
26-06-2025, 04:31 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,313
الدولة :
|
|
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثامن
الحلقة (492)
صـ 385 إلى صـ 394
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عِمْرَانَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "«إِنَّ خَيْرَكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ؛ قَالَ عِمْرَانُ: فَلَا أَدْرِي أَقَالَ [1] رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ قَرْنِهِ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَهُمْ قَوْمٌ [2] يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ وَيَنْذُرُونَ وَلَا يُوفُونَ»" [3] وَفِي رِوَايَةٍ: "وَيَحْلِفُونَ وَلَا يُسْتَحْلَفُونَ" [4] فَقَدْ شَكَّ عِمْرَانُ [5] فِي الْقَرْنِ الرَّابِعِ.
وَقَوْلُهُ: "يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ" حَمَلَهُ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى مُطْلَقِ الشَّهَادَةِ حَتَّى كَرِهُوا أَنْ يَشْهَدَ الرَّجُلُ بِحَقٍّ قَبْلَ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ الْمَشْهُودُ لَهُ إِذَا عَلِمَ الشَّهَادَةَ وَجَمَعُوا بِذَلِكَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ: "«أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ الشُّهَدَاءِ؟ الَّذِي يَأْتِي بِالشَّهَادَةِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا»" [6] .
وَقَالَ طَائِفَةٌ أُخْرَى: إِنَّمَا الْمُرَادُ ذَمُّهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، أَيْ يَشْهَدُونَ
(1) م: قَالَ
(2) ن، م، س: قَرْنٌ
(3) الْحَدِيثُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ - فِي: الْبُخَارِيِّ 5/3 - 4 (كِتَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ. . .) الْبَابُ الْأَوَّلُ 8/19 (كِتَابُ الرِّقَاقِ، بَابُ مَا يُحْذَرُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا. . .) 8/141 - 142 (كِتَابُ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ، بَابُ إِثْمِ مَنْ لَا يَفِي بِالنَّذْرِ) ، مُسْلِمٍ 4/1964 (كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، بَابُ فَضْلِ الصَّحَابَةِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ. . .) حَدِيثٌ رَقْمُ 214
(4) الْحَدِيثُ فِي مُسْلِمٍ فِي الْمَوْضِعِ السَّابِقِ 4/1965 (حَدِيثٌ رَقْمُ 215.
(5) س، ب: عُمَرُ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(6) الْحَدِيثُ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: مُسْلِمٍ 3/1344 (كِتَابُ الْأَقْضِيَةِ، بَابُ بَيَانِ خَيْرِ الشُّهُودِ) سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 3/414 (كِتَابُ الْأَقْضِيَةِ، بَابٌ فِي الشَّهَادَاتِ) ، سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 3/373 (كِتَابُ الشَّهَادَاتِ، الْبَابُ الْأَوَّلُ) .
بِالْكَذِبِ كَمَا ذَمَّهُمْ عَلَى الْخِيَانَةِ وَتَرْكِ الْوَفَاءِ؛ فَإِنَّ هَذِهِ [مِنْ] [1] آيَاتِ النِّفَاقِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي قَوْلِهِ: "«آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ»" أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ [2] .
وَأَمَّا الشَّهَادَةُ بِالْحَقِّ إِذَا أَدَّاهَا الشَّاهِدُ لِمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ مُحْتَاجٌ إِلَيْهَا، وَلَمْ يَسْأَلْهُ ذَلِكَ فَقَدْ قَامَ بِالْقِسْطِ وَأَدَّى الْوَاجِبَ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهُ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِمَّنْ لَا يُؤَدِّيهِ إِلَّا بِالسُّؤَالِ كَمَنْ لَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ أَمَانَةٌ، فَأَدَّاهَا قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَهُ أَدَاءَهَا حَيْثُ يَحْتَاجُ إِلَيْهَا صَاحِبُهَا وَهَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَنْ يُحْوِجَ صَاحِبَهَا إِلَى ذُلِّ السُّؤَالِ، وَهَذَا أَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ.
