عرض مشاركة واحدة
  #437  
قديم 25-06-2025, 07:09 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,018
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد السابع
الحلقة (437)
صـ 367 إلى صـ 376



وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ فَيُمْكِنُهُمُ الِاسْتِدْلَالُ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ الْخَوَارِجِ بِأَدِلَّةٍ كَثِيرَةٍ لَكِنَّهَا مُشْتَرَكَةٌ تَدُلُّ عَلَى إِيمَانِ الثَّلَاثَةِ، وَالرَّافِضَةُ تَقْدَحُ فِيهَا فَلَا يُمْكِنُهُمْ إِقَامَةُ دَلِيلٍ عَلَى الْخَوَارِجِ عَلَى أَنَّ عَلِيًّا مَاتَ مُؤْمِنًا، بَلْ أَيُّ دَلِيلٍ ذَكَرُوهُ قُدِحَ فِيهِ مَا يُبْطِلُهُ عَلَى أَصْلِهِمْ ; لِأَنَّهُ أَصْلُهُمْ فَاسِدٌ.
وَلَيْسَ هَذَا الْوَصْفُ مِنْ خَصَائِصِ عَلِيٍّ، بَلْ غَيْرُهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ لَكِنَّ فِيهِ الشَّهَادَةَ لِعَيْنِهِ [1] بِذَلِكَ، كَمَا شَهِدَ لِأَعْيَانِ الْعَشْرَةِ بِالْجَنَّةِ، وَكَمَا شَهِدَ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ بِالْجَنَّةِ، وَشَهِدَ لِعَبْدِ اللَّهِ حِمَارٍ بِأَنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [2] ، وَقَدْ كَانَ ضَرَبَهُ فِي الْحَدِّ مَرَّاتٍ.
وَقَوْلُ الْقَائِلِ: "إِنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى انْتِفَاءِ هَذَا الْوَصْفِ عَنْ غَيْرِهِ" .
فِيهِ جَوَابَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ إِنْ سُلِّمَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ قَالَ: "«لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ»" .
فَهَذَا الْمَجْمُوعُ اخْتَصَّ بِهِ، وَهُوَ أَنَّ ذَلِكَ الْفَتْحَ كَانَ عَلَى يَدَيْهِ، وَلَا يَلْزَمُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ الْفَتْحُ الْمُعَيَّنُ عَلَى يَدَيْهِ أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ مُخْتَصًّا بِالْإِمَامَةِ.
الثَّانِي: أَنْ يُقَالَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ هَذَا يُوجِبُ التَّخْصِيصَ، كَمَا لَوْ قِيلَ: لَأُعْطِيَنَّ هَذَا الْمَالَ رَجُلًا فَقِيرًا، أَوْ رَجُلًا صَالِحًا، وَلَأَدْعُوَّنَ الْيَوْمَ رَجُلًا مَرِيضًا صَالِحًا، أَوْ لَأُعْطِيَنَّ [3] هَذِهِ الرَّايَةَ رَجُلًا شُجَاعًا، وَنَحْوَ ذَلِكَ - لَمْ
(1)
ن، م، س: بِعَيْنِهِ

