عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 17-06-2025, 05:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,527
الدولة : Egypt
افتراضي رد: من مائدة السيرة

من مائدةُ السِّيرةِ: بَدْءُ الوَحْيِ

عبدالرحمن عبدالله الشريف

لَمَّا قاربَ نبيُّنا صلى الله عليه وسلم الأربعينَ سنةً، بدأت بوادرُ نُبُوَّتِه تظهرُ عليه، وأوَّلُ ذلك: الرُّؤيا الصَّادقةُ في النَّومِ، فكان لا يرى رؤيا إلَّا جاءتْ مِثلَ فَلَقِ الصُّبحِ، وهو في ذلك مُستمِرٌّ في التَّحنُّثِ في غارِ حِراءٍ، والعزلةِ عنْ ضلالِ قومِه ولَهْوِهم، واللهُ سبحانه وتعالى يُعِدُّه لأمرٍ عظيمٍ.

وفي يومِ الاثنينِ الموافقِ للحادي والعشرينَ مِنْ رمضانَ، فاجأَه الحقُّ وهو في الغارِ، وجاءه جبريلُ عليه السَّلامُ، فأخذه فغَطَّهُ، حتَّى بلَغ منه الـجَهْدَ، ثُمَّ أرسلَه فقالَ له: اقْرَأْ، قال: «مَا أَنَا بِقَارِئٍ»، فأعادَ عليه جبريلُ مرَّتينِ، فأجابه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بما أجابه به في المرَّةِ الأولى، فقال جبريلُ: ﴿ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ * لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ * ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ ﴾ [التين: 1-5]، فكان ذلك أوَّلَ وحيٍ أنزله اللهُ عليه.

فعادَ نبيُّنا صلى الله عليه وسلم إلى بيتِه فَزِعًا، يَرجُفُ فؤادُه، فدخل على زوجتِه خديجةَ رضي اللهُ عنها، فقال: «زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي»، فزَمَّلوه حتَّى ذهب عنه الفزعُ.

فقَصَّ على خديجةَ رضي اللهُ عنها ما حدَث، وقال لها: «قَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي!»، فقالتْ له: "كلَّا، أَبْشِرْ فواللهِ لا يُخْزِيكَ اللهُ أبدًا! فواللهِ إنَّك لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصدُقُ الحديثَ، وتَحمِلُ الكَلَّ، وتَكْسِبُ المعدومَ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ على نوائبِ الحقِّ".

ثُمَّ انطلقتْ به إلى ابنِ عمِّها ورقةَ بنِ نَوْفَلٍ، الَّذي كان كبيرًا في السِّنِّ، عالِمًا بكتبِ أهلِ الكتابِ، فقالت له خديجةُ: يا ابنَ عَمِّ، اسمعْ مِنِ ابنِ أخِيكَ. فأخبره صلى الله عليه وسلم بما حدث له، فقال له ورقةُ: هذا النَّاموسُ الَّذي أُنزِلَ على موسى، لَيْتَنِي فيها جَذَعًا، لَيْتَنِي أكونُ حَيًّا حينَ يُخرِجُك قومُك! فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ؟!» قال ورقةُ: نَعَمْ، لم يأتِ رجلٌ بما جئتَ به إلَّا عُودِيَ، وإنْ يُدْرِكْنِي يومُك حيًّا أَنصُرْكَ نصرًا مُؤَزَّرًا. ثُمَّ لم يلبثْ ورقةُ أنْ تُوُفِّيَ[1].

[1] القصَّة في صحيحِ البخاريِّ (4953)، وصحيح مسلمٍ (160).






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 15.41 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 14.78 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (4.08%)]