وَهَذَا يُشْبِهُ اخْتِلَافَ الْفُقَهَاءِ فِي الْخَصْمِ إِذَا ادَّعَى وَلَمْ يَسْأَلِ الْحَاكِمَ سُؤَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَلْ يَسْأَلُهُ الْجَوَابَ؟ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَسْأَلُهُ الْجَوَابَ [3] وَلَا يَحْتَاجُ ذَلِكَ إِلَى سُؤَالِ الْمُدَّعَى، لِأَنَّ دَلَالَةَ الْحَالِ تُغْنِي عَنِ السُّؤَالِ.
فَفِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ: "«هَلْ فِيكُمْ مَنْ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟" ، ثُمَّ قَالَ: "هَلْ فِيكُمْ [مَنْ رَأَى] [4] مَنْ صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» -؟" ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الرَّائِيَ هُوَ الصَّاحِبُ، وَهَكَذَا يَقُولُ فِي سَائِرِ الطَّبَقَاتِ فِي السُّؤَالِ [5] : "هَلْ فِيكُمْ مَنْ رَأَى مَنْ صَحِبَ [مَنْ صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ؟] [6]" ، ثُمَّ يَكُونُ الْمُرَادُ بِالصَّاحِبِ الرَّائِيَ.
(1) مِنْ: زِيَادَةٌ فِي (ب)
(2) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 2/82
(3) الْجَوَابُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) .
(4) مَنْ رَأَى: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (س) .
(5) عِبَارَةُ "فِي السُّؤَالِ" : سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .
(6) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) . وَفِي (س) : مَنْ رَأَى مَنْ صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. . .
وَفِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: "«هَلْ تَجِدُونَ فِيكُمْ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ * ثُمَّ يُقَالُ فِي الثَّالِثَةِ:" هَلْ فِيكُمْ مَنْ رَأَى [مَنْ رَأَى] [1] أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» -. * [2]
وَمَعْلُومٌ إِنْ كَانَ [3] الْحُكْمُ لِصَاحِبِ الصَّاحِبِ مُعَلَّقًا [4] بِالرُّؤْيَةِ [5] ؛ فَفِي الَّذِي صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى.
وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ قَالَ فِيهَا كُلِّهَا: "صَحِبَ" وَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ إِنْ [6] كَانَتْ كُلُّهَا مِنْ أَلْفَاظِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهِيَ نَصٌّ فِي الْمَسْأَلَةِ؛ وَإِنْ كَانَ قَدْ قَالَ بَعْضَهَا وَالرَّاوِي مِثْلُ أَبِي سَعِيدٍ يَرْوِي اللَّفْظَ بِالْمَعْنَى؛ فَقَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ مَعْنَى أَحَدِ اللَّفْظَيْنِ عِنْدَهُمْ هُوَ مَعْنَى الْآخَرِ، وَهُمْ أَعْلَمُ بِمَعَانِي مَا سَمِعُوهُ مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَأَيْضًا فَإِنْ كَانَ لَفْظُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (رَأَى) فَقَدْ حَصَلَ الْمَقْصُودُ وَإِنْ كَانَ لَفْظُهُ "صَحِبَ" فِي طَبَقَةٍ أَوْ طَبَقَاتٍ؛ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ الرُّؤْيَةَ لَمْ يَكُنْ قَدْ بَيَّنَ مُرَادَهُ؛ فَإِنَّ الصُّحْبَةَ اسْمُ جِنْسٍ لَيْسَ لَهَا حَدٌّ فِي الشَّرْعِ وَلَا فِي اللُّغَةِ، وَالْعُرْفُ فِيهَا مُخْتَلِفٌ.
وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُقَيِّدِ الصُّحْبَةَ بِقَيْدٍ وَلَا قَدَّرَهَا بِقَدْرٍ؛ بَلْ عَلَّقَ [7] الْحُكْمَ بِمُطْلَقِهَا، وَلَا مُطْلَقَ لَهَا إِلَّا الرُّؤْيَةُ.
(1) مَنْ رَأْى: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س) .
(2) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) .
(3) ن، م، س: أَنَّهُ كَانَ
(4) م: مُتَعَلِّقًا.
