عرض مشاركة واحدة
  #479  
قديم 26-06-2025, 03:58 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,545
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثامن
الحلقة (479)
صـ 255 إلى صـ 264






كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ: " [لَوْ] [1] «لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا يَوْمٌ لَطَوَّلَ اللَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ، حَتَّى يَخْرُجَ فِيهِ رَجُلٌ مِنِّي، أَوْ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي، وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمَ أَبِي، يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا، كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا»" . وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ أُمِّ سَلَمَةَ [2] .
وَأَيْضًا فِيهِ: "«الْمَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَتِي مِنْ وَلَدِ فَاطِمَةَ»" [3] . وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَعِيدٍ، وَفِيهِ: "«يَمْلِكُ الْأَرْضَ سَبْعَ سِنِينَ»" [4] .
وَرَوَاهُ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ نَظَرَ إِلَى الْحَسَنِ وَقَالَ: "إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، كَمَا سَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَيَخْرُجُ مِنْ صُلْبِهِ رَجُلٌ يُسَمَّى بَاسْمِ نَبِيِّكُمْ، يُشْبِهُهُ فِي الْخُلُقِ وَلَا يُشْبِهُهُ فِي الْخَلْقِ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا" [5] .
(1)
لَوْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .

(2)
سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/95

(3)
الْحَدِيثُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/151 (كِتَابُ الْمَهْدِيِّ، الْبَابُ الْأَوَّلُ الْحَدِيثُ رَقْمُ 4284 وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مُخْتَصَرًا بِلَفْظِ: "الْمَهْدِيُّ مِنْ وَلَدِ فَاطِمَةَ" فِي سُنَنِهِ 2/1368 (كِتَابُ الْفِتَنِ، بَابُ خُرُوجِ الْمَهْدِيِّ) وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ فِي "سِلْسِلَةِ الْأَحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ" 1/108 وَقَالَ: إِنَّ الْحَكَمَ أَخْرَجَهُ 4/557. . إِلَخْ "."

(4)
الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/152 (كِتَابُ الْمَهْدِيِّ، الْبَابُ الْأَوَّلُ وَنَصُّهُ فِيهِ "الْمَهْدِيُّ مِنِّي أَجْلَى الْجَبْهَةِ، أَقْنَى الْأَنْفِ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا، كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا، وَيَمْلِكُ سَبْعَ سِنِينَ، وَحَسَّنَ الْأَلْبَانِيُّ الْحَدِيثَ فِي" صَحِيحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ "6/22 - 23 وَفِي مِشْكَاةِ الْمَصَابِيحِ" لِلتَّبْرِيزِيِّ 3/24 [0 - 9] 0) .

(5)
الْحَدِيثُ - مَعَ اخْتِلَافٍ يَسِيرٍ فِي الْأَلْفَاظِ - عَنْ شُعَيْبِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ فِي: سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/153 الْمَوْضِعِ السَّابِقِ وَقَالَ الْمُحَقِّقُ - رَحِمَهُ اللَّهُ: "هَذَا الْحَدِيثُ مُنْقَطِعٌ. أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ رَأَى عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رُؤْيَةً، وَلَمْ تَثْبُتْ لَهُ رِوَايَةٌ عَنْهُ" .






وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ غَلِطَ فِيهَا طَوَائِفُ: طَائِفَةٌ أَنْكَرُوهَا، وَاحْتَجُّوا [1] بِحَدِيثِ ابْنِ مَاجَهْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "لَا مَهْدِيَّ إِلَّا عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ" ، وَهَذَا الْحَدِيثُ ضَعِيفٌ، وَقَدِ اعْتَمَدَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الْوَلِيدِ الْبَغْدَادِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ مِمَّا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ يُونُسَ عَنِ الشَّافِعِيِّ، وَالشَّافِعِيُّ رَوَاهُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، يُقَالُ لَهُ: مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْجَنَدِيُّ، وَهُوَ مِمَّنْ لَا يُحْتَجُّ بِهِ [2] . وَلَيْسَ هَذَا فِي مُسْنَدِ الشَّافِعِيِّ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الشَّافِعِيَّ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنَ الْجَنَدِيِّ، وَأَنَّ يُونُسَ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنَ الشَّافِعِيِّ.
الثَّانِي: أَنَّ الِاثْنَيْ عَشْرِيَّةَ الَّذِينَ ادَّعَوْا أَنَّ هَذَا هُوَ مَهْدِيهِمْ، مَهْدِيهِمُ اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ. وَالْمَهْدِيُّ الْمَنْعُوتُ [3] الَّذِي وَصَفَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى
(1)
ن، م، س: وَاحْتَجَّتْ

