
26-06-2025, 05:11 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,423
الدولة :
|
|
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثامن
الحلقة (485)
صـ 305 إلى صـ 324
عُمَرَ، وَلَمْ يَكُنْ تَخَلُّفُ سَعْدٍ عَنْهَا قَادِحًا فِيهَا، لِأَنَّ سَعْدًا لَمْ يَقْدَحْ فِي الصِّدِّيقِ وَلَا فِي أَنَّهُ أَفْضَلُ الْمُهَاجِرِينَ، بَلْ كَانَ هَذَا مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ، لَكِنْ طَلَبَ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْأَنْصَارِ أَمِيرٌ.
وَقَدْ ثَبَتَ بِالنُّصُوصِ الْمُتَوَاتِرَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "«الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ»" [1] فَكَانَ مَا ظَنَّهُ سَعْدٌ خَطَأً مُخَالِفًا لِلنَّصِّ الْمَعْلُومِ، فَعُلِمَ أَنَّ تَخَلُّفَهُ خَطَأٌ بِالنَّصِّ، (2 وَإِذَا عُلِمَ الْخَطَأُ بِالنَّصِّ 2) [2] لَمْ يُحْتَجْ فِيهِ إِلَى الْإِجْمَاعِ.
وَأَمَّا بَيْعَةُ عُثْمَانَ فَلَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْهَا أَحَدٌ مَعَ كَثْرَةِ الْمُسْلِمِينَ وَانْتِشَارِهِمْ مِنْ إِفْرِيقِيَّةَ إِلَى خُرَاسَانَ، وَمِنْ سَوَاحِلِ الشَّامِ إِلَى أَقْصَى الْيَمَنِ، وَمَعَ كَوْنِهِمْ كَانُوا ظَاهِرِينَ عَلَى عَدُوِّهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ يُقَاتِلُونَهُمْ، وَهِيَ فِي زِيَادَةِ فَتْحٍ وَانْتِصَارٍ، وَدَوَامِ دَوْلَةٍ، وَدَوَامِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مُبَايَعَتِهِ وَالرِّضَا عَنْهُ سِتَّ سِنِينَ نِصْفَ خِلَافَتِهِ، مُعَظِّمِينَ لَهُ مَادِحِينَ لَهُ، لَا يَظْهَرُ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمُ التَّكَلُّمُ فِيهِ بِسُوءٍ.
ثُمَّ بَعْدَ هَذَا صَارَ يَتَكَلَّمُ فِيهِ بَعْضُهُمْ، وَجُمْهُورُهُمْ لَا يَتَكَلَّمُ فِيهِ إِلَّا بِخَيْرٍ وَكَانَتْ قَدْ طَالَتْ عَلَيْهِمْ إِمَارَتُهُ، فَإِنَّهُ بَقِيَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً لَمْ تَدُمْ خِلَافَةُ أَحَدٍ مِنَ الْأَرْبَعَةِ مَا دَامَتْ خِلَافَتُهُ، فَإِنَّ خِلَافَةَ الصِّدِّيقِ كَانَتْ سَنَتَيْنِ وَبَعْضَ الثَّالِثَةِ، وَخِلَافَةَ عُمَرَ عَشْرَ سِنِينَ وَبَعْضَ الْأُخْرَى، وَخِلَافَةَ عَلِيٍّ أَرْبَعَ سِنِينَ وَبَعْضَ الْخَامِسَةِ، وَنَشَأَ فِي خِلَافَتِهِ مَنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ
(1) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى
(2) (2 - 2) : سَاقِطٌ مِنْ (س) (ب)
كُرْهًا فَكَانَ مُنَافِقًا مِثْلَ ابْنِ سَبَأٍ وَأَمْثَالِهِ، وَهُمُ الَّذِينَ سَعَوْا فِي الْفِتْنَةِ بِقَتْلِهِ.
وَفِي الْمُؤْمِنِينَ مَنْ يَسْمَعُ الْمُنَافِقِينَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 47] أَيْ: وَفِيكُمْ مَنْ يَسْمَعُ [1] مِنْهُمْ فَيَسْتَجِيبُ لَهُمْ، وَيَقْبَلُ مِنْهُمْ لِأَنَّهُمْ يُلَبِّسُونَ عَلَيْهِ.