(5) ن: بِالرِّوَايَةِ
(6) ن: وَإِنْ
(7) س: بِقَدْرٍ لَوْ عَلَّقَ:. .، ب: بِقَدْرٍ وَعَلَّقَ. .
وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يُقَالُ: صَحِبَهُ سَاعَةً وَصَحِبَهُ سَنَةً وَشَهْرًا فَتَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَإِذَا أُطْلِقَتْ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ لَمْ يَجُزْ تَقْيِيدُهَا بِغَيْرِ دَلِيلٍ؛ بَلْ تُحْمَلُ عَلَى الْمَعْنَى الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ سَائِرِ مَوَارِدِ الِاسْتِعْمَالِ.
وَلَا رَيْبَ أَنَّ مُجَرَّدَ رُؤْيَةِ الْإِنْسَانِ لِغَيْرِهِ لَا تُوجِبُ أَنْ يُقَالَ: قَدْ صَحِبَهُ وَلَكِنْ إِذَا رَآهُ عَلَى وَجْهِ الِاتِّبَاعِ لَهُ وَالِاقْتِدَاءِ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ وَالِاخْتِصَاصِ بِهِ [1] ، وَلِهَذَا لَمْ يُعْتَدَّ بِرُؤْيَةِ مَنْ رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَرَوْهُ رُؤْيَةَ مَنْ قَصَدَهُ لِأَنْ يُؤْمِنَ بِهِ، وَيَكُونَ مِنْ أَتْبَاعِهِ وَأَعْوَانِهِ الْمُصَدِّقِينَ لَهُ، فِيمَا أَخْبَرَ [2] الْمُطِيعِينَ لَهُ فِيمَا أَمَرَ الْمُوَالِينَ لَهُ الْمُعَادِينَ لِمَنْ عَادَاهُ الَّذِي هُوَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَكُلِّ شَيْءٍ.
وَامْتَازَ [3] [أَبُو بَكْرٍ] عَنْ سَائِرِ [4] الْمُؤْمِنِينَ بِأَنْ رَآهُ وَهَذِهِ حَالُهُ مَعَهُ فَكَانَ صَاحِبًا لَهُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ.
وَدَلِيلٌ ثَانٍ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: "«وَدِدْتُ أَنِّي رَأَيْتُ إِخْوَانِي" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ قَالَ: "بَلْ أَنْتُمْ أَصْحَابِي، وَإِخْوَانِي الَّذِينَ يَأْتُونَ بَعْدِي يُؤْمِنُونَ بِي وَلَمْ يَرَوْنِي»" [5] .
(1) بِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب)
(2) م: فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ.
(3) ب: وَامْتَازَا، وَهُوَ خَطَأٌ
(4) ن، م، س: وَامْتَازُوا عَنْ سَائِرِ. .، ب: وَامْتَازَا عَنْ سَائِرِ. . وَالْكَلَامُ نَاقِصٌ؛ وَلَعَلَّ مَا أُثْبِتُهُ تَسْتَقِيمُ بِهِ الْعِبَارَةُ.
(5) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 7
وَمَعْلُومٌ أَنَّ قَوْلَهُ: "إِخْوَانِي" أَرَادَ بِهِ: إِخْوَانِي الَّذِينَ لَيْسُوا بِأَصْحَابِي [1] ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَكُمْ مَزِيَّةُ الصُّحْبَةِ [2] ، ثُمَّ قَالَ: "«قَوْمٌ يَأْتُونَ بَعْدِي يُؤْمِنُونَ بِي وَلَمْ يَرَوْنِي»" ؛ فَجَعَلَ هَذَا حَدًّا فَاصِلًا بَيْنَ إِخْوَانِهِ الَّذِينَ وَدَّ أَنْ يَرَاهُمْ وَبَيْنَ أَصْحَابِهِ؛ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَنْ آمَنَ بِهِ وَرَآهُ، فَهُوَ مِنْ أَصْحَابِهِ [3] لَا مِنْ هَؤُلَاءِ الْإِخْوَانِ الَّذِينَ لَمْ يَرَهُمْ وَلَمْ يَرَوْهُ.
