
25-06-2025, 06:43 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,320
الدولة :
|
|
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد السابع
الحلقة (426)
صـ 257 إلى صـ 266
وَكَذَلِكَ الْكَلَامُ فِي تَفْضِيلِ الصَّحَابَةِ يُتَّقَى فِيهِ نَقْصُ أَحَدٍ عَنْ رُتْبَتِهِ أَوِ الْغَضُّ مِنْ [1] دَرَجَتِهِ، أَوْ دُخُولُ الْهَوَى وَالْفِرْيَةِ فِي ذَلِكَ، كَمَا فَعَلَتِ الرَّافِضَةُ وَالنَّوَاصِبُ الَّذِينَ يَبْخَسُونَ بَعْضَ الصَّحَابَةِ حُقُوقَهُمْ.
الْخَامِسُ: أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [سُورَةُ التَّحْرِيمِ: 8] وَقَوْلَهُ: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [سُورَةُ الْحَدِيدِ: 12] نَصٌّ عَامٌّ فِي الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسِيَاقُ الْكَلَامِ يَدُلُّ عَلَى عُمُومِهِ، وَالْآثَارُ الْمَرْوِيَّةُ فِي ذَلِكَ تَدُلُّ عَلَى عُمُومِهِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا يُعْطَى نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ; فَأَمَّا الْمُنَافِقُ فَيُطْفَأُ [نُورُهُ] يَوْمَ الْقِيَامَةِ [2] ، وَالْمُؤْمِنُ يُشْفِقُ مِمَّا يَرَى [3] مِنْ إِطْفَاءِ نُورِ الْمُنَافِقِ [4] ، فَهُوَ يَقُولُ: رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا [5] ، فَإِنَّ الْعُمُومَ [6] فِي ذَلِكَ
(1) ن: أَوِ النَّقْصُ مِنْ، س، ب: أَوِ النَّقْصُ عَنْ.
(2) ن: فَيُطْفِئُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُطْفِئُ، س: فَيُعْطَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ب: فَيُطْفَأُ نُورُهُ، وَلَعَلَّ الصَّوَابَ مَا أَثْبَتُّهُ.
(3) ن، م: رَأَى.
(4) ن، م: الْمُنَافِقِينَ.
(5) ذَكَرَ هَذَا الْأَثَرَ بِمَعْنَاهُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِ آيَةٍ: 12 مِنْ سُورَةِ الْحَدِيدِ وَنَسَبَهُ إِلَى الضَّحَّاكِ.
(6) ن، س، ب: فَالْعُمُومُ.
يُعْلَمُ قَطْعًا وَيَقِينًا، وَأَنَّهُ لَمْ يُرَدْ بِهِ شَخْصٌ وَاحِدٌ، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ عَلَى وَحْدِهِ، وَلَوْ أَنَّ قَائِلًا قَالَ فِي كُلِّ مَا جَعَلُوهُ عَلِيًّا أَنَّهُ أَبُو بَكْرٍ أَوْ عُمَرُ أَوْ عُثْمَانُ [1] أَيُّ فَرْقٍ كَانَ بَيْنَ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ إِلَّا مَحْضَ الدَّعْوَى وَالِافْتِرَاءِ [2] ؟ بَلْ يُمْكِنُ ذِكْرُ شُبَهٍ لِمَنْ يَدَّعِي اخْتِصَاصَ ذَلِكَ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَعْظَمَ مِنْ شُبَهِ الرَّافِضَةِ الَّتِي تَدَّعِي اخْتِصَاصَ ذَلِكَ بِعَلِيٍّ. وَحِينَئِذٍ فَدُخُولُ عَلِيٍّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ كَدُخُولِ الثَّلَاثَةِ، بَلْ هُمْ أَحَقُّ بِالدُّخُولِ فِيهَا، فَلَمْ يَثْبُتْ بِهَا أَفْضَلِيَّتُهُ وَلَا إِمَامَتُهُ [3] .