(2)
الْحَدِيثُ فِي: سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 2/1340 - 1341 (كِتَابُ الْفِتَنِ، بَابُ شِدَّةِ الزَّمَانِ) وَنَصُّهُ فِيهِ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْجَنَدِيُّ عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ "لَا يَزْدَادُ الْأَمْرُ إِلَّا شِدَّةً، وَلَا الدُّنْيَا إِلَّا إِدْبَارًا، وَلَا النَّاسُ إِلَّا شُحًّا، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ عَلَى شِرَارِ النَّاسِ وَلَا الْمَهْدِيُّ إِلَّا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ" . وَتَكَلَّمَ الْمُحَقِّقُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى الْحَدِيثِ بِمَا يُفِيدُ تَصْحِيحَهُ، وَخَالَفَهُ الْأَلْبَانِيُّ فِي "سِلْسِلَةِ الْأَحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ" (رَقْمُ 77) 1/103 - 105 وَقَالَ: إِنَّهُ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَإِنَّ الْحَاكِمَ أَخْرَجَهُ 4/441 وَابْنَ عَبْدِ الْبَرِّ فِي "جَامِعِ بَيَانِ الْعِلْمِ" 1/155، وَذَكَرَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ خَالِدٍ الْجَنَدِيَّ مَجْهُولٌ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ (ابْنُ حَجَرٍ) فِي التَّقْرِيبِ "وَأَنَّ الذَّهَبِيَّ قَالَ فِي" الْمِيزَانِ "إِنَّهُ خَبَرٌ مُنْكَرٌ ثُمَّ قَالَ:" وَقَالَ الصَّغَانِيُّ: مَوْضُوعٌ كَمَا فِي "الْأَحَادِيثِ الْمَوْضُوعَةِ" لِلشَّوْكَانِيِّ (ص 195) وَنَقَلَ السُّيُوطِيُّ فِي "الْعُرْفِ الْوَرْدِيِّ فِي أَخْبَارِ الْمَهْدِيِّ" 2/274 مِنَ الْحَاوِي عَنِ الْقُرْطُبِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي "التَّذْكِرَةِ" : إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ. . وَقَدْ أَشَارَ الْحَافِظُ فِي "الْفَتْحِ" . . إِلَى رَدِّ هَذَا الْحَدِيثِ لِمُخَالَفَتِهِ لِأَحَادِيثِ الْمَهْدِيِّ "."

(3)
ن، م، س: الْمَبْعُوثُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.






اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ; وَلِهَذَا حَذَفَتْ طَائِفَةٌ ذِكْرَ الْأَبِ مِنْ لَفْظِ الرَّسُولِ [1] حَتَّى لَا يُنَاقِضَ مَا كَذَبَتْ. وَطَائِفَةٌ حَرَّفَتْهُ، فَقَالَتْ: جَدُّهُ الْحُسَيْنُ، وَكُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، فَمَعْنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَجَعَلَتِ الْكُنْيَةَ اسْمًا.
وَمِمَّنْ سَلَكَ هَذَا ابْنُ طَلْحَةَ فِي كِتَابِهِ الَّذِي سَمَّاهُ "غَايَةَ السُّولِ فِي مَنَاقِبِ الرَّسُولِ" [2] ، وَمِنْ أَدْنَى نَظَرٍ يُعْرَفُ أَنَّ هَذَا تَحْرِيفٌ صَرِيحٌ [3] وَكَذِبٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهَلْ يَفْهَمُ أَحَدٌ مِنْ قَوْلِهِ: "«يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي، وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمَ أَبِي»" إِلَّا أَنَّ اسْمَ أَبِيهِ عَبْدُ اللَّهِ؟ وَهَلْ يَدُلُّ هَذَا اللَّفْظُ عَلَى أَنَّ جَدَّهُ كُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ؟
ثُمَّ أَيُّ تَمْيِيزٍ يَحْصُلُ لَهُ بِهَذَا؟ فَكَمْ مِنْ وَلَدِ الْحُسَيْنِ مَنِ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ، وَكُلُّ هَؤُلَاءِ يُقَالُ فِي أَجْدَادِهِمْ: مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ كَمَا قِيلَ فِي هَذَا؟ وَكَيْفَ يَعْدِلُ مَنْ يُرِيدُ الْبَيَانَ إِلَى مَنِ اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، فَيَقُولُ: اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَيَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّ جَدَّهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ؟
وَهَذَا كَانَ تَعْرِيفُهُ [4] بِأَنَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، أَوِ ابْنُ أَبِي الْحَسَنِ ; لِأَنَّ
(1)
س: حَذَفَتْ طَائِفَةٌ ذِكْرَ الْأَبِ مِنْ لَفْظِ الْأَبِ، ب: حَذَفَتْ طَائِفَةٌ لَفْظَ الْأَبِ.

(2)
هُوَ أَبُو سَالِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، الْقُرَشِيُّ النَّصِيبِيُّ (مِنْ قُرَى نَصِيبِينَ) الْعَدَوِيُّ الشَّافِعِيُّ، وُلِدَ سَنَةَ 582 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 652، وَزِيرٌ مِنَ الْأُدَبَاءِ الْكُتَّابِ، وَلِيَ الْوِزَارَةَ بِدِمَشْقَ ثُمَّ تَرَكَهَا وَتَزَهَّدَ. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 5/259 - 260 ; طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ 8/63 ; الْأَعْلَامِ 7/45 (وَذَكَرَ الزِّرِكْلِيُّ الْكِتَابَ وَاسْمَهُ: مَطَالِبُ السُّولِ فِي مَنَاقِبِ آلِ الرَّسُولِ، وَقَالَ: إِنَّهُ مَخْطُوطٌ) .

(3)
س، ب: صَحِيحٌ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

(4)
م: يُعَرِّفُهُ





جَدَّهُ عَلَى كُنْيَتِهِ أَبُو الْحَسَنِ - أَحْسَنُ مِنْ هَذَا، وَأَبْيَنُ لِمَنْ يُرِيدُ الْهُدَى وَالْبَيَانَ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْمَهْدِيَّ الْمَنْعُوتَ [1] مِنْ وَلَدِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، لَا مِنْ وَلَدِ الْحُسَيْنِ، كَمَا تَقَدَّمَ لَفْظُ حَدِيثِ عَلِيٍّ.
الثَّالِثُ: أَنَّ طَوَائِفَ ادَّعَى [2] كُلٌّ مِنْهُمْ أَنَ الْمَهْدِيَّ الْمُبَشَّرَ بِهِ مِثْلُ مَهْدِيِّ الْقَرَامِطَةِ الْبَاطِنِيَّةِ، الَّذِي أَقَامَ دَعْوَتَهُمْ بِالْمَغْرِبِ، وَهُوَ مِنْ وَلَدِ مَيْمُونٍ الْقَدَّاحِ، وَادَّعَوْا أَنَّ مَيْمُونًا هَذَا هُوَ [3] مِنْ وَلَدِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، وَإِلَى ذَلِكَ انْتَسَبَ الْإِسْمَاعِيلِيَّةُ، وَهُمْ مَلَاحِدَةٌ فِي الْبَاطِنِ، خَارِجُونَ عَنْ جَمِيعِ الْمِلَلِ، أَكْفَرُ مِنَ الْغَالِيَةِ كَالنُّصَيْرِيَّةِ، وَمَذْهَبُهُمْ مُرَكَّبٌ مِنْ مَذْهَبِ الْمَجُوسِ وَالصَّابِئَةِ وَالْفَلَاسِفَةِ، مَعَ إِظْهَارِ التَّشَيُّعِ، وَجَدُّهُمْ رَجُلٌ يَهُودِيٌّ كَانَ رَبِيبًا لِرَجُلٍ مَجُوسِيٍّ، وَقَدْ كَانَتْ لَهُمْ دَوْلَةٌ وَأَتْبَاعٌ.
وَقَدْ صَنَّفَ الْعُلَمَاءُ كُتُبًا فِي كَشْفِ أَسْرَارِهِمْ وَهَتْكِ أَسْتَارِهِمْ، مِثْلَ كِتَابِ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيِّ، وَالْقَاضِي عَبْدِ الْجَبَّارِ الْهَمْدَانِيِّ، وَكِتَابِ الْغَزَالِيِّ، وَنَحْوِهِمْ.
وَمِمَّنَ ادَّعَى أَنَّهُ الْمَهْدِيُّ ابْنُ التُّومَرْتِ، الَّذِي خَرَجَ أَيْضًا بِالْمَغْرِبِ، وَسَمَّى أَصْحَابَهُ الْمُوَحِّدِينَ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ فِي خُطَبِهِمْ: "الْإِمَامُ الْمَعْصُومُ" ، وَ "الْمَهْدِيُّ الْمَعْلُومُ" الَّذِي يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا، كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا
(1)
ن، م، س: الْمَبْعُوثَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

