الموضوع: في جوف الليل
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 20-06-2025, 02:33 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 154,939
الدولة : Egypt
افتراضي في جوف الليل

في جوف الليل


في جوف الليل، حين تسكت المخلوقات، وتخفت ضوضاء العالم، يتقدّم الإنسان نحو حقيقته، لا لأنّ شيئًا تغيّر في خارجه، بل لأن الساتر اليومي انزاح عن داخله.
ففي النهار، تُربكك الالتزامات، وتُنازعك الأصوات، وتتعاقب عليك الوجوه المتكلّفة، حتى تفقد القدرة على سماع نبضك الأول.

أما في هدأة الليل، حيث لا جمهور ولا شهود، فإن الإنسان يُستخرج من قاع نفسه، تُعرّى دوافعه، وتظهر هشاشته، ويعود إلى ما خُلِق له: التفكّر في معنى وجوده، وموقعه من ربـه.
وليس أعظم من لحظةٍ، يقف فيها العبد في جوف الليل، وقد انتزع نفسه من فراشه، فوقف بين يدي ربه يقرأ كلامه، هنالك لا يكون القرآن صوتًا في اللسان، بل شفرةَ إصلاحٍ لجينات القلب، وتفكيكًا دقيقًا لتصوراته، وإعادة تشكيلٍ لموازين الحياة فيه.
ثمّ لا يُشرق الفجر إلا وقد خرج الإنسان من ليله بصيرةً جديدة، ونفسًا مغسولة بالتوحيد، وقلبًا أكثر تثبّتًا أمام متاهات النهار، وليس الليل، في تاريخ الإنسان المؤمن، زمناً بيولوجياً للنوم، بل كان دائمًا زمن الاصطفاء والصفاء. وها هو أبو حيّان التوحيدي يهمس: “الليل أصدق عن خبايا الإنسان من النهار.” وصدق فالليل لا يكذب، ولا يجامِل، ولا يُجيد التمثيل.

منقول








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 14.22 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 13.59 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (4.42%)]