(2)
زَادَتْ (م) فَقَطْ: وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ

(3)
س، ب: وَلَأُعْطِيَنَّ






يَكُنْ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ مَا يُوجِبُ أَنَّ تِلْكَ الصِّفَةَ لَا تُوجَدُ إِلَّا فِي وَاحِدٍ، بَلْ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْوَاحِدَ مَوْصُوفٌ بِذَلِكَ.
وَلِهَذَا لَوْ نَذَرَ أَنَّ يَتَصَدَّقَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى رَجُلٍ صَالِحٍ، أَوْ فَقِيرٍ فَأَعْطَى هَذَا الْمَنْذُورَ لِوَاحِدٍ لَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَوْ قَالُوا: أَعْطُوا هَذَا الْمَالَ لِرَجُلٍ قَدْ حَجَّ عَنِّي فَأَعْطَوْهُ رَجُلًا لَمْ يَلْزَمْ أَنَّ غَيْرَهُ لَمْ يَحُجَّ عَنْهُ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ ثُبُوتُ أَفْضَلِيَّتِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَلَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ غَيْرَهُ لَمْ يَكُنْ أَفْضَلَ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ.
الرَّابِعُ: أَنَّهُ لَوْ قَدَّرْنَا أَفْضَلِيَّتَهُ [1] لَمْ يَدُلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ إِمَامٌ مَعْصُومٌ مَنْصُوصٌ [2] عَلَيْهِ، بَلْ كَثِيرٌ مِنَ الشِّيعَةِ الزَّيْدِيَّةِ، وَمُتَأَخِّرِي الْمُعْتَزِلَةِ، وَغَيْرِهِمْ يَعْتَقِدُونَ أَفْضَلِيَّتَهُ [3] ، وَأَنَّ الْإِمَامَ هُوَ أَبُو بَكْرٍ، وَتَجُوزُ عِنْدَهُمْ وِلَايَةُ الْمَفْضُولِ، وَهَذَا مِمَّا يُجَوِّزُهُ كَثِيرٌ مِنْ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ يُتَوَقَّفُ فِي تَفْضِيلِهِ [4] بَعْضَ الْأَرْبَعَةِ عَلَى بَعْضٍ، أَوْ مِمَّنْ يَرَى أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ ظَنِّيَّةٌ لَا يَقُومُ فِيهَا دَلِيلٌ قَاطِعٌ عَلَى فَضِيلَةِ وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ، فَإِنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ خِبْرَةٌ بِالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ قَدْ يَشُكُّ فِي ذَلِكَ.
وَأَمَّا أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ، الْمَشْهُورُونَ فَكُلُّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ أَفْضَلُ مِنْ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَنَقَلَ هَذَا الْإِجْمَاعَ غَيْرُ وَاحِدٍ، كَمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ "مَنَاقِبِ الشَّافِعِيِّ" (مُسْنَدَهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ) [5] قَالَ: "مَا"
(1)
ن، م، س: لَوْ قُدِّرَ أَنَّ أَفْضَلِيَّتَهُ

(2)
م: وَمَنْصُوصٌ

(3)
ن، م: أَنَّهُ أَفْضَلُ

(4)
ب: فِي تَفْضِيلِ

(5)
عِبَارَةُ "مُسْنَدَهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ" فِي (م) فَقَطْ





اخْتَلَفَ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ فِي تَفْضِيلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَتَقْدِيمِهِمَا عَلَى جَمِيعِ الصَّحَابَةِ ". [1]"
وَرَوَى مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كُنَّا نُفَاضِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَقُولُ: خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ [2] .
وَقَدْ تَقَدَّمَ نَقْلُ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَلِيٍّ هَذَا الْكَلَامَ [3] .
وَالشِّيعَةُ الَّذِينَ صَحِبُوا عَلِيًّا كَانُوا يَقُولُونَ ذَلِكَ، وَتَوَاتَرَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ مِنْ نَحْوِ ثَمَانِينَ وَجْهًا، وَهَذَا مِمَّا يَقْطَعُ بِهِ أَهْلُ الْعِلْمِ لَيْسَ هَذَا مِمَّا يَخْفَى عَلَى مَنْ كَانَ عَارِفًا بِأَحْوَالِ الرَّسُولِ وَالْخُلَفَاءِ.
[الثامن حديث الطائر]
فَصْلٌ.
قَالَ الرَّافِضِيُّ: [4] "الثَّامِنُ: خَبَرُ الطَّائِرِ [5] ، رَوَى الْجُمْهُورُ كَافَّةً أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِطَائِرٍ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ ائْتِنِي"
(1)
وَرَدَتْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ فِي كِتَابِ "مَنَاقِبِ الشَّافِعِيِّ" لِأَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ الْبَيْهَقِيِّ، تَحْقِيق الْأُسْتَاذِ السَّيِّدِ أَحْمَد صَقْر (ط. دَارِ التُّرَاثِ، الْقَاهِرَةِ، 1391 1971) 1/434 وَجَاءَ بَعْدَهَا: "إِنَّمَا اخْتَلَفَ مَنِ اخْتَلَفَ مِنْهُمْ فِي عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ: مِنْهُمْ مَنْ قَدَّمَ عَلِيًّا عَلَى عُثْمَانَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَدَّمَ عُثْمَانَ عَلَى عَلِيٍّ. وَنَحْنُ لَا نُخَطِّئُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا فَعَلُوا"

