عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 22-05-2025, 05:27 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,347
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلوكيات غير صحيحة سائدة في حياتنا الأسرية

سلوكيات غير صحيحة سائدة في حياتنا الأسرية




(3) عدم الاحترام


كثيرا ما تتعدد شكاوى النساء من معاملة أزواجهن الخالية من الاحترام، محذرين من أن هذه المعاملة قد تقتل الحب

الأسرة في الإسلام كيان مقدَّس ، وهي اللَّبِنَة الأساسية في بناء المجتمع الإنساني السليم، ولهذا أَوْلَى الإسلام بناءها عناية فائقة ، وأحاط إنشاءها بأحكام وآداب تكفل أن يكون البناء متماسكاً قويّاً، يحقِّق الغاية الكبرى من وجوده، وعند غياب هذه الآداب ووجود ما يخالفها فإن كثيراً من المشكلات والأزمات تحدث بين الزوجين، فتتعرض الأسرة إلى هزَّات عنيفة، قد تؤدِّي إلى زعزعة أركانها وانفصام عراها، وأحاول في هذه السلسلة استعراض بعض السلوكيات السلبية التي سادت في بعض الأسر وأحدثت تمزقًا نفسيًا وعلى إثرها اهتزت العلاقات داخل الأسرة، وفقد الاستقرار والأمان، واليوم نتناول أحد هذه السلوكيات وهو (عدم الاحترام) .
الاحترام حاجة نفسية للإنسان ، فكما يحتاج الإنسان إلى الحب والطعام والشراب؛ فكذلك هو يحتاج إلى احترام الذات وعدم الإهانه والتحقير، فالاحترام يشكل مناخاً صحياً ولاسيما في الحياة الزوجية يولد الحب والمودة بين الزوجين، فهو البنية الأساسية التي يجب أن تبدأ من أول يوم من أيام الزواج، وقيمة عالية جداً يحتاج إليها أي مجتمع، فالاحترام سبب لاستمرار المحبة بين الناس، والاحترام يجعل الروابط تقوى بين الأسر والأصدقاء، فلا بد من الحفاظ عليه ومراعاته وبالأخص بين الزوجين، فالحياة التي يُهين فيها أحد الزوجين الآخر بالألفاظ والتصرفات ولا يراعي مشاعره وأحاسيسه لا تعد حياة سوية، ولا يمكن أن تستمر، وإن استمرت فستكون سجن وليس زواج .
أسباب ظهور عدم الاحترام
عدم الاحترام هو سلوك يعكس البيئة التي تربى بها الفرد، فهو يبدأ بالطفل حينما يكون صغيراً يشاهد والده يهين أمه بالألفاظ أو التصرفات ، فيتأثر تربويا وعند معاملته مع غيره يبدأ بممارسة الدور نفسه الذي شاهده في بيته من عدم احترام الطرف الثاني، وكثير من أفراد الأسرة يدفعون الطفل إلى قلة الاحترام من دون أن يدركوا أن ذلك السلوك قد يتطور إلى تعامل سلبي مع الآخرين، فحينما يتحدث الطفل بصوت مرتفع مع من أكبر منه أو أن يفرض رأيه عليه أو يسبه على سبيل المزح من دون أن يكون هناك ردع لذلك السلوك وتوجيه فإنه يكبر وهو لا يدرك قيمة احترام الآخرين، وأيضاً حينما يتعامل الآباء مع الطفل بطريقة غير محترمة كرفع الصوت أو ندائه بألفاظ غير محببة إليه أو إهانته فيتوارث هذا السلوك ولا تنتظر منه الاحترام في الوقت الذي أصريت أنت على أن تعلمه قلة الاحترام، فعدم الاحترام حينها رد فعل من الفرد لكونه لا يحترم، ويكبر الطفل على عدم الاحترام ليصبح زوج غير محترم لزوجته جاهلاً بآداب الحياة الزوجية وبتكوين أسرة في ظل الاحترام معتقداً بمفاهيم خطأ مثل أن المرأة لتكون مطيعة له يجب ضربها وإهانتها، وأيضاً عدم اهتمام الزوجة بمظهرها وبيتها وأبنائها يجعلها لا تُحترم من قِبل زوجها وكذلك انشغال الزوج مع أهله أو أصدقائه بمبالغة وإهماله لواجباته المنزلية، ومعاملة الزوج «ند .. بند» تفقد الاحترام بينهما وفقدان الاحترام بين الزوجين يؤدي إلى فقدان الحب ، وبالتالي يكره الواحد منهما الآخر .
الآثار المترتبة على عدم الاحترام بين الزوجين
كثيرا ما تتعدد شكاوى النساء من معاملة أزواجهن الخالية من الاحترام، محذرين من أن هذه المعاملة الخالية من الاحترام قد تقتل الحب وتؤثر على كيان الأسرة التي ينشأ فيها أطفال في مجتمع خالٍ من الحب ، ينتهك أحد أطرافها حقوق الآخر، وهو ما يشوش الصورة لديهم منذ الصغر، فعندما تسوء المعاملة ينشأ عدم الاحترام بين الزوجين فيستهين أحدهما بالآخر فلا يقدره ولا يحترمه، وعندما تظهر مشكلة عدم الاحترام بين الزوجين تؤثر على الحياة بينهما، ويمكن أن تدمرها أيضاً؛ لأنها تنعكس على استقرار الأسرة وتربية الأبناء، فالاحترام حاجة أساسية لدوام استمرار الحياة الزوجية وزيادة المحبة فيها فكان صلى الله عليه وسلم قدوة ومثل أعلى للاحترام، عندما جاءته زوجته السيدة صفية تزوره في اعتكافه في العشر الأواخر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة ثم قامت لتذهب، فقام النبي صلى الله عليه وسلم معها ليودعها إلى الباب، وفي رواية أخرى أنه قال لها : لا تعجلي حتى أنصرف معك ، وكان بيتها في دار أسامة فخرج معها .. الحديث (رواه البخاري)؛ إذا فالاحترام سر دوام المحبة الزوجية واستمرار الاستقرار العائلي .