[فصل البرهان الثالث والثلاثون "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ" والجواب عليه]
فَصْلٌ
قَالَ الرَّافِضِيُّ [4] : "الْبُرْهَانُ الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} [سُورَةُ الْبَيِّنَةِ: 7] . رَوَى الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ بِإِسْنَادِهِ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ لَمَّا [5] نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَلِيٍّ [6] : « [تَأْتِي] أَنْتَ وَشِيعَتُكُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَاضِينَ مَرْضِيِّينَ [7] ، وَيَأْتِي خُصَمَاؤُكَ"
(1) م: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ.
(2) م: وَالِافْتَرَى.
(3) م: فَلَمْ يُنْسَبْ بِهَا أَفْضَلِيَّةٌ وَلَا إِمَامَةٌ.
(4) فِي (ك) 163 (م) 164 (م) .
(5) ك (ص 164 م) : إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا
(6) ك: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ لِعَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
(7) ن، م، س: أَنْتَ وَشِيعَتُكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَاضِينَ مَرْضِيِّينَ، ك: هُمْ أَنْتَ وَشِيعَتُكَ، تَأْتِي أَنْتَ وَشِيعَتُكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَاضِينَ مَرْضِيِّينَ، وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ب) .
غِضَابًا مُفْحَمِينَ [1] ، وَإِذَا كَانَ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْإِمَامَ» "."
وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: الْمُطَالَبَةُ بِصِحَّةِ النَّقْلِ، وَإِنْ كُنَّا غَيْرَ مُرْتَابِينَ فِي كَذِبِ ذَلِكَ، لَكِنَّ مُطَالَبَةَ الْمُدَّعِي بِصِحَّةِ النَّقْلِ لَا يَأْبَاهُ إِلَّا مُعَانِدٌ. وَمُجَرَّدُ رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ بِاتِّفَاقِ طَوَائِفِ الْمُسْلِمِينَ.
الثَّانِي: أَنَّ هَذَا مِمَّا هُوَ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ بِاتِّفَاقِ [الْعُلَمَاءِ وَ] أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ [2] بِالْمَنْقُولَاتِ.
الثَّالِثُ: أَنْ يُقَالَ: هَذَا مُعَارَضٌ بِمَنْ يَقُولُ: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ هُمُ النَّوَاصِبُ، كَالْخَوَارِجِ وَغَيْرِهِمْ [3] . وَيَقُولُونَ: إِنَّ مَنْ تَوَلَّاهُ فَهُوَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ، فَلَا يَدْخُلُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، وَيَحْتَجُّونَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 44] قَالُوا: وَمَنْ حَكَّمَ الرِّجَالَ فِي دِينِ اللَّهِ فَقَدْ حَكَمَ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَيَكُونُ كَافِرًا، وَمَنْ تَوَلَّى الْكَافِرَ [4] فَهُوَ كَافِرٌ ; لِقَوْلِهِ: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [5] وَقَالُوا: إِنَّهُ هُوَ وَعُثْمَانُ وَمَنْ تَوَلَّاهُمَا مُرْتَدُّونَ بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "«لَيُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ، فَأَقُولُ: أَيْ رَبِّ أَصْحَابِي أَصْحَابِي. فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ»" [6] .
(1) ك: وَيَأْتِي عَدُوُّكَ غُضْبَانًا مُفْحَمِينَ خَائِبِينَ.
(2) ن، س، ب: بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ.
(3) لَمْ أَجِدْ هَذَا الْحَدِيثَ الْمَوْضُوعَ.
(4) ن، س: الْكُفْرَ، ب: الْكُفَّارَ.
(5) س، ب: وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ.