(2)
سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْأَثَرِ فِيمَا مَضَى 6/153. وَانْظُرْ أَيْضًا كِتَابَ "فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ" 1/92 ـ 93 (رَقْمُ 62)

(3)
سَبَقَ هَذَا الْأَثَرُ فِيمَا مَضَى 1/12، 2/72

(4)
فِي (ك) ص 171 (م)

(5)
م: الطَّيْرِ





بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ، وَإِلَيَّ يَأْكُلُ مَعِي مِنْ هَذَا الطَّائِرِ، فَجَاءَ عَلِيٌّ، فَدَقَّ الْبَابَ فَقَالَ أَنَسٌ [1] : إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حَاجَةٍ [2] فَرَجَعَ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَالَ أَوَّلًا، فَدَقَّ الْبَابَ [3] فَقَالَ أَنَسٌ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّهُ عَلِيٌّ [4] حَاجَةٍ [5] ؟ فَانْصَرَفَ [6] ، فَعَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَادَ عَلِيٌّ فَدَقَّ الْبَابَ [7] أَشَدَّ مِنَ الْأَوَّلَيْنِ [8] ، فَسَمِعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَذِنَ [9] لَهُ بِالدُّخُولِ، وَقَالَ: مَا أَبْطَأَكَ [10] عَنِّي؟ قَالَ: جِئْتُ فَرَدَّنِي أَنَسٌ، ثُمَّ جِئْتُ فَرَدَّنِي (أَنَسٌ) [11] ، ثُمَّ جِئْتُ فَرَدَّنِي الثَّالِثَةَ [12] ، فَقَالَ يَا أَنَسُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا؟ فَقَالَ: رَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ الدُّعَاءُ لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ [13] ، فَقَالَ: يَا أَنَسُ، أَوَ فِي الْأَنْصَارِ
(1)
ك: أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ

(2)
ب: عَلَى حَاجَتِهِ

(3)
ك: فَدَقَّ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْبَابَ

(4)
ك: أَوْ لَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ عَلَى. .

(5)
ب: حَاجَتِهِ

(6)
ك: فَانْصَرَفَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ كَمَا قَالَ فِي الْأَوَّلَيْنِ، فَجَاءَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ

(7)
فَدَقَّ الْبَابَ

(8)
ن، س، ب: الْأُوْلَتَيْنِ

(9)
ك: فَسَمِعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ وَقَدْ قَالَ لَهُ أَنَسٌ: إِنَّهُ عَلَى حَاجَةٍ، فَأَذِنَ. .

(10) ك: فَقَالَ: يَا عَلِيٌّ مَا أَبْطَأَكَ.
(11) أَنَسٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س) ، (ب)
(12) ك: ثُمَّ جِئْتُ الثَّالِثَةَ فَرَدَّنِي
(13) ك: لِأَحَدٍ مِنَ الْأَنْصَارِ ; ب: لِلْأَنْصَارِ




