الموضوع: على علم عندي
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 07-06-2025, 07:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 153,777
الدولة : Egypt
افتراضي على علم عندي

على علم عندي

عبدالسلام بن محمد الرويحي


كثيرًا ما نقابل أو نشاهد بعضَ مَنْ يحكي دائمًا عن نفسه وإنجازاته، يشغلك بما أنجز وبما هو مقدم عليه من إنجاز، والبعض منهم ربما يفتعل التواضُع من خلال حديثه ولغة جسده، تجد من خلال حديثهم اعتدادًا بالنفس دون أن يصرحوا به، كأنهم يقولون لك: بما نمتلكه من ذكاء وعبقرية ومهارة ومعرفة وشغف وطموح وتحدٍّ للصعاب، و..- وغيرها من هذه المصطلحات - وصلنا إلى ما وصلنا إليه، ربما لا يقولونها صراحة، ولكن من خلال انتقادهم لمن أخفقوا في حياتهم ولم يحققوا الإنجاز الذي حققوه، من خلال تضخيم الأنا وذكر ثناء الناس عليهم.

قالها قبلهم قارون صراحة: ﴿ قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي ﴾ [القصص: 78]، فقال القطيع لما رأوه: ﴿ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَالَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [القصص: 79]، فمقته الله وخسف به وبما يملك الأرض.

اليوم القارونيون مزدحمون على مواقع التواصل الاجتماعي، يخرجون في زينتهم على العالم، فيزدحم عليهم ضعفاء النفوس، وينبهر بهم الذين يريدون الحياة الدنيا، يرددون بلسان الحال والمقال أحيانًا مثل قول أسلافهم: ﴿ يَالَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [القصص: 79].

المكتسبات الدنيوية والثراء والجاه، أمور ليس لها علاقة بحب الله للعبد، إنما هي أرزاق كتبها الله للناس، وزَّعها لمن يحب ولمن لا يحب، وربما كان حظُّ مَنْ لا يحب أكثر وأوفر، وربما بليد أو متوسط الذكاء نال من حظوظ الدنيا ما لم ينله الذكي القوي الذي ربما يعيش على الكفاف؛ لأن الدنيا في مقياس الله لا تساوي شيئًا؛ ولذلك خُتِمت قصة قارون بلفتة قرآنية غاية في العظمة؛ ﴿ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [القصص: 83].

نزغات الاستعلاء على الناس، وحب التفاخر عليهم ونشر يوميات البذخ والتنعم والسفريات، وكسر قلوب من دونهم، وعدم مراعاة نفسياتهم، ليست من صفات من يريدون الدار الآخرة.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 15.10 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 14.47 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (4.16%)]