عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03-06-2025, 11:29 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 153,493
الدولة : Egypt
افتراضي أفضل أيام الدنيا العشر المباركات

أفضل أيام الدنيا العشر المباركات

وضاح سيف الجبزي

﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ * يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ ﴾ [سبأ: 1، 2]، ﴿ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ﴾ [الأعراف: 43].

الحمد لله الذي عمَّ العبادَ فضلُه ونعماؤه، ووسِع البريةَ جُوده وعطاؤه، نحمَده سبحانه بجميع محامده،ونُثنيعليهبآلائهفيبادئالأمروعائده، ونشكره على وافر عطائه ورافده.


ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةَ متحلٍّ بقلائد التوحيد وفرائده، معترفٍ بلطفهفيمصادر التوفيق وموارده، ملتزم بقواعد الدين ومعاقده.


ونشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبدالله ورسوله، خير من رسم نهج الهدى لقاصده، صلى الله علىرسوله محمد الأمين، جامعِ نوافرِ الإيمان وشوارده، الهادي إلى سبيل الحق وماهده، وعلى آله وصحبه حُماة معالم الدين ومعاهده، ورادة شرعه السائغ لوارده، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا.
ما طاف عبدٌ بالعتيق وأحرما
أو نحو طيبة بالمحبة يمَّما
إلا ولهج لسانه وفؤاده:
صلى الإله على الحبيب وسلَّما
عليه صلاة الله ما لاح بارقٌ
وما صفق الطير المحلِّق في السما
وما حنَّ مشتاق وما جاد صيِّب
وما أمَّ بيتَ الله عبد وأحرما
فزيدوا عباد الله من ذكر أحمدَ
فيا فوز من صلى عليه وسلما


ألا فاستكثروا - يا عباد الله - من الصلاة والسلام عليه وزيدوا، وكرروا ذلك في عشركم هذه وأعيدوا، وذكِّروا بذلك أحبابكم وأفيدوا، والزموا طريقه وهَدْيَه ولا تحيدوا، واستمسكوا بمنهجه ولا تميدوا، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه ما حملت سماء سحابًا، واحتضنت التُّربَ بِيدٌ.
هو الحبيب وكلُّ الناس تهواه
وسائر الخلق في أوصافه تاهوا
حنَّت له النُّوق من وادي العقيق بكت
تجري بأحمالها شوقًا للُقياهُ
طابت برؤياه أفواه وأفئدة
صلَّت عليه كأن العين تلقاهُ



صلوات ربي وسلامه على من عمَّ برحمته السهولَ والبِطاح، وثبتت محبته كثبوت الأصابع على الرَّاح، اللهم صلِّ وسلم عليه كل غدوة ورواح، بأرفع ما نطقت به العرب الأقحاح، وتلفَّظت به الألسُنُ الفِصاح.
وآله وصحبه أهل الوفا
معادن التقوى وينبوع الصفا
وتابع وتابع للتابع
خير الورى حقًّا بنص الشارع


أما بعد:

إنها أفضل أيام الدنيا، وأبرك ساعات العمر، وخير لحظات الدهر، وأروع دقائق الحياة، وتاج ليالي السنة، وقبة فلك العام، وغرة جبين الأيام، إنها أرفع الأيام منزلة، وأعلاها مكانًا، وأرجاها منالًا، وأزكاها ثوابًا، وأرحبها مجالًا، وأطيبها منهلًا، وأعذبها موردًا، وأخصبها استثمارًا، إنها أفضل الفرص فلاحًا، وأضمن المواسم أرباحًا، وأبرك الأوقات فوزًا ونجاحًا.



إنها مِسْكُ غنائم أهل العزائم، ورحيق شهد أولي التَّوق، وعصارة شجرة ذوي الشوق.

فدونكم خير الأيام يا أيها الأنام.

يقول صلى الله عليه وسلم: ((أفضل أيام الدنيا أيام العشر، قيل: ولا مثلهن في سبيل الله؟ قال: ولا مثلهن في سبيل الله، إلا رجلٌ عفَّر وجهه في التراب))[1].

وعن جابر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من أيام أفضل عند الله من أيام عشر ذي الحِجَّة، قال: فقال رجل: يا رسول الله، هن أفضل أم عدتهن جهادًا في سبيل الله؟ قال: هن أفضل من عدتهن جهادًا في سبيل الله))[2].

ويقول صلى الله عليه وسلم: ((ما من أيام العمل الصالح فيها أحبُّ إلى الله عز وجل من هذه الأيام - يعني أيام العشر - قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله، ثم لم يرجع من ذلك بشيء))[3].

وفي رواية البخاري: ((ما العمل في أيام أفضل منها في هذه؟ قالوا: ولا الجهاد؟ قال: ولا الجهاد، إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله، فلم يرجع بشيء))[4].

وفي سنن الدارمي، بسند صحيح، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من عمل أزكى عند الله عز وجل، ولا أعظم أجرًا من خير يعمله في عشر الأضحى))، قال: فكان سعيد بن جبير إذا دخل أيام العشر اجتهد اجتهادًا شديدًا، حتى ما يكاد يقدر عليه[5].

وعند أبي عوانة: ((ما من عملٍ أرجى عند الله، ولا أعظم منزلةً من خير عُمل به في العشر من الأضحى، فقيل: يا رسول الله، ولا من جاهد في سبيل الله بنفسه وماله؟ قال: ولا من جاهد في سبيل الله بنفسه وماله))[6].

فهل استوعبتَ - يا عبدالله - معنى قوله صلى الله عليه وسلم: ((أفضل أيام الدنيا أيام العشر))؟!

