عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 21-05-2025, 10:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,340
الدولة : Egypt
افتراضي رد: قصَّة موسى في القرآن الكريم

5-قصَّة موسى في القرآن الكريم


بقلم : مجـْـد مكَّي



نتابع في هذه الحلقة في قصة موسى عليه السلام سبب خروج موسى إلى مدين بعد أن أدرك شهودُ الحَدَث في السُّوق أنَّ موسى هو الذي اسْتغاث به الإسرائيلي بالأمس، فنصره، فقتل خصمه المصريّ، وأخذ الناس يتهامسون بهذا، ويشيعون الخبر، ووصل النبأ إلى أسماع رجال الأمن، فنقلوه بسرعة إلى رؤسائهم.
قال الله تعالى: [فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ المُصْلِحِينَ] {القصص:19}
أخذت موسى الغَيْرةُ والرقَّة للإسرائيليِّ، فَمَدَّ يدَه ليبطشَ بالقبْطيِّ، فظنَّ الإسرائيليُّ أنَّه يريد أن يبطش به لِمَا رأى من غضب موسى.
قال الإسرائيليُّ: يا موسى أتريدُ أن تقتلني كما قتلتَ القبطيَّ بالأمس؟ ما تريد إلاَّ أن تكون مُتعاظماً في أرض «مصر»، مُتسلِّطاً بالقوَّة، وما تريد أن تكون من المصلحين بين الخصماء.
وانكشف سرُّ قتيل الأمس، بثبوت التهمة التي ألقاها القبطي في وجه موسى عليه السلام. ووصل النبأ إلى مسامع فرعون، ودارت به الدنيا، لأنه رأى فيها تحركاً مضادّاً له ولحكمه، كما أنها أثارت ثائرة بطانة السوء الحاقدة على موسى وقومه، وواتتهم الفرصة للإجهاز عليه، فاجتمعت أركان الدولة لتداول الأمر. ولكم سفكوا من دماء بغير حق ، وكم قتلوا من الأبرياء بغير عدل، عن قصد وبعمد...!!، فما بالهم اليوم تهتز أركانهم لمقتل قبطيٍّ واحد!
لكنها طبائع الظالمين وطرقهم في التخلص ممَّن لا يسير في ركابهم، ويهدد عروش ظلمهم وفسادهم.
وجاء رجلٌ من أقصى المدينة يسعى :
ولكن أين تدبيرهم من تدبير العليم الحكيم، لقد خرج في هذا الوقت الذي لا يبدو فيه بصيص أمل، رجل من آل فرعون، امتلأ قلبه بالحق والهدى والنور، كان يخفي محبته لموسى عليه السلام؛ لينقذ موسى ممَّا يدبَّر له، فينسل من بينهم، ثم يهرول مسرعاً باحثاً عن موسى صلى الله عليه وسلم .
قال الله تعالى:[وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى المَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ المَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ] {القصص:20}
أي: ولما فَشَا أنَّ موسى قَتَل القبطيَّ، ووصل الخبر إلى رجال القصر الفرعونيِّ، عقد وزراء القصر الفرعوني مجلس تَشَاورٍ على وجه السرعة بشأن الحدَث، واتَّجهت الآراء لإصدار الأمر بقتل موسى عقوبةً له على قتله المصريِّ، وسمع بذلك رجلٌ مؤمن من آل فرعون، فأتى إلى موسى من آخر أطراف المدينة يُسرع في مشيه، وأخبره وأنذره بما سمع.
قال يا موسى: إنَّ وجوهَ القوم وكبراءَهم ووزراء فرعون ومجلس مُسْتشاريه يتشاورون في شأنك ليقْتلوك، فاخْرُج من هذه المدينة مُهاجراً، حتى لا يظفروا بك فيقتلوك، وأُؤكِّدُ لك أنَّني من المشفقين عليك النّاصحين لك في الأمر بالخروج وإرشادك إلى ما فيه الصلاح والخير.
خروج موسى إلى مدين مهاجراً خائفاً على نفسه من كيد فرعون :
وبسرعة يخرج موسى غير منتظر ولا متزوِّد، وهي طبيعة الخائفين دائماً، يطلب النجاة لنفسه أولاً..
توجَّه موسى عليه السلام تلقاء مَدْيَن لا يلوي على شيء، خائفاً يترقَّب، قاطعاً صحراء سيناء الواسعة على قدميه، من غير زاد، ولا رفيق، سوى الأمل بأن يهديَه ربُّه سواء السبيل، وينجيه من فرعون وقومه.
قال تعالى: [فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ] {القصص:21-22} أي: فاستجاب موسى لنصح الرجل الصَّادق، فَخَرَج من المدينة حالة كونه خائفاً على نفسه من آل فرعون، ينتظر ويتوقع ويلاحظ بانتباه شديدٍ بسمعه وبصره ما يتعلَّق بالحكم عليه بالقتل، وبالقبض عليه أينما وجد، وسأل ربَّه داعياً مع أوَّل شروعه في الخروج:
[قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ] {القصص:21}أي: يا ربِّ خَلِّصني واحفظني من فرعون وجنوده الظالمين بكفرهم وأعمالهم الظالمة لعباد الله.، المتجاوزين الحد ببطشهم وطغيانهم، وكفى به سبحانه منجياً وهادياً، وأنعم به دليلاً وصاحباً.
[وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ] {القصص:22}أي: ولمَّا قصد موسى بوجهه مُسْتقبلاً بلادَ «مَدْيَن» فارّاً من مصر وجنود فرعون، قال: أرجو من ربِّي أن يُحقِّق لي بمعونته وتوفيقه وتسديده الطريق الوسط الذي فيه النجاة من القوم الظالمين في مصر، فأخرج عن حدود سلطانهم إلى أرض «مَدْيَن»، وذلك لأنه لم يكن يعرف الطريق إليها.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.81 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.19 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.34%)]