وَهَكَذَا فَعَلَ أُولَئِكَ الْمُنَافِقُونَ: لَبَّسُوا عَلَى بَعْضِ مَنْ كَانَ عِنْدَهُمْ يُحِبُّ عُثْمَانَ وَيَبْغَضُ مَنْ كَانَ يَبْغَضُهُ حَتَّى تَقَاعَدَ بَعْضُ النَّاسِ عَنْ نَصْرِهِ.
وَكَانَ الَّذِينَ اجْتَمَعُوا عَلَى قَتْلِهِ عَامَّتُهُمْ مِنْ أَوْبَاشِ الْقَبَائِلِ مِمَّنْ لَا يُعْرَفُ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ ذِكْرٌ بِخَيْرٍ وَلَوْلَا الْفِتْنَةُ لَمَا ذُكِرُوا.
وَأَمَّا عَلِيٌّ فَمِنْ حِينِ تَوَلَّى تَخَلَّفَ عَنْ بَيْعَتِهِ قَرِيبٌ مِنْ نِصْفِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَغَيْرِهِمْ، مِمَّنْ قَعَدَ عَنْهُ فَلَمْ يُقَاتِلْ مَعَهُ، وَلَا قَاتَلَهُ مِثْلُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَابْنِ عُمَرَ وَمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَاتَلَهُ [2] .
ثُمَّ كَثِيرٌ مِنَ الَّذِينَ بَايَعُوهُ رَجَعُوا عَنْهُ مِنْهُمْ مَنْ كَفَّرَهُ وَاسْتَحَلَّ دَمَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ كَعَقِيلٍ أَخِيهِ وَأَمْثَالِهِ.
(1) ن: يَسْتَمِعُ
(2) عِنْدَ عِبَارَةِ "وَمِنْهُمْ مَنْ قَاتَلَهُ" تَعُودُ نُسْخَةُ (م)
وَلَمْ تَزَلْ شِيعَةُ عُثْمَانَ الْقَادِحِينَ فِي عَلِيٍّ تَحْتَجُّ بِهَذَا عَلَى أَنَّ عَلِيًّا لَمْ يَكُنْ خَلِيفَةً رَاشِدًا وَمَا كَانَتْ [1] حُجَّتُهُمْ أَعْظَمَ مِنْ حُجَّةِ الرَّافِضَةِ، فَإِذَا [2] كَانَتْ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةً وَعَلِيٌّ قُتِلَ مَظْلُومًا فَعُثْمَانُ أَوْلَى بِذَلِكَ.
[باب الفصل السادس في فسخ حججهم على إمامة أبي بكر]
[الأول الإجماع والجواب منع الإجماع والرد عليه]
بَابٌ.
قَالَ الرَّافِضِيُّ [3] : الْفَصْلُ السَّادِسُ: فِي فَسْخِ [4] حُجَجِهِمْ [5] عَلَى إِمَامَةِ أَبِي بَكْرٍ احْتَجُّوا بِوُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: الْإِجْمَاعُ، وَالْجَوَابُ: مَنْعُ الْإِجْمَاعِ، فَإِنَّ جَمَاعَةً مِنْ بَنِي هَاشِمٍ لَمْ يُوَافِقُوا عَلَى ذَلِكَ وَجَمَاعَةً مِنْ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ كَسَلْمَانَ وَأَبِي ذَرٍّ وَالْمِقْدَادِ وَعَمَّارٍ وَحُذَيْفَةَ وَسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَخَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ [6] [وَابْنِ عَبَّاسٍ] [7] .
(1) ن، م، س: مَا كَانَتْ
(2) س، ب: وَإِذَا
(3) فِي (ك) ص 197 (م)
(4) فَسْخِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) وَفِي (ك) : نَسْخِ
(5) س، ب حُجَّتِهِمْ
(6) م: ك: وَخَالِدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَهُوَ خَطَأٌ. وَخَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، صَحَابِيٌّ مِنَ السَّابِقِينَ إِلَى الْإِسْلَامِ، اخْتُلِفَ فِي يَوْمِ اسْتِشْهَادِهِ فَقِيلَ فِي: يَوْمِ مَرْجِ الصُّفَّرِ، وَقِيلَ: يَوْمَ أَجْنَادَيْنِ. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: الْإِصَابَةِ 1/406، طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ 4/94 - 100
(7) وَابْنِ عَبَّاسٍ فِي (ك) فَقَطْ
حَتَّى أَنَّ أَبَاهُ أَنْكَرَ ذَلِكَ [1] ، وَقَالَ: مَنِ اسْتُخْلِفَ عَلَى النَّاسِ [2] ؟ فَقَالُوا: ابْنُكَ، فَقَالَ: وَمَا فَعَلَ الْمُسْتَضْعَفَانِ؟ إِشَارَةٌ إِلَى عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ [3] ، قَالُوا: اشْتَغَلُوا بِتَجْهِيزِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَأَوْا [أَنَّ] [4] ابْنَكَ أَكْبَرُ [الصَّحَابَةِ سِنًّا، فَقَالَ: أَنَا] أَكْبَرُ [5] مِنْهُ.
