عرض مشاركة واحدة
  #464  
قديم 20-05-2025, 02:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,251
الدولة : Egypt
افتراضي رد: «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله

«عون الرحمن في تفسير القرآن»


الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم



فوائد وأحكام من قوله تعالى:﴿ فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ... ﴾


قوله تعالى:﴿ فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ * رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ * وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾ [آل عمران: 53، 54].

1- شدة عتو بني إسرائيل، فمع ما جاءهم به عيسى عليه السلام من الآيات الشرعية والكونية لم ينجع فيهم ذلك ولم يؤمنوا، بل كفر أكثرهم؛ لقوله تعالى: ﴿ فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ ﴾.

2- ينبغي للداعية إلى الله تعالى اختيار ذوي الإخلاص والصدق ليكونوا عونًا له في دعوته إلى الله؛ لقوله تعالى: ﴿ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ ﴾.

3- التغيير في أسلوب الدعوة أمر مطلوب؛ لأن عيسى عليه السلام لما استعصى عليه إيمانُ كثير من بني إسرائيل وجَّه النداء للمخلصين منهم خاصة.

4- لا ينبغي أن يتطرق اليأس إلى نفس الداعي إلى الله تعالى، فعيسى عليه السلام لما كفر به بنو إسرائيل، وكان يطمع في إيمانهم لم ييئَس، ولم يَثنه ذلك، بل نادى بهم تأكيدًا للبلاغ وإعذارًا إلى الله تعالى قائلًا: ﴿ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ ﴾، فأجابه الحواريون: ﴿ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ ﴾ الآية.

5- أن الخير لا يُعدم في الناس، فمع كفر أكثر بني إسرائيل آمن فريق منهم وهم الحواريون، وناصروا عيسى عليه السلام.

6- عدم الاغترار بما عليه الكثرة، فالأكثرون ضد الحق والإيمان؛ كما قال تعالى: ﴿ وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ [يوسف: 103]، وقال تعالى: ﴿ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ﴾ [الأنعام: 116]، وقال تعالى: ﴿ قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ﴾ [ص: 24]، وقال تعالى: ﴿ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ [سبأ: 13].

7- ترغيب المدعوين في نصرة الحق؛ لقول عيسى عليه السلام: ﴿ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ ﴾؛ أي: في طريقي إلى الله ونصرة دينه.

8- أن دعوة الرسل عليهم السلام إلى الله وإلى إخلاص العبادة له وحده، والانتصار لدينه، لا لأنفسهم؛ لقول عيسى عليه السلام: ﴿ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ﴾، أي: في طريقي إلى الله ودعوتي إليه.

9- حاجة الرسل إلى النصرة في دعوتهم إلى الله؛ لقول عيسى عليه السلام: ﴿ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ ﴾؛ كما قال نوح عليه السلام: ﴿ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ ﴾ [القمر: 10]، وقال موسى عليه السلام: ﴿ وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي ﴾ [طه: 29]، وقال تعالى: ﴿ وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنفال: 62].

10- أن نصرة الرسل في دعوتهم نصرة لله تعالى؛ لقول الحواريين: ﴿ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ ﴾.

11- فضل الحواريين لمسارعتهم لنصرة دين الله لما دعاهم عيسى لذلك؛ لقوله تعالى: ﴿ فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52) رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴾ الآية.

12- ينبغي نصرة الحق والداعين إليه من الرسل وغيرهم؛ لأن الله امتدح الحواريين بذلك.

13- إطلاق اسم المسلمين على أتباع عيسى عليه السلام؛ لقوله تعالى: ﴿ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾.

وهكذا أتباع جميع الرسل يُسمون بذلك، وبعد بَعثة محمد صلى الله عليه وسلم صار الإسلام علمًا على الدين الذي جاء به، والذي لا يقبل الله من أحدٍ سواه بعد مبعثه صلى الله عليه وسلم.

14- أن الخلق إنما يشهدون على الظاهر، أما الباطن فأمرُه إلى الله تعالى؛ لقوله تعالى: ﴿ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾، ولم يقولوا: بأنَّا مؤمنون.

15- أنه ليس من الرياء أو السمعة أن يقول الإنسان: أنا من أنصار الله، أو أنا مؤمن، أو مسلم، أو متبع للرسول إذا كان ذلك على سبيل إعلان الحق والجهر به ونصرته ونصرة الداعي إليه وتقوية جانبه وعزيمته ورفع معنويته؛ لقول الحواريين: ﴿ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ * رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴾.

16- التوسل إلى الله - عز وجل - بربويَّته، وبالإيمان بما أنزل، واتباع الرسول؛ لقول الحواريين: ﴿ رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴾.

17- إثبات ربوبية الله تعالى الخاصة بأوليائه؛ لقوله تعالى ﴿ رَبَّنَا ﴾.

18- أن الإيمان بالله مُقدَّم على غيره من أركان الإيمان والإسلام ؛ لقول الحواريين: ﴿ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52) رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴾.

19- أن الواجب الإيمان بكل ما أنزل الله تعالى؛ لقوله تعالى: ﴿ بِمَا أَنْزَلْتَ ﴾.

20- التلازم بين الإيمان بالله تعالى وبما أنزل وبين الإسلام واتباع الرسول بالعمل الصالح؛ لقوله تعالى: ﴿ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52) رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ ﴾.

21- عِظم منزلة الشاهدين الذين يشهدون بوحدانية الله تعالى وبالحق والصدق لكُتبه ورُسله؛ لقول الحواريين: ﴿ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴾.

22- مكر بني إسرائيل وكيدهم لعيسى عليه السلام ولدعوته، وتَمالُؤهم على قتْله من حيث لا يشعر؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَكَرُوا ﴾.

23- مكر الله - عز وجل - بالذين مكروا بعيسى عليه السلام وأنكروا رسالته وردُّوا دعوته وهمُّوا بقتله مُعاقبةً ومجازاةً لهم، وذلك بنصرة عيسى عليه السلام وأتباعه، وإنجائه منهم واستدراجهم، لقوله تعالى: ﴿ وَمَكَرَ اللَّهُ ﴾.

24- مكر الله - عز وجل - بالماكرين مجازاةً ومعاقبةً لهم؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَكَرَ اللَّهُ ﴾، وهو من الصفات الفعلية المتعلقة بالمشيئة.

25- أن الله - عز وجل - خير الماكرين وأقواهم وأشدهم مكرًا بالماكرين؛ لقوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾.

26- أن الله - عز وجل - لا يوصف بالمكر مطلقًا؛ لأن المكر بالإطلاق صفة نقص، وإنما يوصَف به على سبيل المجازاة والمعاقبة للماكرين، وهو بهذا المعنى صفةُ مدح، ولا يقدَح في هذا ما جاء ظاهره الإطلاق؛ كما في قوله تعالى في سورة الأعراف: ﴿ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [الأعراف: 99]، فهو محمولٌ على الوصف المذكور.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 28.03 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 27.41 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.24%)]