لا تغضب
نورة سليمان عبدالله
عن أبي هريرة رضي الله عنه: ((أنَّ رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصِني، قال: لا تغضب، فردَّد مرارًا، قال: لا تغضب))؛ [رواه البخاري].
الغضب: هو تغيُّر يحصل عند فوران دمِ القلب؛ ليحصل عنه التشفي في الصدر، وأوله جنون وآخره ندم؛ وقد جمع صلى الله عليه وسلم في قوله: ((لا تغضب)) خيري الدنيا والآخرة؛ لأن الغضب يؤول إلى التقاطع ومنع الرفق، وربما آل إلى إيذاء المغضوب عليه، وأيضًا الإنسان إذا غضِب يصدر منه من القول ما لا يليق، ومن الفعل ما لا يليق، ومن التصرفات - بالذات - حركاتٌ وتغير، وتهيج وأمور عجيبة غريبة، فيكون الإنسان في حال غير مرضية، فيُوصى بألَّا يغضب، وإذا وجد من نفسه غضبًا فينبغي ألَّا يتعجل باتخاذ القرار، ومعالجة الموقف في ساعة الغضب.
وفي الحديث الآخر عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس الشديد بالصُّرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)).
قال ابن بطال: "أراد عليه السلام أن الذي يقوى على ملك نفسه عند الغضب، ويردها عنه، هو القوي الشديد، والنهاية في الشدة؛ لغلبته هواه المُردي الذي زيَّنه له الشيطان المغوي؛ فدلَّ هذا أن مجاهدة النفس أشد من مجاهدة العدو؛ لأن النبي عليه السلام جعل للذي يملك نفسه عند الغضب من القوة والشدة ما ليس للذي يغلب الناس ويصرعهم".
وللغضب أسباب كثيرة؛ ومنها:
الكِبَر؛ قال الحافظ ابن حجر: "أعظم ما ينشأ عنه الغضب الكبر؛ لكونه يقع عند مخالفة أمر يريده، فيحمله الكبر على الغضب".
ظن السوء، وهو آفة تذهب بالعلاقات الاجتماعية، وتقطع أواصر المحبة، وتفشي الأخلاق السيئة بين الناس؛ ومنها الغضب.
وأما عن علاج الغضب، فلقد وضع النبي صلى الله عليه وسلم علاجًا له؛ وهو:
1- الاستعاذة بالله من الشيطان.
2- السكوت.
3- تغيير الهيئة (كالجلوس والاضطجاع).
4- الوضوء.
5- كظم الغيظ.
6- التأني والنظر في المآلات.
7- تذكر الرفق وفضله.
8- تمرين النفس على الحِلم.
قال ابن تيمية رحمه الله: "الغضب والحميَّة تحمِل المرء على فعل ما يضره وترك ما ينفعه".
وقال ابن القيم رحمه الله: "الذي يغلب شهوته وغضبه يفر الشيطان من ظلِّه، ومن تغلبه شهوته وغضبه يفر من خياله".
نسأل الله أن يهدينا لأحسن الأخلاق، وأحسن الأعمال، وأحسن الأقوال، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.