7-قصَّة موسى في القرآن الكريم
بقلم : مجـْـد مكَّي
تحدثنا في الحلقة السابقة عن وصول موسى إلى مدين، وسَقْيِه للمرأتين اللتين كانتا تمنعان أغنامهما عن الماء خوف الزحام ومنازعة الرجال، ويدعو الله سبحانه:[ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ]، وتأتيه الاستجابة سريعاً: [فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا] ويشاءُ الله تعالى أن يكمل لموسى نعمة الأمن الذي حصل عليه بنعمة الاستقرار في بيت وأسرة، فتتقدَّم إحدى المرأتين طالبةً من أبيها أن يستأجر موسى ليحلَّ مكانها في العمل : [قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ القَوِيُّ الأَمِينُ]
روى الحاكم في " المستدرك"2/407 عن عمر رضي الله عنه، قال: إن موسى لما ورد ماء مدين، وجد عليه أمّةً من الناس يسقون، فلما فرغوا، أعادوا الصخرة على البئر، ولا يطيق رفعها إلا عشرة رجال، فإذا هو بامرأتين، قال: ما خطبكما ؟ فحدَّثتاه، فأتى الحجر فرفعه وحده، ثم استقى، فلم يستقِ إلا ذَنوباً واحداً حتى رويت الغنم، فرجعت المرأتان إلى أبيهما فحدَّثتاه، وتولى موسى إلى الظل، فقال: [رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ] قال: [فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ ] واضعة ثوبها على وجهها ليست بسلفع ـ أي: سليطة ـ من النساء خرَّاجة ولاَّجة [قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ القَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ]، فقام معها موسى، فقال لها: امشي خلفي، وانعتي لي الطريق، فإني أكره أن يصيب الريح ثيابَك فيصف جسدك، فلما انتهى إلى أبيها قصَّ عليه، فقالت إحداهما: [قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ القَوِيُّ الأَمِينُ] قال: يا بنية ما علمك بأمانته وقوته؟ قالت: أما قوته فرفعه الحجر ولا يطيقه إلا عشر رجال، وأما أمانته فقال: امشي خلفي.
زواجه عليه السلام:
والاستقرار في مَدْيَن كان نقلة محكمة في تربية موسى عليه السلام وإعداده للرسالة، حيث نقلته القدرة الإلهيَّة من حياة القصور وما فيها إلى حياة الرعي، لتستكمل نفس موسى عليه السلام التجارب والأحاسيس لمعرفة مستويات الناس وأحوالهم، ليكون ذلك عوناً له على أداء رسالته في المستقبل، هذا وحين أتم موسى عليه السلام السنوات العشر، في خدمة الشيخ طلب موسى الإذن ليعود لأهله في مصر.