرم كل ما كان محرما عليه بالإحرام فله أن يمس الطيب ويلبس الثياب ماعدا النساء وهذا هو التحلل الأول فإذا طاف طواف الإفاضة حل له كل شئ حتى النساء وهذا هو التحلل الثاني والأخير وقد أجمع المسلمون على أن طواف الإفاضة ركن من أركان الحج وأن الحاج إذا لم يفعله بطل حجه لقول الله تعالى ( وليطوفوا بالبيت العتيق ) سورة الحج آية 29 وجمهور العلماء يرى أنه سبعة أشواط وأول وقته نصف الليل من ليلة النحر عند الشافعي وأحمد ولاحد لآخره0 وآخر ما يفعله الحاج الغير مكي عند إرادة السفر من مكة إن يطوف طواف الوداع وسمي بهذا الأسم لأنه توديع للبيت وهو طواف لا رمل فيه فإذا طاف الحاج سافر فورا دون أن يشتغل ببيع أو بشراء ولا يقيم زمنا ليكون آخر عهده بالبيت فإن فعل شيئا من ذلك أعاده اللهم إلا إذا قضى حاجة في طريقه أو اشترى شيئا لا غنى له عنه من طعام فلا يعيد لذلك....(21)
وفي فضل الحج والعمرة فقد جاء أن الحج أفضل الأعمال فعن أبي هريرة قال: «سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال ( إيمان بالله ورسوله ) قيل: ثم ماذا؟ قال ( جهاد في سبيل الله ) قيل: ثم ماذا؟ قال ( ثم حج مبرور )» كما جاء عنه أنه جهاد فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «( جهاد الكبير والضعيف والمرأة الحج )» رواه النسائي بإسناد حسن. وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: « يا رسول الله ترى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد؟ قال ( لكن أفضل الجهاد حج مبرور ) » [رواه البخاري ومسلم] .
كما أنه وكذلك العمرة إلى العمرة يمحقا الذنوب وليس للحج المبرور جزاء إلا الجنة فعن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «( من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه )» [رواه البخاري ومسلم] .
وعن عمرو بن العاص قال: «لما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت رسول الله فقلت: ابسط يدك فلأبايعك قال فبسط فقبضت يدي فقال ( مالك يا عمرو ؟ ) قلت: أشترط. قال ( تشترط ماذا؟ ) قلت: أن يغفر لي؟ قال ( أما علمت أن الإسلام يهدم ما قبله وأن الهجرة تهدم ما قبلها وأن الحج يهدم ما قبله )» [رواه مسلم] .
وعن أبي هريرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال «( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة )» [رواه أحمد والبخاري ومسلم عن أبي هريرة] .
وثواب أداء عمرة في رمضان يعدل ثواب حجة لكن أداؤها في هذا الشهر الكريم لا يسقط الحج المفروض فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «( عمرة في رمضان تعدل حجة )» [رواه أحمد وابن ماجة] .