خَيْرٌ مِنْ عَلِيٍّ، أَوَ فِي الْأَنْصَارِ أَفْضَلُ مِنْ عَلِيٍّ فَإِذَا كَانَ أَحَبَّ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ [1] ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْإِمَامَ» [2] .
وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: الْمُطَالَبَةُ بِتَصْحِيحِ النَّقْلِ، وَقَوْلُهُ رَوَى الْجُمْهُورُ كَافَّةً: كَذِبٌ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ حَدِيثَ الطَّيْرِ لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الصَّحِيحِ، وَلَا صَحَّحَهُ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ، وَلَكِنْ هُوَ مِمَّا رَوَاهُ بَعْضُ النَّاسِ، كَمَا رَوَوْا أَمْثَالَهُ فِي فَضْلِ غَيْرِ عَلِيٍّ، بَلْ قَدْ رُوِيَ [3] فِي فَضَائِلِ مُعَاوِيَةَ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ، وَصُنِّفَ فِي ذَلِكَ مُصَنَّفَاتٌ، وَأَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ لَا يُصَحِّحُونَ لَا هَذَا، وَلَا هَذَا.
الثَّانِي: أَنَّ حَدِيثَ الطَّائِرِ [4] مِنَ الْمَكْذُوبَاتِ الْمَوْضُوعَاتِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَالْمَعْرِفَةِ بِحَقَائِقِ النَّقْلِ [5] ، قَالَ: أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ: "قَدْ جَمَعَ غَيْرُ"
(1)
(1) ك: وَإِذَا كَانَ أَحَبَّ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى

(2)
(2) ك: أَنْ يَكُونَ الْإِمَامَ

(3)
(3) ن، م: رَوَوْا

(4)
(4) م: الطَّيْرِ

(5)
(5) جَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ مُخْتَصَرًا عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ فِي سُنَنِهِ 5/300 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، عَلَى. . .، بَابُ 86 حَدِيثِ رَقْمُ 3805) وَنَصُّهُ: "كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَيْرٌ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ ائْتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ يَأْكُلُ مَعِي هَذَا الطَّيْرَ، فَجَاءَ عَلِيٌّ فَأَكَلَ مَعَهُ" قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ السُّدِّيِّ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ أَنَسٍ "وَالْحَدِيثُ فِي" الْفَوَائِدِ الْمَجْمُوعَةِ "لِلشَّوْكَانِيِّ، ص 382 ـ 383 وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ:" قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ لَهُ طُرُقٌ كَثِيرَةٌ، كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ، وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ، وَأَمَّا الْحَاكِمُ فَأَخْرَجَهُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَصَحَّحَهُ، وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَمَنْ أَرَادَ اسْتِيفَاءَ الْبَحْثِ فَلْيَنْظُرْ تَرْجَمَةَ الْحَاكِمِ فِي "النُّبَلَاءِ" وَلَمْ أَجِدِ الْحَدِيثَ فِي الْمَوْضُوعَاتِ وَلَكِنِّي وَجَدْتُ حَدِيثًا آخَرَ يُقَارِبُهُ فِي الْمَعْنَى 1/376 ـ 377 وَنَصُّهُ: عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يَا أَنَسُ اسْكُبْ لِي وَضُوءًا" ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: "يَا أَنَسُ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ عَلَيْكَ مِنْ هَذَا الْبَابِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَسَيِّدُ الْمُرْسَلِينَ وَقَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ وَخَاتَمُ الْوَصِيِّينَ" قَالَ أَنَسُ: فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، إِذْ جَاءَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ. قَالَ: "مَنْ هَذَا يَا أَنَسُ؟ فَقُلْتُ: عَلِيٌّ، فَقَالَ مُسْتَبْشِرًا فَاعْتَنَقَهُ" . قَالَ: ابْنُ الْجَوْزِيِّ: "هَذَا حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: عَلِيُّ بْنُ عَابِسٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ أَنَسٍ. قَالَ زَائِدَةُ: كَانَ جَابِرٌ كَذَّابًا. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: مَا لَقِيتُ أَكْذَبَ مِنْهُ" . وَذَكَرَ الْحَدِيثَ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَقَالَ إِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ مِنَ السُّيُوطِيَّ فِي "اللَّآلِئِ الْمَصْنُوعَةِ" 1/359 وَزَادَ عَلَى ابْنِ الْجَوْزِيِّ: "قُلْتُ: قَالَ فِي الْمِيزَانِ: هَذَا الْحَدِيثُ مَوْضُوعٌ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَيْمُونٍ مِنْ جِلَادِ الشِّيعَةِ. زَادَ فِي اللِّسَانِ وَذَكَرَهُ الْأَزْدِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ وَقَالَ إِنَّهُ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَنَقَلْتُ مِنْ خَطِّ شَيْخِنَا الْحَافِظِ ابْنِ الْفَضْلِ: أَنَّهُ لَيْسَ بِثِقَةٍ. أهـ" وَذَكَرَ الْحَدِيثَ أَيْضًا بِرِوَايَةٍ مُقَارِبَةٍ لِرِوَايَةِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ ابْنُ عِرَاقٍ الْكِنَانِيُّ فِي "تَنْزِيهِ الشَّرِيعَةِ" 1/357 وَذَكَرَ الْهَيْثَمِيُّ فِي "مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ" 9/125 الْحَدِيثَ وَفِيهِ "يَأْكُلُ مَعِي مِنْ هَذَا الْفَرْخِ" ثُمَّ قَالَ: "وَفِي رِوَايَةٍ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَائِطٍ وَقَدْ أُتِيَ بِطَائِرٍ. وَفِي رِوَايَةٍ: أَهَدَتْ أُمُّ أَيْمَنَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَائِرًا بَيْنَ رَغِيفَيْنِ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ:" هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ "فَجَاءَتْهُ بِالطَّائِرِ" قَلْتُ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ طَرَفٌ مِنْهُ. رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الْأَوْسَطِ" وَ "الْكَبِيرِ" بِاخْتِصَارٍ، وَأَبُو يَعْلَى بِاخْتِصَارٍ كَثِيرٍ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ "فَرَدَّهُ، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ فَرَدَّهُ. ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ، فَأَذِنَ لَهُ" وَفِي إِسْنَادِ الْكَبِيرِ "حَمَّادُ بْنُ الْمُخْتَارِ، وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَرِجَالُ أَبِي يَعْلَى ثِقَاتٌ، وَفِي بَعْضِهِمْ ضَعْفٌ. ثُمَّ ذَكَرَ الْهَيْثَمِيُّ 9/126 رِوَايَةً أُخْرَى مُقَارِبَةً وَقَالَ فِي آخِرِهَا:" رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَفِيهِ إِسْمَاعِيلُ ابْنُ سَلْمَانَ وَهُوَ مَتْرُوكٌ ". وَذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ رِوَايَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ لِهَذَا الْحَدِيثِ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ 9/126 عَنْ سَفِينَةَ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَذَكَرَ أَنَّ فِيهِمَا ضَعْفًا."





