عرض مشاركة واحدة
  #561  
قديم 20-05-2025, 06:19 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,286
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي





حكم الاستثناء في الطلاق من العدد الكلي في الزوجات
قال رحمه الله: [وإن قال: أربعكن إلا فلانة طوالق، صح الاستثناء] .
هذا لا إشكال فيه، أربعكن طوالق إلا فلانة، قالوا: إنها تستثنى فلانة.
وقال بعض العلماء: لا، إذا قال: أربعكن طوالق؛ مضى عليها الطلاق، وهذا ضعيف؛ لأن الاستثناء مع ذكر العدد الكلي يؤثر فيه إذا كان للبعض، ألا ترى أنه لو قال: أنت طالق ثلاثا إلا واحدة أنه يؤثر، فما الفرق بين قوله: أربعكن طوالق، ثلاثكن طوالق إلا فلانة، وبين قوله: فلانة طالق بالثلاث إلا واحدة؟ فعلى هذا يصح استثناؤه ولا إشكال فيه.
حكم الاستثناء غير المتصل في الطلاق
قال رحمه الله: [ولا يصح استثناء لم يتصل عادة، فلو انفصل وأمكن الكلام دونه بطل] .
قوله رحمه الله: (ولا يصح استثناء لم يتصل عادة) ، وهذا هو الشرط الثاني من شروط صحة الاستثناء، فقد ذكرنا الشرط الأول: ألا يكون مستغرقا، وأشار إليه بقوله: (والنصف فأقل) .
والثاني: أن يكون الاستثناء متصلا، وقد بينا الاتصال والانفصال، وأن الانفصال يكون بالكلام، يقول: أنت طالق ثلاثا، قومي واخرجي إلى أهلك إلا واحدة، فجملة: قومي واخرجي إلى أهلك، جملة خارجة عن الاستثناء، ثم قال: إلا واحدة، فقالوا: إنه إذا كان الانفصال بكلام أجنبي عن الاستثناء فإنه يعتبر مسقطا للاستثناء؛ لأنه لما أقحم هذه الجملة الغريبة عن الاستثناء والتي ليست متصلة بالاستثناء، فإنه قد خرج عن الاستثناء بالكلية، فإن قال لها: أنت طالق ثلاثا قومي فاخرجي أنت طالق ثلاثا، أو اذهبي إلى أهلك أنت طالق ثلاثا فليستمتع بك غيري، ونحو ذلك من الألفاظ التي تخرج عن جملة الاستثناء ثم تلفظ بعد ذلك بالاستثناء قالوا: إنه لا يعتد باستثنائه؛ ولذلك اشترط رحمه الله أن يكون الاستثناء متصلا.
حكم استحضار النية عند الاستثناء في الطلاق
قال رحمه الله: [وشرطه النية قبل كمال ما استثنى منه] .
وشرط الاستثناء نيته، أي: أن يكون ناويا الاستثناء، والنية في اللغة: القصد، قالوا: نوى الشيء ينويه نية ونية بالتخفيف والتشديد، والمراد بذلك: أن يكون عنده عزم قلبي وإرادة قلبية على إخراج عدد من الطلقات أو إخراج عدد من المطلقات؛ على التفصيل الذي ذكرناه، وهي على صور ثلاث: إما أن تكون نية سابقة للفظ الطلاق، أو تكون نية موافقة مصاحبة للفظه، أو تكون نية متراخية متأخرة عن لفظ الطلاق؛ فإن كانت النية سابقة فإنها مؤثرة وجها واحدا، وإن كانت النية مصاحبة للفظ فعلى الأصح أنها تؤثر، وإن كانت النية متراخية متأخرة، فإن طال الفصل فبالإجماع أنها لا تؤثر، وإن لم يطل الفصل وتقاربت النية مع اللفظ فوجهان، أقواهما: ما ذكرناه من أنها لا تؤثر.




