
25-06-2025, 02:14 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,446
الدولة :
|
|
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد السابع
الحلقة (413)
صـ 127 إلى صـ 136
وَهِيَ مُشْتَرِكَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فَاطِمَةَ وَحَسَنٍ وَحُسَيْنٍ، لَيْسَتْ مِنْ خَصَائِصِ الْإِمَامَةِ، فَإِنَّ خَصَائِصَ الْإِمَامَةِ لَا تَثْبُتُ لِلنِّسَاءِ، وَلَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مَنْ بَاهَلَ بِهِ أَفْضَلَ مِنْ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ، كَمَا لَمْ يُوجِبْ أَنْ تَكُونَ فَاطِمَةُ وَحَسَنٌ وَحُسَيْنٌ أَفْضَلَ مِنْ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ.
وَأَمَّا قَوْلُ الرَّافِضِيِّ: "لَوْ كَانَ غَيْرُ هَؤُلَاءِ مُسَاوِيًا لَهُمْ، أَوْ أَفْضَلَ مِنْهُمْ فِي اسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ لَأَمَرَهُ تَعَالَى بِأَخْذِهِمْ مَعَهُ ; [لِأَنَّهُ] [1] فِي مَوْضِعِ الْحَاجَةِ" . فَيُقَالُ فِي الْجَوَابِ: لَمْ يَكُنِ الْمَقْصُودُ إِجَابَةَ الدُّعَاءِ، فَإِنَّ دُعَاءَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحْدَهُ كَافٍ، وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِمَنْ يَدْعُوهُ مَعَهُ أَنْ يُسْتَجَابَ دُعَاؤُهُ ; لَدَعَا الْمُؤْمِنِينَ [2] كُلَّهُمْ وَدَعَا بِهِمْ، كَمَا كَانَ يَسْتَسْقِي بِهِمْ وَكَمَا كَانَ يَسْتَفْتِحُ بِصَعَالِيكِ الْمُهَاجِرِينَ، وَكَانَ يَقُولُ: "وَهَلْ [3] تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ؟ بِدُعَائِهِمْ وَصَلَاتِهِمْ وَإِخْلَاصِهِمْ" [4] . وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ هَؤُلَاءِ، وَإِنْ كَانُوا مُجَابِينَ، فَكَثْرَةُ الدُّعَاءِ [5] أَبْلَغُ فِي الْإِجَابَةِ. لَكِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَقْصُودُ دَعْوَةَ مَنْ دَعَاهُ لِإِجَابَةِ دُعَائِهِ [6] ، بَلْ لِأَجْلِ الْمُقَابَلَةِ بَيْنَ الْأَهْلِ وَالْأَهْلِ. وَنَحْنُ نَعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
(1) لِأَنَّهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) (س)
(2) ن، م، س: الْمُؤْمِنُونَ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(3) س، ب: فَهَلْ.
(4) سَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/782 - 483
(5) م: الدَّاعِي.
(6) م: لَكِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَقْصُودُ دَعْوَةَ مَنْ دَعَاهُ إِجَابَةَ دُعَائِهِ ; ب: لَكِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَقْصُودُ مِنْ دَعْوَةِ مَنْ دَعَاهُ إِجَابَةَ دُعَائِهِ.