وَاحِدٍ مِنَ الْحُفَّاظِ طُرُقَ أَحَادِيثِ الطَّيْرِ لِلِاعْتِبَارِ وَالْمَعْرِفَةِ، كَالْحَاكِمِ النَّيْسَابُورِيِّ، وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَابْنِ مَرْدَوَيْهِ، وَسُئِلَ الْحَاكِمُ عَنْ حَدِيثِ الطَّيْرِ فَقَالَ: لَا يَصِحُّ "[1] ."
(1)
ذَكَرْتُ فِي التَّعْلِيقِ السَّابِقِ كَلَامَ الشَّوْكَانِيِّ وَقَوْلَهُ إِنَّ الْحَاكِمَ صَحَّحَ الْحَدِيثَ. . . إِلَخْ وَالْحَدِيثُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ" لِلْحَاكِمِ 3/130 ـ 131 عَنْ أَنَسٍ وَفِيهِ: "فَقُدِّمَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرْخٌ مَشْوِيٌّ. . . إِلَخْ ثُمَّ قَالَ الْحَاكِمُ:" هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ أَنَسٍ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ زِيَادَةً عَلَى ثَلَاثِينَ نَفْسًا، ثُمَّ صَحَّتِ الرِّوَايَةُ عَنْ عَلِيٍّ وَأَبِي سَعِيدِ الْخُدْرِيِّ وَسَفِينَةَ، وَفِي حَدِيثِ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَبِي زِيَادَةَ أَلْفَاظٌ، كَمَا حَدَّثَنَا بِهِ الثِّقَةُ الْمَأْمُونُ أَبُو الْقَاسِمِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ عَلِيَّةَ بْنِ خَالِدٍ السَّكُونِيُّ بِالْكُوفَةِ مِنْ أَصْلِ كِتَابِهِ. . . إِلَخْ وَعَلَّقَ الذَّهَبِيُّ عَلَى كَلَامِ الْكَلَامِ بِقَوْلِهِ: "قُلْتُ: ابْنُ عِيَاضٍ لَا أَعْرِفُهُ، وَلَقَدْ كُنْتُ زَمَانًا طَوِيلًا أَظُنُّ أَنَّ حَدِيثَ الطَّيْرِ لَمْ يَجْسُرِ الْحَاكِمُ أَنْ يُودِعَهُ فِي" مُسْتَدْرَكِهِ "فَلَمَّا عَلِقْتُ هَذَا الْكِتَابَ رَأَيْتُ الْهَوْلَ مِنَ الْمَوْضُوعَاتِ الَّتِي فِيهِ، فَإِذَا حَدِيثُ الطَّيْرِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهَا سَمَاءٌ."





