عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 22-05-2025, 11:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,400
الدولة : Egypt
افتراضي تفسير قوله تعالى: ﴿ قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة

تفسير قوله تعالى:﴿ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ... ﴾

سعيد مصطفى دياب

قوله تعالى: ﴿ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ * هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 137، 138].

وَالسُّنَنُ: جَمْعُ سُنَّةٍ وَهِيَ الطَّرِيقَةُ الْمُسْتَقِيمَةُ؛ ومنه قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ ﴾ [الأحزاب: 38].

وَقَالَ خَالِدٌ الْهُذَلِيُّ:
فَلَا تَجْزَعَنْ مِنْ سُنَّةٍ أَنْتَ سُرَّتُهَا
فَأَوَّلُ رَاضٍ سُنَّةً مَنْ يَسِيرُهَا




وَتطلق ويراد بها الْأُمَّةُ؛ قَالَ الْمُفَضَّلُ الضَّبِّيُّ:
مَا عَايَنَ النَّاسُ مِنْ فَضْلٍ كَفَضْلِهِمُ
وَلَا رَأَوْا مِثْلَهُمْ فِي سَالِفِ السُّنَنِ




ومعنى خَلَتْ: مَضَتْ.

هذه عودة بالْكَلَامِ إلى مَا كَانَ يَوْمَ أُحُدٍ، وهذا خطاب من الله تعالى للْمُؤْمِنِينَ تسليهم به عما جرى لهم يومَ أُحُدٍ، فقد قُتِل مِنْهُمْ سَبْعُونَ، وأُصِيبَ منهم من أصيبَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ ﴾؛ أَيْ: قَدْ جَرَى عَلَى مَنْ كانَ قَبْلِكُمْ من الْأُمَمِ مِنْ أَتْبَاعِ الْأَنْبِيَاءِ، ما جَرَى عَلَيكم، وأصابهم ما أصابكم، ثُمَّ كَانَتِ لَهُمْ الْعَاقِبَةُ عَلَى أعدائهم فنصر الله تعالى أولياءه المتقين، وأهلك أعداءه الْمُكَذِّبِينَ.

﴿ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾، فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا إلى آثارهم، واعتبروا بمصارعهم وكَيْفَ دمَّر الله عليهم، فاستأصَل شأفتهم، وأباد خضراءَهم، وتلك سنةُ الله التي لا تتخلف في عباده.

﴿ هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ ﴾: قَالَ الْحَسَنُ، ﴿ هَذَا بَيَانٌ ﴾؛ يعني: الْقُرْآن، وسماه الله بَيَانًا؛ لأنه يزيلُ كلَ شُبْهَةٍ، ﴿ وَهُدًى ﴾؛ لأنه يرشدُ المؤمنين للتي هي أقوم، ويبصرهم بطُرُقِ الغواية والضلال، ﴿ وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ ﴾؛ لِما فيه من الْمَوَاعِظِ الَّتي ينزجر بها الْمُتَّقُونَ عَمَّا يسخط الله تعالى.

وَتَخْصِيصُ الْمُتَّقِينَ بالذكرِ مع أنه القرآنَ بَيانٌ لِلنَّاسِ جميعًا لأَنَّهُمْ هُمُ الْمُنْتَفِعُونَ بِهِ؛ كما قالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها ﴾ [النَّازِعَاتِ: 45]، مع أنه نذيرٌ للعالمين، لكن لا ينتفع بالإنذار إلا أهل الخشية.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.19 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.57 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.65%)]