(2)
م: ادَّعَتْ.

(3)
هُوَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .





وَظُلْمًا. وَهَذَا ادَّعَى أَنَّهُ مِنْ وَلَدِ الْحَسَنِ دُونَ الْحُسَيْنِ ; فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ رَافِضِيًّا، وَكَانَ لَهُ مِنَ الْخِبْرَةِ بِالْحَدِيثِ مَا ادَّعَى بِهِ دَعْوَى تُطَابِقُ الْحَدِيثَ.
وَقَدْ عُلِمَ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّهُ لَيْسَ هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَمِثْلُ عِدَّةٍ آخَرِينَ ادَّعُوْا ذَلِكَ: مِنْهُمْ مَنْ قُتِلَ [1] ، وَمِنْهُمْ مَنِ ادَّعَى ذَلِكَ فِيهِ أَصْحَابُهُ، وَهَؤُلَاءِ كَثِيرُونَ لَا يُحْصِي عَدَدَهُمْ إِلَّا اللَّهُ، وَرُبَّمَا حَصَلَ بِأَحَدِهِمْ نَفْعٌ لِقَوْمٍ، وَإِنْ حَصَلَ بِهِ ضَرَرٌ لِآخَرِينَ، كَمَا حَصَلَ بِمَهْدِيِّ الْمَغْرِبِ: انْتَفَعَ بِهِ طَوَائِفُ، وَتَضَرَّرَ بِهِ طَوَائِفُ [2] ، وَكَانَ فِيهِ مَا يُحْمَدُ وَإِنْ كَانَ [3] فِيهِ مَا يُذَمُّ.
وَبِكُلِّ حَالٍ فَهُوَ وَأَمْثَالُهُ خَيْرٌ مِنْ مَهْدِيِّ الرَّافِضَةِ، الَّذِي لَيْسَ لَهُ عَيْنٌ وَلَا أَثَرٌ، وَلَا يُعْرَفُ لَهُ حِسٌّ وَلَا خَبَرٌ، لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ أَحَدٌ لَا فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الدِّينِ، بَلْ حَصَلَ بِاعْتِقَادِ وُجُودِهِ مِنَ الشَّرِّ وَالْفَسَادِ، مَالَا يُحْصِيهِ إِلَّا رَبُّ الْعِبَادِ.
وَأَعْرِفُ فِي زَمَانِنَا غَيْرَ وَاحِدٍ مِنَ الْمَشَايِخِ، الَّذِينَ فِيهِمْ زُهْدٌ وَعِبَادَةٌ، يَظُنُّ كُلٌّ مِنْهُمْ أَنَّهُ الْمَهْدِيُّ، وَرُبَّمَا يُخَاطَبُ أَحَدُهُمْ بِذَلِكَ مَرَّاتٍ مُتَعَدِّدَةً، وَيَكُونُ الْمُخَاطِبُ لَهُ بِذَلِكَ الشَّيْطَانَ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ خِطَابٌ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ.
وَيَكُونُ أَحَدُهُمُ اسْمُهُ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، فَيُقَالُ لَهُ: مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ سَوَاءٌ،
(1)
ن، س، ب: مِنْهُمْ مَنْ قُبِلَ. وَالْكَلِمَةُ غَيْرُ مَنْقُوطَةٍ فِي (م) وَرَجَّحْتُ أَنْ يَكُونَ الصَّوَابُ مَا أَثْبَتُّهُ.

