عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 11-06-2025, 10:08 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,122
الدولة : Egypt
افتراضي رد: وقفات مع القدوم إلى الله

وقفات مع القدوم إلى الله (13)


د. عبدالسلام حمود غالب



الاستغفار والقدوم إلى الله


الاستغفار هو طلب المغفرة من الله عز وجل، وهو من أعظم العبادات التي تقرب العبد إلى ربه، وهو من أهم وسائل القدوم إلى الله تعالى؛ لما له من فوائد عظيمة في الدنيا والآخرة.

الاستغفار هو مفتاح التوبة، فمن خلاله يعترف العبد بذنبه ويطلب المغفرة من الله تعالى.

الاستغفار يطهر القلب من الذنوب والمعاصي، ويزيل عنه الهموم والأحزان؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن القلب ليصدأ كما يصدأ الحديد"، قيل: يا رسول الله، وما جلاؤه؟ قال: "تلاوة القرآن وذكر الموت".

الاستغفار يزيد الإيمان في القلب، ويقوي الصلة بالله تعالى؛ قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [آل عمران: 135].

الاستغفار يجلب السعادة والراحة النفسية، ويزيل عن القلب الهموم والأحزان.

الاستغفار من أسباب جلب الرزق وتيسير الأمور؛ قال تعالى: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ [نوح: 10-12]. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هَمٍّ فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب".

صيغ الاستغفار:
أستغفر الله: وهي أبسط صيغ الاستغفار.

أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه: وهي صيغة شاملة للاستغفار والتوبة.

سيد الاستغفار: "اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليَّ وأبوء بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت".

أقوال العلماء في الاستغفار:
الحسن البصري: "أكثروا من الاستغفار؛ فإنكم لا تدرون متى تنزل الرحمة".

"استكثروا من الاستغفار، تجدوا الرزق معقودًا على جباهكم، وتأتكم الأرزاق من حيث لا تحتسبون".

يقول قتادة: "إن هذا القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم، فأما داؤكم فالذنوب، وأما دواؤكم فالاستغفار".

يقول ابن تيمية:
"الاستغفار يمحو الذنوب، ويجلب الرزق، ويفرج الهمَّ، ويزيل الغم".

"الاستغفار يفتح الأقفال، ويشرح البال، ويكثر المال، ويصلح الحال".

يقول ابن القيم: "الاستغفار يورث المحبة، ويرفع الدرجات، ويكفر السيئات".

"الاستغفار يزيل الوحشة التي بين العبد وربِّه، ويفتح له أبواب القرب والرضوان".

يقول ابن رجب: "من عجز عن مشاركة المحبين بالجري معهم في ذلك المضمار، فلا أقل من مشاركة المذنبين في الاستغفار".

يقول الفضيل بن عياض: "لم أجد غذاء ولا دواء خيرًا من الاستغفار".

فالمؤمن مأمور بالاستغفار في جميع الأوقات، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثر من الاستغفار، وهو سيد ولد آدم، قد غفر الله له ما تقدَّم من ذنبه، وما تأخَّر، ومع هذا كان يكثر من الاستغفار".

معاني عميقة من الاستغفار:
الاستغفار يتجاوز مجرد طلب المغفرة من الله؛ إنها رحلة روحية عميقة تهدف إلى تطهير النفس وتزكيتها، وإعادة الاتصال بالخالق، ومن هذه المعاني مايلي:
1- الاعتراف بالقصور البشري: الاستغفار هو اعتراف صريح بأن الإنسان ليس كاملًا، وأنه يخطئ ويذنب، وهو إقرار بالضعف البشري والحاجة الدائمة إلى رحمة الله ومغفرته، وهذا الاعتراف يكسر غرور النفس ويقود إلى التواضُع.

2- تطهير القلب والنفس: الذنوب والمعاصي تترك آثارًا سلبية على القلب والنفس، وتسبِّب الهمَّ والغمَّ فالاستغفار يعمل على تطهير القلب من هذه الآثار، ويجلب الراحة والطُّمَأْنينة، إنه بمثابة غسل روحي يزيل الأدران والشوائب.

3- تجديد العلاقة مع الله: الذنوب تخلق حاجزًا بين العبد وربه، وتشعر الإنسان بالبعد عن الله والاستغفار يزيل هذا الحاجز، ويعيد الاتصال بالله، ويقوي العلاقة به سبحانه وتعالى، وتعبير عن الرغبة في العودة إلى الله والتوبة إليه.

4- تحقيق السكينة والراحة النفسية: الاستغفار يجلب السكينة والراحة النفسية، ويزيل عن القلب الهموم والأحزان؛ فهو يمنح الإنسان شعورًا بالتصالح مع الذات ومع الله، ويُخفِّف من الشعور بالذنب.

5- الاستغفار ليس مجرد قول باللسان: الاستغفار الحقيقي يتطلب حضور القلب وصدق النية ويتضمن الندم على الذنب، والعزم على عدم العودة إليه، والعمل على إصلاح ما تم إفساده والاستغفار الحقيقي هو توبة نصوح.

6- الاستغفار كونه علاجًا للذنوب: الاستغفار هو دواء فعَّال للذنوب والمعاصي، فهو يزيل آثارها ويمنع تكرارها، فالاستغفار يمنح الإنسان فرصةً جديدةً للبدء من جديد، وتصحيح مساره.

أوقات الاستغفار:
الاستغفار مشروع في كل وقت وحين، ولكِنْ هناك أوقات يستحب فيها الإكثار من الاستغفار، منها:
بعد الصلوات المفروضة: كان النبي صلى الله عليه وسلم يستغفر الله تعالى ثلاثًا بعد كل صلاة.

في الثلث الأخير من الليل: وهو وقت السحر، وهو أفضل أوقات الاستغفار، قال تعالى: ﴿ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ ﴾ [آل عمران: 17].

عند ارتكاب الذنب: يجب على المسلم أن يستغفر الله تعالى فور ارتكاب الذنب.

في كل وقت: الاستغفار مشروع في كل وقت وحين، ولا يقتصر على أوقات معينة.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.81 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.19 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.34%)]