وَسَلَّمَ - لَوْ دَعَا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ، وَابْنَ مَسْعُودٍ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ وَغَيْرَهُمْ لِلْمُبَاهَلَةِ، لَكَانُوا مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ اسْتِجَابَةً لِأَمْرِهِ، وَكَانَ دُعَاءُ هَؤُلَاءِ وَغَيْرِهِمْ أَبْلَغَ فِي إِجَابَةِ الدُّعَاءِ، لَكِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِأَخْذِهِمْ [مَعَهُ] [1] ; لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ. فَإِنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّ أُولَئِكَ يَأْتُونَ بِمَنْ يُشْفِقُونَ عَلَيْهِ طَبْعًا [2] ، كَأَبْنَائِهِمْ وَنِسَائِهِمْ وَرِجَالِهِمُ الَّذِينَ هُمْ أَقْرَبُ النَّاسِ إِلَيْهِمْ. فَلَوْ دَعَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْمًا أَجَانِبَ لَأَتَى أُولَئِكَ بِأَجَانِبَ، وَلَمْ يَكُنْ يَشْتَدُّ عَلَيْهِ نُزُولُ الْبَهْلَةِ بِأُولَئِكَ الْأَجَانِبِ، كَمَا يَشْتَدُّ عَلَيْهِمْ نُزُولُهَا بِالْأَقْرَبِينَ إِلَيْهِمْ، فَإِنَّ طَبْعَ الْبَشَرِ يَخَافُ عَلَى أَقْرِبَيْهِ [3] ، مَا لَا يَخَافُ عَلَى الْأَجَانِبِ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَدْعُوَ قَرَابَتَهُ، وَأَنْ يَدْعُوَا أُولَئِكَ قَرَابَتَهُمْ. وَالنَّاسُ عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ تَقُولُ كُلُّ طَائِفَةٍ لِلْأُخْرَى: أَرْهِنُوا عِنْدَنَا أَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَكُمْ، فَلَوْ رَهَنَتْ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَجْنَبِيًّا لَمْ يَرْضَ أُولَئِكَ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ دَعَا النَّبِيُّ الْأَجَانِبَ لَمْ يَرْضَ أُولَئِكَ الْمُقَابِلُونَ لَهُ، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ أَهْلُ الرَّجُلِ أَفْضَلَ عِنْدَ اللَّهِ إِذَا قَابَلَ بِهِمْ لِمَنْ يُقَابِلُهُ بِأَهْلِهِ. فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْآيَةَ لَا دَلَالَةَ فِيهَا أَصْلًا عَلَى مَطْلُوبِ الرَّافِضِيِّ، لَكِنَّهُ وَأَمْثَالَهُ مِمَّنْ فِي قَلْبِهِ زَيْغٌ، كَالنَّصَارَى الَّذِينَ يَتَعَلَّقُونَ بِالْأَلْفَاظِ الْمُجْمَلَةِ وَيَدَعُونَ النُّصُوصَ الصَّرِيحَةَ، ثُمَّ قَدْحَهُ [4] فِي خِيَارِ الْأُمَّةِ بِزَعْمِهِ الْكَاذِبِ،
(1) مَعَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) (س) ، (ب) .
(2) طَبْعًا سَاقِطَةٌ مِنْ (م) .
(3) م: أَقَارِبِهِ.
(4) ب: ثُمَّ قَدَحَ.
حَيْثُ زَعَمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَنْفُسِ: الْمُسَاوُونَ، وَهُوَ خِلَافُ الْمُسْتَعْمَلِ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ. وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ: "نِسَاءَنَا" لَا يَخْتَصُّ بِفَاطِمَةَ، بَلْ مَنْ دَعَاهُ مِنْ بَنَاتِهِ كَانَتْ بِمَنْزِلَتِهَا فِي ذَلِكَ، لَكِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إِذْ ذَاكَ إِلَّا فَاطِمَةُ، فَإِنَّ رُقَيَّةَ وَأُمَّ كُلْثُومٍ وَزَيْنَبَ كُنَّ قَدْ تُوُفِّينَ قَبْلَ ذَلِكَ. فَكَذَلِكَ "أَنْفُسَنَا" لَيْسَ مُخْتَصًّا بِعَلِيٍّ، بَلْ هَذِهِ [1] صِيغَةُ جَمْعٍ، كَمَا أَنَّ "نِسَاءَنَا" صِيغَةُ جَمْعٍ وَكَذَلِكَ "أَبْنَاءَنَا" صِيغَةُ جَمْعٍ، وَإِنَّمَا دَعَا حَسَنًا وَحُسَيْنًا لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يُنْسَبُ إِلَيْهِ [2] بِالْبُنُوَّةِ سِوَاهُمَا، فَإِنَّ إِبْرَاهِيمَ إِنْ كَانَ مَوْجُودًا إِذْ ذَاكَ فَهُوَ طِفْلٌ لَا يُدْعَى، فَإِنَّ إِبْرَاهِيمَ هُوَ ابْنُ مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةِ الَّتِي أَهْدَاهَا لَهُ [الْمُقَوْقِسُ] [3] صَاحِبُ مِصْرَ، وَأَهْدَى لَهُ الْبَغْلَةَ وَمَارِيَةَ وَسِيرِينَ، فَأَعْطَى سِيرِينَ لِحَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ، وَتَسَرَّى مَارِيَةَ فَوَلَدَتْ لَهُ إِبْرَاهِيمَ، وَعَاشَ بِضْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا وَمَاتَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "«إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ تُتِمُّ إِرْضَاعَهُ» [4]"
(1) ن، س، ب: هَذَا.