(2)
س: وَانْتَصَرَ بِهِ طَوَائِفُ، ب: وَانْضَرَّ بِهِ طَوَائِفُ. وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ن) وَسَقَطَتِ الْعِبَارَةُ مِنْ (م) .

(3)
ب: وَكَانَ.





وَإِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ هُوَ جَدُّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُوكَ إِبْرَاهِيمُ ; فَقَدْ وَاطَأَ اسْمُكَ اسْمَهُ، وَاسْمُ أَبِيكَ اسْمَ أَبِيهِ.
وَمَعَ هَذَا فَهَؤُلَاءِ - مَعَ مَا وَقَعَ لَهُمْ مِنَ الْجَهْلِ وَالْغَلَطِ - كَانُوا خَيْرًا مِنْ مُنْتَظَرِ الرَّافِضَةِ، وَيَحْصُلُ بِهِمْ [1] مِنَ النَّفْعِ مَا لَا يَحْصُلُ بِمُنْتَظَرِ الرَّافِضَةِ، وَلَمْ يَحْصُلْ بِهِمْ مِنَ الضَّرَرِ مَا حَصَلَ بِمُنْتَظَرِ الرَّافِضَةِ، بَلْ مَا حَصَلَ بِمُنْتَظَرِ الرَّافِضَةِ مِنَ الضَّرَرِ أَكْثَرُ مِنْهُ [2] .
[فصل الثاني قوله يجب في كل زمان إمام معصوم ولا معصوم غير هؤلاء والرد عليه]
فَصْلٌ
قَالَ الرَّافِضِيُّ [3] : "الثَّانِي: أَنَّا [4] قَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ يَجِبُ فِي كُلِّ زَمَانٍ إِمَامٌ مَعْصُومٌ، وَلَا مَعْصُومَ غَيْرُ هَؤُلَاءِ إِجْمَاعًا" [5] .
وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: مَنْعُ [6] الْمُقَدِّمَةِ الْأُولَى كَمَا تَقَدَّمَ.
وَالثَّانِي: مَنْعُ طَوَائِفَ لَهُمُ الْمُقَدِّمَةَ الثَّانِيَةَ [7] .
(1)
ن، م، س: بِهِ، وَهُوَ خَطَأٌ.

(2)
ن: وَلَمْ يَحْصُلْ بِهِمْ مِنَ الضَّرَرِ إِلَّا مَا حَصَلَ بِمُنْتَظَرِ الرَّافِضَةِ أَكْثَرُ مِنْهُ، م: لَمْ يَحْصُلْ لَهُمْ مِنَ الضَّرَرِ إِلَّا مَا حَصَلَ بِمُنْتَظَرِ الرَّافِضَةِ أَكْثَرُ مِنْهُ، س: وَلَمْ يَحْصُلْ بِهِمْ مِنَ الضَّرَرِ إِلَّا مَا حَصَلَ بِمُنْتَظَرِ الرَّافِضَةِ، بَلْ مَا حَصَلَ بِمُنْتَظَرِ الرَّافِضَةِ مِنَ الضَّرَرِ أَكْثَرُ مِنْهُ. وَالصَّوَابُ مَا أَثْبَتُّهُ مِنْ (ب) .

(3)
فِي (ك) ص 193 (م)

(4)
ك: أَنَّهُ

(5)
ك: هَؤُلَاءِ - عَلَيْهِمُ السَّلَامُ - إِجْمَاعًا.

(6)
ن، س: نَمْنَعُ، ب: نَمْنَعُ.