وَبَنُو حَنِيفَةَ كَافَّةً لَمْ يَحْمِلُوا [6] الزَّكَاةَ إِلَيْهِ، حَتَّى سَمَّاهُمْ أَهْلَ الرِّدَّةِ وَقَتَلَهُمْ وَسَبَاهُمْ، فَأَنْكَرَ [7] عُمَرُ عَلَيْهِ، وَرَدَّ السَّبَايَا أَيَّامَ خِلَافَتِهِ.
وَالْجَوَابُ: بَعْدَ أَنْ يُقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَظْهَرَ مِنْ أَمْرِ هَؤُلَاءِ إِخْوَانِ الْمُرْتَدِّينَ مَا تَحَقَّقَ بِهِ عِنْدَ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ أَنَّهُمْ إِخْوَانُ الْمُرْتَدِّينَ حَقًّا، وَكَشَفَ أَسْرَارَهُمْ وَهَتَكَ أَسْتَارَهُمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَزَالُ يَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ تُبَيِّنُ عَدَاوَتَهُمْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَلِخِيَارِ عِبَادِ اللَّهِ وَأَوْلِيَائِهِ الْمُتَّقِينَ، {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} .
(1) أَيْ أَنَّ أَبَا قُحَافَةَ وَالِدَ أَبِي بَكْرٍ أَنْكَرَ أَنْ يَسْتَخْلِفَ النَّاسُ ابْنَهُ
(2) ك: مَنِ اسْتَخْلَفَ النَّاسُ
(3) ك: إِشَارَةٌ إِلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَعَبَّاسٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ
(4) أَنَّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س) ، (ب)
(5) ن، م، س: وَابْنُكَ أَكْبَرُ مِنْهُ، ب: ابْنُكَ أَكْبَرُ سِنًّا. وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ك) وَهُوَ الصَّوَابُ
(6) ن، م، س، ب: وَلَمْ يَحْمِلُوا، وَهُوَ خَطَأٌ. وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ك)
(7) ك: وَأَنْكَرَ
فَنَقُولُ: مَنْ كَانَ لَهُ أَدْنَى عِلْمٍ بِالسِّيرَةِ، وَسَمِعَ مِثْلَ هَذَا الْكَلَامِ، جَزَمَ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا بِأَنَّ قَائِلَهُ مِنْ أَجْهَلِ النَّاسِ بِأَخْبَارِ الصَّحَابَةِ، وَإِمَّا أَنَّهُ مِنْ أَجْرَأِ النَّاسِ عَلَى الْكَذِبِ، فَظَنِّي أَنَّ هَذَا الْمُصَنِّفَ وَأَمْثَالَهُ مِنْ شُيُوخِ الرَّافِضَةِ يَنْقُلُونَ مَا فِي كُتُبِ سَلَفِهِمْ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارٍ مِنْهُمْ لِذَلِكَ، وَلَا نَظَرٍ فِي أَخْبَارِ [1] الْإِسْلَامِ، وَفِي الْكُتُبِ الْمُصَنَّفَةِ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَعْرِفَ أَحْوَالَ الْإِسْلَامِ فَيَبْقَى هَذَا وَأَمْثَالُهُ فِي ظُلْمَةِ الْجَهْلِ بِالْمَنْقُولِ وَالْمَعْقُولِ.
وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْمُفْتَرِينَ لِلْكَذِبِ [2] مِنْ شُيُوخِ الرَّافِضَةِ كَثِيرُونَ جِدًّا [3] وَغَالِبُ الْقَوْمِ ذَوُو هَوًى أَوْ جَهْلٍ فَمَنْ حَدَّثَهُمْ بِمَا يُوَافِقُ هَوَاهُمْ صَدَّقُوهُ، وَلَمْ يَبْحَثُوا عَنْ صِدْقِهِ وَكَذِبِهِ، وَمَنْ حَدَّثَهُمْ [4] بِمَا يُخَالِفُ أَهْوَاءَهُمْ كَذَّبُوهُ، وَلَمْ يَبْحَثُوا عَنْ صِدْقِهِ وَكَذِبِهِ وَلَهُمْ نَصِيبٌ وَافِرٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ} [سُورَةُ الزُّمَرِ: 32] كَمَا أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ وَالدِّينِ لَهُمْ نَصِيبٌ وَافِرٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [سُورَةُ الزُّمَرِ: 33] .
وَمِنْ أَعْظَمِ مَا فِي هَذَا الْكَلَامِ مِنَ الْجَهْلِ وَالضَّلَالِ جَعْلُهُ [5] بَنِي حَنِيفَةَ
(1) م: وَلَا نَظَرُوا أَخْبَارَ
(2) م: الْكَذِبَ
(3) م: كَثِيرٌ جِدًّا
(4) س، ب: يُحَدِّثُهُمْ
(5) م: جَعْلُ
مِنْ أَهْلِ الْإِجْمَاعِ ; فَإِنَّهُمْ لَمَّا امْتَنَعُوا عَنْ بَيْعَتِهِ وَلَمْ يَحْمِلُوا [1] إِلَيْهِ الزَّكَاةَ سَمَّاهُمْ أَهْلَ الرِّدَّةِ، وَقَتَلَهُمْ وَسَبَاهُمْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُ هَذَا فِي كَلَامِهِ.
وَبَنُو حَنِيفَةَ قَدْ عَلِمَ الْخَاصُّ وَالْعَامُّ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ الَّذِي ادَّعَى النُّبُوَّةَ بِالْيَمَامَةِ، وَادَّعَى أَنَّهُ شَرِيكُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرِّسَالَةِ، وَادَّعَى النُّبُوَّةَ فِي آخِرِ حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُتِلَ [2] هُوَ وَالْأَسْوَدُ الْعَنْسِيُّ بِصَنْعَاءِ الْيَمَنِ وَكَانَ اسْمُهُ عَبْهَلَةَ، وَاتَّبَعَ الْأَسْوَدَ أَيْضًا خَلْقٌ كَثِيرٌ، ثُمَّ قَتَلَهُ اللَّهُ بِيَدِ فَيْرُوزَ الدَّيْلِمِيِّ وَمَنْ أَعَانَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَكَانَ قَتْلُهُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِهِ [3] لَيْلَةَ قُتِلَ، وَقَالَ: "«قَتَلَهُ رَجُلٌ صَالِحٌ مِنْ أَهْلِ [4] بَيْتٍ صَالِحِينَ»" [5] .
وَالْأَسْوَدُ ادَّعَى الِاسْتِقْلَالَ بِالنُّبُوَّةِ، وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى الْمُشَارَكَةِ، وَغَلَبَ عَلَى الْيَمَنِ وَأَخْرَجَ مِنْهَا عُمَّالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى قَتَلَهُ
(1) ن، م، س امْتَنَعُوا عَنْ بَيْعَتِهِ لَمْ يَحْمِلُوا. .
(2) فَقُتِلَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س) ، (ب)
(3) بِقَتْلِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب)
(4) أَهْلِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب)
(5) ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي كِتَابِهِ "الِاسْتِيعَابِ" عَلَى هَامِشِ الْإِصَابَةِ 3/202) قَالَ "سَيْفُ (بْنُ عُمَرَ) وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الشَّنَوِيُّ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَتَى الْخَبَرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مِنَ السَّمَاءِ اللَّيْلَةَ الَّتِي قُتِلَ فِيهَا الْأَسْوَدُ الْكَذَّابُ الْعَنْسِيُّ، فَخَرَجَ لِيُبَشِّرَنَا فَقَالَ:" قُتِلَ الْأَسْوَدُ الْبَارِحَةَ، قَتَلَهُ رَجُلٌ مُبَارَكٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ مُبَارَكِينَ "قِيلَ" وَمَنْ قَتَلَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: فَيْرُوزُ الدَّيْلَمِيُّ ""
اللَّهُ، وَنَصَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمِينَ [1] ، بَعْدَ أَنْ جَرَتْ أُمُورٌ، وَقَدْ نُقِلَ فِي ذَلِكَ مَا هُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْعِلْمِ.
