عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 21-05-2025, 10:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 153,035
الدولة : Egypt
افتراضي رد: قصَّة موسى في القرآن الكريم

3-قصَّة موسى في القرآن الكريم


بقلم : مجـْـد مكَّي


أخت موسى تَتَتبّع أخبار أخيها:
طلبت أم موسى من أخته أن تقصَّ أثرَه وتَتَتبَّع أخباره لتعرف هل قتلوه أم ما زال حياً؟
وتخرج أخته باحثةً عنه، فبصُرت به عن بُعْد، فوجدت أهله في حيرة من أمرهم، طفل جميل مَلَكَ قلبَ امرأةِ فرعون، ولكنه لا يقبل المرضعات على كثرة من عُرض عليه ويُعرض عليه منهنَّ، رغم حرصهنَّ جميعاً على ذلك لتنال الفائزة منهم الشرف والنعيم في قصر فرعون.
قال تعالى: [ وقالت لأخته قصِّيه فبصرت به عن جُنٌب وهم لا يشعرون ] { القصص : 11}. أي: وقالت أمُّ موسى عليه السلام ـ بعد أن ألقته في النيل ـ لأخته: اتَّبعي أثر موسى، حتى تعرفي خبره؟ فَتَتَبَّعت أثره، فعلمت به علماً صحيحاً مؤكَّداً حالة كونها مُتجاوزةً مكاناً يفْصل بينها وبين النيل بمقدارٍ هو في نظر الناس بعيد، لا يُعتَبَر الموجود فيه مراقباً لما يحدث في النهر، وهم لا يدركون أقلّ إدراك أنها أخته، وأنها ترقُبه.
أخت موسى في قصر فرعون :
وتقدَّمت أختُ موسى تعرضُ عليهم هل أدلكم على من يكفله؟. وتتوجَّه إليها الأنظار، كأنَّهم قالوا: نعم، من هم؟ فقالت: أهل بيت يكفلونه لكم، وهم له ناصحون.
[وحرَّمنا عليه المراضع من قبل، فقالت: هل أدلكم على أهل بيت يكفُلونَه لكم وهم له ناصحون]{القصص:12}
أي: وحرَّمنا على موسى المراضع تحريماً قدريّاً، فمنعناه أن يرضع ثَدْياً لمُرضع، من قبل وصول أخته إلى مكان طلب مُرضعٍ له؛ لنردَّه إلى أمِّه، وكانت أخته تَتَتَبَّع أخباره، فلمَّا وصلت إلى حيث يُطلب له مرضعٌ يقْبلُ ثديها، قالت للذين يبحثون له عن مرضعة تُرضعه وتكفله: هل أدلكم على أهل بيتٍ يضمُّونه ويُرضعونه، ويقومون بتربيته وحضانته لأجلكم؟ وهم له ناصحون مخلصون، ليس في كفالتهم غشٌّ ولا خيانة، فأجابوها إلى ذلك.
جاءت أخت موسى عليه السلام بلفظ «بيت» نكرة، وقالت: «أهل بيت»، ولم تقل: مُرضعة، لتلاحظ مدى استجابتهم للعرض، ولتُبْعد الشُّبهة عن أن تكون أمُّه في هذا البيت، خوفاً على أخيها وأمِّها، فلما استوثقت من تلهُّفهم، وصدق رغبتهم، وأنهم لم يشعروا بأنها ذات علاقةٍ ما بالطفل.
وترجع الأخت لتصحبَ أمَّها إلى القصر، وتُعطي الطفل الذي يسكت على الفور، ويلتقم ثديها يعبُّ منه برغبة تامّة ما شاء الله من اللبن المُصفَّى، ويغشى القصرَ سكونٌ رهيب، وبين دهشة الفرحة أنَّهم وجدوا من يُسْكِتُ محبوبَهم، وبين شدَّة العجب من لقاء الوليد بالمرضعة.
عودة موسى إلى بيت أمِّه:
ويتحرَّك أصحاب الشر، ويقولون: هي أمُّه، وهي من بني إسرائيل، وإلا لم يقبلها، فتقول: إني امرأة طيِّعة اللبن، لا أوتى طفل إلا قبلني، فيردُّ إليها الطفل مع الهدايا، وتعود به إلى بيتها، فكانت عودته مصداقاً لوعد الله، وتبشيراً بالخطوة الثانية، وهي الرسالة، ويتربَّى موسى في حِجْر أمه وحنانها، آمناً مُعزَّزاً مُكرَّماً، حتى إذا بلغ من العمر ما يكفي لردِّه إلى القصر، عاد إليه لتكمل مراحل تربيته، كما يليق بأبناء الفراعنة.
قال الله تعالى:[ فَرَدَدْناه إلى أمِّه كي تَقَرََّ عينَُهَا ولا تحزنَ ولتَعلمَ أنَّ وعدَ اللهِ حقٌّ ولكنَّ أكثرهم لا يعلمون ] { القصص:13}
أي: فأرجعنا الصبيَّ موسى إلى أمِّه؛ لتقوم بإرضاعه وكفالته، كي تطيبَ نفسها وتفرح بردِّ ولدها الرضيع إليها، ولئلاَّ تحزن بسبب فراقه لها، ولتعلمَ أنَّ وعد الله حقٌّ بردِّه إليها، وبجَعْله نبياً ورسولاً، ولكنَّ أكثر الناس جاهلون لا يعلمون هذه الحقيقة.
إيتاء موسى الحكمَ والعلمَ:
قال الله تعالى: [وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي المُحْسِنِينَ] {القصص:14 }.
أي: ولمَّا بلغ موسى الناشئ في القصر الفرعونيِّ نهاية قوَّته ونُضجه الجسديِّ والفكريِّ والنفسيِّ، واستقامَ واعتدل، وكان في سلوكه وفي نشأته وشبابه، وفي اكتمال رجولته، من المحسنين، آتينَاهُ فقهاً في الأمور، ومعرفةً للحق والباطل، والخير والشر وحدودهما، يُصدر بها أحكامه العلميَّة والعمليَّة والقضائيَّة، وآتيناه معارف دينيَّة ودنيويَّة، ومِثْلَ ذلك الإحسان الذي أحسنَّا به إلى موسى، نُكافىءُ كلَّ المُحسنين على إحسانهم.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.67 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.05 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.55%)]