كما أن الحجاج والعمار وفد الله الذي تجاب دعواتهم فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( الحجاج والعمار وفد الله إن دعوه أجابهم وإن استغفروه غفر لهم ) رواه النسائي وابن ماجة وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما ولفظهما ( وفد الله ثلاثة الحاج والمعتمر والغازي ) وفي فضل النفقة في الحج عن بريدة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « ( النفقة في الحج كالنفقة في سبيل الله الدرهم بسبعمائة ضعف ) » [رواه ابن أبي شيبة وأحمد والطبراني والبيهقي وإسناده حسن] .... (22)
ولبيان فضل كل نسك من مناسك الحج أو العمرة روى ابن ماجة عن جابر رضي الله عنه في فضل التلبية قول الرسول الله صلى الله عليه وسلم «( ما من محرم يضحي يومه يلبي حتى تغيب الشمس إلا غابت ذنوبه فعاد كما ولدته أمه )» ....(23) وفي فضل الطواف روى البيهقي بإسناد حسن عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «( ينزل الله كل يوم علي حجاج بيته الحرام عشرين ومائة رحمة ستين للطائفين وأربعين للمصلين وعشرين للناظرين )» كما إن الصلاة في المسجد الحرام خير من مائة الف فيما سواه من المساجد....(24)
وفي فضل الشرب من ماء زمزم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «( ماء زمزم لما شرب له إن شربته تستشفي شفاك الله وإن شربته لشبعك، الله أشبعك وإن شربته لقطع ظمئك قطعه الله وهي هزمة " أي حفرة" جبرائيل وسقيا الله إسماعيل )» رواه الدار قطني والحكم وزاد «( وإن شربته مستعيذا أعاذك الله )» ....(25)
وفي فضل يوم عرفة عن جابر رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « ( ما من أيام عند الله أفضل من عشر ذي الحجة ) فقال رجل: هن أفضل أم من عدتهن جهادا في سبيل الله؟ قال ( هن أفضل من عدتهن جهادا في سبيل الله وما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء فيقول: انظروا إلى عبادي جاءوني شعثا غبرا ضاحين جاءوا من كل فج عميق يرجون رحمتي ولم يروا عذابي فلم ير يوم أكثر عتيقا من النار من يوم عرفة ) وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير )» ....(26)
وعن منافع الحج والعمرة قال تعالى {( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم )} [سورة الحج الآيات 26-28 ] قال ابن عباس منافع الدنيا والآخرة فأما منافع الدنيا فما يصيبون من منافع البدن والذبائح والتجارات وأما منافع الآخرة فرضوان الله تعالى.... (27) والمنافع التي يشهدها الحجيج كثيرة وكل جيل بحسب ظروفه وحاجاته وتجاربه ومقتضياته....(28) ويمكن تقسيم المنافع الدنيوية التي يشهدها الحجيج سواء عادت عليهم كأفراد أو على سائر المسلمين وسواء كانت بطريقة مباشرة أو غير مباشرة إلى منافع معنوية ومنافع مادية.
يمكن إيجاز بيان بعض المنافع المعنوية في الأتي: التقوى والتقوى هدف عظيم من أهداف مناسك الحج النافعة وثمرة طيبة من ثمراتها الإيمانية اليانعة لهذا جاءت الدعوة إليها بعد ذكر آيات الحج لتؤكد على وجوب الالتزام بها والانتفاع بفضائلها فقال جل وعلا {( الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولى الألباب )} [سورة البقرة آية 197 ]
فالحج موسم لمجاهدة النفس وتزكيتها وتربيتها على التقوى....(29) يتزود المسلم فيه بشحنة روحية كبيرة تملأ جوانحه خشية وتقى لله وعزما على طاعته وندما على معصيته....(30) حيث تبدأ رحلة الحج المباركة بإعلان التوبة الخالصة من الذنوب والإقلاع الفعلي عنها مع إظهار الندم على فعلها ورد المظالم لأهلها، وفي وداع الحاج للأهل وترك كل مشاغل الدنيا استعدادا للرحيل ومغادرته للوطن، وخلعه للملابس العادية وارتداء ملابس الإحرام وهي أشبه بما يغطي جسم الميت من لباس الكفن، و موقف الحشود الكثيرة العدد المختلفة الألسنة والأشكال والألوان في مناسك الحج وقد فقد الكل صفته المميزة تذكره للحاج بيوم الفراق الأبدي للدنيا....(31) فيشعر الحاج بقصر أجله في الدنيا مهما طال ومهما أوتى من قوة وسلطان وبصغر حجم الدنيا مهما كبرت وامتلأت بالمتع والمشتهيات ويشعر كم هي غرته وفتنته وأخرجته عن رشده ولو لبعض الوقت وانه في أشد الحاجة إلى إن يقبل على عبادة ربه بقلب منيب خاشع ونفس صافية تائبة ضارعة، ومما لا شك فيه انه لو اصطبغت حياة المسلم بالتقوى قلبا وقالبا قولا وفعلا ما ظهر منها وما خفي لأتت التقوى ثمارها على المسلم رزقا وعلى من حوله عدلا وإحسانا في معاملته لهم.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 49.35 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 48.73 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.27%)]