وَأَمَّا مُسَيْلِمَةُ فَإِنَّهُ ادَّعَى الْمُشَارَكَةَ فِي النُّبُوَّةِ، وَعَاشَ إِلَى خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: "«رَأَيْتُ فِي مَنَامِي كَأَنَّ فِي يَدِي سُوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ، فَأَهَمَّنِي شَأْنُهُمَا، فَقِيلَ لِي: انْفُخْهُمَا، فَنَفَخْتُهُمَا، فَطَارَا فَأَوَّلْتُهُمَا الْكَذَّابَيْنِ: صَاحِبَ صَنْعَاءَ وَصَاحِبَ الْيَمَامَةِ»" [2] وَأَمْرُ مُسَيْلِمَةَ وَادِّعَاؤُهُ النُّبُوَّةَ وَاتِّبَاعُ بَنِي حَنِيفَةَ لَهُ أَشْهَرُ وَأَظْهَرُ مِنْ أَنْ يَخْفَى، إِلَّا عَلَى مَنْ هُوَ مِنْ أَبْعَدِ النَّاسِ عَنِ الْمَعْرِفَةِ وَالْعِلْمِ.
وَهَذَا أَمْرٌ قَدْ عَلِمَهُ مَنْ [يَعْلَمُهُ مِنَ] الْيَهُودِ [3] وَالنَّصَارَى، فَضْلًا عَنِ الْمُسْلِمِينَ، وَقُرْآنُهُ الَّذِي قَرَأَهُ قَدْ حَفِظَ النَّاسَ مِنْهُ سُوَرًا إِلَى الْيَوْمِ، مِثْلَ قَوْلِهِ: يَا ضِفْدَعُ بَنْتَ ضِفْدَعَيْنِ، نِقِّي كَمْ تَنِقِّينَ، لَا الْمَاءَ تُكَدِّرِينَ، وَلَا الشَّارِبَ تَمْنَعِينَ، رَأْسُكِ فِي الْمَاءِ وَذَنَبُكِ فِي الطِّينِ.
وَمِثْلَ قَوْلِهِ: الْفِيلُ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْفِيلُ، لَهُ زَلُّومٌ طَوِيلُ، إِنَّ ذَلِكَ مِنْ خَلْقِ رَبِّنَا لَقَلِيلُ.
(1) س، ب: الْمُسْلِمُونَ
(2) سَيَرِدُ الْحَدِيثُ مُفَصَّلًا بَعْدَ صَفَحَاتٍ (ص 328) فَانْظُرْ كَلَامِي عَلَيْهِ هُنَاكَ
(3) ن: قَدْ عَلِمَهُ مِنَ الْيَهُودِ ; س، ب: قَدْ عَلِمَهُ الْيَهُودُ
وَمِثْلَ قَوْلِهِ: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْجَمَاهِرْ، فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَهَاجِرْ، وَلَاتُطِعْ كُلَّ سَاحِرٍ [1] وَكَافِرْ.
وَمِثْلَ قَوْلِهِ: وَالطَّاحِنَاتِ طَحْنًا، وَالْعَاجِنَاتِ عَجْنًا، وَالْخَابِزَاتِ خُبْزًا، إِهَالَةً وَسَمْنًا إِنَّ الْأَرْضَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قُرَيْشٍ نِصْفَيْنِ، وَلَكِنَّ قُرَيْشًا قَوْمٌ لَا يَعْدِلُونَ. وَأَمْثَالَ هَذَا الْهَذَيَانِ.
وَلِهَذَا لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ بَنِي حَنِيفَةَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ بَعْدَ قَتْلِ مُسَيْلِمَةَ طَلَبَ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يُسْمِعُوهُ شَيْئًا مِنْ قُرْآنِ مُسَيْلِمَةَ، فَلَمَّا أَسْمَعُوهُ، قَالَ لَهُمْ: "وَيْحَكُمْ أَيْنَ يَذْهَبُ بِعُقُولِكُمْ؟ إِنَّ هَذَا كَلَامٌ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ إِلٍّ" أَيْ مِنْ رَبٍّ [2] .