هَذَا مَعَ أَنَّ الْحَاكِمَ مَنْسُوبٌ إِلَى التَّشَيُّعِ، وَقَدْ طُلِبَ مِنْهُ أَنْ يَرْوِيَ حَدِيثًا فِي فَضْلِ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: مَا يَجِيءُ مِنْ قَلْبِي مَا يَجِيءُ مِنْ قَلْبِي، وَقَدْ ضَرَبُوهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَمْ يَفْعَلْ، وَهُوَ يَرْوِي فِي الْأَرْبَعِينَ أَحَادِيثَ ضَعِيفَةً، بَلْ مَوْضُوعَةً عِنْدَ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ، كَقَوْلِهِ بِقِتَالِ النَّاكِثِينَ، وَالْقَاسِطِينَ، وَالْمَارِقِينَ لَكِنَّ تَشَيُّعَهُ، وَتَشَيُّعَ أَمْثَالِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ كَالنَّسَائِيِّ، وَابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ، وَأَمْثَالِهِمَا لَا يَبْلُغُ إِلَى تَفْضِيلِهِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَلَا يُعْرَفُ فِي عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ مَنْ يُفَضِّلُهُ عَلَيْهِمَا [1] ، بَلْ غَايَةُ الْمُتَشَيِّعِ مِنْهُمْ أَنْ يُفَضِّلَهُ عَلَى عُثْمَانَ، أَوْ يَحْصُلَ مِنْهُ كَلَامٌ، أَوْ إِعْرَاضٌ عَنْ ذِكْرِ مَحَاسِنَ مِنْ قَائِلِهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ ; لِأَنَّ عُلَمَاءَ الْحَدِيثِ قَدْ عَصَمَهُمْ، وَقَيَّدَهُمْ مَا يَعْرِفُونَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الدَّالَّةِ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ [2] الشَّيْخَيْنِ، وَمَنْ تَرَفَّضَ مِمَّنْ لَهُ نَوْعُ اشْتِغَالٍ بِالْحَدِيثِ كَابْنِ عُقْدَةَ، وَأَمْثَالِهِ فَهَذَا غَايَتُهُ أَنْ يَجْمَعَ مَا يُرْوَى فِي فَضَائِلِهِ مِنَ الْمَكْذُوبَاتِ، وَالْمَوْضُوعَاتِ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَدْفَعَ مَا تَوَاتَرَ مِنْ فَضَائِلِ الشَّيْخَيْنِ
(1)
ن، م، س: غَيْرُهُمَا