(7)
الْمَعْنَى هُنَا أَنَّ طَوَائِفَ مِنَ الشِّيعَةِ تُنْكِرُ قَوْلَ الِاثْنَيْ عَشْرِيَّةَ وَتَقُولُ: إِنَّ هُنَاكَ أَئِمَّةً مَعْصُومِينَ غَيْرُ الْأَئِمَّةِ الِاثْنَيْ عَشَرَ.





الثَّالِثُ [1] : أَنَّ هَذَا الْمَعْصُومَ الَّذِي يَدَّعُونَهُ فِي وَقْتٍ مَا لَهُ مُذْ وُلِدَ عِنْدَهُمْ أَكْثَرُ مِنْ [2] أَرْبَعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً ; فَإِنَّهُ دَخَلَ السِّرْدَابَ عِنْدَهُمْ سَنَةَ سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ، وَلَهُ خَمْسُ سِنِينَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ، وَأَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ آخَرِينَ [3] ، وَلَمْ يَظْهَرْ عَنْهُ شَيْءٌ مِمَّا يَفْعَلُهُ أَقَلُّ النَّاسِ تَأْثِيرًا [4] ، مِمَّا يَفْعَلُهُ آحَادُ الْوُلَاةِ وَالْقُضَاةِ وَالْعُلَمَاءِ، فَضْلًا عَمَّا يَفْعَلُهُ الْإِمَامُ الْمَعْصُومُ. فَأَيُّ مَنْفَعَةٍ لِلْوُجُودِ [5] فِي مِثْلِ هَذَا لَوْ كَانَ مَوْجُودًا؟ فَكَيْفَ إِذَا كَانَ مَعْدُومًا؟ !
وَالَّذِينَ آمَنُوا بِهَذَا الْمَعْصُومِ، أَيُّ لُطْفٍ وَأَيُّ مَنْفَعَةٍ [6] حَصَلَتْ لَهُمْ بِهِ نَفْسِهِ فِي دِينِهِمْ أَوْ دُنْيَاهُمْ؟ !
وَهَلْ هَذَا إِلَّا أَفْسَدُ مِمَّا يَدَّعِيهِ كَثِيرٌ مِنَ الْعَامَّةِ فِي الْقُطْبِ وَالْغَوْثِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ أَسْمَاءٍ يُعَظِّمُونَ مُسَمَّاهَا، وَيَدَّعُونَ فِي مُسَمَّاهَا [7] مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ رُتْبَةِ [8] النُّبُوَّةِ، مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ يُمْكِنُ أَنْ يُنْتَفَعَ بِهِ الِانْتِفَاعُ الْمَذْكُورُ فِي مُسَمَّى هَذِهِ الْأَسْمَاءِ.
(1)
فِي جَمِيعِ النُّسَخِ: الثَّانِي الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ، الثَّالِثُ. . إِلَخْ وَسَبَقَ الْوَجْهُ الثَّانِي، وَمَا ذُكِرَ فِي النُّسَخِ لَا مَعْنَى لَهُ وَلَعَلَّ فِي الْكَلَامِ نَقْصًا أَوْ تَحْرِيفًا، وَرَأَيْتُ أَنَّ حَذْفَهُ أَوْلَى.

(2)
ن، س: لَهُ قَدْ وُلِدَ عِنْدَهُمْ أَكْثَرُ مِنْ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ، ب: قَدْ وُلِدَ عِنْدَهُمْ لِأَكْثَرَ مِنْ. وَالْمُثْبَتُ مِنْ (م) وَهُوَ الصَّوَابُ.

(3)
ن، م، س وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ آخَرِينَ. وَالصَّوَابُ مَا أَثْبَتُّهُ مِنْ (ب) .

(4)
ن: تَأْبِيرًا، س، ب: تَأْمِيرًا.

(5)
لِلْوُجُودِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) .

(6)
م: مَصْلَحَةٍ.

(7)
عِبَارَةُ: "وَيَدَّعُونَ فِي مُسَمَّاهَا" : سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .

(8)
ن: رِيبَةِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.





