
21-05-2025, 10:47 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,294
الدولة :
|
|
رد: قصَّة موسى في القرآن الكريم
8-قصَّة موسى في القرآن الكريم
بقلم : مجـْـد مكَّي
مقدمات النداء: رحلة العودة:
رضيَ موسى عليه السلام بعرض الشيخ الصالح بـ «مدْين»، وتزوَّج البنت التي اختارها من ابْنتيه على الشَّرط الذي عَرَضه عليه أبوها، فلمَّا أتمَّ موسى المُدَّة عشر سنين، وهي أكملُ المُدَّتَيْن، وقام بالخدمة على الوجه المطلوب المرضي، واستأذن أبا زوجته أن يسافر إلى «مصر»، مُسْتصحباً زوجته وولده، وأذن له، وأعدّ ما يلزم لهذا الرَّحيل، وسار مُصَاحباً أهله، مُتَّجهاً شطر مصر، حيث قومه بنو إسرائيل.
سار موسى بأهله، عائداً إلى مصر، تدفعه يد القدرة التي كانت بالأمس تنقل خطاه، خطوة خطوة، في طريق الإعداد والتهيئة للرسالة، تحت حماية الله ورعايته، وهي ذاتها التي تقوده للعودة إلى مصر بدافع الميل الفطري للأهل والعشيرة، وتهوِّن عليه الخطر المتوقَّع من فرعون ومَلئه، وتُدْنيه من لحظات الحفاوة والتكريم المقدَّرة له في هذا الطريق ـ (في ظلال القرآن 5/3691).
ها هو يسير بأهله في سيناء، من حيث قد عبرها بالأمس هرباً إلى "مدْين" وحيداً طريداً خائفاً يتلفَّت، وفي سيناء ضلَّ الطريق في ليلة باردة مظلمة ليس فيها ما يهدي فالظلمة تعمّ ما حوله، والسماء لا يرى منها شيئاً لاحتجابها بالغيوم، فآثر التوقف ريثما يشرق الصباح بضيائه فيتحقَّق الطريق.
رؤية النار:
قال الله تعالى: [فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آَنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ] {القصص:29}.
أي: أبصر موسى من ناحية جبل الطُّور ناراً تتعالى ألسنة لهبها في الجوِّ، وكان البرد شديداً، وكان الطريق السويُّ إلى مصر غير واضح.
قال موسى لأهله: تمهَّلوا وانتظروا، إني أبصرتُ ناراً، وإنِّي ذاهبٌ إلى المكان الذي هي فيه، أتوقَّع دون جزْم أنْ آتيكم من أهلها بخبر عن الطريق المُوصل إلى «مصر»، أو عودٍ من الخشب في رأسه نار، لتوقدوا منها حطباً، رجاء أن تستدفئوا بناره.
وقال تعالى مخاطبا نبيَّه محمدا صلى الله عليه وسلم مشوِّقاً ومقرِّراً، وحاثّاً على الإصغاء لما سيلقى عليه: [وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى] {طه:10}
أي: هل وصل إليك قصة موسى مع أهله وربه وفرعون وقومه حين أبصر عياناً في ليلةٍ شاتية شديدة البرد، وهو قادمٌ من «مَدْيَن» إلى مصر ناراً من بعيد عن يسار الطريق من جانب الطُّور، فقال لامرأته: أقيموا هنا، وانتظروا وتمهَّلوا إني أبْصَرت ناراً، أتوقَّع دون جزم أن آتيكم منها بشعلة من نار في طَرَف عود، أو أجد على المشرفين على إيقاد النار هادياً يدلُّني على الطريق الموصل إلى مصر.
وقال عزّ وجل: [إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا سَآَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آَتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ] {النمل:7}
أي: ضع في ذاكرتك ـ أيها المتلقِّي لهذا البيان ـ حين قال موسى وهو عائد بأهله من «مَدْين» إلى «مصر»: إنِّي أبصرت من بُعدٍ ناراً، فأنا ذاهبٌ إلى جهتها، وسائلٌ أهلها عن أخبار الطريق إلى «مصر»، وأرجو أني سآتيكم من عند أصحاب النار بخبرٍ عن الطريق الذي يُوصلنا إلى «مصر»، أو آتيكم بشعلةِ نارٍ ساطعة؛ رجاءَ أنْ تَسْتدفئوا بها من البرد.
أذهبت رؤية النار وحشة الجو الذي كان يعيشه موسى عليه السلام تلك اللحظات، وآنست نفسه، وأمَّل أن يجد عند تيك النار هادياً يهديه، أو يعود منها بقبس يضيء له ظلام ليله، أو جذوة يدفئ بها نفسه وأهله.
موقع النداء:
قال الله تعالى: [وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا] {مريم:52}
ونادَيْنا موسى حين أقْبل من «مَدْيَن» ورأى النار، من ناحيةِ جبل الطُّور اليُمنى من موسى، وقرَّبناه إلى جهة النداء، وشرَّفناه بإسماعه كلامنا سراً.
وهناك عند جانب الطور الأيمن، يمين موسى وهو متَّجه إلى مصر، في صحراء سيناء على جانب الوادي المسمَّى (طوى) كانت البقعة المباركة من الشجرة ومنها كان النداء.
قال تعالى: [هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالوَادِ المُقَدَّسِ طُوًى] {النَّازعات:16}.
حين ناداه ربُّه بالوادي المُطهَّر «طُوى»؛ الواقع إلى جانب جبل الطُّور.
طوى: اسم للوادي، وقيل: صفة له.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|