وَكَانَ مُسَيْلِمَةُ قَدْ كَتَبَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَيَاتِهِ: "مِنْ مُسَيْلِمَةَ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي قَدْ أُشْرِكْتُ [3] فِي الْأَمْرِ مَعَكَ" فَكَتَبَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ. وَلَمَّا جَاءَ رَسُولُهُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ: أَتَشْهَدُ أَنَّ مُسَيْلِمَةَ رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: لَوْلَا أَنَّ الرُّسُلَ لَا تُقْتَلُ لَضَرَبْتُ عُنُقَكَ، ثُمَّ بَعْدَ هَذَا أَظْهَرَ أَحَدُ الرَّسُولَيْنِ الرِّدَّةَ"
(1) ن: سَافِرٍ، م: مُسَافِرٍ
(2) قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي "النِّهَايَةِ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ" "وَفِي حَدِيثِ الصِّدِّيقِ لَمَّا عُرِضَ عَلَيْهِ كَلَامُ مُسَيْلِمَةَ قَالَ:" إِنَّ هَذَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ إِلٍّ "أَيْ مِنْ رُبُوبِيَّةٍ. وَالْإِلُّ بِالْكَسْرِ هُوَ اللَّهُ تَعَالِي، وَقِيلَ: الْإِلُّ: هُوَ الْأَصْلُ الْجَيِّدُ، أَيْ لَمْ يَجِئْ مِنَ الْأَصْلِ الَّذِي جَاءَ مِنْهُ الْقُرْآنُ. ."
(3) س، ب: فَإِنِّي كُنْتُ قَدْ أُشْرِكْتُ
بِالْكُوفَةِ فَقَتَلَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَذَكَّرَهُ بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذَا [1] .
وَكَانَ مُسَيْلِمَةُ قَدْ [2] قَدِمَ فِي وَفْدِ بَنِي حَنِيفَةَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَظْهَرَ الْإِسْلَامَ، ثُمَّ لَمَّا رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ، قَالَ لِقَوْمِهِ: إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ أَشْرَكَنِي فِي الْأَمْرِ مَعَهُ "وَاسْتَشْهَدَ بِرَجُلَيْنِ [3] : أَحَدُهُمَا الرَّحَّالُ بْنُ عُنْفُوَةَ، فَشَهِدَ لَهُ بِذَلِكَ. وَيُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ قَالَ لِثَلَاثَةٍ أَحَدُهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَالثَّانِي: الرَّحَّالُ هَذَا:" إِنَّ أَحَدَكُمْ ضِرْسُهُ فِي النَّارِ أَعْظَمُ مِنْ كَذَا وَكَذَا» "فَاسْتُشْهِدَ الثَّالِثُ فِي سَبِيلِ [اللَّهِ] [4] وَبَقِيَ أَبُو هُرَيْرَةَ خَائِفًا حَتَّى شَهِدَ هَذَا لِمُسَيْلِمَةَ بِالنُّبُوَّةِ، وَاتَّبَعَهُ فَعَلِمَ أَنَّهُ هُوَ كَانَ الْمُرَادَ بِخَبَرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - [5] ."
وَكَانَ مُؤَذِّنُ مُسَيْلِمَةَ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا وَمُسَيْلِمَةَ رَسُولَا اللَّهِ.