وَكَمَا يَدَّعِي كَثِيرٌ مِنْهُمْ حَيَاةَ الْخَضِرِ، مَعَ أَنَّهُمْ لَمْ يَسْتَفِيدُوا بِهَذِهِ الدَّعْوَى مَنْفَعَةً: لَا فِي دِينِهِمْ، وَلَا فِي دُنْيَاهُمْ.
وَإِنَّمَا غَايَةُ مَنْ يَدَّعِي ذَلِكَ أَنْ يَدَّعِيَ جَرَيَانَ بَعْضِ مَا يُقَدِّرُهُ [1] اللَّهُ عَلَى يَدَيْ [2] مِثْلِ هَؤُلَاءِ. وَهَذَا مَعَ أَنَّهُ [3] لَا حَاجَةَ لَهُمْ بِهِ، فَلَا حَاجَةَ بِهِمْ [4] إِلَى مَعْرِفَتِهِ، وَلَمْ يَنْتَفِعُوا بِذَلِكَ لَوْ كَانَ حَقًّا، فَكَيْفَ إِذَا كَانَ مَا يَدَّعُونَهُ بَاطِلًا؟ !
وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَتَمَثَّلُ لَهُ الْجِنِّيُّ فِي صُورَةٍ، وَيَقُولُ: أَنَا الْخَضِرُ، وَيَكُونُ كَاذِبًا. وَكَذَلِكَ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ رِجَالَ الْغَيْبِ وَرُؤْيَتَهُمْ إِنَّمَا رَأَوُا الْجِنَّ، وَهُمْ رِجَالٌ غَائِبُونَ، وَقَدْ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ إِنْسٌ. وَهَذَا قَدْ بَيَّنَّاهُ فِي مَوَاضِعَ تَطُولُ حِكَايَتُهَا مِمَّا تَوَاتَرَ عِنْدَنَا.
وَهَذَا الَّذِي تَدَّعِيهِ الرَّافِضَةُ إِمَّا مَفْقُودٌ عِنْدَهُمْ، وَإِمَّا مَعْدُومٌ عِنْدَ الْعُقَلَاءِ. وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَلَا مَنْفَعَةَ لِأَحَدٍ بِهِ، لَا فِي دِينٍ وَلَا [فِي] دُنْيَا [5] . فَمَنْ عَلَّقَ بِهِ دِينَهُ بِالْمَجْهُولَاتِ الَّتِي لَا يُعْلَمُ ثُبُوتُهَا [6] كَانَ ضَالًّا فِي دِينِهِ ; لِأَنَّ مَا عَلَّقَ بِهِ دِينَهُ لَمْ يُعْلَمْ صِحَّتُهُ، وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ بِهِ مَنْفَعَةٌ، فَهَلْ يَفْعَلُ مِثْلَ هَذَا إِلَّا جَاهِلٌ؟ !
لَكِنَّ الَّذِينَ يَعْتَقِدُونَ حَيَاةَ الْخَضِرِ لَا يَقُولُونَ: إِنَّهُ يَجِبُ عَلَى النَّاسِ طَاعَتُهُ، مَعَ أَنَّ الْخَضِرَ كَانَ حَيًّا مَوْجُودًا.
(1)
ن، س، ب: مَا يُقَدِّرُ.

(2)
م: عَلَى يَدِ.

(3)
س، ب: أَنَّهُمْ.

(4)
(4 - 4) سَاقِطٌ مِنْ (س) (ب) .

(5)
ن: وَلَا دُنْيَا.

(6)
س، ب: مَوْتُهَا وَهُوَ تَحْرِيفٌ، ن، م: الْكَلِمَةُ غَيْرُ مَنْقُوطَةٍ وَأَحْسَبُ أَنَّ الصَّوَابَ مَا أَثْبَتُّهُ.