(6) هَذَا جُزْءٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي: مُسْلِمٍ 1/218 (كِتَابُ الطَّهَارَةِ، بَابُ اسْتِحْبَابِ إِطَالَةِ الْغُرَّةِ) ، أَوَّلُهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى الْمَقْبَرَةَ فَقَالَ: "السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا" ، قَالُوا: أَوَ لَسْنَا إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ قَالَ: "فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الْوُضُوءِ، وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ، أَلَا لَيُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ، أُنَادِيهِمْ: أَلَا هَلُمَّ، فَيُقَالُ: إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ: سُحْقًا سُحْقًا" ، وَالْحَدِيثُ - مَعَ اخْتِلَافٍ فِي اللَّفْظِ - فِي الْمُوَطَّأِ 1/28 - 30 (كِتَابُ الطَّهَارَةِ، بَابُ جَامِعِ الْوُضُوءِ) ، سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 2/1439 - 1440، (كِتَابُ الزُّهْدِ، بَابُ ذِكْرِ الْحَوْضِ) ، وَجَاءَ الْحَدِيثُ مُخْتَصَرًا فِي مُسْلِمٍ وَمَعَ اخْتِلَافِ اللَّفْظِ 1/217 رَقْمُ 37.
* قَالُوا: وَهَؤُلَاءِ هُمُ الَّذِينَ [1] حَكَمُوا فِي دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالِهِمْ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ.
وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ: "«لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا * [2] يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ»" [3] . قَالُوا: وَالَّذِينَ [4] ضَرَبَ بَعْضُهُمْ رِقَابَ بَعْضٍ رَجَعُوا بَعْدَهُ كُفَّارًا.
فَهَذَا وَأَمْثَالُهُ مِنْ حُجَجِ الْخَوَارِجِ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا بِلَا رَيْبٍ فَحُجَجُ الرَّافِضَةِ أَبْطَلُ مِنْهُ، وَالْخَوَارِجُ أَعْقَلُ وَأَصْدَقُ وَأَتْبَعُ لِلْحَقِّ مِنَ الرَّافِضَةِ ; فَإِنَّهُمْ صَادِقُونَ لَا يَكْذِبُونَ، أَهْلُ دِينٍ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، لَكِنَّهُمْ ضَالُّونَ جَاهِلُونَ مَارِقُونَ، مَرَقُوا مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، وَأَمَّا الرَّافِضَةُ فَالْجَهْلُ وَالْهَوَى وَالْكَذِبُ غَالِبٌ عَلَيْهِمْ، وَكَثِيرٌ مِنْ أَئِمَّتِهِمْ وَعَامَّتِهِمْ زَنَادِقَةٌ مَلَاحِدَةٌ، لَيْسَ لَهُمْ غَرَضٌ فِي الْعِلْمِ وَلَا فِي الدِّينِ، بَلْ: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} [سُورَةُ النَّجْمِ: 33] .
(1) س، ب: وَهُمُ الَّذِينَ.
(2) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) .
(3) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/500.
(4) م: وَالَّذِي، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
وَالْمَرْوَانِيَّةُ الَّذِينَ قَاتَلُوا [1] عَلِيًّا، وَإِنْ كَانُوا لَا يُكَفِّرُونَهُ، فَحُجَجُهُمْ أَقْوَى مِنْ حُجَجِ الرَّافِضَةِ. وَقَدْ صَنَّفَ الْجَاحِظُ كِتَابًا لِلْمَرْوَانِيَّةِ ذَكَرَ فِيهِ مِنَ الْحُجَجِ الَّتِي لَهُمْ مَا لَا يُمْكِنُ الرَّافِضَةَ نَقْضُهُ، بَلْ لَا يُمْكِنُ الزَّيْدِيَّةَ نَقْضُهُ، دَعِ الرَّافِضَةَ!