(2) ن، س: إِلَيْهِمَا، وَهُوَ خَطَأٌ.
(3) لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) ، الْمُقَوْقِسُ، سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س)
(4) رَضَاعَهُ: كَذَا فِي (س) وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: رَضَاعَتَهُ، وَالْحَدِيثُ بِهَذَا اللَّفْظِ تَقْرِيبًا عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي: (الْمُسْنَدِ ط الْحَلَبِيِّ 4/283، 297، 304 وَوَجَدْتُ حَدِيثًا مُقَارِبًا عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي مُسْلِمٍ 4/1808 (كِتَابُ الْفَضَائِلِ، بَابُ رَحْمَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصِّبْيَانَ وَالْعِيَالَ وَتَوَاضُعِهِ وَفَضْلِ ذَلِكَ) ، وَأَوَّلُهُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَرْحَمَ بِالْعِيَالِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ: قَالَ عَمْرُو (بْنُ سَعِيدٍ وَهُوَ الرَّاوِي عَنْ أَنَسٍ) ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ إِبْرَاهِيمُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ إِبْرَاهِيمَ ابْنِي، وَإِنَّهُ مَاتَ فِي الثَّدْيِ، وَإِنَّ لَهُ ظِئْرَيْنِ تُكْمِلَانِ رَضَاعَهُ فِي الْجَنَّةِ" . مَاتَ فِي الثَّدْيِ: أَيْ مَاتَ وَهُوَ فِي سِنِّ رَضَاعِ الثَّدْيِ، وَالظِّئْرُ هِيَ الْمُرْضِعَةُ وَلَدَ غَيْرِهَا، وَالْحَدِيثُ فِي: الْمُسْنَدِ (ط الْحَلَبِيِّ) 3/112 وَجَاءَ حَدِيثَانِ ضَعِيفَانِ فِيهِمَا أَنَّ رَضَاعَةَ إِبْرَاهِيمَ تَتِمُّ فِي الْجَنَّةِ فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 1/484 (كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى ابْنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذِكْرِ وَفَاتَهُ) .
وَكَانَ إِهْدَاءُ الْمُقَوْقِسِ بَعْدَ [1] الْحُدَيْبِيَةِ، بَلْ بَعْدَ حُنَيْنٍ.
[فصل البرهان العاشر "فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ" والجواب عليه]
فَصْلٌ. قَالَ الرَّافِضِيُّ [2] : "الْبُرْهَانُ الْعَاشِرُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 37] . رَوَى [الْفَقِيهُ] [3] ابْنُ الْمَغَازِلِيِّ [4] الشَّافِعِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْكَلِمَاتِ الَّتِي تَلَقَّاهَا آدَمُ [5] مِنْ رَبِّهِ فَتَابَ عَلَيْهِ. قَالَ: سَأَلَهُ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِ [6] ، فَتَابَ عَلَيْهِ» . وَهَذِهِ فَضِيلَةٌ لَمْ يَلْحَقْهُ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فِيهَا، فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ لِمُسَاوَاتِهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّوَسُّلِ بِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى" . وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: الْمُطَالَبَةُ بِصِحَّةِ هَذَا النَّقْلِ، فَقَدْ عُرِفَ أَنَّ مُجَرَّدَ رِوَايَةِ [7] ابْنِ الْمَغَازِلِيِّ [8] لَا يَسُوغُ الِاحْتِجَاجُ بِهَا بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
(1) س: وَكَانَ هَذَا الْمُقَوْقِسُ بَعْدَ، ب: وَكَانَ هَذَا بَعْدَ.
(2) فِي (ك) ص 154 (م) ، 155 (م) .
(3) الْفَقِيهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س) ، (ب) .
(4) ب: ابْنُ الْمُغَازِيِّ.
(5) ك: آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
(6) ك: وَالْحُسَيْنِ إِلَّا تُبْتَ عَلَيَّ
(7) ن، س: أَنَّ مُجَرَّدَ صِحَّةِ رِوَايَةِ.