(1) ذَكَرَ هَذِهِ الْأَخْبَارَ تَفْصِيلًا ابْنُ كَثِيرٍ فِي "السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ" 4/97 - 99. وَانْظُرْ أَيْضًا سِيرَةَ ابْنِ هِشَامٍ 4/247 إِمْتَاعَ الْأَسْمَاعِ، ص 508 - 509 زَادَ الْعِمَادِ 3/610 - 613
(2) قَدْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب)
(3) س، ب: رَجُلَيْنِ
(4) لَفْظُ الْجَلَالَةِ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي (ن)
(5) قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي "السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ" 4/97: "وَذَكَرَ السُّهَيْلِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الرَّحَّالَ بْنَ عُنْفُوَةَ - وَاسْمُهُ نَهَارُ بْنُ عُنْفُوَةَ - وَكَانَ قَدْ أَسْلَمَ وَتَعَلَّمَ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ وَصَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُدَّةً. وَقَدْ مَرَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ جَالِسٌ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفُرَاتِ بْنِ حَيَّانَ، فَقَالَ لَهُمْ:" أَحَدُكُمْ ضِرْسُهُ فِي النَّارِ مِثْلُ أُحُدٍ "فَلَمْ يَزَالَا خَائِفَيْنِ حَتَّى ارْتَدَّ الرَّحَّالُ مَعَ مُسَيْلِمَةَ وَشَهِدَ لَهُ زُورًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَشْرَكَهُ فِي الْأَمْرِ مَعَهُ وَأَلْقَى إِلَيْهِ شَيْئًا مِمَّا كَانَ يَحْفَظُهُ مِنَ الْقُرْآنِ فَادَّعَاهُ مُسَيْلِمَةُ لِنَفْسِهِ، فَحَصَلَ بِذَلِكَ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ لِبَنِي حَنِيفَةَ، وَقَدْ قَتَلَهُ زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ يَوْمَ الْيَمَامَةِ"
وَمِنْ أَعْظَمِ فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ عِنْدَ الْأُمَّةِ - أَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ - أَنَّهُ قَاتَلَ الْمُرْتَدِّينَ؛ وَأَعْظَمُ النَّاسِ رِدَّةً كَانَ بَنُو حَنِيفَةَ، وَلَمْ يَكُنْ قِتَالُهُ لَهُمْ عَلَى مَنْعِ الزَّكَاةِ، بَلْ قَاتَلَهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ، وَكَانُوا فِيمَا يُقَالُ نَحْوَ مِائَةِ أَلْفٍ.
وَالْحَنَفِيَّةُ أُمُّ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ سُرِّيَّةُ عَلِيٍّ كَانَتْ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ، وَبِهَذَا احْتَجَّ مَنْ جَوَّزَ سَبْيَ الْمُرْتَدَّاتِ إِذَا كَانَ الْمُرْتَدُّونَ مُحَارِبِينَ، فَإِذَا كَانُوا مُسْلِمِينَ مَعْصُومِينَ، فَكَيْفَ اسْتَجَازَ عَلِيٌّ أَنْ يَسْبِيَ نِسَاءَهُمْ؟ وَيَطَأَ مِنْ ذَلِكَ السَّبْيِ؟ .
وَأَمَّا الَّذِينَ قَاتَلَهُمْ عَلَى مَنْعِ الزَّكَاةِ، فَأُولَئِكَ نَاسٌ آخَرُونَ، وَلَمْ يَكُونُوا يُؤَدُّونَهَا وَقَالُوا: لَا نُؤَدِّيهَا إِلَيْكَ، بَلِ امْتَنَعُوا مِنْ أَدَائِهَا بِالْكُلِّيَّةِ، فَقَاتَلَهُمْ عَلَى هَذَا، لَمْ يُقَاتِلْهُمْ لِيُؤَدُّوهَا إِلَيْهِ، وَأَتْبَاعُ الصِّدِّيقِ كَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِمَا يَقُولُونَ: إِذَا قَالُوا: نَحْنُ نُؤَدِّيهَا [1] وَلَا نَدْفَعُهَا إِلَى الْإِمَامِ لَمْ يَجُزْ قِتَالُهُمْ لَعِلْمِهِمْ بِأَنَّ الصِّدِّيقَ، إِنَّمَا قَاتَلَ مَنِ امْتَنَعَ عَنْ أَدَائِهَا جُمْلَةً لَا مَنْ قَالَ: أَنَا أُؤَدِّيهَا بِنَفْسِي.
وَلَوْ عَدَّ هَذَا الْمُفْتَرِي الْرَافِضِيُّ مِنَ الْمُتَخَلِّفِينَ عَنْ بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ الْمَجُوسَ وَالْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، لَكَانَ ذَلِكَ مِنْ جِنْسِ عَدِّهِ لِبَنِي حَنِيفَةَ، بَلْ كُفْرُ بَنِي حَنِيفَةَ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ كَانَ أَعْظَمَ مِنْ كُفْرِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ ; فَإِنَّ أُولَئِكَ كُفَّارٌ مِلِّيُّونَ [2] وَهَؤُلَاءِ مُرْتَدُّونَ، وَأُولَئِكَ يُقِرُّونَ
(1) ن، م: نَحْنُ لَا نُؤَدِّيهَا. . .، وَهُوَ خ
(2) س، ب: أَصْلِيُّونَ
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|