الأسئلة




حكم تساهل بعض طلاب العلم بالألفاظ التي يذكرها الفقهاء في باب الطلاق
السؤال يتساهل بعض طلاب العلم ببعض الألفاظ التي يذكرها الفقهاء رحمهم الله تعالى في أبواب الطلاق فما توجيهكم في هذا؟
الجواب باسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد: فأخذ العبارات الغريبة من المتون الفقهية ومحاولة تطبيقها مثل ما ذكرنا في مسألة: شعرك طالق، فيأتي بزوجته وهو يعتقد أن الشعر في حكم المنفصل فيقول لها: شعرك طالق، ظفرك طالق ونحو ذلك، لا ينبغي لطالب العلم أن يفعله، وعلى المسلم أن يحمد الله على نعمة العلم، وأن يجعل العلم معينا له على الورع والتزام الأصلح والأسلم، وعدم اتخاذ آيات الله هزوا، فهو ما دام أنه لا يريد طلاق زوجته فلا يتلفظ بالطلاق، ولا يشعر امرأته أنه يريد أن يطلقها أو يجري الطلاق على لسانه، فهذا مما يزيد المحبة والمودة، وأما لو قال هذه الألفاظ ولو كانت لا توقع الطلاق، فإنها تحرك الشياطين في القلوب، وتجعل بابا ينفذ منه الشيطان إلى قلب المرأة، ويوسوس لها بكراهية زوجها لها، وأنه قد يأتي اليوم الذي يطلقها فيه، فعلى المسلم أن يحمد الله على العافية، ومن عوفي فليحمد الله، وليكن طالب العلم دائما في سمته ودله وحاله مع أهله على أتم الوجوه وأكملها من خوف الله ومراقبته والحرص على المعاشرة بالمعروف، والبعد عن مثل هذه الأمور، وعلى طلاب العلم أن يوصي بعضهم بعضا بذلك، وأن يذكر بعضهم بعضا بالله.
وقد جاءني ذات مرة طالب علم -وهذا من أغرب ما وجدت- من حملة كتاب الله عز وجل وكان يقرأ في تخصص القراءات، وكان معه زملاء، قال له أحدهم: أريد أن أسمع منك القلقلة في قولك: زوجتي طالق، فقال: زوجتي طالق، ثم وقع في أمره، هل وقع الطلاق أم لم يقع؟ فانظر إلى أي حد! إن القلقة مبحث متعلق بكتاب الله عز وجل وليس له علاقة بمثل هذه الأمور، وليس له مجال في مثل هذه المسائل، فأدخل علم كتاب الله عز وجل الذي فضله الله وشرفه على شيء لا تحمد عقباه، وأدخل الضرر على أخيه المسلم، والله لو كانت أخته هي الزوجة ما قال له هذا القول؛ ولذلك ينبغي على المسلم أن يتقي الله، وواجب على طالب العلم أن يتقي الله في أخيه المسلم، وربما يلتزم الإنسان ولكن تبقى معه بعض أدران الجاهلية، فعلى المسلم أن يتقي الله، ودائما الملتزم بحق وطالب العلم حينما يطلب العلم عليه ألا ينظر أن حمله الكتاب وحضوره إلى مجالس الطلب أن ذلك قد زكاه، وأن ذلك قد أصلحه، ما لم يأخذ نفسه بزمام التقوى والورع ومراقبة الله عز وجل في قوله وفعله وكيف يعامل الناس.
فعلى هذا: ينبغي لطلاب العلم أن يبتعدوا عن مثل هذه الأمور، وينبغي أن تكون لهم من الهيبة والوقار والكف والانكفاف عن ذكر الطلاق ونحوه، وكل ما فيه أذية وضرر لإخوانه وأخواته، وعلى المسلم ألا يروع أخاه المسلم، فإن ترويع المسلم لا يجوز، وهو إذا قال هذا روع زوجته، ونسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يعصمنا من الزلل وأن يوفقنا في القول والعمل، والله تعالى أعلم.
