عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 21-05-2025, 10:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,862
الدولة : Egypt
افتراضي رد: قصَّة موسى في القرآن الكريم

4-قصَّة موسى في القرآن الكريم


بقلم : مجـْـد مكَّي


بعد أن تحدثنا في الحلقات الثلاثة السابقة عن حال بني إسرائيل قبل ميلاد موسى عليه السلام ، وإرضاع أمه له، وإلقائه له في اليمّ قبل انكشاف أمره، وكيف وصل إلى قصر فرعون، وانشغال أم موسى عليه، وتتبُّع أخته لأخباره، وعودته إلى بيت أمه، وإيتائه العلم والحكمة .

سبب الخروج إلى مدين:
وذات يوم دخل المدينة على حين غفلةٍ من أهلها، وبينما هو يتجوَّل إذ برجلين يقتتلان هذا من شيعته، والثاني من عدوه، فيستغيثه الإسرائيليُّ على القبطيِّ، ويستجيب موسى عليه السلام له، فيتقدَّم للفصل بينهما بالحق، إلا أن يده تصيب القبطي بوكزة تقضي عليه من غير قصد لقتله، وهنا ترجع نفسه التوَّابة، وتعلن أنَّ هذا العمل من الشيطان العدو المضل المبين، ويستغفر الله تعالى من هذا الذنب ويعلن البراءة من كل ظلم وظالم.

قال تعالى: [ودخل المدينةَ على حين غفلةٍ من أهلها، فوجد فيها رَجُلَيْن يَقْتَتِلان ،هذا من شيعته وهذا من عدوِّه ، فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوِّه، فوكزه موسى فقضى عليه ، قال: هذا من عمل الشيطان إنه عدوٌّ مضلٌّ مبينٌ (15). قَالَ : رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ(16) قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ(17) فَأَصْبَحَ فِي المَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ(18) ]. {القصص}.

والمعنى: وَدَخَل موسى المدينةَ مُسْتَخفياً وقتَ غفلة أهلها، عَقِب غروب الشمس، عند دخول أول الليل، يدل على ذلك قوله تعالى :[فَأَصْبَحَ فِي المَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ] فوجد فيها رَجُلَيْن يَتَخاصَمَان ويتضاربان تضارباً يُشبه التقاتل: هذا من بني إسرائيل من قومِ موسى، وهذا من القِبْط قومِ فرعون الذين يُسخِّرون الشعب الإسرائيليَّ ظلماً وعدواناً ويستعبدونهم، فسأله الإسرائيليُّ أن يُخلِّصه من عدوِّه القبطيِّ الظالم، وينصره عليه، فتدخَّل موسى ليُصلح بينهما، فتطاول عليه المصريُّ مُعتزّاً بعنصريَّته، فغضِبَ موسى وضربه بيده مضمومةً أصابعها في صدره، فسقط المصريُّ في الأرض قتيلاً من قوَّة الدفع، وكان موسى شديدَ القوة البدنيَّة، وكان المصريُّ يُهاجم ويُضارب، وندم موسى على تَسُرُّعه لمّا رأى المصريَّ قتيلاً، ولم يكن قَصْده القتل.

قال موسى: هذا من نَزْغ الشيطان؛ بأن هيَّج غضبي، حتى ضربت هذا القبطيَّ، فَهَلَك؛ إنَّ الشيطان عدوٌّ مُضِلٌّ بيِّنُ الضَّلالة.

دعاء موسى عليه السلام:
[ قَالَ : رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي، فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ(16)] قال موسى داعياً ربَّه: ربِّ إني عَمِلتُ عملاً منكراً من مثلي لم تأمرني به، ولم تأذن لي به، فظلمتُ نفسي بارتكابه، فاغفر لي فعلتي، فاستجاب الله دعاءه، فَغَفَر له وستره فلم يفتضح أمره؛ إنَّ الله كثير المغفرة لذنوب عباده، يسترها لهم، ولا يُؤاخذهم عليها، عظيم الرحمة بهم، يمدُّهم بعطائه ومعونته، ويُسكِّن نفوسهم، ويُطَمْئن قلوبهم.
[ قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ(17)]
قال مُوسَى مُتضَرِّعاً: ربِّ بالمغفرة والسَّتْر الذي أنعمتَ عَليَّ، فلم تكشف أنّي أنا الذي قتلتُ المصريَّ، فلن أكونَ مُعَاوناً لأحدٍ من المجرمين، ولو كان من قومي وشيعتي الإسرائيليين.

غفر الله لموسى ذنبه، وقبل توبته، لأنه لم يكن يقصد قتلَ القبطيّ إلا أن ذلك، وقع لأمر يشاؤه الله تعالى ويدبِّر له، حتى يكون سبباً لخروج موسى عليه السلام إلى مدين.

فَأَصْبَحَ فِي المَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ:
بينما موسى عليه السلام يترقَّب الأخبار، خشيةَ كيد الأعداء إن عرفوه، أو أن ينكشف السر الذي حيَّر آل فرعون؛ إذا هو برجل الأمس يستصرخه اليوم على قبطيٍّ آخر، وينفعل موسى غضباً، ويقول للإسرائيلي: " إنك لغويٌّ مبين " لأنك تقاتل من لا تطيق دفع شرِّه عن نفسك.
قال تعالى :[فَأَصْبَحَ فِي المَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ] {القصص:18}

والمعنى: فدخل موسى في أول النهار يسير في أسواق المدينة التي قتل فيها القبطي، حالة كونه خائفاً يترصَّد الأخبار بانتباه شديد، من جرَّاء قتله القبطي، ففوجئ مُوسى بأنَّ الإسرائيليَّ الذي طَلَب منه النُّصرة بالأمس على القبطيِّ، يستغيثُ به من قبطيٍّ آخر بصوت مرتفع.
قال موسى للإسرائيليِّ: إنَّك لَضَالُّ بَيِّن الضلالة، ظاهر البُعْد عن جَادَّة الحقّ، قاتلتُ رجلاً بالأمس فقتلتُه بسببك، وتقاتل اليوم آخر وتَستغيثُني عليه.
فأدرك شهودُ الحَدَث في السُّوق أنَّ موسى هو الذي اسْتغاث به الإسرائيلي بالأمس، فنصره، فقتل خصمه المصريّ، وأخذ الناس يتهامسون بهذا، ويشيعون الخبر، ووصل النبأ إلى أسماع رجال الأمن، فنقلوه بسرعة إلى رؤسائهم.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.39 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.77 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.41%)]