(8) ب: ابْنِ الْمُغَازِيِّ.
الثَّانِي: أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَذَكَرَهُ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "الْمَوْضُوعَاتِ" عَنْ طَرِيقِ الدَّارَقُطْنِيِّ [1] ، فَإِنَّ لَهُ كُتُبًا [2] فِي الْأَفْرَادِ وَالْغَرَائِبِ [3] . قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: "تَفَرَّدَ بِهِ عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الْمِقْدَامِ، لَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ غَيْرُ حَسَنٍ [4] الْأَشْقَرِ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ لَيْسَ ثِقَةً وَلَا مَأْمُونًا. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانٍ: يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ عَنِ الْأَثْبَاتِ" . الثَّالِثُ: أَنَّ الْكَلِمَاتِ الَّتِي تَلَقَّاهَا آدَمُ قَدْ جَاءَتْ مُفَسَّرَةً فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [سُورَةُ الْأَعْرَافِ: 23] . وَقَدْ رُوِيَ عَنِ السَّلَفِ هَذَا وَمَا يُشْبِهُهُ [5] ، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ النَّقْلِ الثَّابِتِ عَنْهُمْ مَا ذَكَرَهُ مِنَ الْقَسَمِ. الرَّابِعُ: أَنَّهُ مَعْلُومٌ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ مَنْ هُوَ دُونَ آدَمَ مِنَ الْكُفَّارِ وَالْفُسَّاقِ إِذَا تَابَ أَحَدُهُمْ إِلَى اللَّهِ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُقْسِمْ عَلَيْهِ بِأَحَدٍ. فَكَيْفَ يَحْتَاجُ آدَمُ فِي تَوْبَتِهِ إِلَى مَا لَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ الْمُذْنِبِينَ لَا مُؤْمِنٌ وَلَا كَافِرٌ. وَطَائِفَةٌ قَدْ رَوَوْا أَنَّهُ تَوَسَّلَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى قَبْلَ تَوْبَتِهِ، وَهَذَا كَذِبٌ. وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ حِكَايَةٌ فِي خِطَابِهِ لِلْمَنْصُورِ، وَهُوَ كَذِبٌ عَلَى مَالِكٍ، وَإِنْ كَانَ ذَكَرَهَا الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي "الشِّفَاءِ" .
(1) لَمْ أَسْتَطِعِ الْعُثُورَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ الْمَوْضُوعِ فِي كِتَابِ الْمَوْضُوعَاتِ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ.
(2) ن، م: كِتَابًا.
(3) ذَكَرَ سِزْكِينُ مِنْ كُتُبِ الدَّارَقُطْنِيِّ الْمَخْطُوطَةِ كِتَابَ الْفَوَائِدِ الْأَفْرَادِ وَكِتَابَ الْفَوَائِدِ الْمُنْتَقَاةِ الْغَرَائِبِ الْحِسَانِ، انْظُرْ سِزْكِينَ م 1 ج [0 - 9] ص [0 - 9] 22 وَسَبَقَتْ تَرْجَمَةُ الدَّارَقُطْنِيِّ 1/534
(4) م: حُسَيْنٍ.
