عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 28-05-2025, 12:20 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 153,567
الدولة : Egypt
افتراضي رد: قصَّة موسى في القرآن الكريم

20-قصَّة موسى في القرآن الكريم


بقلم : مجـْـد مكَّي


حوار فرعون بعد الإتيان بالمعجزة
-20-

لقد وقف موسى أمام من عبّد الناس لنفسه من دون الله تعالى غير هيَّاب ولا خائر، يدعوه لعبادة الله وحده، ويعارضه في ادعائه الربوبية والألوهيَّة.

وخاب فرعون وفشل في الطعن في أهليَّة موسى وعقله، كما فشل في استدراجه إلى معارك جانبيَّة، فانتقل إلى التَّهديد بالسجن، وانتهاج طريق الطغيان والتعذيب.

وكذلك أحسَّ موسى عليه السلام بأنَّ كل هذه البراهين الواضحة، والحجج الدامغة لم تُجْدِ مع فرعون فتيلاً، فقابل موسى عليه السلام تهديد فرعون ووعيده بسجنه: [قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ] {الشعراء:30}
قال فرعون:[فأتِ به إن كنتَ من الصَّادقين ]{ الشعراء: 31}. وقال أيضا: [قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآَيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ(106)]{ سورة الأعراف}.

معجزة العصا واليد:
[ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ(107) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ(108)]. {الأعراف}.
فأسرع موسى فألقى عصاهُ على الأرض، فإذا هي حيَّةٌ عظيمة ضخمة في الجثّة، ظاهر أمرها لا يُشكُّ فيها، تتميَّز عما عملته السَّحَرة من التمْويه والتخييل.
وأسرع فأدخل يدَه السَّمْراء في جَيْب قميصه، فنزعها بشدَّة، فإذا هي قد فاجأتهم بأن تحوَّلت بيضاء بياضاً عجيباً خارقاً للعادة؛ إذ كان لها شعاعٌ يغلبُ ضوء الشمس، وكان موسى عليه السلام آدم اللون، فإذا ردَّها عادت إلى لونها الأول، كسائر بدنه.
حين ألقى موسى عليه السلام عصاه فتحوَّلت إلى ثعبان مبين، ونزع يده فإذا هي تشع بنور المعجزة بيضاء للناظرين، أذهل فرعون والملأ من حوله، وجعلهم يدركون أن أمر موسى عليه السلام جدٌّ لا هزل معه، وصدق لا كذب فيه، وحق لا يقوون على رده.
وكأني بفرعون اللحظة، وقد تسارعت أنفاسه خوفاً من الثعبان المبين، وعميت بصيرته بعد أن رأى نور الحق يشع في يد موسى عليه السلام، وقد خرجت بيضاءَ من غير سوء، وبدلاً من الإيمان بالله واتباع رسوله لجأ إلى الاتهام بالسحر.

الاتهام بالسحر:
إن أحسن ما يقال ضد موسى عليه السلام بعدما تحولت عصاه ثعباناً، وخرجت يده تشع نوراً في نظر فرعون: إنه سحر وليس بمعجزة، تصدِّق نبوته، وهذا الاتهام بالسحر كان مادة الكذب الأوليَّة التي تسلَّح بها فرعون في هذه المرحلة.
لقد ناظر موسى فرعون وناقشه، وأبطل حجته، ودحض مقولته، وأظهر له الآيات، وقذفه بالمعجزات، وأقام البراهين التي تقطع بصدقه، ولكن فرعون حين أسقط في يده، وظهرت معجزة موسى عليه السلام، وبان صدقه؛ أراد الخلوص من هذا الموقف فاتهم موسى بالسحر :﴿ قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ ﴾ [الشعراء:34] وذلك لينفي عنه ما أتى به من المعجزات؛ لأن السحرة أشرار، وهم محل ذم وتنقص عند الناس.. ثم أتبع فرعون اتهامه باتهام آخر: ﴿يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ﴾ [الشعراء:35].
وردَّد الكبراء المستشارون من قوم فرعون الحاضرون في مجلسه حين أظهر موسى آيتَيه مقولة فرعون: [قَالَ المَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ(109) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ(110)] {الأعراف }

قالوا: إنَّ موسى كثير العلم بالسحر، يأخذ بأعين الناس، ويُري الشيء بخلاف ما هو عليه. يريد موسى أن يخرجكم – أيها القبط- من أرض مصر.
قال فرعون : فأي شيء تشيرون أن نفعل به تجاه هذا الساحر العليم؟

أثر البطانة الفاسدة :
وفي قصة موسى عليه السلام تجلى ما تفعله البطانة الفاسدة من تزيين سوء العمل لصاحبه؛ فإن موسى عليه السلام لما أتاهم بالبينات والبراهين عدُّوها سحرا، وذكر الله تعالى أن ملأ فرعون قالوا ذلك ﴿قَالَ المَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ﴾ [الأعراف:109] وفي موضع آخر ذكر الله تعالى أن قائل ذلك هو فرعون: ﴿ قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ ﴾ [الشعراء:34] ومعنى ذلك أن الملأ من قوم فرعون علموا مراده، فلما استشارهم استبقوا إلى ما يريد ولم ينصحوا له، وهذه عادة الوصوليين والانتهازيين عند الكبراء المتنفذين، ولا سيما إذا كانوا طغاة ظالمين كما هو حال فرعون وأمثاله من الحكام الظلمة المجرمين.

وهذا يدل على أن البطانة الفاسدة لا تمحض النصح لصاحبها، وإنما تجتهد في البحث عما في نفسه لتسبقه إليه، ويكون قربها من الطاغية بحسب القدرة على فهم مراده، واستجلاء ما في نفسه، وهذه هي العبودية التي تعطل العقول والمدارك، وتجعل الأعوان نسخاً مكرورة من الطاغية ذاته، وقطعاناً تستبق إلى التبعيَّة، وتمتهن الوصولية، وتتخلق بالانتهازية، فيسود الظلم، ويتلاشى العدل، وتفسد الأخلاق، ويتوقف العمران.. ولذا جاء في الحديث أن "المستشار مؤتمن"، وإذا كان المشير يبحث عما في نفس المستشير؛ لنيل حظوة عنده؛ كان ذلك من الخيانة في المشورة، وأخطر من ذلك وأعظم جرما أن يتخلق بهذا الفعل الدنيء من ينتسب للعلم فيطوِّع النصوص والأقوال؛ لمراد من استشاره دون مراد الله تعالى؛ فيكون سببا في ضلاله وإضلال غيره، ونشر الضلال في الناس، كما هو حال من يشترون بدين الله تعالى عرضا من الدنيا، وهم متوعدون بأشدِّ العذاب ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الآَخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [آل عمران:77].
من مقال للأستاذ إراهيم الحقيل موقع الألوكة


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.49 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.86 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.22%)]