أَهْلُ السُّنَّةِ [2] وَالْجَمَاعَةِ لَمَّا كَانُوا مُعْتَدِلِينَ [3] مُتَوَسِّطِينَ صَارَتِ الشِّيعَةُ تَنْتَصِرُ بِهِمْ فِيمَا يَقُولُونَهُ فِي حَقِّ عَلِيٍّ مِنَ الْحَقِّ، وَلَكِنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ قَالُوا ذَلِكَ بِأَدِلَّةٍ يَثْبُتُ [4] بِهَا فَضْلُ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ، لَيْسَ مَعَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَلَا غَيْرِهِمْ حُجَّةٌ تَخُصُّ عَلِيًّا بِالْمَدْحِ وَغَيْرَهُ بِالْقَدَحِ، فَإِنَّ [5] هَذَا مُمْتَنِعٌ لَا يُنَالُ إِلَّا بِالْكَذِبِ الْمُحَالِ، لَا بِالْحَقِّ الْمَقْبُولِ فِي مَيْدَانِ النَّظَرِ وَالْجِدَالِ.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنْ يُقَالَ: قَوْلُهُ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [سُورَةُ الْبَيِّنَةِ: 7] عَامٌّ فِي كُلِّ مَنِ اتَّصَفَ بِذَلِكَ [6] ، فَمَا الَّذِي أَوْجَبَ تَخْصِيصَهُ بِالشِّيعَةِ؟ .
فَإِنْ قِيلَ [7] ; لِأَنَّ مَنْ سِوَاهُمْ كَافِرٌ.
قِيلَ: إِنْ ثَبَتَ [8] كُفْرُ مَنْ سِوَاهُمْ بِدَلِيلٍ، كَانَ ذَلِكَ مُغْنِيًا لَكُمْ عَنْ هَذَا التَّطْوِيلِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ لَمْ يَنْفَعْكُمْ هَذَا الدَّلِيلُ، فَإِنَّهُ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ لَا يَثْبُتُ، فَإِنْ أَمْكَنَ إِثْبَاتُهُ بِدَلِيلٍ مُنْفَصَلٍ، فَذَاكَ هُوَ الَّذِي يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ لَا هَذِهِ الْآيَةُ.
(1) س، ب: قَتَلُوا، وَهُوَ خَطَأٌ.
(2) م: وَلَكِنْ أَهْلَ السُّنَّةِ.
(3) ن، س: مُعْتَقِدِينَ، ب: مُقْتَصِدِينَ.
(4) س، ب: ثَبَتَ.
(5) س، ب: وَإِنَّ.
(6) بِذَلِكَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .
(7) س، ب: فَإِنَّهُ قُلْتُ.
(8) م: لَنْ يَثْبُتَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنْ يُقَالَ: مِنَ الْمَعْلُومِ الْمُتَوَاتِرِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يُوَالِي غَيْرَ شِيعَةِ عَلِيٍّ أَكْثَرَ مِمَّا يُوَالِي كَثِيرًا مِنَ الشِّيعَةِ، حَتَّى الْخَوَارِجُ كَانَ يُجَالِسُهُمْ وَيُفْتِيهِمْ وَيُنَاظِرُهُمْ. فَلَوِ اعْتَقَدَ أَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ هُمُ الشِّيعَةُ فَقَطْ، وَأَنَّ مَنْ سِوَاهُمْ كُفَّارٌ، لَمْ يَعْمَلْ مِثْلَ هَذَا. وَكَذَلِكَ بَنُو أُمَيَّةَ كَانَتْ مُعَامَلَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ لَهُمْ مِنْ أَظْهَرِ الْأَشْيَاءِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ عِنْدَهُ لَا كُفَّارٌ [1] .
فَإِنْ قِيْلَ: نَحْنُ لَا نُكَفِّرُ مَنْ سِوَى الشِّيعَةِ، لَكِنْ نَقُولُ: هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ.
قِيلَ: الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ، فَإِنْ قُلْتُمْ: إِنَّ مَنْ سِوَاهُمْ لَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ، فَإِمَّا أَنْ تَقُولُوا: هُوَ كَافِرٌ أَوْ تَقُولُوا: فَاسِقٌ [2] ، بِحَيْثُ لَا يَكُونُ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، * وَإِنْ دَخَلَ اسْمُهُمْ فِي الْإِيمَانِ، وَإِلَّا فَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا فَلَيْسَ بِفَاسِقٍ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ * [3] .
فَإِنْ قُلْتُمْ: هُوَ فَاسِقٌ.