(5) انْظُرْ فِي هَذَا زَادَ الْمَسِيرِ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ 1 تَفْسِيرَ ابْنِ كَثِيرٍ "ط الشَّعْبِ" 1/116
الْخَامِسُ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَأْمُرْ أَحَدًا بِالتَّوْبَةِ بِمِثْلِ هَذَا الدُّعَاءِ، بَلْ وَلَا أَمَرَ أَحَدًا بِمِثْلِ هَذَا الدُّعَاءِ فِي تَوْبَةٍ وَلَا غَيْرِهَا، بَلْ وَلَا شَرَّعَ لِأُمَّتِهِ أَنْ يُقْسِمُوا عَلَى اللَّهِ بِمَخْلُوقٍ وَلَوْ كَانَ هَذَا الدُّعَاءُ مَشْرُوعًا لِشَرْعِهِ لِأُمَّتِهِ. السَّادِسُ: أَنَّ الْإِقْسَامَ عَلَى اللَّهِ بِالْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ أَمْرٌ لَمْ يَرِدْ بِهِ كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ، بَلْ قَدْ نَصَّ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ - كَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَغَيْرِهِمَا - عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقْسَمَ عَلَى اللَّهِ بِمَخْلُوقٍ. وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ. السَّابِعُ: أَنَّ هَذَا لَوْ كَانَ مَشْرُوعًا فَآدَمُ نَبِيٌّ كَرِيمٌ، كَيْفَ يُقْسِمُ عَلَى اللَّهِ بِمَنْ هُوَ أَكْرَمُ عَلَيْهِ مِنْهُ؟ وَلَا رَيْبَ أَنَّ نَبِيَّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلُ مِنْ آدَمَ، لَكِنَّ آدَمَ أَفْضَلُ مِنْ عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَحَسَنٍ وَحُسَيْنٍ. الثَّامِنُ: أَنْ يُقَالَ: هَذِهِ لَيْسَتْ مِنْ خَصَائِصِ الْأَئِمَّةِ، فَإِنَّهَا قَدْ ثَبَتَتْ لِفَاطِمَةَ. وَخَصَائِصُ الْأَئِمَّةِ لَا تَثْبُتُ لِلنِّسَاءِ. وَمَا لَمْ يَكُنْ مِنْ خَصَائِصِهِمْ لَمْ يَسْتَلْزِمِ الْإِمَامَةَ، فَإِنَّ دَلِيلَ الْإِمَامَةِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَلْزُومًا لَهَا، يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ اسْتِحْقَاقُهَا، فَلَوْ كَانَ هَذَا دَلِيلًا عَلَى الْإِمَامَةِ لَكَانَ مَنْ يَتَّصِفُ بِهِ يَسْتَحِقُّهَا، وَالْمَرْأَةُ لَا تَكُونُ إِمَامًا بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ.
[فصل البرهان الحادي عشر "إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي" والجواب عليه]
فَصْلٌ قَالَ الرَّافِضِي [1] : "الْبُرْهَانُ الْحَادِي عَشَرَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} "
(1) فِي (ك) ص 155 (م) .
[سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 124] . رَوَى الْفَقِيهُ ابْنُ الْمَغَازِلِيِّ [1] الشَّافِعِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ [2] ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «انْتَهَتِ الدَّعْوَةُ إِلَيَّ وَإِلَى عَلِيٍّ، لَمْ يَسْجُدْ أَحَدُنَا لِصَنَمٍ قَطُّ، فَاتَّخِذْنِي نَبِيًّا وَاتَّخِذْ عَلِيًّا وَصِيًّا» . وَهَذَا نَصٌّ فِي الْبَابِ ". وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: الْمُطَالَبَةُ بِصِحَّةِ هَذَا كَمَا تَقَدَّمَ. الثَّانِي: أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ [3] . وانظر: زاد المسير 1 139 - 141، الدر المنثور للسيوطي 1 118. الثَّالِثُ: أَنَّ قَوْلَهُ:" انْتَهَتِ الدَّعْوَةُ إِلَيْنَا "كَلَامٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يُنْسَبَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِنَّهُ إِنْ أُرِيدَ: أَنَّهَا لَمْ تُصِبْ مَنْ قَبْلَنَا كَانَ مُمْتَنِعًا ; لِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ دَخَلُوا فِي الدَّعْوَةِ. قَالَ تَعَالَى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ} [سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ: 72 - 73] وَقَالَ تَعَالَى: {وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ} [سُورَةُ الْإِسْرَاءِ: 2] . وَقَالَ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [سُورَةُ السَّجْدَةِ: 24] "
(1) ب: ابْنُ الْمُغَازِيِّ.
(2) ك: بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ.
