عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 21-05-2025, 11:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 154,771
الدولة : Egypt
افتراضي رد: قصَّة موسى في القرآن الكريم

12-قصَّة موسى في القرآن الكريم


بقلم : مجـْـد مكَّي


بعد أن زوَّد الله تعالى موسى عليه السلام بما يحتاجه من مفاهيم العقيدة الأساسيَّة لرسالته، ومن المؤيِّدات الماديَّة لها، أعلمه بأنه سيكون رسولاً إلى فرعون، وإلى بني إسرائيل.

أما فرعون فهو طاغية الطغاة، وجبار الملوك، قال تعالى: [إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ المُفْسِدِينَ] {القصص:4}

أي: إنَّ فرعون تجبَّر وتكبَّر في أرض «مصر»، وجاوَزَ الحدَّ في العدوان حتى ادَّعى الربوبيَّة، وجعل أهلها فِرَقاً مُتَخَالفةً مُتعاديةً، وأحزاباً متصارعةً متنافسةً فيما بينها، يستضعف طائفةً من بني إسرائيل، يأمر بتذبيح مواليدهم الذكور وهم في سنِّ الرضاع في بعض السنوات دون بعض؛ لئلا يكثُر رجال الإسرائيليين، ويترك المواليد الإناث أحياء؛ للانتفاع منهنّ بالخدمة والتسخير، إنَّه كان من المفسدين بالقتل والتجبُّر والطغيان في الأرض.

وقال تعالى: [وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ(10) الَّذِينَ طَغَوْا فِي البِلَادِ(11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الفَسَادَ(12) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ(13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالمِرْصَادِ(14)]. {الفجر}
وألم تر كيف فَعَل ربُّك بفرعون ملك «مصر» ذي الجنود الكثيرة، والمباني العظيمة التي تشبه الجبال؟
هؤلاء الذين تَجَاوزوا الحدَّ في الظلم والتجبُّر في بلاد الله، فأكثروا فيها الفساد بظلمهم وعدوانهم وسيئات أعمالهم.

فأنزل عليهم ـ ربُّك ـ باندفاع وسرعة عذاباً مُتَتَابعاً شديداً تمَّ به إهلاكهم، كضربات السياط المتواليات، بتتابع متلاحق دون فاصل زمنيٍّ بينها، حتى كأنها سَوْط واحد ذو أجزاء متتابعة، كلما أدى جزء منه وظيفته اختفى، وجاء الجزء الذي وراءه؛ إنَّ ربَّك ـ يا رسول الله ـ لبالمرصاد يراقب مراقبةً تامَّة كلَّ من يفعل مثل فعل هؤلاء المُهْلَكين، وسينزل عذابه على المجرمين اللاحقين.

وموسى يعلم من هو فرعون حقَّ العلم، فلقد عاش في قصره، وتربى فيه فترة من عمره، وهو يعلم ظلمه وطغيانه وإفساده.

وأما بنو إسرائيل: فليس الأمر معهم أخف وطأة ممَّا هو مع فرعون، فهم قوم قد استمرؤوا الذلَّ حتى أصبحوا لا يعرفون للحياة معنى بدونه، وهو مُرسَلٌ إلى قوم لهم عقيدة قديمة منحرفة فاسدة، ومعالجة مثل هذه النفوس شاقّ وعسير... إنَّه مرسل لإعادة بناء أمة، ولإنشائها من جديد على أساس الإيمان.

دعاء ومناجاة:
كل هذا جعل موسى عليه السلام يقف أمام هذا الأمر العظيم موقف التضرع واللجوء إلى الله، فوقف داعياً ربه ومناجياً إيَّاه بطلب المعونة والتأييد، وقد انصبَّ دعاؤه على أمرين:
الأول: يتعلق به شخصياً ـ داخلي ـ، والثاني : خارجي عنه.

الأمر الداخلي: كان في موسى عليه السلام صفات حسب أنها ستكون عائقاً في سبيل هذه الدعوة، فإنَّ في لسانه حبسة تمنعه من الإفصاح البليغ عن دعوته، وإن في صدره ضيقاً لا يتحمَّل الكذب على الله تعالى: [قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (12) وَيَضِيقُ صَدْرِي، وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي ] {الشعراء:13}
قال موسى عليه السلام: يا ربي إني أخشى أن يُنكروا رسالتي ويجحدوها، ويضيق صدري عن الاحتمال والصبر بتكذيبهم إيَّاي، ويحتبس لساني ويتلجلج فلا يفصح بالمقصود ولا ينطلق بالدعوة.
خشي موسى أن تقع له هذه الحالة وهو في موقف المواجهة بالرسالة لظالم جبار كفرعون.

ولموسى عليه السلام تصرفات ماضية مع قوم فرعون حسب أنها ستكون عائقاً في طريق الدعوة:[وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ] {الشعراء:14}.أي: للأقباط عقوبة ذنب وتبعته.
والذنب الذي قصده:[قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ] {القصص:33}.
قال موسى عليه السلام: ربِّ إني قتلتُ من قوم فرعون نفساً، بقتل القِبْطي الذي وكزْتُه انتصاراً للإسرائيلي قبل خروجي من مصر فارّاً إلى «مدين»، فأخاف أن يقتلوني به عقاباً على قتلي له.

الأمر الخارجي: وطلب معيناً له وردءاً يُصدِّقه، وهو أخوه هارون، لأنه أفصح لساناً، وأوسع صدراً، وأهدأ انفعالاً.
قال الله تعالى:[وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ] {القصص:34}. أي: وأخي هارون هو أفصَحُ مني بياناً، فأرسله معي عَوْناً وناصراً يلخِّص الدلائل، ويجيبُ عن الشُّبهات، ويُجادل الكفار، إنِّي أخاف أن يُكذِّبني فرعون وقومه. هذا ما يطلبه لتمام التبليغ وبلوغ الدعوة .
وسأل الله تعالى : [ فأرسل إلى هارون] {الشعراء:13}أي: فابعث جبريل إلى أخي بالوحي إلى هارون، فاجْعله نبياً ورسولاً معي؛ ليُؤَازِرَني ويُعينني على تبليغ الرسالة.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.67 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.05 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.36%)]