قِيلَ لَكُمْ: إِنْ ثَبَتَ فِسْقُهُمْ كَفَاكُمْ ذَلِكَ فِي الْحُجَّةِ. وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ لَمْ يَنْفَعْكُمْ ذَلِكَ فِي الِاسْتِدْلَالِ، وَمَا تَذْكُرُونَ بِهِ فِسْقَ [4] طَائِفَةٍ مِنَ الطَّوَائِفِ إِلَّا وَتِلْكَ الطَّائِفَةُ تُبَيِّنُ لَكُمْ أَنَّكُمْ أَوْلَى بِالْفِسْقِ مِنْهُمْ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ، وَلَيْسَ لَكُمْ حُجَّةٌ صَحِيحَةٌ تَدْفَعُونَ بِهَا هَذَا.
(1) م: يُؤْمِنُونَ عِنْدَهُ لَا كُفَّارًا، وَهُوَ خَطَأٌ.
(2) س، ب: أَوْ فَاسِقٌ.
(3) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) .
(4) فِسْقَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) ، بِهِ سَاقِطَةٌ مِنْ (م) .
وَالْفِسْقُ غَالِبٌ عَلَيْكُمْ لِكَثْرَةِ الْكَذِبِ [1] فِيكُمْ وَالْفَوَاحِشِ وَالظُّلْمِ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَكْثَرُ فِيكُمْ مِنْهُ فِي الْخَوَارِجِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ خُصُومِكُمْ. وَأَتْبَاعُ بَنِي أُمَيَّةَ كَانُوا أَقَلَّ ظُلْمًا وَكَذِبًا وَفَوَاحِشَ مِمَّنْ دَخَلَ فِي الشِّيعَةِ بِكَثِيرٍ، وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِ الشِّيعَةِ صِدْقٌ وَدِينٌ وَزُهْدٌ، فَهَذَا فِي سَائِرِ الطَّوَائِفِ أَكْثَرُ مِنْهُمْ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا الْخَوَارِجُ الَّذِينَ قِيلَ فِيهِمْ: "«يُحَقِّرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، وَقِرَاءَتَهُ مَعَ قِرَاءَتِهِمْ»" [2] .
الْوَجْهُ السَّادِسُ: أَنَّهُ قَالَ قَبْلَ ذَلِكَ: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} [سُورَةُ الْبَيِّنَةِ: 6] ثُمَّ قَالَ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} [سُورَةُ الْبَيِّنَةِ: 7] . وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ هَؤُلَاءِ مِنْ سِوَى الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ. وَفِي الْقُرْآنِ مَوَاضِعُ كَثِيرَةٌ ذُكِرَ فِيهَا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، وَكُلُّهَا عَامَّةٌ. فَمَا الْمُوجِبُ لِتَخْصِيصِ هَذِهِ الْآيَةِ دُونَ نَظَائِرِهَا؟ .
وَإِنَّمَا دَعْوَى الرَّافِضَةِ - أَوْ غَيْرِهِمْ - مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ الْكُفْرَ فِي كَثِيرٍ مِمَّنْ سِوَاهُمْ، كَالْخَوَارِجِ وَكَثِيرٍ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْجَهَمِيَّةِ، [وَ] أَنَّهُمْ [3] هُمُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ، كَقَوْلِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى: {لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ - بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 111 - 112] . وَهَذَا عَامٌّ فِي كُلِّ مَنْ عَمِلَ
(1) س، ب: الْفِسْقُ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(2) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 1/68، 5/46
(3) فِي جَمِيعِ النُّسَخِ: أَنَّهُمْ، وَزِدْتُ الْوَاوَ لِتَسْتَقِيمَ الْعِبَارَةُ.
لِلَّهِ بِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ، فَالْعَمَلُ الصَّالِحُ هُوَ الْمَأْمُورُ بِهِ، وَإِسْلَامُ وَجْهِهِ لِلَّهِ إِخْلَاصُ قَصْدِهِ لِلَّهِ [1] .