(3) بِالْحَدِيثِ لَمْ أَجِدْ هَذَا الْحَدِيثَ الْمَوْضُوعَ، وَانْظُرْ تَفْسِيرَ ابْنِ كَثِيرٍ لِلْآيَةِ "1 \ \ 237 237 - 242" ط. الشَّعْبِ "، وَقَالَ فِي تَفْسِيرِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ" لَمَّا جَعَلَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ إِمَامًا سَأَلَ اللَّهَ أَنْ تَكُونَ الْأَئِمَّةُ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ، فَأُجِيبَ إِلَى ذَلِكَ، وَأُخْبِرَ أَنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ ظَالِمُونَ، وَأَنَّهُ لَا يَنَالُهُمْ عَهْدُ اللَّهِ، وَلَا يَكُونُونَ أَئِمَّةً فَلَا يُقْتَدَى بِهِمْ ""
وَقَالَ: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ} [سُورَةُ الْقَصَصِ: 5، 6] . فَهَذِهِ عِدَّةُ نُصُوصٍ مِنَ الْقُرْآنِ فِي جَعْلِ اللَّهِ [أَئِمَّةً] [1] مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ قَبْلَ أُمَّتِنَا. وَإِنْ أُرِيدَ: انْتَهَتِ الدَّعْوَةُ إِلَيْنَا: أَنَّهُ لَا إِمَامَ بَعْدَنَا، لَزِمَ أَنْ لَا يَكُونَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَلَا غَيْرُهُمَا أَئِمَّةً، وَهُوَ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ [2] . ثُمَّ التَّعْلِيلُ بِكَوْنِهِ لَمْ يَسْجُدْ لِصَنَمٍ [هُو] [3] هُوَ عِلَّةٌ مَوْجُودَةٌ فِي سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَهُمْ. الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّ كَوْنَ الشَّخْصِ لَمْ يَسْجُدْ لِصَنَمٍ فَضِيلَةٌ يُشَارِكُهُ فِيهَا جَمِيعُ مَنْ وُلِدَ عَلَى الْإِسْلَامِ، مَعَ أَنَّ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ أَفْضَلُ مِنْهُ، فَكَيْفَ يُجْعَلُ الْمَفْضُولُ مُسْتَحِقًّا لِهَذِهِ الْمَرْتَبَةِ دُونَ الْفَاضِلِ؟ الْخَامِسُ: أَنَّهُ لَوْ قِيلَ أَنَّهُ لَمْ يَسْجُدْ لِصَنَمٍ لِأَنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ الْبُلُوغِ، فَلَمْ يَسْجُدْ بَعْدَ إِسْلَامِهِ، فَهَكَذَا كَلُّ مُسْلِمٍ، وَالصَّبِيُّ غَيْرُ مُكَلَّفٍ. وَإِنْ قِيلَ: إِنَّهُ لَمْ يَسْجُدْ قَبْلَ إِسْلَامِهِ فَهَذَا النَّفْيُ غَيْرُ مَعْلُومٍ، وَلَا قَائِلُهُ مِمَّنْ يُوثَقُ بِهِ. وَيُقَالُ: لَيْسَ كُلُّ مَنْ لَمْ يَكْفُرْ أَوْ مَنْ لَمْ يَأْتِ بِكَبِيرَةٍ أَفْضَلُ مِمَّنْ تَابَ عَنْهَا مُطْلَقًا بَلْ قَدْ يَكُونُ التَّائِبُ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ أَفْضَلَ مِمَّنْ لَمْ يَكْفُرْ وَلَمْ يَفْسُقْ، كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابُ [الْعَزِيزُ] [4] فَإِنَّ اللَّهَ فَضَّلَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلُوا عَلَى الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا، وَأُولَئِكَ كُلُّهُمْ أَسْلَمُوا بَعْدَ [الْكُفْرِ] [5] . وَهَؤُلَاءِ فِيهِمْ مَنْ وُلِدَ عَلَى الْإِسْلَامِ. وَفَضَّلَ
(1) أَئِمَّةً: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س)
(2) بِالْإِجْمَاعِ سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .
(3) هُوَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، وَفِي (س) : وَهُوَ.
(4) الْعَزِيزُ: زِيَادَةٌ فِي (م) .
(5) ن، س، ب: أَسْلَمُوا مِنْ بَعْدِ.
السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ عَلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، وَأُولَئِكَ آمَنُوا بَعْدَ الْكُفْرِ، وَ [أَكْثَرُ] التَّابِعِينَ [1] وُلِدُوا عَلَى الْإِسْلَامِ. وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ أَنَّ لُوطًا آمَنَ لِإِبْرَاهِيمَ، وَبَعَثَهُ اللَّهُ نَبِيًّا. وَقَالَ شُعَيْبٌ: {قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا} [سُورَةُ الْأَعْرَافِ: 89] . وَقَالَ تَعَالَى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا} [سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ: 13] . وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْ إِخْوَةِ يُوسُفَ بِمَا أَخْبَرَ، ثُمَّ نَبَّأَهُمْ بَعْدَ تَوْبَتِهِمْ، وَهُمُ الْأَسْبَاطُ الَّذِينَ أُمِرْنَا أَنْ نُؤْمِنَ بِمَا أُوتُوا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ وَالنِّسَاءِ. وَإِذَا كَانَ فِي هَؤُلَاءِ مَنْ صَارَ نَبِيًّا، فَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِمْ. وَهَذَا مِمَّا تُنَازِعُ فِيهِ الرَّافِضَةُ وَغَيْرُهُمْ، وَيَقُولُونَ: مَنْ صَدَرَ مِنْهُ ذَنْبٌ لَا يَصِيرُ نَبِيًّا. وَالنِّزَاعُ فِيمَنْ أَسْلَمَ أَعْظَمُ، لَكِنَّ الِاعْتِبَارَ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ. وَالَّذِينَ مَنَعُوا مِنْ هَذَا عُمْدَتُهُمْ أَنَّ التَّائِبَ مِنَ الذَّنْبِ يَكُونُ نَاقِصًا مَذْمُومًا لَا يَسْتَحِقُّ النُّبُوَّةَ، وَلَوْ صَارَ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ طَاعَةً. وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ الَّذِي نُوزِعُوا فِيهِ، وَالْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَ [الْإِجْمَاعُ] يَدُلُّ [2] عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِهِمْ فِيهِ.
[فصل البرهان الثاني عشر "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا" والجواب عليه]
فَصْلٌ قَالَ الرَّافِضِيُّ [3] : "الْبُرْهَانُ الثَّانِي عَشَرَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} "
(1) ن، س: وَالتَّابِعِينَ، ب: وَالتَّابِعُونَ.
(2) ن، س: وَالْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ يَدُلُّ، ب: وَالْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ يَدُلَّانِ.
(3) فِي (ك) ص 155 (م) . . . . إِلَخْ
[سُورَةُ مَرْيَمَ: 96] رَوَى الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ الْأَصْبَهَانِيُّ [1] بِإِسْنَادِهِ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ نَزَلَتْ فِي عَلَيٍّ. وَالْوُدُّ مَحَبَّةٌ فِي الْقُلُوبِ الْمُؤْمِنَةِ. وَفِي تَفْسِيرِ [2] الثَّعْلَبِيِّ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَلِيٍّ [3] : يَا عَلِيُّ قُلْ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي عِنْدَكَ عَهْدًا، وَاجْعَلْ لِي فِي صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ [4] مَوَدَّةً. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} » [سُورَةُ مَرْيَمَ: 96] ، وَلَمْ يَثْبُتْ لِغَيْرِهِ ذَلِكَ، فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ [5] ". وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إِقَامَةِ الدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ الْمَنْقُولِ، وَإِلَّا فَالِاسْتِدْلَالُ [6] بِمَا لَا تَثْبُتُ مُقَدِّمَاتُهُ بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ، وَهُوَ مِنَ الْقَوْلِ بِلَا عِلْمٍ وَمِنْ قَفْوِ الْإِنْسَانِ بِمَا لَيْسَ لَهُ بِهِ عِلْمٌ، وَمِنَ الْمُحَاجَّةِ بِغَيْرِ عِلْمٍ. وَالْعَزْوُ الْمَذْكُورُ لَا يُفِيدُ [7] الثُّبُوتَ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ. الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مِنَ الْكَذِبِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ [8] ."
(1) الْأَصْبَهَانِيُّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ك) .
(2) ك: عَلَيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: الْوُدُّ مَحَبَّتُهُ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ. وَمِنْ تَفْسِيرِ.
(3) ك: لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ.
(4) م: الْعَالَمِينَ.
(5) ك: لِغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ ذَلِكَ، فَيَكُونُ أَفْضَلَ مِنْهُمْ، فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ.
(6) م: الْمَنْقُولُ فِي الِاسْتِدْلَالِ.
(7) ن، س، ب: لَا يَقْبَلُ.
(8) لَمْ أَجِدْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "زَادِ الْمَسِيرِ" 5/266 266 مَا قِيلَ مِنْ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ وَلَمْ يُعَلِّقْ عَلَى ذَلِكَ.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|