فَإِذَا عُرِفَ أَنَّ الصُّحْبَةَ اسْمُ جِنْسٍ تَعُمُّ قَلِيلَ الصُّحْبَةِ وَكَثِيرَهَا، وَأَدْنَاهَا أَنْ يَصْحَبَهُ زَمَنًا قَلِيلًا فَمَعْلُومٌ أَنَّ الصِّدِّيقَ فِي ذُرْوَةِ سَنَامِ الصُّحْبَةِ، وَأَعْلَى مَرَاتِبِهَا فَإِنَّهُ صَحِبَهُ مِنْ حِينِ بَعْثِهِ [4] اللَّهُ إِلَى أَنْ مَاتَ، وَقَدْ أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ مِنَ الرِّجَالِ الْأَحْرَارِ، كَمَا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِهِ مِنَ النِّسَاءِ خَدِيجَةُ وَمِنَ الصِّبْيَانِ عَلِيٌّ وَمِنَ الْمَوَالِي زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، وَتَنَازَعُوا فِي أَوَّلِ مَنْ نَطَقَ بِالْإِسْلَامِ بَعْدَ خَدِيجَةَ، فَإِنْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ أَسْلَمَ قَبْلَ عَلِيٍّ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ أَسْبَقُ صُحْبَةً كَمَا كَانَ أَسْبَقَ إِيمَانًا، وَإِنْ كَانَ عَلِيٌّ أَسْلَمَ قَبْلَهُ فَلَا رَيْبَ أَنَّ صُحْبَةَ أَبِي بَكْرٍ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ أَكْمَلَ وَأَنْفَعَ لَهُ مِنْ صُحْبَةِ عَلِيٍّ وَنَحْوِهِ؛ فَإِنَّهُ شَارَكَهُ فِي الدَّعْوَةِ فَأَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ أَكَابِرُ أَهْلِ الشُّورَى [5] ، كَعُثْمَانَ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ
(1) ن، س، ب: أَصْحَابِيَ
(2) م: مَزِيدُ الصُّحْبَةِ، س، ب: مَزِيَّةٌ فِي الصُّحْبَةِ.
(3) م: مِنَ الصَّحَابَةِ
(4) ن: فَإِنَّهُ بَعَثَهُ مِنْ حِينِ بَعْثِهِ. . .، وَهُوَ خَطَأٌ.
(5) م: الشَّكَّةِ.
وَسَعْدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَكَانَ يَدْفَعُ عَنْهُ مَنْ يُؤْذِيهِ، وَيَخْرُجُ مَعَهُ إِلَى الْقَبَائِلِ وَيُعِينُهُ فِي الدَّعْوَةِ، وَكَانَ يَشْتَرِي الْمُعَذَّبِينَ فِي اللَّهِ كَبِلَالٍ وَعَمَّارٍ وَغَيْرِهِمَا فَإِنَّهُ اشْتَرَى سَبْعَةً مِنَ الْمُعَذَّبِينَ فِي اللَّهِ، فَكَانَ أَنْفَعَ النَّاسِ لَهُ فِي صُحْبَتِهِ مُطْلَقًا.
وَلَا نِزَاعَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِحَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ أَنَّ مُصَاحَبَةَ أَبِي بَكْرٍ لَهُ كَانَتْ أَكْمَلَ مِنْ مُصَاحَبَةِ سَائِرِ الصَّحَابَةِ [مِنْ وُجُوهٍ] [1] : أَحَدُهَا: أَنَّهُ كَانَ أَدْوَمَ اجْتِمَاعًا بِهِ لَيْلًا وَنَهَارًا وَسَفَرًا وَحَضَرًا كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: "«لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَطُّ إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمْضِ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلَّا وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْتِينَا فِيهِ طَرَفَيِ النَّهَارِ»" [2] .
فَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ يَذْهَبُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ طَرَفَيِ النَّهَارِ، وَالْإِسْلَامُ إِذَا ذَاكَ ضَعِيفٌ وَالْأَعْدَاءُ كَثِيرَةٌ، وَهَذَا غَايَةُ الْفَضِيلَةِ وَالِاخْتِصَاصِ فِي الصُّحْبَةِ.