وهل أدركت مفهوم قوله صلى الله عليه وسلم: ((ما العمل في أيام أفضل منها في هذه))؟!

أي: أن أطيب زمن ينبغي أن تستغل ساعاته، وأخصب موسم يلزم أن تتعرض لنفحاته، وأعذب مورد يتأكد أن تهتبل هِباته، وأهمَّ وقت يجب أن تحافظ على لحظاته - هو هذه العشر.

وأن أحب عبادة تؤدِّيها، وأفضل عملٍ تقوم به، وأرغب قربة تتقرب بها - هو هذه العشر.

وأن أجزلَ مثوبةٍ، وأبرك ثواب، وأثمر معروف، وأثمن خير، وأكثر طاعة تنمو لك عند مولاك - هو في هذه الأيام المعلومات، والعشر المباركات.

وأن أبر برٍّ، وأربح عطاء، وأعظم إحسان، يضاعف لك عند مليكك - هو في هذه العشر.

وأن أفضل هِبة تهَبها، وأجمل عطِية تُعطيها، وأكمل صِلةٍ تصِلها، وأنبل شفاعة تشفعها، وأنهل هدية تُهديها، وأجزل نصيحة تُسديها، وأعدل كلمة تُبديها، وأمثل فضيلة تُخفيها - هو في هذه الأيام الفُضليات، والعشر المفضَّلات.

وأن أَولَى نية تراقبها، وأشرف عزيمة تجددها، وأسمى مقصد تقصده - هو في هذه العشر.

وأن أفضل ركعة تركعها، وأحب صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تصليها، وأكرم آية أجرًا تتلوها، وأفضل تسبيحة تسبِّحها، وأحمد تحميدة تحمدها، وأكبر تكبيرة تكبرها، وأعظم تهليلة تهلِّلها، وأرحب حوقلة تحوقلها، وأرجى دعوة ترجوها، وأحرى استجابة تأمُلها، وأروع مناجاة تناجيها، وأحلى استغفار تستغفره، وأزهى صوم تصومه، وأبهى قيام تقومه، وأثوب قرآن تقرؤه، وأولى وِرد تلتزمه وتواظب عليه، وأجدر ذِكر تلهج به وتداوم عليه - هو في هذه العشر.

وأن أحق الواجبات أداءً، وأعظم الأخلاق فضلًا، وأبرك الأموال نفقة - هو في هذه الأيام.

وأن أنمى صدقة تعطيها، وأوفق نفقة تقدِّمها، وأحسن مواساة تواسيها، وأعظم كربة تكشفها، وأكثر منيحة أجرًا تمنحها، وأنسب حسنة تدخرها عند الملك الجليل - هو في هذه الأيام.

وأن أكثر الصدقات أجرًا، وأضمن النفقات ذُخرًا، وأرضى القربات شكرًا، وأبقى الأعمال أثرًا، وأرجاها قبولًا وثوابًا بإذن الله - هو في هذه العشر.



أيها الناس: وإذا كان العمل في أيام العشر أفضل وأحب إلى الله من العمل في غيره من أيام السنة كلها، صار العمل فيه وإن كان مفضولًا، أفضل من العمل في غيره وإن كان فاضلًا؛ كما قال ابن رجب رحمه الله؛ ولهذا قالوا: ((يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد))، ثم استثنى جهادًا واحدًا، هو أفضل الجهاد؛ فإنه صلى الله عليه وسلم سُئل: ((أي الجهاد أفضل؟ قال: من عُقر جواده، وأُهريق دمه))[7] ، وصاحبه أفضل الناس درجةً عند الله.

سمِع النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا يدعو، يقول: ((اللهم آتِني أفضلَ ما تؤتي عبادك الصالحين، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم الصلاةَ، قال: من المتكلم آنفًا؟ فقال الرجل: أنا يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذًا يُعقر جوادك، وتُستشهد في سبيل الله))[8] ، فهذا الجهاد بخصوصه يفضل على العمل في العشر، وأما بقية أنواع الجهاد؛ فإن العمل في عشر ذي الحِجَّة أفضل وأحب إلى الله عز وجل منها، وكذلك سائر الأعمال، وهذا يدل على أن العمل المفضول في الوقت الفاضل يلتحق بالعمل الفاضل في غيره، ويزيد عليه؛ لمضاعفة ثوابه وأجره[9].





﴿ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ... ﴾ [الحج: 28].

يقول حبيبنا وقرة أعيننا صلوات ربي وسلامه عليه: ((ما من أيام أعظم عند الله، ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد))[10].

الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

عن مسكين أبي هريرة قال: سمعت مجاهدًا وكبَّر رجل أيام العشر، فقال مجاهد: أفلا رفع صوته؟ فلقد أدركتهم، وإن الرجل لَيكبر في المسجد، فيرتجُّ بها أهل المسجد، ثم يخرج الصوت إلى أهل الوادي حتى يبلغ الأبطح، فيرتج بها أهل الأبطح، وإنما أصلها من رجل واحد[11].

وأورد الإمام البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما: ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ﴾ [البقرة: 203]، قال: "أيام العشر".

وأورد عن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما أنهما كانا "يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبِّران، ويكبِّر الناس بتكبيرهما"[12].

قال ابن رجب: وروى الفريابي، من رواية يزيد بن أبي زياد، قال: رأيت سعيد بن جبير، وعبدالرحمن بن أبي ليلى، ومجاهدًا أو اثنين من هؤلاء الثلاثة، ومن رأينا من فقهاء الناس يقولون في أيام العشر: "الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد".

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 25.69 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 25.06 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.44%)]