عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 21-05-2025, 10:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 153,361
الدولة : Egypt
افتراضي رد: قصَّة موسى في القرآن الكريم

10-قصَّة موسى في القرآن الكريم


بقلم : مجـْـد مكَّي


مضمون الرسالة:
قال الله تعالى: [إِنَّنِي أَنَا اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي(14) إِنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى(15) فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى(16)] {طه:14-16}.

أي: اعلم بتأكيد شديد ـ يا موسى ـ إنَّني أنا اللَّهُ الأزليُّ الأبديُّ، خالق الأكوان والمُتصرِّف فيها، لا معبود بحقٍّ في الوجود كلِّه إلا أنا، فاعبدني، ولا تعبد غيري، وَأَقم الصَّلاةَ بإتمام حقوقها، والمواظبة على أدائها في أوقاتها؛ لتذكرني فيها.
إنَّ الساعةَ التي يُبعث فيها الناس للحياة الأخرى آتيةٌ لا محالة، أقرُب أن أُزيل خفاءَها، وأكشف غطاءَها، وأظهر علاماتها وأشراطها الكبرى، فكونوا على حذرٍ منها كل وقت؛ إنها آتية لتُجزى يوم الدين كل نفس موضوعة للاختبار في الحياة الدنيا بما تعمل من خير أو شر على تَتَابع الزمن في هذه الحياة الدنيا.

فلا يَصرِفَنَّك ـ يا موسى ـ عن السَّعي للظفر بأعظم الجزاء في جنَّات النعيم يوم الدين بعد قيام الساعة، مَنْ لا يُؤمنُ بالجزاء الربَّاني، واتَّبع ما تميل إليه نفسه، وخالف أمر الله، فَتَسْقُطَ في أودية الآثام والجرائم، إن أنت انصرفت عن ذكرها ومراقبتها والتأهُّب لها
هذه هي مادة الوحي وأصول الرسالة التي سيحملها موسى عليه السلام : الاعتقاد بالوحدانيَّة، والتوجُّه بالعبادة، والإيمان بالساعة والمعاد، وخصَّت الصلاة بالذكر لأنها أكمل صور العبادة، وأعظم وسيلة من وسائل الذكر.

وجاءه النداء:
[وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى] {طه:17}، وكان السؤال يتضمَّن التنبيه وجمع النفس لتلقي ما يرِد عليها، فلما سمع موسى عليه السلام السؤال، أجاب بما يعرف من خواصِّها، وما يعلم منها بالتجربة: [قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآَرِبُ أُخْرَى قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأُولَى] {طه:21}

المعجزات مؤيِّدات الرسالة:
بعد أن عرَّف الله سبحانه موسى بمضمون الرسالة، عرَّفه بوسائل تأييدها، وهي (العصا، واليد).
العصا:
قال تعالى: [وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى(17) قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآَرِبُ أُخْرَى(18) قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى(19) فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى(20) قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأُولَى(21){ طه}

سال الله موسى عليه السلام: وما تلك بيدك اليمنى ـ يا موسى ـ؟
قال موسى عليه السلام: هي عَصَايَ أعتمدُ عليها إذا مشيت، وإذا عييت، وأهزُّ بها الشجر؛ ليسقط ورقها على غنمي، فتأكل منه، ولي فيها حاجاتٌ ومنافعُ أخرى. والذي دعا موسى عليه السلام إلى بسْط الكلام، وإطالة الحديث، رغبةُ التشرُّف والاستئناس والتلذُّذ بطول المحادثة مع الربِّ عزَّ وجلّ.
قال الله تعالى لموسى عليه السلام: ألْقِ عَصَاك. فطرحها موسى على وَجْهِ الأرض، ثمَّ حانت منه نظرة، فإذا هي حيَّةٌ من أعظم ما تكون من الحيَّات، تمشي بسرعة على بطنها، فولّى موسى مُدْبراً وهرب.
قال الله تعالى لموسى: خُذ الحيَّة بيمينك كما لو كانت عَصَا، ولا تَخف، سنُرجعها بعد أن تُمْسكَ بها وهي حيَّة إلى هيئتها السابقة التي كانت عليها؛ عَصَا لا حياة فيها ولا حَرَكة.
يا موسى هذا مثال من الأمثلة على قدرتنا على التصرف بالجمادات من وضع الحياة فيها وسلبها، وسنريك قدرتنا على التصرف بالأحياء أنفسهم.