[فصل الفضائل التي اشتمل كل واحد من الأئمة عليها الموجبة لكونه إماما والرد عليه]
فَصْلٌ
قَالَ الرَّافِضِيُّ [1] : "الثَّالِثُ: الْفَضَائِلُ الَّتِي اشْتَمَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَيْهَا الْمُوجِبَةُ لِكَوْنِهِ إِمَامًا" .
وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ تِلْكَ الْفَضَائِلَ غَايَتُهَا أَنْ يَكُونَ صَاحِبُهَا أَهْلًا أَنْ تُعْقَدَ [2] لَهُ الْإِمَامَةُ، لَكِنَّهُ لَا يَصِيرُ إِمَامًا بِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ أَهْلًا، كَمَا أَنَّهُ لَا يَصِيرُ الرَّجُلُ قَاضِيًا بِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ أَهْلًا لِذَلِكَ.
الثَّانِي: أَنَّ أَهْلِيَّةَ الْإِمَامَةِ ثَابِتَةٌ لِآخَرِينَ مِنْ قُرَيْشٍ كَثُبُوتِهَا لِهَؤُلَاءِ، وَهُمْ أَهْلٌ أَنْ يَتَوَلَّوُا الْإِمَامَةَ، فَلَا مُوجِبَ لِلتَّخْصِيصِ، وَلَمْ يَصِيرُوا بِذَلِكَ أَئِمَّةً.
الثَّالِثُ: أَنَّ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْهُمْ مَعْدُومٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُقَلَاءِ ; فَامْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ إِمَامًا.
الرَّابِعُ: أَنَّ الْعَسْكَرِيَّيْنِ وَنَحْوَهُمَا مِنْ طَبَقَةِ أَمْثَالِهِمَا لَمْ يُعْلَمْ لَهَا تَبْرِيزٌ فِي عِلْمٍ أَوْ دِينٍ، كَمَا عُرِفَ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَأَبِي جَعْفَرٍ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ.
(1)
فِي (ك) ص 193 (م) .

(2)
م: أَنْ تُعْتَقَدَ





[باب الفصل الخامس من كلام الرافضي أن من تقدم عليا لم يكن إماما والرد عليه]
بَابٌ
قَالَ الرَّافِضِيُّ [1] : "الْفَصْلُ الْخَامِسُ: أَنَّ [2] مَنْ تَقَدَّمَهُ لَمْ يَكُنْ إِمَامًا. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ وُجُوهٌ [3]" .
قُلْتُ: وَالْجَوَابُ: أَنَّهُ إِنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمْ يَتَوَلَّوْا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يُبَايِعْهُمُ الْمُسْلِمُونَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ سُلْطَانٌ يُقِيمُونَ بِهِ الْحُدُودَ [4] ، وَيُوَفُّونَ بِهِ الْحُقُوقَ، وَيُجَاهِدُونَ بِهِ الْعَدُوَّ، وَيُصَلُّونَ بِالْمُسْلِمِينَ الْجُمَعَ وَالْأَعْيَادَ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ دَاخِلٌ فِي مَعْنَى الْإِمَامَةِ - فَهَذَا بُهْتٌ وَمُكَابَرَةٌ. فَإِنَّ هَذَا أَمْرٌ مَعْلُومٌ بِالتَّوَاتُرِ، وَالرَّافِضَةُ وَغَيْرُهُمْ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ يَتَوَلَّوُا الْإِمَامَةَ لَمْ تَقْدَحْ فِيهِمُ الرَّافِضَةُ.
لَكِنْ هُمْ يُطْلِقُونَ ثُبُوتَ الْإِمَامَةِ وَانْتِفَاءَهَا وَلَا يُفَصِّلُونَ [5] : هَلِ الْمُرَادُ ثُبُوتُ نَفْسِ الْإِمَامَةِ وَمُبَاشَرَتُهَا؟ أَوْ نَفْسُ اسْتِحْقَاقِ وِلَايَةِ الْإِمَامَةِ؟
وَيُطْلِقُونَ لَفْظَ "الْإِمَامِ" عَلَى الثَّانِي، وَيُوهِمُونَ أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ النَّوْعَيْنِ.
(1)
فِي (ك) ص 194 (م) . وَفِي هَامِشِ (ك) أَمَامَ هَذَا الْمَوْضِعِ كُتِبَ مَا يَلِي: "فِي بُطْلَانِ إِمَامَةِ الثَّلَاثَةِ" .

(2)
ك: فِي أَنَّ.

(3)
ك: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ وُجُوهٍ.

(4)
م: الْحَدَّ.

(5)
ن: وَلَا يُفَضِّلُونَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 45.84 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 45.22 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.37%)]