حكم من قال: (نسائي طوالق إلا واحدة) ولم يعينها
السؤال لو قال رجل: نسائي طوالق إلا واحدة، ولم ينو في الاستثناء واحدة بعينها، وإنما أحب إبقاء إحداهن، فما الحكم في ذلك؟
الجواب الآن بدأ مفعول فرضيات الفقهاء، فقد ذكروا هذه المسألة، فإذا قال: نسائي طوالق إلا واحدة، ولم يعين، فإنه إذا أردنا أن نحكم في هذه المسألة نجري القرعة فيقرع، فالمرأة التي تخرج من نسائه هي التي تخرج من هذا الطلاق، فهو قال: إلا واحدة، فبينه وبين الله عز وجل أنه قد أخرج واحدة، فيتعين المبهم بالقرعة لحكم الشرع بها، وجمهرة العلماء رحمهم الله على أنه إذا قال: نسائي طوالق إلا واحدة، فبينه وبين الله أنه ستبقى له واحدة، فالتي يختارها الله عز وجل بقرعته هي التي تخرج، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (أنه كان إذا أراد السفر أقرع بين نسائه) ، فقد ثبت الحق لواحدة من نسائه، فجعل القرعة معينة للإبهام، وهذا في الاستحقاق، وعند تعذر معرفة واستبيان من هي الواحدة، فإننا نرجع إلى القرعة؛ لأن الشرع اعتبرها عند الإبهام، والله تعالى أعلم.
نصيحة لطالب العلم
السؤال في هذه الأيام يعيش الطلاب أواخر الإجازة الصيفية، وبعض طلاب العلم استغلوا هذه الإجازة في طلب العلم ودراسته، فما هو توجيهكم في ختام هذه الإجازة لهذا النوع؟
الجواب أولا: الحمد لله على فضله وعظيم منته وجزيل كرمه، ولا يزال المسلم بخير ما حمد ربه وشكره وعرف نعمته عليه، فمن عرف نعمة الله عليه ذل لله وانكسر، ثم إن هذه المعرفة تقوده إلى محبة الله عز وجل، ومن أحب الله أحبه الله عز وجل، ويسر له سبيل المحبة، فانتقلت به الخطى من طاعة إلى طاعة ومن بر إلى بر، وازداد من توفيق الله له وإحسانه وإنعامه وإفضاله عليه، فإن الله في كتابه المبين أخبر عباده أجمعين أنه يجزي الشاكرين وأنه يزيد من شكر، وتأذن لهم بذلك كما قال تعالى: {لئن شكرتم لأزيدنكم} [إبراهيم:7] ، وأفضل ما يشكر عليه سبحانه نعمة الدين، فمن وفقه الله عز وجل لهذه النعمة العظيمة وأسبغ عليه نعمة الإسلام فجعلها على أتم الوجوه وأكملها فقد عظمت نعمة الله عليه، ولا يمكن أن تكمل نعمة الإسلام على عبد من عباد الله إلا بالعلم، فليس هناك أحد في مقام بعد الأنبياء أشرف ولا أكرم من العلماء العاملين، فإذا وفقك الله وحضرت مجالس العلم فتذكر نعمة الله، واعرف مقدار هذه النعمة.
ثانيا: من الذي أمدك بالصحة والعافية؟ من الذي أمد في عمرك حتى بلغت يوما تكسبه في طاعة الله أو ساعة تدخرها إلى لقاء الله في محبة الله ومرضاته؟ فقد ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ) .
فمن الذي أمدك بالصحة والعافية؟ وكم من مريض كان يتمنى أن يصل إلى ما وصلت إليه وحيل بينه وبين مجالس العلم، وقلبه يتفطر بالحزن والألم بالسقم والمرض، فاحمد الله على العافية، وقل من قلبك وملء لسانك: اللهم لك الحمد لا أحصي ثناء عليك.
ثالثا: عليك أن تعلم أن هذه النعمة التي ربما تكون في عينك قليلة أنها عظيمة عند الله، ففي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أن رجلا خرج من قرية له يزور أخا له في الله، فأرسل الله إليه في مدرجته وطريقه ملكا، فقال له: إلى أين أنت ذاهب؟ قال: إني ذاهب إلى قرية كذا، قال: وما لك فيها؟ قال: لي فيها أخ في الله، قال: هل لك عليه من نعمة تربها عليه؟ قال: لا.