وَأَيْضًا فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَسْمُرُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ الْعِشَاءِ يَتَحَدَّثُ مَعَهُ فِي أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِهِ.
وَأَيْضًا فَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا اسْتَشَارَ أَصْحَابَهُ أَوَّلُ مَنْ يَتَكَلَّمُ أَبُو بَكْرٍ فِي الشُّورَى وَرُبَّمَا تَكَلَّمَ غَيْرُهُ، وَرُبَّمَا لَمْ يَتَكَلَّمْ غَيْرُهُ فَيَعْمَلُ بِرَأْيِهِ وَحْدَهُ فَإِذَا خَالَفَهُ غَيْرُهُ اتَّبَعَ رَأْيَهُ دُونَ رَأْيِ مَنْ يُخَالِفُهُ.
(1) عِبَارَةُ "مِنْ وُجُوهٍ" سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(2) سَيَرِدُ هَذَا الْكَلَامُ مِنْ حَدِيثٍ مُطَوَّلٍ فِيمَا يَلِي فِي هَذَا الْجُزْءِ، ص إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
فَالْأَوَّلُ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ شَاوَرَ أَصْحَابَهُ فِي أُسَارَى بَدْرٍ فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَرَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «لَمَّا أُسِرَ الْأُسَارَى يَوْمَ بَدْرٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: "مَا تَرَوْنَ فِي هَؤُلَاءِ الْأُسَارَى؟" فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هُمْ بَنُو الْعَمِّ وَالْعَشِيرَةِ، فَأَرَى أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمُ الْفِدْيَةُ فَتَكُونُ لَنَا قُوَّةً عَلَى الْكُفَّارِ فَقَالَ عُمَرُ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَرَى مَا رَأَى أَبُو بَكْرٍ؛ وَلَكِنْ أَنْ تَمَكِّنَنَا فَنَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ: تُمَكِّنَ عَلِيًّا مِنْ عَقِيلٍ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَتُمْكِنَ حَمْزَةَ مِنَ الْعَبَّاسِ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَتُمَكِّنَنِي مِنْ فُلَانٍ - قَرِيبٍ لِعُمَرَ - فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ. وَأَشَارَ ابْنُ رَوَاحَةَ بِتَحْرِيفِهِمْ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: الرَّأْيُ مَا رَأَى أَبُو بَكْرٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: الرَّأْيُ مَا رَأَى عُمَرُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: الرَّأْيُ مَا رَأَى ابْنُ رَوَاحَةَ، قَالَ: فَهَوِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَلَمْ يَهْوَ مَا قُلْتُ» . وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ [1] .
وَأَمَّا الثَّانِي: فَفِي يَوْمِ الْحُدَيْبِيَةَ لَمَّا شَاوَرَهُمْ عَلَى أَنْ يُغِيرَ عَلَى ذُرِّيَّةِ الَّذِينَ أَعَانُوا قُرَيْشًا، أَوْ يَذْهَبَ إِلَى الْبَيْتِ؛ فَمَنْ صَدَّهُ قَاتَلَهُ، وَالْحَدِيثُ مَعْرُوفٌ [2] عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ وَالْمَغَازِي وَالسِّيَرِ وَالْفِقْهِ، وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ [3] .
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ
(1) مَضَى هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ قَبْلُ.