(2)
ن، م: فَضِيلَةِ





فَإِنَّهَا بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ أَكْثَرُ مِمَّا صَحَّ فِي فَضَائِلِ عَلِيٍّ وَأَصَحُّ وَأَصْرَحُ فِي الدَّلَالَةِ.
وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَمْ يَقُلْ: إِنَّهُ صَحَّ لِعَلِيٍّ مِنَ الْفَضَائِلِ مَا لَمْ يَصِحَّ لِغَيْرِهِ، بَلْ أَحْمَدُ أَجَلٌّ مِنْ أَنْ يَقُولَ مِثْلَ هَذَا الْكَذِبِ، بَلْ نُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: رُوِيَ لَهُ مَا لَمْ يُرْوَ لِغَيْرِهِ، مَعَ أَنَّ فِي نَقْلِ هَذَا عَنْ أَحْمَدَ كَلَامًا لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ.
الثَّالِثُ: أَنَّ أَكْلَ الطَّيْرِ لَيْسَ فِيهِ أَمْرٌ عَظِيمٌ يُنَاسِبُ أَنْ يَجِيءَ أَحَبُّ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ لِيَأْكُلَ مِنْهُ، فَإِنَّ إِطْعَامَ الطَّعَامِ مَشْرُوعٌ لِلْبَرِّ وَالْفَاجِرِ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ زِيَادَةٌ وَقُرْبَةٌ عِنْدَ اللَّهِ لِهَذَا الْآكِلِ، وَلَا مَعُونَةٌ عَلَى مَصْلَحَةِ دِينٍ، وَلَا دُنْيَا فَأَيُّ أَمْرٍ عَظِيمٍ هُنَا يُنَاسِبُ جَعْلَ أَحَبِّ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ يَفْعَلُهُ؟ !
الرَّابِعُ: أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يُنَاقِضُ مَذْهَبَ [1] الرَّافِضَةِ، فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ عَلِيًّا أَحَبُّ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ، وَأَنَّهُ جَعَلَهُ خَلِيفَةً مِنْ بَعْدِهِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَا كَانَ يَعْرِفُ أَحَبَّ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ.
الْخَامِسُ: أَنْ يُقَالَ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْرِفُ أَنَّ عَلِيًّا أَحَبُّ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ، أَوْ مَا كَانَ يَعْرِفُ، فَإِنْ كَانَ يَعْرِفُ ذَلِكَ كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يُرْسِلَ يَطْلُبُهُ، كَمَا كَانَ يَطْلُبُ الْوَاحِدَ مِنَ الصَّحَابَةِ، أَوْ يَقُولَ اللَّهُمَّ ائْتِنِي بِعَلِيٍّ، فَإِنَّهُ أَحَبُّ الْخَلْقِ إِلَيْكَ، فَأَيُّ حَاجَةٍ إِلَى الدُّعَاءِ وَالْإِبْهَامِ فِي ذَلِكَ؟ ! وَلَوْ سَمَّى عَلِيًّا لَاسْتَرَاحَ أَنَسٌ مِنَ الرَّجَاءِ الْبَاطِلِ، وَلَمْ يُغْلِقِ الْبَابَ فِي وَجْهِ عَلِيٍّ.
(1)
م: مَذَاهِبَ





وَإِنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ بَطَلَ مَا يَدَّعُونَهُ مِنْ كَوْنِهِ كَانَ يَعْرِفُ ذَلِكَ، ثُمَّ إِنَّ فِي لَفْظِهِ: "«أَحَبُّ الْخَلْقِ إِلَيْكَ وَإِلَيَّ»" فَكَيْفَ لَا يَعْرِفُ أَحَبَّ الْخَلْقِ إِلَيْهِ؟ !
السَّادِسُ: أَنَّ الْأَحَادِيثَ الثَّابِتَةَ فِي الصِّحَاحِ الَّتِي أَجْمَعَ أَهْلُ الْحَدِيثِ عَلَى صِحَّتِهَا، وَتَلَقِّيهَا بِالْقَبُولِ تُنَاقِضُ هَذَا فَكَيْفَ تُعَارَضُ بِهَذَا الْحَدِيثِ الْمَكْذُوبِ الْمَوْضُوعِ الَّذِي لَمْ يُصَحِّحُوهُ؟ !
يُبَيِّنُ [1] هَذَا لِكُلِّ مُتَأَمِّلٍ مَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ [2] ، وَمُسْلِمٍ، وَغَيْرِهِمَا مِنْ فَضَائِلِ الْقَوْمِ، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ قَالَ: "«لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا»" ، وَهَذَا الْحَدِيثُ مُسْتَفِيضٌ، بَلْ مُتَوَاتِرٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ، فَإِنَّهُ قَدْ أُخْرِجَ فِي الصِّحَاحِ مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ [3] ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، فَإِنَّهُ الْخُلَّةُ هِيَ كَمَالُ الْحُبِّ، وَهَذَا لَا يَصْلُحُ إِلَّا لِلَّهِ [4] ، فَإِذَا كَانَتْ مُمْكِنَةً، وَلَمْ يَصْلُحْ لَهَا إِلَّا أَبُو بَكْرٍ عُلِمَ أَنَّهُ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْهِ.
وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ لَمَّا سُئِلَ: "«أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ:" عَائِشَةُ "قِيلَ: مِنَ الرِّجَالِ قَالَ:" أَبُوهَا» "[5] ."
وَقَوْلُ الصَّحَابَةِ: "أَنْتَ خَيْرُنَا وَسَيِّدُنَا وَأَحَبُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ"
(1)
م: فَيُبَيِّنُ

(2)
م: لِكُلِّ مُتَأَمِّلٍ فِي الصَّحِيحِ لِلْبُخَارِيِّ

(3)
سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 1/512 وَفِي مَوَاضِعَ أُخْرَى

(4)
م: إِلَى اللَّهِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ

(5)
سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/303





عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "[1] يَقُولُهُ عُمَرُ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَلَا يُنْكِرُ ذَلِكَ مُنْكِرٌ."
وَأَيْضًا فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَحَبَّتُهُ تَابِعَةٌ لِمَحَبَّةِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحَبُّهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ أَحَبُّهُمْ إِلَى رَسُولِهِ.
وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ ; لِأَنَّهُ أَتْقَاهُمْ (وَأَكْرَمُهُمْ) [2] وَأَكْرَمُ الْخَلْقِ عَلَى [3] اللَّهِ تَعَالَى أَتْقَاهُمْ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَإِنَّمَا كَانَ أَتْقَاهُمْ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى - الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى - وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى - إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى - وَلَسَوْفَ يَرْضَى} (سُورَةُ اللَّيْلِ: 18 - 21) .
وَأَئِمَّةُ التَّفْسِيرِ [4] يَقُولُونَ: إِنَّهُ أَبُو بَكْرٍ [5] .
وَنَحْنُ نُبَيِّنُ صِحَّةَ قَوْلِهِمْ بِالدَّلِيلِ فَنَقُولُ الْأَتْقَى قَدْ يَكُونُ نَوْعًا، وَقَدْ يَكُونُ شَخْصًا، وَإِذَا كَانَ نَوْعًا فَهُوَ يَجْمَعُ أَشْخَاصًا، فَإِنْ قِيلَ: إِنَّهُمْ لَيْسَ فِيهِمْ شَخْصٌ هُوَ أَتْقَى كَانَ هَذَا بَاطِلًا ; لِأَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ أَتْقَى مِنْ بَعْضٍ، مَعَ أَنَّ هَذَا خِلَافُ قَوْلِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: إِنَّ أَتْقَى الْخَلْقِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ هُوَ أَبُو بَكْرٍ، وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: هُوَ عَلِيٌّ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ: هُوَ عُمَرُ، وَيُحْكَى عَنْ بَعْضِ النَّاسِ غَيْرُ ذَلِكَ، وَمَنْ تَوَقَّفَ أَوْ شَكَّ لَمْ يَقُلْ:
(1)
سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 1/518

(2)
وَأَكْرَمُهُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م)

(3)
م: إِلَى

(4)
ن: وَأَئِمَّةُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ

(5)
قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَاتِ: وَقَدْ ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: حَتَّى إِنْ بَعْضَهُمْ حَكَى الْإِجْمَاعَ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى ذَلِكَ







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 48.84 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 48.22 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.29%)]