[فصل البرهان الرابع والثلاثون "وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا" والجواب عليه]
فَصْلٌ
قَالَ الرَّافِضِيُّ [2] : "الْبُرْهَانُ الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا} [سُورَةُ الْفُرْقَانِ: 54] وَفِي تَفْسِيرِ الثَّعْلَبِيِّ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: نَزَلَتْ فِي النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ [3] : زَوَّجَ فَاطِمَةَ عَلِيًّا [4] ، وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا [5] ، وَلَمْ يَثْبُتْ لِغَيْرِهِ ذَلِكَ، فَكَانَ أَفْضَلَ، فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ" [6] .
وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَوَّلًا: الْمُطَالَبَةُ بِصِحَّةِ النَّقْلِ.
وَثَانِيًا: أَنَّ هَذَا كَذِبٌ عَلَى ابْنِ سِيرِينَ بِلَا شَكٍّ.
وَثَالِثًا: أَنَّ مُجَرَّدَ قَوْلِ ابْنِ سِيرِينَ الَّذِي خَالَفَهُ فِيهِ النَّاسُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ.
الرَّابِعُ: أَنْ يُقَالَ: هَذِهِ الْآيَةُ فِي سُورَةِ الْفُرْقَانِ، وَهِيَ مَكِّيَّةٌ. وَهَذَا مِنَ الْآيَاتِ الْمَكِّيَّةِ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ عَلِيٌّ بِفَاطِمَةَ، فَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ قَدْ أُرِيدَ بِهِ عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ؟ .
(1) س، ب: إِخْلَاصُ وَجْهِهِ.
(2) فِي (ك) ص 164 (م) .
(3) ك: فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
(4) ك: إِذَا (وَفَوْقَهَا كُتِبَتْ عِبَارَةٌ غَيْرُ وَاضِحَةٍ) زَوَّجَ فَاطِمَةَ عَلِيًّا عَلَيْهِمَا السَّلَامُ.
(5) فِي هَامِشِ (ك) كُتِبَ مَا يَلِي: أَيْ فَجَعَلَ النِّسْبَةَ قِسْمَيْنِ: فِي نِسْبَةٍ ذُكُورًا يُنْسَبُ إِلَيْهِمْ، وَصِهْرًا، أَيْ إِنَاثًا يُصَاهَرُ بِهِنَّ، وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا، يَخْلُقُ مِنَ النُّطْفَةِ الْوَاحِدَةِ ذَكَرًا وَأُنْثَى.
(6) ك: فَكَانَ هُوَ الْإِمَامَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
الْخَامِسُ: أَنَّ الْآيَةَ مُطْلَقَةٌ فِي كُلِّ نَسَبٍ وَصِهْرٍ [1] ، لَا اخْتِصَاصَ لَهَا بِشَخْصٍ دُونَ شَخْصٍ، وَلَا رَيْبَ [2] أَنَّهَا تَتَنَاوَلُ مُصَاهَرَتَهُ لِعَلِيٍّ، كَمَا تَتَنَاوَلُ مُصَاهَرَتَهُ لِعُثْمَانَ مَرَّتَيْنِ، كَمَا تَتَنَاوَلُ مُصَاهَرَةَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَزَوُّجَ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ، وَحَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ - مِنْ أَبَوَيْهِمَا، وَزَوَّجَ عُثْمَانَ بِرُقَيَّةَ، وَأُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَيْهِ، وَزَوَّجَ عَلِيًّا بِفَاطِمَةَ، فَالْمُصَاهَرَةُ [3] ثَابِتَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْبَعَةِ. وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: "«لَوْ كَانَتْ عِنْدَنَا ثَالِثَةٌ لَزَوَّجْنَاهَا عُثْمَانَ»" [4] وَحِينَئِذٍ فَتَكُونُ الْمُصَاهَرَةُ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ، فَلَيْسَتْ مِنْ خَصَائِصِهِ، فَضْلًا عَنْ أَنْ تُوجِبَ أَفْضَلِيَّتَهُ وَإِمَامَتَهُ عَلَيْهِمْ.