(2) س، ب: مَعْلُومٌ
(3) النَّصُّ التَّالِي فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 4/323 - 326، 4/328 - 331
الزُّبَيْرِ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ يُصَدِّقُ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ [1] ، قَالَا: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَمَنَ [2] الْحُدَيْبِيَةِ فِي بِضْعِ عَشْرَةِ مِائَةً مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِذِي الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْهَدْيَ وَأَشْعَرَهُ، وَأَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ [3] وَبَعَثَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَيْنًا لَهُ مِنْ خُزَاعَةَ يُخْبِرُهُ عَنْ قُرَيْشٍ، وَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى إِذَا كَانَ بِغَدِيرِ الْأَشْطَاطِ قَرِيبًا مِنْ عُسْفَانَ أَتَاهُ عَيْنُهُ الْخُزَاعِيُّ؛ فَقَالَ: إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ كَعْبَ بْنَ لُؤَيٍّ وَعَامِرَ بْنَ لُؤَيٍّ قَدْ جَمَعُوا لَكَ الْأَحَابِيشَ» "، قَالَ أَحْمَدُ:" وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ "[4] :" «قَدْ جَمَعُوا لَكَ الْأَحَابِيشَ، وَجَمَعُوا لَكَ جُمُوعًا وَهُمْ مُقَاتِلُوكَ وَصَادُّوكَ عَنِ الْبَيْتِ؛ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَشِيرُوا عَلَيَّ [5] : أَتَرَوْنَ أَنْ أَمِيلَ [6] إِلَى ذَرَارِيِّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَعَانُوهُمْ فَنُصِيبَهُمْ؛ فَإِنْ قَعَدُوا قَعَدُوا مَوْتُورِينَ مَحْرُوبِينَ [7] ، وَإِنْ نَجَوْا يَكُنْ عُنُقًا قَطَعَهَا اللَّهُ، أَوْ تَرَوْنَ أَنْ نَؤُمَّ الْبَيْتَ، فَمَنْ صَدَّنَا عَنْهُ قَاتَلْنَاهُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؛ إِنَّمَا جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ وَلَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أَحَدٍ [8] ، وَلَكِنْ مَنْ"
(1) الْمُسْنَدُ: يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدِيثَ صَاحِبِهِ
(2) الْمُسْنَدُ: زَمَانَ
(3) الْمُسْنَدُ: بِالْعُمْرَةِ
(4) هَذِهِ الزِّيَادَةُ الْمُعْتَرِضَةُ جَاءَتْ فِي الْمُسْنَدِ بَعْدَ هَذَا الْمَوْضِعِ بِسَطْرَيْنِ.
(5) ن. م. س: إِلَيَّ. وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ب) ، الْمُسْنَدِ.
(6) الْمُسْنَدُ: نَمِيلَ.
(7) ن: مَحْزُونِينَ. وَفِي الْمُسْنَدِ بَعْدَ عِبَارَةِ "وَإِنْ نَجَوْا" : وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ: مَحْزُونِينَ، وَإِنْ يَحْنُونَ تَكُنْ. . .
(8) الْمُسْنَدُ:. . . نُقَاتِلُ أَحَدًا. .
حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْبَيْتِ قَاتَلْنَاهُ، قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَرَوِّحُوا إِذًا»" . قَالَ الزُّهْرِيُّ: «وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ كَانَ أَكْثَرَ مَشُورَةً لِأَصْحَابِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» - [1] ، قَالَ الزُّهْرِيُّ: حَدِيثُ [2] الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ: فَرَاحُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ "."
وَمِنْ هُنَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقٍ وَرَوَاهُ فِي الْمُغَازِي وَالْحَجِّ [3] .
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِ الْمِسْوَرِ الَّذِي اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ [4] «حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بِالْغَمِيمِ فِي خَيْلٍ لِقُرَيْشٍ طَلِيعَةً، فَخُذُوا ذَاتَ الْيَمِينِ، فَوَاللَّهِ مَا شَعَرَ بِهِمْ خَالِدٌ حَتَّى إِذَا هُمْ [5] بِقَتَرَةِ الْجَيْشِ؛ فَانْطَلَقَ يَرْكُضُ نَذِيرًا لِقُرَيْشٍ، وَسَارَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى إِذَا كَانَ بِالثَّنِيَّةِ الَّتِي يُهْبَطُ
(1) هَذِهِ الزِّيَادَةُ مِنْ كَلَامِ الزُّهْرِيِّ هِيَ مِنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - 3/129 (كِتَابُ الْجِهَادِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَشُورَةِ) وَهُوَ مُوَافِقٌ لِرِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ هُنَا.