إلا أنه أخي في الله أحببت أن أزوره، فقال: إني رسول الله إليك أن الله قد غفر إليك بممشاك إليه) .
فإذا كانت محبة هذا الرجل لأخيه في الله كانت سبب مغفرة ذنوبه، فكيف بمن أحب العلم والعلماء؟ وكيف بمن خرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله، فتغرب عن أهله وولده وزوجه وحبه من أجل دروس علم، أو فوائد من العلم يجنيها فيسد ثغور الإسلام لنفع الأمة؟ فبخ بخ يا لها من تجارة رابحة ويا لها من نعمة سابغة وافرة، ولكن من الذي يعرف قدرها؟ ومن الذي يشكر من أسداها وأولاها وهو الله رب العالمين الذي لا نحصي ثناء عليه سبحانه وتعالى؟ فعلى طالب العلم أن يشكر هذه النعمة، وكما يشكرها بقلبه ولسانه يشكرها بالعمل، فيزيده شهود مجالس العلم من حبها، ويزيده من التعلق بها حتى تصبح سلوته، تتبدد بها أحزانه وتزول بها أشجانه، حتى يصبح حزنه إذا فارق مجالسها أو تأخر عن أنسها ولذتها وبهجتها، فيا لله! كم من طلاب علم أتم الله عليهم نعمة العلم، فسلوا بالعلم عن هذه الدنيا الفانية، فأصبح العلم أكبر همهم وغاية رغبتهم وسؤلهم، فرفع الله درجاتهم، وقد قرن الله العلم بأشرف الأشياء وأحبها وأزكاها إليه سبحانه وهو الإيمان، وقرن جزاءه وفضله وعاقبته بالإيمان: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} [المجادلة:11] ، وهذا كله يدل على شرف هذه النعمة العظيمة، فاحمد الله حق حمده بالعمل، ويكون ذلك بمراجعة ما تعلمت، وضبط ما كتبت وقرأت وسمعت، حتى تكون بخير المنازل في هذا العلم، فإن الله يحب من طالب العلم أن يكون في أحسن المراتب والمنازل في ضبط العلم وتحصيله والأخذ به على الوجه الذي يرضي الله، قال الله تعالى: {يا يحيى خذ الكتاب بقوة} [مريم:12] ، العلم يحتاج إلى قوة وهمة صادقة، يراجع فلا يسأم ولا يمل، ويحمد الله عز وجل أن الله شرفه حتى أصبح يراجع هذه المسائل، ويقرأ هذه الحكم والأحكام الشرعية بعد أن كان جاهلا بها؛ فإن الله يقول لنبيه من فوق سبع سماوات: {وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما} [النساء:113] ، قال بعض العلماء: {وكان فضل الله عليك عظيما} ، ذكرت بعد العلم، فالذي علمك الله إياه مما لم تكن تعلم فإنه الفضل العظيم، فعلى طالب العلم أن يراجع هذه المسائل.
والنقطة الأخيرة: أن يظهر طالب العلم هذا العلم في سلوكه وأخلاقه وعمله، فيجمع بين العلم والعمل، فإذا جمع الله لعبده بين العلم والعمل كان من الصديقين، ومرتبة الصديقين بعد مرتبة النبيين: {فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا} [النساء:69] .
اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن تجعل مراتبنا مع الصديقين، اللهم ارفع منازلنا مع النبيين والشهداء والصالحين، اللهم اجعل ما تعلمناه وعلمناه خالصا لوجهك الكريم وموجبا لرضوانك العظيم، نسألك علما نافعا وقلبا خاشعا ودعاء مسموعا مستجابا يا أرحم الراحمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وصلى الله وسلم وبارك على نبيه وآله وصحبه أجمعين.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 25.97 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 25.34 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.42%)]