
25-05-2025, 10:38 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 153,182
الدولة :
|
|
رد: إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
العلم نور والمعصية ظلمة:
إخوة الإسلام، العلم نور يقذفه اللَّه في القلب، والمعصية تطفئ ذلك النور، ولما جلس الإمام الشافعي بين يدي الإمام مالك، وقرأ عليه أعجبه ما رأى من وفور فطنته، وتوقد ذكائه، وكمال فهمه، فقال: إني أرى اللَّه قد ألقى على قلبك نورًا، فلا تطفئه بظلمة المعصية، وقال الشافعي:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي
فأرشدني إلى ترك المعاصي
وقال: اعلم بأن العلم فضل
وفضل اللَّه لا يؤتاه عاصي
قال مالك لـمحمد بن إدريس الشافعي: يا محمد، إني أرى عليك نجابة، وإني أرى لك إمامة في هذا الدين، فإياك والمعاصي فإنها تتلف العلوم، قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ﴾ [المائدة: 13]، قالوا: من العلم؛ فإنهم لما عصوا الله، وفسقوا، ونظروا إلى المحرَّمات، نسوا العلم، فقل لي بالله: كيف يحفظ طالب الحديث الحديث وهو ينظر إلى المرأة الفاتنة؟! وإلى المجلة الخليعة، أو يستمع إلى الأغنية الماجنة، ويجلس مع الفسقة، أو يتخلَّف عن الصلاة، أو لا يذكر الله إلا قليلًا، أو يغتاب في مجلسه، أو ينم، أو يلبس الذهب والحرير، أو يرائي، أو يعجب بنفسه، أو يتكبر، فكيف يحفظ الحديث؟!
ورحم الله ابن عباس حينما قال: إن للحسنة ضياء في الوجه، ونورًا في القلب، وقوة في البدن، وسعة في الرزق، ومحبة في قلوب الخلق، وإن للمعصية سوادًا في الوجه، وظلمة في القلب، وضيقًا في الرزق، ووهنًا في البدن، وبُغْضًا في قلوب الخلق.
وقال سهل التستري: حرام على قلب أن يدخله النور وفيه شيء مما يكره الله عز وجل.
لا سبيل إلى عبادة الله إلا بنور العلم:
واعلموا عباد الله أن العلم هو الطريق الموصلة إلى معرفة عبادة الله تعالى، فالعلم نور الهداية، وبدونه لا يعلمُ كثيرٌ من الناس كيفية أداء الفرائضِ ولا اجتناب المحارم، ولا يعبدون الله على بصيرةٍ، فلولا العلم لفسد عملُ النَّاسِ، والعلماء في الأرضِ كالنجومِ يُهتدى بها في الظلمات، وترجم الشياطين الذين يخلطون الحقَّ بالباطلِ، ويُدخِلون في الدين ما ليس منه، وهم زينة الأرض، فإنهم النجوم على الحقيقة.
قال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله: "مَنْ عَمِلَ بِغَيْرِ عِلْمٍ كَانَ مَا يُفْسِدُ أَكْثَرَ مِمَّا يُصْلِحُ"[15].
صدق رحمه الله، وهل فشت البِدَع والأهواء والضَّلالات في المجتمعات إلَّا بسبب اشتغال كثير من النَّاس بالعبادة بلا علم ولا هدى؟!
العلم هو سبيل التقدم والرقي:
عبادَ الله، فإن رفعة الأمم والأفراد بمقدار ما عندها من العلم النافع، وانحطاطها بقدر ما فيها من الجهل والضياع، فعلى الأمة أن تطلب من العلم ما يعود عليها بالنفع، ويعلو به قدرُها، ويتقوَّى به جانِبُها، ويكثر به جودُها، ويستقر به تقدُّمُها، وتأخذ به مكانَتها بين الأمَم.
العلم يرفع بيتًا لا عماد له
والجهل يهدم بيت العز والشرف
إن الله يرفع بالعلم أممًا ويجعلها أعلى الأمم وسادة العالم، كما كان في عهد الرسول- صلى الله عليه وسلم- والقرون الأولى؛ حيث كان العالم كله يتعلم من العرب العلم، ولكن انقلبت الآية رأسًا على عقب، فالمسلمون في هذا الوقت يسافرون إلى آخر بلاد العالم؛ لكي يتلقوا العلم من الدول الغربية التي لا علاقة لها بالإسلام، وبعد انتقال النبي الكريم إلى جوار ربه، وجدنا أن العلماء من بعده اهتموا بالعلم، وطلبوه، وجعلوه من أولويات حياتهم بعد الفريضة؛ فعن ابن القاسم قال عن الإمام مالك: "سمعت مالكًا يقول: إن قومًا ابتغوا العبادة، وأضاعوا العلم، فخرجوا على أمة محمد- صلى الله عليه وسلم- بأسيافهم، ولو ابتغوا العلم، لحجزهم عن ذلك".
والعلم زينة، ولولا العلم ما كان للعقل قيمة، ولصار الإنسان كالبهيمة:
علم العليم وعقل العاقل اختلفا
من ذا الذي منهما قد أحرز الشرفا
فالعلم قال أنا أحرزت غايته
والعقل قال أنا الرحمن بي عُرِفا
فأومأ العلم إيماءً وقال له
بأينا الرحمن في القرآن قد وُصِفا
فأدرك العقل أن العلم سيِّدُه
فَقَبَّل العقلُ رأسَ العلم وانصرفا
الدعاء...
[1] الحث على طلب العلم، (ص 43).
[2] العلم والعلماء، ص17.
[3] فيض القدير 1/ 107.
[4] مفتاح دار السعادة جـ 1/ 48.
[5] الفوائد، ص 191.
[6] أخرجه البخاري (1/ 42، رقم 79)، ومسلم (4/ 1788 رقم 2283)، وأخرجه أيضًا: ابن حبان (1/ 176 رقم 3)، والبزار (8/ 149، رقم 3169)، والرامهرمزي (1/ 28، رقم 12).
[7] مفتاح دار السعادة، جـ 1، ص 54.
[8] تاريخ دمشق (11/ 129).
[9] جامع الأحاديث (11/ 298) وأخرجه الديلمي (2/ 41، رقم 2237). المدخل للعبدري (2/ 227)، نزهة المجالس ومنتخب النفائس (1/ 262).
[10] أدب الدنيا والدين (1/ 27)، وطبقات الشافعية الكبرى (5 / 348)، وجواهر الأدب (2/ 52)، فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء (1/ 174).
[11] الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي (2/ 365)، وإحياء علوم الدين (1/ 7)، وزهر الأكم في الأمثال والحكم (1/ 109).
[12] مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة (1/ 361).
[13] «مقالات موقع الدرر السنية» (3/ 88 بترقيم الشاملة آليًّا).
[14] تفسير القرطبي (ج 14 / ص 343ـ 344).
[15] الزهد للإمام أحمد (1/ 301).
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|