همسات تبرز الاحترام بين الزوجين
المرأة عادة تحتاج لتقدير الذات خاصة من أقرب شخص لها والاحترام ليس قاصرا على الأزواج تجاه زوجاتهن بل هو فرض أيضا على الزوجات، ومن مظاهر احترام المرأة لزوجها طاعتها له ، وتزينها له وتبسمها في وجهه وحفظها له ، وعليها أن تبدي له الاحترام بشكل يليق به وتحث أولادها على احترامه وطاعته واستقباله الاستقبال اللائق عند مجيئه بالهدوء وسماع الكلام اللطيف الذي يؤنسه ويذهب عنه التعب أو معاناته مع الناس، وكذلك عدم إظهار عيوبه أمام الآخرين؛ حيث لا يوجد إنسان خال من العيوب فلابد أن يكون في كل إنسان ثغرة أو نقص معين، وعليها أن تلبي طلباته بأدب ، وكذلك تمدحه أمام الأقارب والأصدقاء ولا تتحدث عندما يكون محدثاً بل تشعر الجميع باحترامها وحبها وتقديرها لشخصيته لتجعل له مكانة في أعين ونفوس الآخرين وتحيطه بهالة من الاحترام ولتعلم الزوجة أن احترام الزوج سوف يجعلها محترمة من قبل زوجها ومن قبل الآخرين وإليكم أحبائي بعض الهمسات التي تبرز الاحترام بين الزوجين :
1-النظر بمعنى أن ينظر أحدهما للآخر أثناء حديثه إليه وذلك من آداب الحوار وأصوله والاتفاق على هذه الآداب مثل الانتباه والاهتمام والاستماع وعدم المقاطعة أو السخرية .
2-الاحتفاظ بالأسرار الخاصة فيما بينكما لأن تعريتها أمام الآخرين تقلل من احترام الطرف الآخر لك .
3-عدم إشراك الأهل والأقارب في المسائل الشخصية وحياتكما الخاصة .
4-الصبر على أخطاء الطرف الآخر وتصحيحها بالمودة والرحمة ، والاعتراف بالخطأ لأن تمسّك الفرد برأيه الخاطئ يقلل من احترام الآخرين له .
5-عدم تقليل أحدهما من إنجازات الآخر بتقدير المرأة لرجولة زوجها بأن تعطيه حقه ومكانته ، وعلى الزوج أيضاً أن يقدر أنوثتها ومشاعرها وجهودها وإشباعها بكلمات الحب والمجاملة .
6- دفاع أحد الزوجين عن الآخر أمام أهله أو أصحابه إذا تحدثوا عنه بسوء، فان هذا التصرف الدفاعي يعطي له شعورا باحترام العلاقة الزوجية القائمة بينهما ، ومراعاة الزوج عند الحديث عن زوجته في غيابها مع الأبناء أو الأقارب وأن يذكرها بكل الثناء والتقدير، وكذلك الزوجة عند حديثها عن زوجها .
7- تربية الأبناء وتوجيههم نحو احترام الوالدين، فمثلا إذا دخل الابن، يقول له والده: هل قبلت رأس أمك؟ فإن مثل هذا التصرف يعطي للأم الشعور بالاحترام، وكذلك تفعل الأم مع أبنائها تجاه والدهم .
8- حفظ أدب اللسان واليد في التعامل مع الطرف الآخر وعدم الاستهزاء بشكله أو تصرفاته، وعدم ضربه أو تحقيره أو شتمه، فان هذه التصرفات تؤثر في العلاقة الزوجية سلبا وتهدم بنيان الأسرة، وتزيد من الكراهية بين الزوجين، ولذلك أجازت الشريعة الإسلامية للزوجة طلب الطلاق للضرر إذا أهانـها زوجها وتضررت منه فعلا أو قولا .
9- الاستئذان من أهم آداب الإسلام والزوجان أولى باتباع هذا الأدب الإسلامي الراقي الذي يتيح لكل منهما رؤية صاحبه في أحلى صورة.
10-مشاركة كل طرف الآخر مشاعره في أحزانه وأفراحه، فان هذا من علامات الاحترام ، أما لو تركه لوحده في مشاعره، فان الطرف الآخر يستنتج من ذلك عدم اهتمام الآخر به أو بمشاعره وعدم تقديرها أو احترامها.
ولهذا فإننا نرجو أن يسود الاحترام المتبادل بين الزوجين، والبساطة في التعامل ووضع خط أحمر وحدود عند المعاملة والحفاظ على الاستئذان من بعضهما والاتفاق على وضع حدود لخلافاتهما حتى لا يتم التجاوز عند الغضب لاستقرار واستمرارية الحياة الزوجية.



اعداد: إيمان الوكيل






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.04 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.42 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.98%)]