(2) الْمُسْنَدُ: فِي حَدِيثِ
(3) الْحَدِيثُ - مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ - عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي: الْبُخَارِيِّ 2/168 - 169 (كِتَابُ الْحَجِّ، بَابُ مَنْ أَشْعَرَ وَقَلَّدَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ ثُمَّ أَحْرَمَ) 3/193 - 198 (كِتَابُ الشُّرُوطِ، بَابُ الشُّرُوطِ فِي الْجِهَادِ. . .) 5/126 - 127 (كِتَابُ الْمَغَازِي، بَابُ غَزْوَةِ الْحُدَيْبِيَةِ 4/32 (كِتَابُ الْجِهَادِ، بَابٌ فِي صُلْحِ الْعَدُوِّ) . وَسَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى بَعْضِ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ فِيمَا مَضَى
(4) الْكَلَامُ التَّالِي فِي الْمُسْنَدِ، وَهُوَ فِي الْبُخَارِيِّ 3/193 - 194 (كِتَابُ الشُّرُوطِ. . .)
(5) ن، م، س، الْمُسْنَدُ: حَتَّى إِذَا هُوَ. وَالْمُثْبَتُ مِنَ (ب) ، الْبُخَارِيِّ.
عَلَيْهِمْ مِنْهَا بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ فَقَالَ النَّاسُ [1] : حَلْ حَلْ فَأَلْحَتْ فَقَالُوا خَلَأَتِ الْقَصْوَاءُ خَلَأَتِ الْقَصْوَاءُ [2] ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، "مَا خَلَأَتِ [الْقَصْوَاءُ] [3] وَمَا ذَاكَ لَهَا بِخُلُقٍ، وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ؛ ثُمَّ قَالَ:" وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا "، ثُمَّ زَجَرَهَا فَوَثَبَتْ، قَالَ: فَعَدَلَ عَنْهُمْ حَتَّى نَزَلَ بِأَقْصَى الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى ثَمَدٍ قَلِيلِ الْمَاءِ يَتَبَرَّضُهُ النَّاسُ تَبَرُّضًا، فَلَمْ يَلْبَثِ النَّاسُ أَنْ نَزَحُوهُ وَشَكُوْا [4] إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعَطَشَ، فَانْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهُ فِيهِ [5] فَوَاللَّهِ مَا زَالَ يَجِيشُ لَهُمْ بِالرِّيِّ [6] حَتَّى صَدَرُوا عَنْهُ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذَا جَاءَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ وَنَفَرٌ [7] مِنْ قَوْمِهِ مِنْ خُزَاعَةَ وَكَانُوا عَيْبَةَ نُصْحِ رَسُولِ [8] اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَهْلِ تِهَامَةَ»" وَفِي لَفْظٍ لِأَحْمَدَ: "مُسْلِمِهِمْ وَمُشْرِكِهِمْ [9]" «فَقَالَ: إِنِّي تَرَكْتُ كَعْبَ بْنَ لُؤَيٍّ وَعَامِرَ بْنَ لُؤَيٍّ نَزَلُوا أَعْدَادَ مِيَاهِ الْحُدَيْبِيَةَ وَمَعَهُمُ الْعُوذُ الْمَطَافِيلُ، وَهُمْ مُقَاتِلُوكُ وَصَادُّوكَ عَنِ الْبَيْتِ.
(1) الْمُسْنَدُ (فَقَطْ) : فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(2) تَكَرَّرَتْ عِبَارَةُ "خَلَأَتِ الْقَصْوَاءُ" فِي (ن) فَقَطْ مَرَّتَيْنِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي "الْبُخَارِيِّ"
(3) الْقَصْوَاءُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(4) الْمُسْنَدُ: فَلَمْ يَلْبَثْهُ النَّاسُ أَنْ نَزَحُوهُ فَشُكِيَ، الْبُخَارِيُّ: فَلَمْ يَلْبَثْهُ النَّاسُ حَتَّى نَزَحُوهُ وَشُكِيَ.
(5) ن، م، س: فِيهَا
(6) بِالرِّيِّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .
(7) الْمُسْنَدُ. الْبُخَارِيُّ: فِي نَفَرٍ.
(8) ن، م، س، الْمُسْنَدُ: لِرَسُولِ. .
(9) فِي رِوَايَةِ الْمُسْنَدِ 4/323: مُسْلِمِهَا وَمُشْرِكِهَا.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|