السَّادِسُ: أَنَّهُ لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ أُرِيدَ بِذَلِكَ مُصَاهَرَةُ * عَلِيٍّ، فَمُجَرَّدُ الْمُصَاهَرَةِ لَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ بِاتِّفَاقِ [أَهْلِ] [5] السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ، فَإِنَّ الْمُصَاهَرَةَ * [6] ثَابِتَةٌ لِكُلٍّ مِنَ الْأَرْبَعَةِ، مَعَ أَنَّ بَعْضَهُمْ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ، فَلَوْ كَانَتِ الْمُصَاهَرَةُ تُوجِبُ الْأَفْضَلِيَّةَ لَلَزِمَ التَّنَاقُضَ.
(1) يَقُولُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ لِلْآيَةِ: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا الْآيَةَ، أَيْ: خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ ضَعِيفَةٍ فَسَوَّاهُ وَعَدَلَهُ وَجَعَلَهُ كَامِلَ الْخِلْقَةِ ذَكَرًا وَأُنْثَى كَمَا يَشَاءُ، فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا فَهُوَ فِي ابْتِدَاءِ أَمْرِهِ وَلَدٌ نَسِيبٌ، ثُمَّ يَتَزَوَّجُ فَيَصِيرُ صِهْرًا، ثُمَّ يَصِيرُ لَهُ أَصْهَارٌ وَأُخْتَانٌ وَقُرَابَاتٌ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا.
(2) س، ب: فَلَا رَيْبَ.
(3) ن، س، ب: وَالْمُصَاهَرَةُ.
(4) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ الضَّعِيفُ فِيمَا مَضَى 4/14
(5) أَهْلِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .
(6) : مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م
[فصل البرهان الخامس والثلاثون "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ" والجواب عليه]
فَصْلٌ
قَالَ الرَّافِضِيُّ [1] : "الْبُرْهَانُ الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 119] أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْنَا الْكَوْنَ مَعَ الْمَعْلُومِ مِنْهُمُ الصِّدْقُ، وَلَيْسَ إِلَّا الْمَعْصُومُ لِتَجْوِيزِ الْكَذِبِ فِي غَيْرِهِ، فَيَكُونُ هُوَ عَلِيًّا ; إِذْ لَا مَعْصُومَ مِنَ الْأَرْبَعَةِ سِوَاهُ. وَفِي حَدِيثِ أَبِي نُعَيْمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ" .
وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الصِّدِّيقَ مُبَالَغَةٌ فِي الصَّادِقِ، فَكُلُّ صِدِّيقٍ صَادِقٌ وَلَيْسَ كُلُّ صَادِقٍ صِدِّيقًا. وَأَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ صِدِّيقٌ بِالْأَدِلَّةِ الْكَثِيرَةِ، فَيَجِبُ أَنْ تَتَنَاوَلَهُ الْآيَةُ قَطْعًا وَأَنْ تَكُونَ مَعَهُ، بَلْ تَنَاوُلُهَا لَهُ أَوْلَى مِنْ تَنَاوُلِهَا لِغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ. وَإِذَا كُنَّا مَعَهُ مُقِرِّينَ بِخِلَافَتِهِ، امْتَنَعَ أَنْ نُقِرَّ بِأَنَّ عَلِيًّا كَانَ هُوَ الْإِمَامَ دُونَهُ، فَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى نَقِيضِ مَطْلُوبِهِمْ.
الثَّانِي: أَنْ يُقَالَ: عَلِيٌّ إِمَّا أَنْ يَكُونَ صِدِّيقًا وَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ صِدِّيقًا فَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، فَالْكَوْنُ مَعَ الصَّادِقِ الصِّدِّيقِ أَوْلَى مِنَ الْكَوْنِ مَعَ الصَّادِقِ الَّذِي لَيْسَ بِصِدِّيقٍ. وَإِنْ كَانَ صِدِّيقًا فَعُمَرُ وَعُثْمَانُ أَيْضًا صِدِّيقُونَ، وَحِينَئِذٍ فَإِذَا كَانَ الْأَرْبَعَةُ صِدِّيقِينَ، لَمْ يَكُنْ عَلِيٌّ مُخْتَصًّا
(1) فِي (ك) ص 164 (م) .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|