لقد تحوَّلت العصا - بقدرة الله تعالى- إلى حيَّة تسعى في سرعة الجانّ من الحيات. وما أعظم المعجزة.. إنَّ التي يهشُّ بها على غنمه هي اللحظة حيَّة تسعى! وإنَّ التي يتوكأ عليها في عمله اليومي، ستصبح تكأة دعوته في المستقبل ودليل صدقها!.
وقال سبحانه: [وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآَهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الآَمِنِينَ(31)]{القصص31-32}
وأن ادفع عَصَاك من يدك إلى الأرض رَمْياً، فرماها، فلمَّا رآها تتحرَّك بشدَّة واضْطراب كأنَّها في سرعة حركتها وخفَّتها كالحيَّة الصغيرة، انهزم مُبْتعداً، مُعطياً ظهره لجهة العَصَا التي انقلبت حيَّةً مخيفة تسعى، ولم يرجع من شدَّة خوفه على نفسه، فناداه ربُّه عند ذلك: يا موسى أقْبل على النداء، وعُد إلى مكانك الذي فَرَرت منه خوفاً من الحيّة، ولا تَخَفْ أن تُؤْذيَكَ؛ إنَّك من الآمنين من كلِّ مكروه بتأمين ربِّك لك.
ولما رأى موسى عليه السلام عصاه قد تحوَّلت إلى حيَّة تسعى بسرعة الجانِّ ولم يكن تعوَّد مثل هذا الأمر، ولَّى هارباً ولم يُعَقِّب ـ يرجع ـ ولكن إلى أين يا موسى؟

[يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ المُرْسَلُونَ] { النمل: 10}
قال الله تعالى: يا موسى لا تَخَف، وكُن آمناً فلن يُصيبك مكروه من هذا الثعبان الذي يسعى ويهتزُّ بقوة ونشاط وسرعة حركة؛ إنِّي لا يخاف لديَّ المُرسلون إذا أمَّنتهم، لكن مَنْ ظلم بمخالفة أمري أو نَهْيي، فإنَّه يخاف عقابي، فإنْ تاب وجاء بعملٍ فيه حُسنٌ من بعد عملٍ فيه سوء، فإني كثير السَّتْر، واسع الرحمة بعبادي المؤمنين، أشملهم بعطاءات رحمتي دواماً.
[أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الآَمِنِينَ] {القصص:31}.
لقد أعطي الأمان... بل إن الأمن محيط به من كل جانب... فلمَ الخوف؟!

[وألقِ عَصَاك فلمَّا رآها تهتزُّ كأنَّها جَانٌّ ولَّى مُدْبرا ولم يُعقِّب يا موسى لا تخف إنه لا يخاف لدي المرسلون (10)] {النمل}
أي: وادفع عَصَاك إلى الأرض دفعةً واحدة؛ لتعلم معجزتَك فتأْنَسَ بها، فألقاها، فلمَّا رآها موسى عليه السلام تتحرَّك وتَضْطرب، كأنها في شدَّة حركتها واضطرابها مع عِظم جثّتها: حيَّةٌ سريعة الحركة، انصرف مُبتعداً، وأدار ظهره، ولم يرجع ويلتفت. قال الله تعالى: يا موسى لا تَخَف، وكُن آمناً فلن يُصيبك مكروه من هذا الثعبان الذي يسعى ويهتزُّ بقوة ونشاط وسرعة حركة؛ إنِّي لا يخاف لديَّ المُرسلون إذا أمَّنتهم، لكن مَنْ ظلم بمخالفة أمري أو نَهْيي، فإنَّه يخاف عقابي، فإنْ تاب وجاء بعملٍ فيه حُسنٌ من بعد عملٍ فيه سوء، فإني كثير السَّتْر، واسع الرحمة بعبادي المؤمنين، أشملهم بعطاءات رحمتي دواماً.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.71 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.08 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.03%)]